تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2 )           »          تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          [ رَسَائِل ..إلَى مَا لانِهَايَة..] ! (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 705 - عددالزوار : 103368 )           »          دعونا نـ ـلون جدراننـ ـا بضجيج أقـ ـلامنــا (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 2080 - عددالزوار : 169746 )           »          سجل دخولك للقسم العام بـحـكـمـتـك لهذا اليوم (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 618 - عددالزوار : 92438 )           »          ســجـل حـضــورك بالصـلاة علـى النبي (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 72 - عددالزوار : 24208 )           »          سجل دخولك وخروجك بالاستغفار (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 81 - عددالزوار : 33789 )           »          همسات قبل حلول شهر رمضآن المبارك .. (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 9 - عددالزوار : 18831 )           »          عندك مشكلة..تفضل مع دكتوره دبدوبــ،،ــهـ (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 166 - عددالزوار : 58540 )           »         
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

تنمية الأدب كمدخل لتعليم اللغة العربية

 
قديم 09-12-2007   #1
 
الصورة الرمزية orient

فـــريق شـــSho0oــــو








مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 54458
  المستوى : orient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصف
orient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصفorient عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :orient غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 

What do you do when the only person who can make you stop crying is the person who made you cry


 

من مواضيعي

الاوسمة
شهادة تقدير الماسي تميز وإبداع في الإدارة والإشراف للفعاليات مشارك في مطبخ الحصن مشارك في الدورة المتقدمة للفوتوشوب شهادة تقدير مسابقة أجمل صورة وسام صيد الأعضاء الذهبي العضو المتميز وسام العطاء وسام عمان عبر التاريخ 
مجموع الاوسمة: 18

افتراضي تنمية الأدب كمدخل لتعليم اللغة العربية

 

