الحمد لله القائل :}يا أيها الذين امنوا كُتبَ عليكم الصيامُ كماكتبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون{
والصلاة والسلام على النبي القائل:" للصائم فرحتان، فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه " والقائل :" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " والقائل:" إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه غيرهم "
أما بعد..........
*فقد هلّ أشرفُ الشهور.. بعد طول غياب .. وبعد شوق عظيم .. ذابت الأحداق في انتظاره .. وتمزقت المآقي على فراقه..، وها هو يقدُم .. بين يديه العتق والرحمة والمغفرة من الله جل وعز..
أتاك شهــر السـعـد والمكرمـات
فحـيه في أجــمل الذكــريات
يا مــوسم الغـفــران أتحفــتنا أنت المنى يا زمن الصــالحـات
بسم الله الرحمن الرحيم
رمضان
*ر م ض _ الرّمَضُ بفتحتين ِشدةُ وقع ِالشمس ِعلى الرمل ِوغيره ِوالأرضُ رَمضَاءُ بوزن ِحمراءَ وقد رَمِض بومُنا اشتدً حرهُ وبابهُ طربَ وأرضُ رَمِضة ُ الحِجارةِ . و رمِضَت قدمُهُ أيضاً من الرمضاءِ أي احترَقت . وفي الحديث: "صلاة ُالأوابينَ إذا رمضت ِ الفصالُ من الضحى" أي إذا وجدَ الفصيلُ حرّ الشمس ِمن الرمضاء ِ يقول صلاة ُ الضحى َ تلك الساعة . و أرمضتهُ الرمضاءُ أحرقتهُ .
و_ قدمُه :احترقت من الرًمضاءِ ،للأرض الشديدةِ الحرارةِ ،و_ الغنمُ: رعت في شدةِ الحر فقرِحَت أكبادُها . و رمضَ الشاة َ يرمِضُها: شقها وعليها جلدُها، وطرَحَها على الرضفة ِ،وجعلَ فوقها الملة لتنضجَ، و_ الغنمَ: رعاها في الرمضاءِ، كأرمضها و رَمضها ،و_ النصلَ يرمِضه و يرمُضُه: جعله بين جحرين أملسَين، ثم دقهُ ليرقً .
و الرمضِي، محركة، من السحاب والمطر: ما كان في آخر الصيفِ وأول الخريف . و أرمضه: أوجعه، وأحرقه، و_ الحر القومَ: اشتد عليهم فآذاهم . و رمضتُه ترميضاً: انتظرتُهُ شيئاً قليلاً ثم مضيتُ، و_ الصوم: نويتُه .
رمضَ الصائم: اشتد حرّ جوفه، أو لأنه يحرق الذنوب. وشهرُ رمضَانَ جمعهُ رمضاناتُ ُ و أرمِضاءُ بوزن أصفياءَ . قيل إنهم لما نقلوا أ سماء الشهور عن اللغة ِالقديمة ِ سموها بالأزمنةِ التي وقعت فيها فوافق هذا الشهرُ أيامَ رمض ِالحرّ فسمي بذالك .[/QUOTE][QUOTE]
تعريف الصيام لغة وشرعاً
الصيام لغة: مصدر صام صوماً وصياماً. وهو الإمساك والكف عن الشيء. ولذلك سمى الممسك عن الكلام _أي الصامت والساكت_صائماً. قال تعالى حكاية عن مريم :}إني نذرتللرحمن صوماً{ أي إمساكاً عن الكلام. تقول العرب: صام الفرس عن الجري، أي أمسك عنه . الصيام شرعاً: إمساك مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص عن أشياء مخصوصة مع النية.
...................................
حكمة مشروعية الصوم
إن للصوم حسب النظر إلى قوة إيمان الصائمين ثلاث مراتب: المرتبة الأولى:الإمساكعنالمفطراتفقط. وهذا يقبل من المسلم ظاهراً ليقال إنه صائم.
