متعة الجرم .. وألم الحرية
مرحبا من جديد كافة الأعضاء .. ورواد منتديات حصن عمان .. اليوم أود أن أشارككم بمقال آخر قد نشرته في أحد الجرائد الرسمية منذ فترة .. أتمنى أن ينال على إعجابكم ..
كم هو عظيم هذا الأمر علينا، هل كنت سأسلك ذاك الطريق لو وجدت السجاد لونه أحمرا ، وعلى جانبيه وقفت تلك الورود كحارس ينتظر الموكب يمر .. وهناك طلقات تداعب مسامعي كسميفونيه كانت بالأصل طنيناَ يغث الأذن ويخرق الطبلة .. ولكن شعور الزهو في داخلي ومعانقة أحلامي لسرمد الواقع كأني أراه قوس قزح فوق سماء غلفها غيم وتنتظر الشمس بإستحياء أفول الغيم لتخرج من سباتها ..كل هذه خزعبلات لامست بطرفها ذاكرتي المبللة بحبات الندى التي طالما تساقطت من نافذة الغرفة ذو الفتحة الصغيرة الذي يضم بين حناياه خربشة أيادي قد زينت جدرانها وإن كانت مجرد عبث لكلمات تنم عما جال بخاطر صاحبها في لحظة نشوة أو ضعف فكان ذلك الخط الذي لو عرض على طبيب نفساني لارتأى أن يحول له المريض على وجه السرعة .. وكان للميزانية أن تنخفض كما من الدولارات.. فكما تعلمون الضيافة تشمل المأكل والمشرب,, ومن الرفاهية أن تشمل العلاج النفساني أيضا ..
ووسط هذه الافكار السابحة في مجرى ضيق ..صحوت على صوت الحارس ينادي بإنتهاء المدة .. لتخرج للحرية .. هنا بالذات اصابني الغيظ ورحت أصرخ من أعماقي .. كأني أرى الحرارة تفوح من رأسي لتحرق ماتبقى من ملامح .. كيف تقول أنها حرية .. أي حرية هذه .. ويح نفسي مما سيأتي .. فأنا أعلم أن جارنا سيمنع أبناؤه من إلقاء التحية .. وذاك البائع سيترك حاسوبه ليتبعني كظلي إّذا ماتوقت نفسي الكسيره لشراء عصير بارد .. والأعظم منهم نظرات أهلي ..أقربائي.. فسأظل صامتاً ..إلى أجل لا أحسبه سيمضي سريعا أو كما أريده على الأقل .... من باب عقاب طبعا من نظرهم – ولكن هذه المرة بماذا سيعاقبونني .. ؟؟
ومضت الإجراءات سريعا .. وكم كنت أتمنى أن تبطئ أو تلغى .. وخرجت وكلي إحباط .. فأنا أكيد مما سألاقي .. فالضياع حليفي .. والحياة مظلمة .. فبرغم إنارات الشوارع لظلمة الطرق .. وبالرغم من طيب المأكل .. ونعومة المنام .. وبالرغم من النسمات العليلة .. وبالرغم من أشياء كثيرة لكنك تظل ياملجأي أرحم .. فإذا ما صرخت إحتضنت تلك الآهات وكتمتها بين قسوة بنيانك .. وإذا ما أردت أن أستنتشق عبيرا وجهت وجهي نحو نافذتك وتأملت السماء علها تهبني نسمة هواء.. وإذا ما آلمني الصديق والقريب إنزويت وجلست القرفصاء وأحنيت رأسي .. في أحضانك .. وإنكفأت أتذكر ما فعلت .. وأكرر التوبة .. وأجدني أعود سريعا كطفل لا يستطيع مفارقة حضن أمه.. لماذا؟
هنا نقول .. قف أيها الفتى .. فقد أجرمت وآلمت الآخرين بأنانيتك .. لقد يتمت أطفالا بتصرفاتك الشاذة ..كله هذا بسبب متعة وجدتها في جرمك .. فلو كان ذاك الملجأ قاسيا بقدر جرمك .. لفضلت نظرات الآخرين بكل ما تحمله من مشاعر .. وظلم المجتمع الذي يعتبر عدلا في حق ماإقترفت .. لو كان ذاك المرتع يحرمك من ضوء الشمس في أول الصباحات .. ويمنع عنك الإتصال مع الآخرين ، ويضيق الخناق عليك لما عاودت صنيعك .. بإختصار لو أظلمت الدنيا بداخلك .. وشعرت بالآه تخرج صادحة تهز أرجاء المكان .. وأدمعت عيناك ندما .. وأتعبك الضمير.. وأزعجتك الأحلام كل ليلة حتى حرمانك المنام .. ساعتها فقط ستتشبث بألم الحرية.. وتسعى للهرولة نحوه .. وتنسى متعة الجرم بمغرياته البسيطة .. التي تكاد لاتمثل شيئا من متع الحياة التي أظنك تجهلها..
فتقدم أخي المخطئ .. وإنثر الغبار الذي يعشعش على فكرك .. وإحمل عزائمك .. وإتق الله .. وإعلن التوبة .. وإطلب المغفرة .. وإطلب الصفح ممن أخطأت في حقهم .. إحمل شعارا ردده طالما تسنى لك الوقت .. "نعم لألم الحرية ولا لمتعة الجرم .. ودمتم برعاية الله.
التعديل الأخير تم بواسطة صمت الحزن ; 25-08-2007 الساعة 11:14 AM.
|