تنمية الأدب كمدخل لتعليم اللغة العربية


مقدمــــة:
يمكن فى منطق البدائيين السيطرة على الجوانب التى تخلفت أدوات العمل الفعلية عن السيطرة عليها بإغراء الطبيعة أو باسترضائها أو بخداعها أو بتقليدها أو بغير ذلك مما عرفته الطقوس السحرية. فالرغبة التى تحققت للبدائى إنما حققها العمل، والرغبة التى لم تتحقق يمكن تحقيقها بعمل آخر هو- طبقا للمثال الذهنى فى القدرة على السيطرة- أن (يرقص) الإنسان هذه الرغبة أو يمثلها، أو يصورها، أو يغنيها أو يشكلها. فاعتقد أنه إذا رقصها أو مثلها….إلخ تحققت فعلا؛ لهذا كان فن البدائى عملا، فلم يكن هذا البدائى يعمد إلى إبداع فن، بل كان يعمد إلى إنجاز هدف عملى.
لقد كانت أغنيات البدائيين (نداءات عمل) وكان إيقاعهم (تنظيما) لحركات الأداء العملى (36: 29-37)(*)
وترى 'دانال.فوكس Danal . Fox' أن البدائى لم يتصور عالمه الطبيعى جامدا صامتا، بل تصوره حيا مدركا، وبثت النظرة الأسطورية فى الطبيعة (إنسانية) تعى، وتفعل، وتؤثر. ويتبدى سحر الكلمة وقوة تأثيرها فى الفهم الأسطورى للعالم عند البدائيين، فلم تكن الكلمة فى ذلك الفهم أداة صياغة لذلك العالم فحسب، بل كانت تمكن من السيطرة عليه والتحكم والتأثير فيه، لقد كانت الكلمة تعاويذ ورقى: تشفى من مرض، وتحمى من ضرر، تجلب سعدا، وتبطل نحسا، تنصر حليفا، وتهزم عدوا، تنزل مطرا وتوقف سيلا….إلخ ( 63: 1-20) ، (75: 497).
فالفن صياغة للعلاقة بين الإنسان وواقعه، وكما أن الواقع متغير أبدا فإن 'نموذجه' فى الفن متغير كذلك، والذى يحكم التغير فى هذا وذاك مدى ما وصل إليه البشر فى صلتهم العملية بعالمهم الطبيعى، وطبيعـة علاقاتهم فى نظامهم الاجتماعى وقد قطعت البشرية شوطا هائلا فى تطوير أدوات الإنتاج منذ انهيار المجتمع البدائى حتى العصر الحديث- أى منذ الألف الرابع قبل الميلاد تقريبا إلى هذا القرن الواحد والعشرين- الذى يشهد الثـورة العلمية التكنولوجية، وخلال تلك الفترة من السنين تغيرت علاقات الإنتاج الاجتماعية، فشهد التاريخ الإنسانى ثلاث صور لهذه العلاقات: العلاقات العبودية، والعلاقات الاقطاعية، والعلاقات الرأسمالية فى ثلاثة أنماط من الأنظمة الاجتماعية: النظام العبودى، والنظام الإقطاعى، والنظام الرأسمالى، والأساس فى هذه العلاقات الإنتاجية والأنظمة الإجتماعية الثلاثة هو الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج وهذه الأنظمة الطبقية الثلاثة- على الرغم من نهوض كل منها فى أول نشأته بدور تقدمى تاريخى- هى مراحل الاستغلال فى تاريخ الإنسانية، وفى قلب كل نظام منها قوانين الاستغلال الخاصة به، وتحقق هذه القوانين الحرية للطبقة التى تملك أدوات الإنتاج (حرية طبقة السادة فى المجتمع العبودى، وطبقة مالكى الأرض فى المجتمع الإقطاعى، والطبقة البرجوازية فى المجتمع الرأسمالى). وتحقق القهر للطبقة التى تنتج (قهر العبيد فى المجتمع العبودى والفلاحين فى المجتمع الإقطاعى، والعمال فى المجتمع الرأسمالى). (23: 31-36)
ويمكن القول إن الإنسان البدائى فى اغترابه عن الطبيعة كان يتوسل بالفن لتوكيد طبيعته الإنسانية ووجوده الإجتماعى، وفى المجتمع الطبقى توسل الإنسان فى اغترابه عن المجتمع بالفن؛ ليكشف جذور اغترابه فى العلاقات الاجتماعية، وليؤكد شوقه إلى نفى هذا الاغتراب (40: 9).
فقد وجدت فى الفكر الإنسانى- منذ المجتمع العبودى –اشارات إلى تناقض الملكية الخاصة مع الجوهر الإنسانى، لكن تلك الإشارات- بانفصالها عن الواقع التجريبى وما يتصل به من علاقات اجتماعية- ساهمت فى تأسيس (مجتمعات يوتوبية متخيلة) وفى إقامة (مدن فاضلة) و (جزر سعيدة) ينعم فيها البشر بالرخاء والعدالة، فقد نشط مفكرو البرجوازية فى فترة ميلاد الرأسمالية لإقامة مثل هذه المجتمعات والمدن والجزر، وكان مثلهم الذى احتذوه (المدينة الفاضلة) التى صاغها فكر 'أفلاطون Plato حوالى 427-347 ق.م' كما كانت (مدينة الله) التى صاغها 'القديس أوغسطين Saint Augustine 354م-430م' مثلا ثانيا لأولئك المفكرين.
