قصة يوسف عليه السلام
يوسف:
ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيارآها. أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له.استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته.فلقدأدركيعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراءهذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أنيستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانيةأنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد،فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدثأخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئنإليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.
اجتمع أخوة يوسف يتحدثون فيأمره.(إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُأَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍمُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذينالصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلاللموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِاطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنهالحقد وتدخل الشيطانالذيضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعلهيوازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه فيأرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله.ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثميتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).
قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله فيأعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟إن كنتم تريدون الخلاصمنه، فلنلقه فيبئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.
انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أنالأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمتبعد.
توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم.دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارةللمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ..؟أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبهوننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟
وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقهوخوفه عليه من الذئاب:قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُالذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ.
ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة منالرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لنيأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.
وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضيمشيئته!
التعديل الأخير تم بواسطة ميت حزن ; 18-08-2008 الساعة 05:44 PM.
|