عَاْلَمُـ الْمَجْهُولْ...ج1
عَاْلَمُـ الْمَجْهُولْ ...
بيومها كنت أسير في فناء خال تماماً من الناس كانت الأجواء مرعبة بعض الشيء وذلك لأن الوقت ما يزال ليلا وفي بداية الليل وكالعادة في متاهة بتلك البقعة المرعبة...!في بلاد جديدة .
كنت وحيدة في بلاد غريبة بلا ملجأ بحثت عن محفظتي ولم أجدها بالطبع سرقت وقد كنت أسير في شارع مزدحم وصعدت لقطار ممتلئ ..وهكذا لجأت إلى زاوية بأحد الأزقة بعد قضاء يوم طويل وشاق كنت أتأمل منظر السماء ،كانت السحب تغطيها وهذا يجعلها توضح القمر تارة وتخفيه أخرى..منظر مثير ، هذا فقط ما أثار بصري في ذلك الوقت ...
في وسط الليل ومازالت الضوضاء تعم المكان كنت أتمنى أن انعم بسكون الليل وأنام ملئ جفوني وأتغطى برداء بسيط ولكن لا جدوى ...
فجأة
سمعت صوت غريب بجانبي صوت نفس أحدهم وقد عانى كثيرا...كان نفسا متقطعا وخفيفا ومع ذلك استطعت سماعه..طفل برئ ينام بنفس الزاوية لم انتبه له ببادئ الأمر لأني كنت مرهقة،كان منظر مؤثر حاله كحالي ولكنه أشد...كنت أتساءل في نفسي هل تناول شيئا قبل نومه؟ أو انه نام جائعا ؟ وهل قضى نهارا كأقرانه أم نهارٍ قاسٍ عليه...أسئلة كثيرة كانت تدور ببالي لم أجد لها أجوبه فكل ما يتضح لناظري طفل يرتدي أطمار الفاقة فقير بلا مأوى..منظر يقطع الأنفاس!
بعد كل هذا وفي منتصف الليل نمت في تلك الزاوية بجانبه...مضى الليل سريعا حتى وصل الصباح...لم أره ولا أدري لأين ذهب ! فقط كنت آمل رؤيته ..يا للمسكين...لا بأس سأكمل طريقي للمجهول..أخذت أتجول في المدينة الشاسعة،المباني كبيرة أو ما اسميها ناطحات سحاب عملاقه، والمراكز التجارية منتشرة بجميع الأرجاء وطبعا المكان لا يخلوا من الضوضاء...تخيلوا ماذا حدث معي أثناء تجوالي..سمعت شجارا لصبية في أحد الأزقة بعيدا عن الازدحام..طبعا زقاق آخر عن الذي قضيت الليل به ولكنه لا يبعد عنه كثيرا...لقد رأيت ذلك الطفل المسكين وقد اعترض طريقه ثلاثة فتيان لم يخلوا سبيله بل استعدوا لضربه،كان المنظر قد أذهلني وتدخلت واستطعت النجاة بالصغير عنهم ...
هنا تسّنت لي الفرصة لرؤيته...ولكني أحببت الابتعاد أكثر حتى أصل منطقة خضراء على الأقل لأستنشق الهواء العذب...سرت مسافة طويلة بعض الشيء وبالطبع الطفل يسير بصحبتي حتى وصلنا أخيرا إلى أرض زراعية رائعة...بعدها جلسنا معاً،وأخرجت طعاما من حقيبتي لنتقاسم الغداء وهنا تحدث الصغير..
" أشكرك يا آنسه على عطفك معي"
قالها بكل أدب وكأن غصة في حلقه جعلته يصمت بعد نطقه لهذه العبارة مباشرة
..هنا تحدثت معه..
ما اسمكـ..؟
من أين أتيت؟
وأسئلة أخرى كهذه...
فأجاب:
اسمي:ريدل طفل وحيد هربت من الملجأ في الأسبوع الماضي ولكني مازلت صغير على حياة المدن ، والظلم يحيط بي في كل مكان والملاحقات لإعادتي للملجأ..ولكن دوما ما أهرب...
ريدل أخبرني لم هربت من الملجأ ؟؟؟
المربية قاسية جدا توبخني دائما وتحرمني من اللعب مع أصدقائي ولا تطعمني بل تحبسني بتلك الغرفة القذرة هذا فقط لأني أهرب
حسناً ولماذا أنت تحاول الهرب؟؟هل تعامل أصدقائك بأفضل معامله؟ لا أعتقد ذلك
نعم تعاملهم بقسوة فأنا لم أذق كثيرا مما عانوه فُقِدت أختي أيضا في الملجأ لا ندري ما حل بها ولكني واثق أن المربية قتلتها وتنوي قتلي لاحقاً..
يا لها من قاسيه!...وماذا تنوي أن تفعل بهذه في هذه المدينة الضخمة هل تود أن تظل هارباً أم ماذا ...؟؟؟
لا....إن عمي يعيش بهذه المدينة أتى مرارا وتكرارا للملجأ باحثا عني ولكن دوما ما تعتذر إليه بحجة أني هربت ولا أعلم أين يعيش حتى
حسنا خطرت ببالي فكره سأطلعك عليها اقترب.....
أخبرت الطفل بخطتها وفرح كثرا وتمسك بالأمل محاولا إيجاد عمه..
هنا أخذت تسير باتجاه الملجأ طبعا بتوجيهات منه لأنها لا تعرف طريق الملجأ وصدفة رأت سيارة فاخرة ينزل شخص يملك ملامح بهيجة وابتسامة عريضة..وهنا صاح الطفل:"انه عمي يا آنسه انه عمي لقد أتى ثانية للبحث عني"...شعرت بالفرح لفرحه وبعد لحظات خرج العم من الملجأ واستطاعت رؤية المربية..كانت نحيلة ذات شعر مجعد سمراء الوجه وتضع أحمر شفاه لونه باذنجاني ملفت بطريقة غريبة، كانت تتظاهر لعمه بأنها قلقة لاختفاء ريدل وأمور كهذه ومن ثم عادت وأغلقت الباب بلطف...وبمجرد خروج العم من الملجأ طلبت من ريدل أن يتوجه إليه بكل هدوء ويصل إليه قبل أن يصعد إلى السيارة،وبالطبع أخذ الطفل يجري فرحا ساعيا للوصول إلى عمه..التفت العم للوراء وشاهد ريدل ...
طار قلبه فرحا بمشاهدته وعانقه عناقا طويلا ورفعه عاليا ومن ثم شرع لركوب السيارة ،ولكن ريدل همس في أذن عمه بضع كلمات جعلته يلتفت إليّ..!
أتى إلي وقد غمر قلبه الفرح والسرور وشكرني من أعماق قلبه ودعاني للعشاء ...ولكن أبيت الذهاب وذلك بحجة أني أريد أن أكمل طريقي الطويل..لعالم المجهول
من كتاباتي@
محبتكمـ: الْفَتَاْةُ الْغَاْمِضَةُ
|