وأول محاولـة فـى هـذا السبيـل هـى محاولة السير 'توماس مور Sir Thomas More' (1478م-1525م) الذى وضع كتابه (اليوتوبيا) أو المدينة الفاضلة، وارتحل فيه خياله إلى جزيرة مثالية متخيلة، أسس فيها نظاما اجتماعيا وتربويا يكفل السعادة والوئام، وقسمها إلى ما يقرب من خمسين مدينة، تعيش فى كل منها أسر متساوية فى عددها، ومتشابها فى أعرافها وتقاليدها. (37: 99-136)
وكانت المحاولة الثانية (مدينة الشمس) لشاعر وقس إيطالى هو 'توماس كامبانيللا Tommaso Campanella'، وقد جعل العمل الجبرى أساسا فى مدينته، كما جعل نبلاءها هم العمال، وجعل حكمها للفلاسفة.(37: 137-156)
والمحاولة الثالثة (أطلانطا الجديدة) لفرنسيس بيكون Francis Bacon (1561م-1626م) الذى صدر عن فلسفته التجريبية فلم يقم مدينته على المثال الأخلاقى وإنما إقامها على العمل، وجعل حكمها للعلماء. (37: 186-200)
ولقد اشتركت ثلاث المحاولات فى نفى الملكية الخاصة عن المدن الفاضلة، ونبهت إلى صلة هذه الملكية الخاصة بالشرور والآثام بين البشر، والحروب بين الأمم والشعوب، وهناك محاولات كثيرة أخرى غير ثلاث المحاولات السابقة، وكلها تقع فى إطار (التصوير اليوتوبى) لمجتمع بشرى عادل.
أن قراءة التاريخ الأدبى تؤكد أن أدب الطور المتقدم للنظام العبودى أبدع نموذج (البطل العملاق) الذى أكد حضور الإنسان فى مواجهة القوى الطبيعية، وغيرها من القوى غير الإنسانية وأكد قوته، وصلابته فى الصراع، وانتصاره، وجعل الخير خلقا له، والنضارة صفة لملامحه، كما أبدع أدب الطور المتقدم للنظام الإقطاعى نموذج (البطل الأخلاقى) الذى جسد فى إهابه وفى سلوكه المثل الأخلاقى الأعلى للحضارة الدينية فى بواكيرها ذات الطابع الإنسانى المتقدم، وأبدع أدب الطور المتقدم للنظام الرأسمالى نموذج (البطل الحر) الذى أكد قيمة الفرد، وأعلى من شأن كرامته وحريته، هؤلاء الأبطال مثلوا (المثال العام).
وفى العصر الحديث بعد عصور طويلة طمست فيها ملامح الفرد يبدو من الضروري التأكيد على النظرة الواقعية للأدب التى تنظر إلى الواقع كما هو واقع، لتحوره إلى واقع جديد إذا أرادت، دون أن تقيم بينها وبين الواقع حائلا تنسجه الأوهام، ثم سرعان ما ننسى أنه أوهام، فإذا كان البدائى يخلق لنفسه الخرافة لينظر بمنظارها إلى وقائع الدنيا، فإن المتحضر هو الذى يواجه تلك الوقائع كما تبدو لحواسه، وبغير هذه الرؤية المباشرة يتعذر عليه أن يلجم الطبيعة ليسير وقائعها حيث أراد لها أن تسير. (37: 419-455)
ومن أبرز جوانب النظرة الواقعية أن نلتمس للأشياء ، والموضوعات أسبابها الطبيعية، وأن ترد الظواهر إلى أسبابها الطبيعية كذلك، فلا يفسر المرض- مثلا- إلا بالجراثيم التى أحدثته، ولا يعلل سقوط المطر إلا بظروف المناخ وهكذا.
وإذا كان التقدم شرطا أساسيا للحضارة فإن الجانب العقلى وحده من الإنسان بما ينتجه من العلوم هو الذى يتقدم، فالفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجيا أو غيرها من فروع العلم ليست اليوم كما كانت بالأمس، واختلاف يومها عن أمسها هو الاختلاف الذى يتحتم فيه أن تكون حصيلة الأمس أفقر من حصيلة اليوم، وأكثر منها تعرضا للخطأ، وأما الآداب، والفنون فكلمة 'التقدم' بالنسبة إليها ليست بذات معنى، (1: 10)، (27: 207) فقد لا يستطيع شاعر من شعرائنا اليوم أن يجارى امرأ القيس، وقد لا يستطيع أحد من رواة الحكايات فى يومنا أن يقترب من الذروة الأدبية التى بلغتها ألف ليلة وليلة. إن التقدم لا يكون إلا فى معرفتنا العلمية، وأما ما هو خاص بالوجدان، فلا أظن أن الأم العصرية الثكلى تبكى فقيدها على نحو أكمل من بكاء الأمهات بالأمس، ولا أن يفنى عاشق فى عشق حبيبته بأكثر مما فنى قيس فى عشق ليلاه. فلابد أن ننظر النظرة العقلية التى ترجو أن يجيئ المستقبل أكثر تحضرا- بمعنى أغزر علما- من الحاضر ومن الماضى على السواء. (25: 38-41)
وعليه فيبدو من الضروري أننا فى حاجة إلى أدب لتربية إرادة إنسان عصرى، قد يكون من أبرز ملامحه25: 73-80) ، (22: 72-75)
أ-إنسان يكسر حدة الولاء للفكر القديم غير العقلانى، ويهدم جدار الرتابة، والجمود، ويتحرر من قيود ومخاوف غير مرئية، ويفكر تفكيرا علميا عالميا.
ب-قوة اجتماعية جديدة، تسدد هجماتها إلى العلاقات القديمة؛ لتطور نفسها، وتحقق فى ذات الوقت مصالح المجموع الشعبي.
ج-نظرة رحبة إلى العالم تقضى على الضيق الانعزالى، لترتاد المجهول، ولتكشف حدود هذا العالم.