إلا أن الناظر إلى حقيقة الصوم يجد مرتبتين أخريين هما:
المرتبة الثانية:الإمساك عن المفطرات مع صوم الجوارح عن ارتكاب المعاصي فصوم اليد إمساكها عن الإيذاء وتناول المحرمات، وصوم العين إمساكها عن النظر إلى ما حرم الله، وصوم الأذن إمساكها عن الإصغاء إلى اللغو والأكاذيب. وصوم الرجلين إمساكها عن السعي إلى ما يغضب الله، وصوم اللسان إمساكها عن الكذب والغيبة والنميمة. لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الصيام جُنة، فإذا كان صوم يوم أحدكم فلايرفث، ولا يجهل، وإن سابه أحد أو شاتمه، فليقل إني صائم، إني صائم " .
المرتبة الثالثة:هي أن يجمع بين المرتبتين _ الأولى والثانية _ وذلك بالإمساك عن المفطرات، وصوم الجوارح عن ارتكاب المعاصي _ أن يستعمل أيضاً هذه الجوارح كلها في طاعة الله تعالى، مع صوم القلب عن الحقد والحسد والتفكير في الخطايا، وكل ما لا يناسب الإيمان، كل هذا يجب أن يصوم عنه المسلم الذي يريد قبول صومه . وهذه المرتبة أعلى المراتب وأقواها .
* أن فيه تزكية للنفس وتطهيراً وتنقية لها من الأخلاق الرديئة الأخلاق الرذيلة، لأنه يضيق مجاري الشيطان في البدن الإنسان، لأن الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم, فإذا أكل وشرب، انبسطت نفسه للشهوات، وضعفت إرادتها، وقلت رغبتها في العبادات، والصوم على العكس من ذلك .
وفي الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة، وفيه باعث على العطف على المساكين وإحساس بآلامهم، لما يذوق الصائم من ألم الجوع والعطش.
والصوم يهيئ نفوس الصائمين لتقوى الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.ويظهر ذلك من عدة وجوه: أهمها أنه أمر موكول إلى نفس الصائم وضميره، لا رقيب عليه إلاّ الله، فإذا عرف الصائم بأن الله يراقبه، ومطلع على سره، وتكرر منه ذلك أثناء صومه، فلا شك أنه يحصل من تكرار هذه الملاحظة المصاحبة للعمل ملكة مراقبة الله وخشيته، والحياء منه أن يراه حيث نهاه . كما أن مراقبة الله تؤهله لكل أعمال الخير، وتبعده عن الشر، فلا يخدع ولا يغش ولا يظلم، ولا يسعى بالفساد بين الناس، ومن هنا نعلم أن الصوم الحق هو مراقبة الله، وكون الصوم لوجهه الكريم ، قال صلى الله عليه وسلم :"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" .
أما مجرد الإمساك عن المفطرات، بدون مراقبة لله، فهو بيان للصوم من الناحية الظاهرية والشكلية فقط ، ولا تتكون بهذا حقيقة الصوم الذي فرضه الله على عباده، لأنه سبحانه وتعالى بدأ أية الصوم بقوله:}يا أيها الذين امنوا { وختمها بقوله: }لعلكم تتقون { وبقوله:}لعلكم تشكرون { وليس من شك في أن النداء أولاً يوصف الإيمان، وهو أساس الخير ومنبع الفضائل، ومن ذكر التقوى أخراً وهي سر الإيمان والفلاح دلالة واضحة على أن الصوم المطلوب ليس هو مجرد الإمساك عن المفطرات، وإنما هو الإمساك عن كل ما ينافي الإيمان، ولا يتفق مع فضيلة التقوى والمراقبة وتزكية النفس بالطيبات، وحسبنا قول الله تعالى :}إنما يتقبل الله من المتقن { .
وقد جعله الله شهراً في السنة تيسيراً على الناس، كما هو الشأن في جميع العبادات وجعل أيامه متتابعة لغرس ملكة الصبر والمراقبة . وقد فرضه الله في كل عام، لا مرة واحدة في العمر كالحج، ليتكرر الدرس وينمو الغرس.