الإحساس بمشكلة البحث:
فى دراسة 'لجوناثان كالر Jonathan Culler' بين فيها أن الألفاظ فى دراسة الأدب تقسم إلى حقيقة ومجاز، والحقيقة فى الألفاظ هى استعمالها فيما وضعت لها من المعانى فى المعجم اللغوى، أما المجاز فهو استعمال أية لفظة فى غير معناها المعجمى (الحقيقى أو الأصلى) لوجود علاقة بين المعنى اللغوى الأصلى لهذه اللفظة والمعنى المجازى الناتج عن ذلك الاستعمال بشرط وجود قرنية مانعة من إرادة المعنى الأصلى للفظة. (74: 95-97)
ويمكن التعبير عن الحقائق بشكل كاف عن طريق المعنى المعجمى للكلمة، ومع هذا يلجأ الإنسان إلى المجاز اللغوى- مثل التشبيه، والاستعارة، والكناية، والمجاز المرسل، لزيادة التعبير جمالا وتأثيرا. (24: 50)
ولذلك فالمجاز اللغوى ليس جزءا جوهريا فى المعنى، بل هو فضلات أدبية ممثلة فى زخارف ومحسنات.(31: 13)
ويرى المسيرى أن اللغة الإنسانية نظام دلالى محدد، يتسم بالاتساق الداخلى، وله قواعده الخاصة، يتكون من دوال وأسماء تشير إلى مدلولات ومسميات لأشياء موجودة فى العالم الخارجى، لكن ثمة مسافة تفصل بين الدال اللغوى والمدلول، وهى مسافة تتسع وتضيق، بل أحيانا تنعدم، حسب مدى تركيبة المدلول (سواء أكان شيئا طبيعيا أم ظاهرة إنسانية أو غيبية، تأخذ فى الإتساع، ولا يمكن عبورها، ولكن يمكن تقريبها، وتحويلها إلى مجال للتفاعل عن طريق استخدام لغة محايدة مباشرة.
وكل أشكال المجاز مهما بلغت من تجريد، وتنوع، واختلاف تحتوى على صور مجازية. والصورة المجازية تستخدم كوسيلة لتمرير التحيزات وفرضها بشكل خفى. (31: 130-150)
وقد حدد ابن قتيبة (ت 276هـ) جوانب المجاز، وجعلها تشمل: 'الاستعارة والتمثيل والقلب والتقديم والتأخير والحذف التكرار والإخفاء والإظهار والتعريض، والإفصاح والكناية والإيضاح ومخاطبة الواحد مخاطبة الجميع، والجميع خطاب الواحد والواحد والجميع خطاب الاثنين، والقصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم، وبلفظ العموم لمعنى الخصوص، مع أشياء أخرى كثيرة، وهى ظواهر أسلوبية تعنى التغير فى الدلالة، والخروج بها عن دلالة المواضعة الشائعة. (2: 20-21)
ويعد مصطلح 'المثل' أكثر المصطلحات المجازية ورودا فى القرآن سواء فى أصله الثلاثى أو فى مشتقاته المتعددة، وهو يتراوح بين عدة معان أهمها 'الصفة العجيبة كأنها لغرابتها تشبه بها، ويتمثل' ومعنى ذلك أن مصطلح المثل يصبح قريبا جدا من معنى التشبيه' ويدل عليه ، ومما يؤكد هذا التطابق الذى يكاد يكون تاما بين 'المثل' و 'التشبيه' أن مادة 'شبه' فى القرآن لا تأتى إلا بمعنى الاشتباه، والاختلاط، والتداخل وعدم القدرة على التمييز 'شبه الشئ تشبيها أشكل وشبه عليه، خلط عليه الأمر حتى اشتبه بغيره، وشبه عليه الأمر: لبس عليه' والمعنى واضح فى المشتقات الأخرى للمادة أنه هو الاختلاط، وذلك فى 'تشابه' و'مشتبه' و 'متشابه'.
ولم يرد لفظ 'الكناية' فى القرآن، وإن وردت المادة فى معنى الإخفاء، والستر وترد فى معنى 'الكناية' أو قريبا منها 'التعريض' وهى خلاف التصريح وهو 'ما توسع فى دلالته فصار له وجهان ظاهر وباطن' وذلك فى قوله تعالى: 'فيما عرضتم به من خطبة النساء' (البقرة/ 235). (2: 21)
وقد وردت مادة 'جوز' بمعنى القطع والعبور، وهذا المعنى ليس بعيدا عن المفهوم المتأخر لكلمة 'مجاز' على أساس أن المجاز هو تجاوز المعنى الحقيقى للعبارة إلى معنى آخر يتعلق بها.
أما مادة 'عير' الأصل الاشتقاقى لمصطلح 'الاستعارة' فلم ترد فى القرآن، ولذلك كان من الطبيعى أن يكون هذا المصطلح أكثر المصطلحات الأدبية تأخرا فى الظهور، وعلى العكس من ذلك كان مصطلح 'المثل' مع ما يشتق منه كالتمثيل هو أكثر المصطلحات ظهورا وذلك بحكم كثرة دورانه فى القرآن ودلالته على معنى 'التشبيه' وكان مصطلح 'الكناية' أقل ظهورا من مصطلح 'المثل' لقلة وروده فى القرآن من جانب، ولعدم وضوح دلالته المجازية من جانب آخر.
ومن الضروري الإشارة إلى ما أثارته بعض محتويات الصور التعبيرية- التى عبر عنها بالمثل- من الجدل والاستنكار- وقد عبر القرآن نفسه عن هذا الاعتراض بقوله تعالى: 'إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها، فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم، وأما الذين كفروا فيقولون مـاذا أراد الله بهذا مثلا، يضل به كثيرا، ويهدى به كثيرا، وما يضل به إلا الفاسقين' (البقرة/26) (7: جـ1، 398)
ولم تكن اجتهادات ابن عباس فى تفسير النص بعيدة عن جو التأويل، والجدل الدينى الذى بدأ بانشقاق الخوارج على علي بن أبى طالب نتيجة لرفضهم مبدأ التحكيم- وكان ابن عباس- فيما يقال- هو رسول علي بن أبى طالب لمجادلة الخوارج ومحاولة إقناعهم بخطأ موقفهم وصحة موقف علي. ولم يخل هذا الجدل من الاستشهاد بالقرآن من كلا الطرفين على صحة موقفه، واتساقه مع معطيات القرآن، حتى تحول النزاع- على مستوى الجدل الدينى- إلى فهم النص القرآنى نفسه والاستدلال به، وهذا كله ما جعل علي بن أبى طالب ينهى ابن عباس عن مجادلة الخوارج بالقرآن 'فخاصمهم، ولا تحاجهم بالقرآن، فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة' (6: 142)
ومما يرويه الطبرى عن ابن عباس رواية مؤداها أنه لم يتقبل القراءة المشهورة للآية القرآنية ' فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا' (البقرة/137) على أساس أنها تثبت مثلا لله يمكن الإيمان به 'لا تقولوا فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا- فـإنـه ليس لله مثل- ولكن قولوا: 'فإن آمنوا بالذى آمنتم به فقد اهتدوا' (7: جـ3، 114)
ومن المحتمل أن ابن عباس كان مدفوعا إلى ذلك رغبة منه فى نفى أى شبيه أو مثل لله، خصوصا مع ما ذهب إليه ابن سبأ من تأليه الأئمة والقول بالرجعة.
كما توقف كثير من المسلمين عند بعض الآيات متسائلين عن المعنى الحقيقى وراء صورتها اللفظية، فيروى الطبرى أنه 'لما نزلت 'وسع كرسيه السماوات والأرض' (البقرة/ 255) قال أصحاب النبى يا رسول الله، هذا الكرسى وسع السماوات والأرض، فكيف العرش؟ فأنزل الله تعالى: 'وما قدروا الله حق قدره ' (الزمر/ 67) إلى قوله: 'سبحانه وتعالى عما يشركون' (7: جـ5، 399) وإذا كان الرسول قد سكت عن تساؤل المتسائلين، تاركا لله الرد عليهم، واستنكار هذا السؤال، فإن ابن عباس يفسر نص الآية على أن 'كرسيه: علمه' (7: جـ5، 397-399) وهو تأويل يقربنا من جو التأويل الاعتزالى الذى ينفى مشابهة الله للبشر أو حلوله فى المكان.
ويروى أن كاتب الفضل بن ربيع سأل أبا عبيدة معمر بن المثنى عن قوله تعالى: 'طلعها كأنه رؤوس الشياطين' (الصافات/ 65) وقال: إنما يقع الوعد والإيعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف، فقال له أبو عبيدة: 'إنما كلم الله تعالى- العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلنى والمشرفى مضاجعـى ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول قط، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم، أو عدوا به، فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل' (6: 119)
وفى تحليل المثل- التشبيه- فى قوله تعالى: 'مثلهم كمثل الذى استوقد نارا' (البقرة/ من الآية 17) ظاهرة استوقفت الفراء. هى أن المشبه جمع ، فى حين أن المشبه به مفرد، فكيف يمكن أن يقع التشبيه على ذلك؟ ويدفعه هذا التساؤل إلى تحليل لوجه الشبه 'فإنما ضرب المثل- والله أعلم- للفعل لا للأعيان، وإنما هو مثل للنفاق، فقال مثلهم كمثل الذى استوقد نارا، ولم يقل الذين استوقدوا. وهو كما قال الله' تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت' (الأحزاب/ من الآية 19) وقوله: 'ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة' (لقمان/ 28)، فالمعنى- والله أعلم- إلا كبعث نفس واحدة، ولو كان التشبيه للرجال لكان مجموعا كما قال' كأنهم خشب مسندة' (المنافقون/ من الآية 4) وقال: 'كأنهم أعجاز نخل خاوية' ( الحاقة/ من الآية 7) فكان مجموعا إذا أراد تشبيه أعيان الرجال، فأجز الكلام على هذا، وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحدا فى شعر فأجزه، وإن جاءك التشبيه للواحد مجموعا فى شعر فهو أيضا يراد به الفعل فأجزه' (8: 15)
كما يوجد نوع آخر من المجاز، يكون فى دلالة الصيغة الصرفية فالفراء يحدد وظيفة للانتقال بالصيغة عما وضعت له من دلالتها الصرفية إلى دلالة أخرى، فصيغة 'فاعل' تدل على اسم الفاعل، ولكنها قد يتجوز بها فتدل على اسم المفعول.
ففى قوله تعالى: 'فى عيشة راضية' (الحاقة/ 21) فيقول: 'فيها الرضاء، والعرب تقول: هذا ليل نائم، وسر كاتم، وماء دافق، فيجعلونه فاعلا، وهو مفعول فى الأصل، وذلك أنهم يريدون وجه المدح والذم، فيقولون ذلك لا على بناء الفعل، ولو كان فعلا مصرحا لم يقل ذلك فيه، لأنه لا يجوز أن تقول للضارب: مضروب، ولا للمضروب: ضارب، لأنه لا مدح فيه، ولا ذم. (9: 182)
ومن المجاز أسلوب 'التشخيص' وهو إطلاق صفات إنسانية على الحيوان، والجماد، غير أن ما يلفت نظر أبى عبيدة إلى هذا الأسلوب هو استخدام ضمائر العاقل بدلا من ضمائر غير العاقل، ومن ذلك قوله تعالى: 'قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم' (النمل/ من الآية 18) يقول: 'هذا من الحيوان الذى خرج مخرج الآدميين، والعرب قد تفعل ذلك. قال:
شربت إذا ما الديك يدعو صباحه إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا
ويقول فى قوله تعالى: 'قالتا أتينا طائعين' (فصلت/ من الآية 11) هذا مجاز الموات الذى يشبه تقدير فعله بفعل الآدميين' وهى نفس النظرة التى ينظر بها إلى الآيات 'وكل فى فلك يسبحون' (يس/ من الآية 40) و 'كل يجرى لأجل مسمى' (الرعد/من الآية 2) (4: 196، 162، 153)
وليس عنا ببعيد معركة رواية وليمة لأعشاب البحر للروائى السورى حيدر حيدر التى صدرت طبعتها الجديدة عن هيئة قصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية، ونظرا للضجة التى أثارتها الرواية، فقد شكل وزير الثقافة لجنة فنية من رجال الدين والأدب اجتمعت وناقشت الرواية فى غيبة أحد أعضائها، وهو رئيس جامعة الأزهر العريقة، الذى انسحب من اللجنة أو تخلف عن حضور اجتماعاتها، وبعد أن ناقشت اللجنة رواية الأديب السورى أصدرت بيانا، دافعت فيه عنها، تأسيسا على مبدأين: أولا حرية التعبير التى يتمتع بها، ويجب أن يتمتع بها الأديب، أى أديب؛ ثانيا: التوظيف الفنى والأدبى الجيد الذى نجح حيدر حيدر فى إخضاعه لمقتضيات البناء الروائى والرؤية الفنية، تحقيقا للمبدأ الفنى المتعارف عليه فى الدراسات الأدبية، والقائل بأن طبيعة الكل (العمل الأدبى فى كليته) هى التى تحدد قيمة أجزائه، ولكن بيانا- أصدره الأزهر الشريف- ورئيس جامعة الأزهر بالطبع أحد أقطابه- قد أدان رواية الأديب السورى، وقد ترتب على صدور البيان خروج شباب جامعة الأزهر، ممن لم يقرأوا الرواية، وربما لم يسمعوا عنها قبل ذلك البيان، إلى الشوارع المحيطة فى احتجاج غاضب هدد بنشر الفوضى والدمار، وخطورة هذا الموقف الأخير، وما أدى إليه من تداعيات، تتمثل فى الطبيعة المزدوجة لوضع رئيس جامعة الأزهر، فهو، من ناحية، يرأس مؤسسة تعليمية يصعب الفصل بينها وبين أعلى سلطة دينية، وهى الأزهر الشريف، وهو من ناحية ثانية قطب بارز فى حزب الأغلبية الحاكم منذ سنوات، ومن ثم يمثل- شاء أم لم يشأ- السلطة السياسية، وحينما يرتبط اسمه من طرف خفى فى بيان الأزهر، وعلانية فى إدانته للرواية فى مجلس الشعب، فإنه بالقطع يضع نفسه فى موقف مناهض لرأى السلطة السياسية التى ينتمى إليها هو، ويمثلها أيضا وزير الثقافة. كأن العملية لم تعد تجسد صراعا، أو على الأقل تناطحا بين السلطتين الدينية والسياسية، وهو ما استطاعت مصر أن تتحاشاه بنجاح.
ويرى أحد الباحثين أن علم الأدب لا يمكن أن يكون بأى حال له الكلمة الأخيرة على الأدب، والمعضلة الجوهرية فى تقديرى ليست هى نظرية علم الأدب، بل هى لغة علم الأدب' (28: 213)
فاللغة لابد أن تكون واضحة، ومحايدة تماما، على أمل أن تصبح شفافة تماما، وموصلة بشكل كامل، وقادرة على تمثيل الواقع، ويمكن للقارئ من خلالها أن يمسك بواقع صلب متماسك ، والجمل الاخبارية هى المناسبة للتعبير عن علاقات الإنتاج والبيع والشراء، وهى جمل يمكن التأكد من زيفها أو صدقها من خلال التجربة، والاختبار وما لا يمكن التأكد منه بهذه الطريقة ليس بجملـة، وبالتالى فإن جملا أخرى مثل جمل العواطف والمشاعر شبه إخبارية، لا معنى لها.(30: 51-55)
ويرى 'روس Rose Jeanne Marie' أن المجتمع الصناعى الحديث يحتاج إلى لغة محايدة، تشير إلى أشياء محددة، فمن أهم وظائف اللغة أنها أداة للتعبير عن الأفكار العلمية، وعمليات البيع والشراء، والتعاقد والأوامر، ولابد أن تكون منضبطة- تماما، وتتسم بالدقة البالغة. (89: 255)
ولذلك اتجهت كثير من الدراسات والبحوث الغربية فى اللغة والأدب نحو لغة علمية، وأدب علمى، مثل:
1- تحليل خمسين اقتباسا من الأدب العلمى (69).
2- تحليل الأدب العلمى باستخدام نشاط المجموعات: مناقشات الطلاب حول البحوث البيئية (54).
3- الأدب العلمى والقراءة والكتابة: مقرر المهارات العملية لطلاب الليسانس (86).
4- تعريف الطلاب الجامعيين بالأدب العلمى والمكتبة (52).
5- عرض للأدب العلمى مشروع بحث تربوى (66).
6- أثر تأخير النشر على توزيع الأدب العلمى توزيعا ناضجا مراقبا (61).
7- فوائد الاستعارة فى أكثر أعمال الأدب العلمى اقتباسا (70).
8- دخول الطلاب للعلم من خلال الأدب (58).
9- أنشطة العلوم المبنية على الأدب فى رياض الأطفال من خلال كتب الأطفال المصورة (53).
10- أدب الأطفال مع التركيز على العلوم: عشرون مجموعة من الأنشطة طورها المعلمون من مرحلة الرياض حتى المستوى الثامن (50).
11- العلوم المبنية على الأدب: كتب وأنشطة الأطفال لإثراء مناهج الدراسة فى المرحلة من الرياض حتى المستوى الثامن (71).
12- تقديم الأفكار العلمية من خلال أدب الأطفال (48).
13- العلوم فى الأدب: مواد دراسية كمدخل للتعليم من خلال بعض الموضوعات. (67).