........................................
التدرج في فرض الصيام
من حكمة الله تعالى وفضله على عباده أن فرض عليهم الصيام بالتدريج وعلى مراحل. كما هو الشأن في كثير من الأوامر وكذالك النواهي .
أولاً:كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وتبعه في ذلك الصحابة رضوان الله عليهم، حتى يكون سهلاً عليهم.
ثانياً:لما هاجر الرسول إلى المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم عن ذلك، فقالوا: لأن الله نجى موسى وقومه من فرعون في هذا اليوم، فنحن نصومه شكراً لله على هذا، فقال صلى الله عليه وسلم نحن أحق بموسى منكم. فصامه عليه الصلاة والسلام وأمر المسلمين بصيامه .
ثالثاً:ثم نزلت بعد ذلك أية الصوم}يا أيها الذين امنوا كُتِبَ عليكم الصيام { ولم يكن واجباً في أول الأمر، فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم . إلا أن الصوم أفضل لقوله تعالى:}وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين* فمن تطوع خيرُ ُ له وأن تصوموا خيرُ ُ لكم إن كنتم تعلمون{
رابعاً:ثم أصبح صوم رمضان واجبا ًفي حق المسلم المكلف القادر عليه، ونسخ الإطعام في حق المقيم المكلف القادر، وبقي من حق الكبير والمريض الذي لا يرجى برؤه، وكذالك الحامل والمرضع إن خافتا على أولادهما .
ومن رحمة الله بعباده أن الصوم كان واجباً على المسلمين من بعد صلاة العشاء، أو النوم إلى غروب شمس اليوم الذي يليه، فتعب المسلمون كثيراً، وجهدوا جهداً كبيراً، فخفف الله عنهم في ذلك، وصار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، واستقر الوضع على ذلك، قال تعالى :}أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم * هنّ لباس لكم وأنتم لباسُ ُ لهن * علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتابَ عليكم وعفا عنكم * فالان باشروهنّ وابتغوا ما كتب الله لكم *وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر *ثم أتمّوا الصيام إلى الليل{
ووجه الاستدلال: أن الله أباح الأكل والشرب والجماع وجميع المفطرات في الليل ، ويبقى بعد ذلك الصوم من الفجر لإلى المغرب.
......................................
متى فرض صوم رمضان..؟
صوم رمضان أحد أركان الإسلام ومبانيه لحديث ابن عمر " بني الإسلام على خمس " , وقد فرض صوم شهر رمضان في شعبان من السنة الثانية من الهجرة، فصام الرسول صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات إجماعاً، وكانت ثمانية منها ناقصة أي تسعة وعشرين يوماً، ولم يصم شهراً كاملاً، أي ثلاثين يوماً، سوى رمضان واحد فقط، وذلك ليطمئن الناس الذين يصومونه ناقصاً كثيراً.
..............................
فضل شهر رمضان وفضل العمل فيه
1_ أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصيام جُنة، فإذا كان أحدكم صائماً فلايرفث، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل إني صائم، وقال: والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي فالصيام لي وأنا أجزي به كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ".
2_ عن أبي هريرة : أن النبي صلى اله عليه وسلم قال : _ لما حضر رمضان _ " قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم " رواه أحمد والنسائي والبيهقي .
3_ وعن عرفجة قال: كنت عند عتبة بن فرقد _ وهو يحدث عن رمضان _ قال : فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلما رآه عتبة هابه فسكت، قال : فحدث عن رمضان، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان: " تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة وتصفد فيه الشياطين. قال: وينادي فيه ملك: يا باغي الخير أبشر، ويا باغي الشر أقصر حتى ينقضي رمضان " رواه أحمد والنسائي وسنده جيد.
4_ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صام رمضان وعرف حدوده، وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفّر ما قبله " رواه أحمدوالبيهقي بسند جيد.
5_ وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه " رواه أحمد وأصحاب السنن.
6_ أن الله يزينُ كل يوم جنتهُ ويقول: " يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك " فيزين تعالى جنته كل يوم تهيئة لعباده الصالحين، وترغيبا لهم في الوصول إليها، يعنى: مؤونة الدنيا وتعبها وأذاها ويشمروا إلى الأعمال الصالحة التي فيها سعادتهم في الدنيا والآخرة والوصول إلى دار السلام والكرامة.
7_ أن الملائكة تستغفرُ لهم حتى يفطروا. والملائكة عباد مكرمون عند الله}لا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون{ فهم جديرون بأن يستجيبَ الله دُعاءهم للصائمين حيث أذِنَ لهم به. و إنما أذن الله لهم بالاستغفار للصائمين من هذه الأمة تنويهاً بشأنهم، ورفعةً لذكرهم، وبياناً لفضيلة صومهم.
8_ ما أعده الله عز وجل للصائمين في الجنة حيث خصهم بباب يقال له الريان يدخلون منه فيشربون فلا يظمأون أبداً كما في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن في الجنة باباًَ يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال : أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد "رواه البخاري.
....................................
بدء صوم شهر رمضان
*يبدأ وجوب صوم شهر رمضان إذا علم دخوله .
*وللعلم بدخوله ثلاث طرق : الطريقة الأولى: رؤية هلاله، قال الله تعالى:}فمن شهِدَ منكُمُ الشهرَ فليصمهُ{ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته [B]"، فمن رأى الهلال بنفسه، وجب عليه الصوم .
الطريقة الثانية: الشهادة على الرؤية، أو الإخبار عنها، فيصام برؤية عدل مكلف، ويكفيلإخباره بذلك، لقول ابن عمر: " تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه " رواه أبو داود وغيره،وصححه ابن حبانوالحاكم.
الطريقة الثالثة: إكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوماً، وذلك حينما لا يرى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان مع عدم وجود ما يمنع الرؤية من غيم أو قتر أو مع وجود شيء من ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الشهر تسعة وعشرون يوماً، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم، فاقدروا له " ، ومعنى " اقدروا له "، أي: أتموا شهر شعبان ثلاثين يوماً، لما ثبت في حديث أبي هريرة: " فإن غم عليكم، فعدوا ثلاثين " .
ويكفي في ثبوت رؤيته شهادة عدل أو عدلين إذ أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان . أما رؤية شوال للإفطار فلا تثبت إلا بشهادة عدلين ، إذ لم يجز الرسول صلى الله عليه وسلم شهادة العدل الواحد في الإفطار .
.............................
أركان الصوم
أركان الصوم، وهي:
1_ النية، وهي عزم القلب على الصوم امتثالاً لأمر الله عز وجل، أو تقرباً إليه، فإذا كان الصوم فرضاً فالنية تجنب بليل قبل الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " رواه الترمذي.
2_ الإمساك، وهو الكف عن المفطرات من أكل وشرب وجماع.
3_ الزمان، والمراد به النهار، وهو منطلوع الفجر إلى غروب الشمس فلو صام امرؤ ليلاً وأفطر نهاراً لما صح صومه أبداً، لقوله تعالى: }وأتِموا الصيَامَ إلى الليلَ {.
..........................
شروط وجوب الصوم
شروط وجوب الصوم، وهي:
1_ الإسلام: وضده الكفر، فالكافر لا يلزمه الصوم بمعنى أننا لا نلزمه أن يصوم لأنه ليس أهلاً للعبادات، فلو أسلم الكافر فلا قضاء عليه فيما مضى في الأصح.
2_ العقل: وضده الجنون فالمجنون لا يجب عليه الصوم، ولو صام حال جنونه لم يصح منه لهدم النية، لكن إذا أفاق في بعض شهر رمضان وجب عليه وجب عليه قضاء ما مضى، ومما يلحق بالجنون فقد العقل للكبر، فإن الإنسان إذا كبر ربما يفقد عقله حتى لا يميز بين الليل والنهار والقريب والبعيد ويكون أدنى حالاً من الصبي، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة فإنه لا يلزمه الصوم كما لا تلزمه الصلاة و الطهارة .