وفى ضوء ما سبق يتبين أن لغة الأدب العربى ما زالت جامدة عند أصول نشأتها فى الماضى- فى الوقت الذى اتسمت فيه لغة الأدب الغربى بالعلم، أسلوبا، ومنهجا، ولغة حياة فى هذا العصر مما جعلنا نعيش تناقضا مؤلما بين كوننا شكلا فى العالم الحديث، وكوننا جوهرا من خارجه، يضطرنا إلى معاناة قضايا مجتمع قديم فى عالم حديث، ومعاناة قضايا عالم حديث فى مجتمع قديم.
تحديد مشكلة البحث:
فى ضوء ما سبق يمكن تحديد مشكلة هذا البحث فى السؤال الآتـى:
ما الاتجاهات الحديثة لتنميةالأدب كمدخل لتعليم اللغة العربية؟
ويتفرع من السؤال السابق الأسئلة الآتية:
1- ما نظريات تعليم الأدب؟
2- ما الاتجاهات الحديثة فى تعليم الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة؟
3- ما الاتجاهات الحديثة فى تعليم اللغة العربية من خلال الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة؟
4- هل يوجد أدب علمى، واتجاه لتعليمه فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة؟
أهداف البحث:
1- تحديد نظريات تعليم الأدب.
2- تحديد الاتجاهات الحديثة فى تعليم الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة.
3- تحديد الاتجاهات الحديثة فى تعليم اللغة العربية من خلال الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة.
4- تحديد الدراسات والبحوث المعاصرة الخاصة بتعليم الأدب العلمى.
خطوات البحث:
تحددت خطوات هذا البحث فيما يأتى:
1- مقدمــة.
2- الإحساس بمشكلة البحث.
3- تحديد مشكلة البحث.
4- تحديد أهداف البحث.
5- تحديد خطوات البحث.
6- مفهوم الأدب، ونظريات تعليمه.
7- الاتجاهات الحديثة فى تعليم الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة.
8- الاتجاهات الحديثة فى تعليم اللغة العربية من خلال الأدب فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة.
9- الاتجاه نحو تعليم أدب علمى فى ضوء الدراسات والبحوث المعاصرة.
10- ملخص الاتجاهات الحديثة.
11- المراجـــع
مفهوم الأدب، ونظريات تعليمه:
الأدب: أدب النفس والدرس. والأدب: الظرف وحسن التناول (3: 206) واصطلاحا 'هو تعبير على نحو ما عن الحدس بالأشياء والنقد، هو الدراسة الثقافية الدقيقة لذلك التعبير، فالأدب تعبير والنقد دراسة، ودون شك فإن حركتى الروح هاتين التعبير والدراسة يلتقيان فى الشخص الواحد نفسه. (11: 3)
وقـد وجد النقد الأدبى أولا ثم وجدت البلاغة بعد ذلك منبثقة عنه، ومستمدة منه، وقـد سبقهم الأدب الإنشائى بقسميه: الشعر والنثر الفنى. (32: 13) والأصل فى الشعـر أن يخلق من الإنسان أسطورة، فى حين يرسم النثر صورته'. (15 :63)، (63: 1-20)
والمدارس الأدبية ثلاث92: 189-194) كلاسيكية، ورومانسية، وواقعية. تصوغ كل منها الحاجات الجمالية، والمثل الفنى الأعلى لنظام اجتماعى ومرحلة كاملة من مراحل التطور الاجتماعى، وما عدا هذه المدارس الثلاث فتيارات واتجاهات، وتستند كل مدرسة أدبية إلى نظرية بعينها.
حيث تستند المدرسة الكلاسيكية إلى نظرية المحاكاة، وتستند المدرسة الرومانسية إلى نظرية التعبير، وتستند المدرسة الواقعية إلى نظرية الانعكاس وفيما يلى بيان ذلك.
أولا: الفكر المثالى:
1-الموقف الكلاسيكى (نظرية المحاكاة: الفن من زاوية المتلقى):
فى دراسة لـ 'مارتينز Martinez' بينت أن الوجود الأفلاطونى ذو عوالم ثلاثة: عالم المثل، وهو كامل نموذجى، خالد ثابت لا يتغير، وعالم الأشياء المرئية والموجودات المحسوسة وهو صورة من عالم المثل، وعالم الخيالات والظلال وهو الذى يبدو فى الأعمال الفنية، وهو محاكاة للعالم الثانى، فطبيعة الفن فى التصور الأفلاطونى هى- محاكاة للعالم المحسوس الذى هو بدوره محاكاة لعالم المثل الخالدة، وصورة له. وطبيعة الفن هذه مرآوية، بمعنى أن الفنان كأنه يدير مرآة ليعكس خيالات محاكية للأشياء المحسوسة. فإذا صور فنان منضدة فإن لهذه المنضدة المصورة المرتبة الثالثة فى مراتب الوجود الأفلاطونى المثلث: المرتبة الأولى لفكر المنضدة فى عالم المثل، والمرتبة الثانية للمنضدة الواقعية التى صنعها النجار، والمرتبة الثالثة لمظهر المنضدة الذى يظهر فى عمل المصور ومن هنا كان هجوم أفلاطون على الفن ونفيه وأصحابه من مدينته الفاضلة، فغاية أهل هـذه المدينة أن يعرفوا الخير، وأن يصلوا إلى أن تكون أفعالهم خيرة فاضلة، والفن لا يساعد على تحقيق هذه الأهداف، لأن طبيعته المحاكاة المرآوية لأصـول قائمة أقرب منه إلى الحقيقة، وهو يحاكى هذه الأصول حكاية شائهة ناقصة، وبـذلك يصرف الناس عن معرفة الحقيقة، بل إنه يخدعهم، إذ يقدم إليهم الزيف والخيالات.(82: 204)
ولقد قبل أرسطو مبدأ (المحاكاة) فى طبيعة الفن، لكنه لم يقبل أن تكون هذه المحاكاة نقلا مرآويا لظاهر الطبيعة وللمباشر فى الحياة، ونبه إلى أن الفن- إذا يحاكى- فإنه لا ينقل فقط ما هو كائن ، بل إنه لينقل فى الغالب ما يمكن أن يكون، وما ينبغى أن يكون.
ولم يتبع أرسطو منهج التجريد والاستنتاج، وإنما اتبع منهج الفحص والاستقراء، وانتهى به هذا المنهج إلى قبول العالم الواقعى الذى عده أفلاطون غير حقيقى، وكان فى قبول أرسطو للعالم الواقعى رفض للتصورات الوهمية المتخيلة لهذا العالم الطبيعى والإنسانى. (26: 99)