3_ البلوغ: فلا يجب الصوم على الصبي، إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به، ليعتاده من الصغر، و يصح منه إذا كان قادراً عليه .
4_ القدرة: وضدها العجز فمن عجز عنه لكبر، أو مرضى لا يرجى زواله أفطر واطعم عن كل يوم مسكيناً، لقول ابن عباس في قوله تعالى: }وعلى الذين يطيقونه فدية { ليست بمنسوخة هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم، والحامل، والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا .
5_ الإقامة: وضدها السفر، فالمسافر لا يلزمه الصوم لقوله تعالى:}ومنَ كانَ مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر{
6_ الخلو من الموانع: وهذا خاص في الأنثى با لأتكون حائضاً ولا نفساء، لأن الحيض والنفاس مانع من صحة الصوم قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحائض: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم " رواه البخاري.
.....................................
سنن الصوم
سنن الصوم، وهي:
1_ تعجيل الفطر، وهو الإفطار عقب تحقق غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزالُ الناسُ بخير ما عجلوا الفطر " متفق عليه.
2_ قوله جهراً إذا شُتم: إني صائم، لحديث أبي هريرة مرفوعاً " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فان شاتمه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم " متفق عليه.
3_ كون الفطر على رطب أو تمر أو ماء، ويستحب أن يفطر على وتر: ثلاث أو خمس أو سبع لقول أنس بن مالك: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء " الطبراني.
4_ الدعاء عند الإفطار إذ كان صلى الله عليه وسلم يقول عند فطره: "اللهم لكَ صمنا وعلى رزقكَ أفطرنا، فتقبل منا إنكَ أنت السميعُ العليم " أبو داود.
5_ السحور، وهو الأكل والشرب في السحر آخر الليل بنية الصوم،لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلةُ السحر " مسلم. وقوله: " تسحروا فإن في السحور ِ بركة " متفق عليه.
6_ تأخير السحور إلى الجزء الأخير من الليل لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزالُ أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور " أحمد وهو صحيح.
.......................................
مكروهات الصوم
مكروهات الصوم، وهي:
1_ المبالغة في المضمضة والاستنشاق عند الضوء، لقوله صلى الله عليه وسلم: " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً " أصحاب السنن وابن خزيمة وصححه.
2_ القبلة، إذ قد تثير شهوة تجر إلى إفساد الصوم بخروج المذي أو الجماع حيث تجب الكفارة .
3_ إدامة النظر بشهوة إلى الزوجة .
4_ الفكر في شأن الجماع .
5_ مضغ العلك خشية أن يتسرب بعض أجزاء منه إلى الحلق .
6_الاكتحال في أول النهار، ولا بأس به في آخره .
7_ الحجامة أو الفصد (هو قطع العرق لإخراج الدم) خشية الضعف المؤدي إلى الإفطار لما في ذلك من التغرير بالصوم .
8_ ذوق الطعام بلا حاجة خشية وصول شيء منه إلى الحلق .
................................
ما يبطل الصوم
ما يبطل الصوم، وهي:
1_ الأكل والشرب متعمداً .
2_ وصول مائع إلى الجوف بواسطة الأنف كالسعوط، والحقنة الشرجية .
3_ خروج المني بمداومة النظر أو إدامة الفكر أو قبلة أو مباشرة .
4_ الاستقاء العمد، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من استقاءَ عمداً فليقض ِ " . أما من غلبه القيء فقاء بدون اختياره فلا يفسد صومه .
5_ الأكل أو الشرب أو الوطء في حال الإكراه على ذلك .
6_ من أكل وشرب ظاناً بقاء الليل ثم تبين له طلوع الفجر .
7_ رفض نية الصوم ولو لم يأكل أو يشرب إن كان غير متأمل للإفطار وإلا فلا .
8_ الرده عن الإسلام إن عاد إليه، لقوله تعالى: }لئن أشركتَ ليحبطن عملك ولتكُوننّ من الخاسرين { .
9_خروج دم الحيض والنفاس .
10_ الحجامة خاصة، حاجماً كان أو محجوماً حديث شداد بن أوس قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى زجلاً يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان قال وهو اخذ بيدي " أفطر الحاجم المحجوم " رواه الشافعي.
...............................
ما يباح للصائم فعله
يباح للصائم أمور وهي:
1_السواك طول النهار، اللهم إلا ما كان من الإمام أحمد، فإنه كرهه للصائم بعد الزوال .
2_ التبرد بالماء من شدة الحر، وسواء يصبه على جسده، أو يغمس فيه، لما روى مالك وأبو داود عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيتُ النبي صلى الله عليهوسلم بالعرج(اسم موضع) يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش، أو من الحر. صحيح.
3_ الأكل والشرب والوطء ليلاً، حتى يتحقق طلوع الفجر .
4_ السفر لحاجة مباحة، وإن كان يعلم أن سفره سيلجئه إلى الإفطار .
5_ التداوي بأي دواء حلال، لايصل إلى جوفه منه شيء، ومن ذلك استعمال الإبرة إن لم تكن للتغذية .
6_ التطيب والتبخر، وذلك لعدم ورود النهي في كل هذه عن الشارع .
........................
ما يعفى عن الصائم
يعفى للصائم عن أمور، وهي:
1_بلع الريق ولو كثر، والمراد به ريق نفسه لا ريق غيره .
2_ غلبة القيء والقلس إن لم يرجع منها شيئاً إلى جوفه، بعد أن يكون قد وصل إلى طرف لسانه .
3_ غبار الطريق والمصانع، ودخان الحطب، وسائر الأبخرة التي لا يمكن التحرز منها .
4_ الاحتلام، فلا شيء على من احتلم وهو صائم .
5_ الأكل أو الشرب خطأ أو نسياناً، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من نسِيَ وهو صائم فأكلَ أو شربَ فليُتم صومه، فإنما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ " متفق عليه.
....................................
فضل البر والإحسان في رمضان
لفضل رمضان، قد فُضل كل ما يقع فيه من أفعال الخير والبر والإحسان، ومن ذلك:
1_ الصدقة: إذ قال صلى الله عليه وسلم: " من فطر صائماً فله أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء " أحمد والترمذي وهو صحيح. وكانصلى الله عليه وسلمأجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل.
2_ قيام الليل: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيى ليالي رمضان، وإذا كان العشر الأواخر أيقض أهله .
3_ تلاوة القران الكريم: إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من تلاوة القران الكريم في رمضان وكان جبريل عليه السلام يدارسه القران في رمضان .
4_ الاعتمار: وهو زيارة بيت الله الحرام للطواف والسعي، في رمضان إذ قال صلى الله عليه وسلم: " عُمرة في رمضان تعدل حجة معي " متفق عليه. وقال: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " متفق عليه.
....................................
بركات شهر رمضان
بركات شهر رمضان:
أولا ً: نزول القران: قال تعالى :}شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان {سورة البقرة الآية: 185.
ثانياً: نصر المسلمين في غزوة بدر:ومن بركات هذا الشهر الكريم انتصار المسلمين في غزوة بدر،ونصر المسلمين في غزوة بدر نصر لنا ونصر لكل مسلم مؤمن بالله عز وجل.
ثالثاً: فتح مكة: نعمة من الله عز وجل هذه الأمة إلى يوم القيامة .
رابعاً: ليلة القدر : وهى خير من ألف شهر، كما قال الله عز وجل:}تنزل الملائكةُ والروح فيها {سورة القدر اية4 .
............................................