ويبدو هذا المنهج الأرسطى فى موقف أرسطو من شعراء عصره، وخاصة فى تناوله لمآسى يوربيديس Euripides (حوالى 485-406 ق.م) وسوفوكليس Sophocles (حوالى 496-406ق.م) فقد كان يوربيديس مجددا فكريا واجتماعيا تناول بالنقد معتقدات مجتمعه، ونظرة الناس فى عصره إلى العوالم العلوية غير المرئية، وتخلص فى كثير من مآسيه من سيطرة معتقدات عصره فى الآلهة والأساطير والأبطال والسحرة والعرافين، وضمن أعماله تصويرا للآلهة يجعلهم أبعد فى باب الفضيلة والخير عن نموذج الإنسان الفاضل العادى، وأظهرهم فى صور السارقين والحاقدين والقساة والمتحيزين. لهذا لقى يوربيديس هجوما شديدا من مفكرى الأرستقراطية وفنانيها المحافظيـن، ورفض عصره كثيرا من آرائه، وإن كان فى منحه جوائزه الفنية أحيانا، ولم يشر أرسطو فى تناوله لمآسى هذا الشاعر إلى أية إدانة أو إتهام له، وإنما أخذ على بعض أعماله الضعف فى البناء نتيجة الوقوع فى مزلق فنى محدد، وهو خفوت الحركة لصالح الحكى الأبيسوى والملحمى.
أما سوفوكليس فقد كان يحظى بتقدير عميق من معاصريه فهو الذى مجد تراثهم الدينى والبطولى والأسطورى، وهو الذى دافع عن معتقداتهم،وأعرافهم الاجتماعية والأخلاقية فمآسى سوفوكليس 'تمثيل' للمثل الأعلى اليونانى فى القرن الخامس قبل الميلاد، ومع ذلك فإن الموقف الأرسطى من سوفوكليس لم يكن أخلاقيا، بل كان موقفا فنيا فى مجمله، فإن وقفات أرسطو عند مآسى هذا الشاعر، وهى وقفات طويلة وكثيرة فى كتاب فن الشعر كانت عند الجوانب التعبيرية وطرائق الأداء الفنى فى تلك المآسى، وليس معنى هذا أن أرسطو قدم التكنيك بشكل مطلق على المضمون الخلقى والاجتماعى، ولكن معناه أنه اعتمد الدلالة الخلقية فى صورة تعبير الفن عنها. إن 'الحقيقة' النفسية والأخلاقية والاجتماعية مهمة لديه، ولكنه يلفت النظر دائما إلى اختلاف صورة التعبير عن هذه الحقيقة فى الفن عنها فى أى نشاط إنسانى آخر، لذا فإنه يفرق بين سبيل الفن وسبل وجوه النشاط الإنسانى المختلفة، بل هو يفرق بين سبيل كل فن وغيره من الفنون. (36: 60)
وعلى الرغم من أن أرسطو أكثر ميلا- فى منهجه- إلى المادية فإنه بصورة عامة مثالى موضوعى كأستاذه أفلاطون، وقد رأينا أن هذه المثالية الموضوعية تلح على جانب واحد من جوانب الدرس الفنى، وهو جانب أثر الفن فى المتلقى، أى أنها تلح على الوظيفة الاجتماعية للفن لكن هذه المثالية تضع لوظيفة الفن الاجتماعية 'مبادئ أزلية' عند أفلاطون، وتبحثها صوريا عن أرسطو، والأمران معا ينكران التغير. (26: 99-100)
إن 'المطلق' فى القيمة، و'الصورية' فى العلاقة أمران متلازمان فى الموقف الكلاسيكى، وهو الموقف الذى يصوغ – فى الفكر الأدبى- العلاقات الاجتماعية العبودية والإقطاعية بصورة عامة، يفضى الأمر الأول إلى فرض قيم مسبقة على الفن، ويفضى الأمر الثانى إلى سيادة المناهج الشكلية والفقهية والبلاغية.
لقد اتسم الفكر الأدبى بكثير من الحيوية عندما بدأت العلاقات الاقطاعية وابنيتها الثقافية الغيبية تتقوض زمن النهضة الأوروبية، وتعد هذه النهضة- تستغرق لدى كثير من المؤرخين خمسة قرون: من الثالث عشر إلى الثامن عشر الميلاديين- الانتقالة الكبرى بين المجتمع الاقطاعى والمجتمع الرأسمالى البرجوازى الحديث، فى هذه الانتقالة تمرد الفكر على اللاهوت، وأعلى من شأن العقل، وعاد كثير من المفكرين إلى أرسطو والآثار الفكرية اليونانية، وقامت حركة نقدية وفنية قوية هى ما اصطلح على تسميته فى التاريخ الأدبى الكلاسيكية الجديدة، مثلها الأعلى الفكر والفن اليونانيين، وتعاليمها النظرية تكاد تنحصر فى دراسة تراث أرسطو، وتوجيه الشعراء والكتاب إلى احتذاء الأعمال اليونانية واستلهامها، وبعد هذه الانتقالة انتهت العلاقات الإقطاعية التقليدية، ونضجت العلاقات الرأسمالية وتخلق المجتمع البرجوازى، وتكونت له ثقافته الحديثة علما، وفكرا، وأدبا.
إن الموقف الكلاسيكى هو المفسر لعلاقة الإنسان بعالمه فى ظل علاقات اجتماعية محددة هى العلاقات العبودية والإقطاعية، وكل نزوع كلاسيكى هو فى حقيقة أمره تثبيت لتلك العلاقات أو دعوة إلى الرجوع إليها. لقد كان الكلاسيكيون يعدون الفعل أهم ملكات الإنسان، وكانوا يحاصرون الخيال ويخشون شطحاته وغلوه.

 

يَقُول حكِيم يُونَانيّ:

كُنتُ أبكِي لأنّني أمشِي بِدون حِذاء
ولكِنّنِي تَوقّفت عَن البُكَاء!
عِندَمَا رأيتُ رَجُلاً بِلا قدَمين
/
[الرياح لا تحرك الجبال ولكنها تلعب بالرمال وتشكلها كما تشاء ]


orient غير متصل  
 
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الألفاظ المشتركة المعاني في اللغة العربية orient اللغة العربية 1 09-12-2007 08:50 AM
نظرات جديدة في الاستعارة والترجمة بيسان اللغة العربية 0 05-06-2007 08:27 PM
مدرسة الديوان بيسان اللغة العربية 0 15-03-2007 05:12 PM
لغة الكتابة والشعر الحر شوق_11 اللغة العربية 0 15-03-2007 04:11 PM
الثقافة العربية نجم العصابات((النائب)) برج المواضيع العامة 11 02-04-2006 08:21 AM


الساعة الآن 07:06 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w