خصائص العشر الأواخر من رمضان
خصائص العشر الأواخر من رمضان:
أولها: فيها ليلة القدر، قال تعالى :} ليلة القدر خير من ألف شهر{سورة القدر اية3 وصفها الله تعالى بأنها مباركة}إنا أنزلناه في ليلة مباركة{سورة الدخان اية3 ولكن لماذا سميت ليلة القدر؟ قال العلماء: القدر أي الشرف، وذلك لشرفها. ومنه قولهم:فلان ذو قدر عظيم، أي ذو شرف عظيم. وقيل من التقدير، لأن الله يقدر فيها ما يكون في تلك السنة:}فيها يُفرقُ كل أمر حكيم {سورة الدخان اية4
الثانية: الاعتكاف، وهو مأخوذ من الثبوت واللزوم، ومنه قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام:}ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون {سورة الأنبياء اية52 وهو في الشرع ملازمة المسجد لطاعة الله تعالى.
الثالثة:أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحيى فيها الليل كله، وإحياؤها يكون بالتهجد و كذلك بكل عبادة تقرب إلى الله تعالى .
الرابعة: شد المئزر. وفيه قولان: الأول: أنه كناية عن اعتزال النساء، لأن الرجل إذا أراد أهله حل مئزره. الثاني: أنه كناية عن التشمير والاجتهاد في العمل، لأن الإنسان إذا أراد أن يعمل عملاً يجتهد فيه شد المئزر ولفظ الحديث يحتمل الأمرين معاً .
الخامسة: زكاة الفطر، فإن أول وقتها يكون في آخر العشر الأواخر، وهى صاع من طعام يدفع إلى الفقراء وهو أي طعام، وتكون قبل العيد بيوم أو يومين، وآخر وقت تؤدى فيه يوم العيد قبل الصلاة. لحديث ابن عباس: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلمزكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للماسكين " رواه أبو داود.
السادسة:التكبير عند إتمام العدة،لقول الله تعالى:}ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم{ سورة البقرة آية 185 . فمعشر المسلمين إذا تم رمضان أن يكبروا ليلة العيد إلى أن يصلوا فيقولوا مثلاً:الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أو يقولوا:الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. كل هذا جائز.
.....................................
الخاتمة
تم البحث على ما فيه من خلل ونقص واضح للمتأمل، فما كان
فيها من صواب فمن الله وحده.. وما كان فيها من خطأ فمن
نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصبحه وسلم.
~~~~~~~~~~~~~~~~~
المراجع
*الأفنان النديّة / المجلد الثالث / زيد بن محمد المدخلي .
*فقه السنة / المجلد الأول / السيد سابق .
*مناهج المسلم / أبو بكر جابر الجزائري .
*منار السبيل / المجلد الأول / ابراهيم بن محمد بن ضويان .
*الملخص الفقهي / المجلد الأول / صالح بن فوزان آل فوزان .
*مجالس شهر رمضان / محمد صالح العُثيمين .
*مجموعة دروس وفتاوى الحرم المكي / المجلد الثالث / محمد صالح العُثيمين .
*أحكام الصوم والأعتكاف / د_أبوسريع محمد عبد الهادي .
الفهرس
_ المقدمة.............. _ رمضان.............. _ تعريف رمضان......... _ حكمة مشروعية الصوم........ _التدرجفي فرض رمضان........ _متى فرض صوم رمضان........ _ فضل شهر رمضان.......... _ بدء صوم شهر رمضان.......... _ أركان الصيام............ _ شروط وجوب الصوم........... _ سنن الصوم.......... _ مكروهات الصوم.............. _ ما يبطل الصوم.......... _ ما يباح للصائم فعله........... _ ما يعفى عن الصائم........... _ فضل البر والإحسان في رمضان........... _ بركات شهر رمضان............. _ خصائص العشر الأواخر من رمضان........ _الخاتمة........... _المراجع.......... _ الفهرس........
...............................
هذا واتمنى التصويت بعدل
التعديل الأخير تم بواسطة بيسان ; 26-10-2007 الساعة 01:17 AM.
"شاركونا التصويت لأفضل بحث عن شهر رمضان الكريم"
العرض الشجري
المواضيع المتشابهه
