كتب ـ عاصم الشيدي
لم يكن في وسع راشد الجابري إلا أن يذعن لطلب صاحب الشقة التي يقطنها في الموالح وزاده في إيجار الشقة «خمسين ريالا» مرة واحدة بعد أن هدده بمطالبته بالخروج من الشقة ليسكن فيها أحد أقاربه من الدرجة الأولى.
وقال الجابري: لا بد أن أدفع فمسألة الحصول على شقة في محافظة مسقط ليست بالأمر الهين، ورغم أن راشد التي تتكون أسرته من ثلاثة أولاد وبنتين إضافة إلى زوجته كان يدفع 350 ريالا إلا أن صاحب الشقة لم يكتف بذلك وطالبه بالزيادة تحت ضغط مطالبته بالخروج من الشقة.
ولا يرى راشد أن الشقة تستحق كل هذا المبلغ مؤكدا أنه استأجرها قبل ثلاث سنوات بمبلغ 180 ريالا قبل أن تصل بعد الطلب الأخير إلى مبلغ 400 ريال ويشكل المبلغ حوالي 47٪ من إجمالي راتب راشد الموظف في وزارة التربية والتعليم.
ويتذكر راشد الجابري بمرارة كيف كانت أسعار الشقق في مسقط قبل ثلاث سنوات فقط حيث كانت في متناول الجميع قبل أن تسجل قفزات خيالية فاقت أحيانا 300٪ الأمر الذي معه صارت السكنى في مسقط حلما صعب المنال.
ويرى راشد أن السبب الحالي ربما يتركز حول محدودية العرض مقابل الطلب، مشيرا إلى أن الجهات المعنية لا بد أن تسعى لإيجاد توازن بين الأمرين.
وكان مرسوم سلطاني قد حدد العلاقة بين المستأجر والمؤجر الأمر الذي استبشر معه الجميع إلا أن جشع بعض الملاك جعلهم يحتالون على القانون ويستغلون حاجة الناس الماسة للحصول على عقار يسكنون به.
ولا يختلف الحال كثيرا لدى سالم الشيدي الذي انتقل من شقته السابقة التي كان يستأجرها بـ120 ريالا في حلة السد بعد الإلحاح المتواصل من صاحب العمارة لينتقل في شقة أخرى في الوطية بضعف المبلغ السابق إلا أن الأمر لم ينته عند ذلك فصاحب الشقة يطالبه بزيادة الإيجار وكان آخرها قبل أيام عندما طلب منه زيادة الإيجار 30 ريالا أو يخلي الشقة من أجل استخدامها لأحد الأقارب من الدرجة الأولى .
وسالم يرى أن أصحاب الشقق والعقارات يستغلون حاجة الناس للشقق من أجل رفع الأسعار رغم أنها تخالف قوانين تنظيم الإيجار في السلطنة.
وسالم عايش تطور الإيجارات في مسقط منذ وقت مبكر في تسعينات القرن الماضي حينما كان سعر الغرفة المفروشة لا يزيد على 40 ريالا قبل أن تبدأ إرهاصات أزمة الإسكان في بداية الألفية لتبلغ ذروتها مع بداية عام 2005 . ولا يجد العزاب في مسقط شققا يستأجرونها حيث يشترط أصحاب الشقق أن لا يسكن شققهم إلا أصحاب العائلات الأمر الذي أوجد أزمة كبيرة لدى طلاب الجامعات والكليات مما زاد من تفاقم أزمة السكن في حالة وجوده.
ورغم أن العزاب وخاصة طلاب الجامعات والكليات والعاملين في الشركات يحاولون حل أزمة السكن بالتشارك في غرفة واحدة حيث يسكن الغرفة الواحدة أكثر من ستة أشخاص في بعض الأحيان إلا أن الأزمة لا تنبئ عن سبيل للحل.
ويرى الكثيرون أن تشجيع الاستثمار في الوحدات السكنية هي الحل الأمثل في الوقت الذي يطالب فيه الجميع الجهات المعنية بتسهيل الإجراءات وجذب الاستثمارات في هذا المجال.
ويقول يوسف الندابي صاحب محل عقارات في الموالح أن الأزمة الحقيقية ناتجة عن قلة المعروض في مقابل كثرة الطلب الذي يزيد يوما بعد آخر، مشيرا إلى أن أصحاب مكاتب السمسرة ليسوا وراء المشكلة بقدر ما أن أصحاب العقارات يطالبون بأسعار قد تكون في الكثير من الأوقات خيالية إلا أن الكثيرين لا يجدون بدا من الاستئجار في ظل عدم وجود البديل.
ويضيف الندابي وهو يرد على طلبات البحث عن شقق جديدة تصله عبر الهاتف: على الجهات المعنية أن تسعى لإيجاد توازن منطقي بين العرض والطلب، الجميع الآن يجذب الاستثمار في القطاع الاقتصادي والسياحي.. نحن في حاجة إلى الاستثمار في القطاع الإسكاني فلدينا عجز كبير في هذا الجانب.
ولا يستبعد سلطان المخمري أن تصل الأزمة الإسكانية في السلطنة مختلف الولايات بعد أن تفاقمت في مسقط وصحار وصلالة فالعدوى تنتشر في كل مكان وبسرعة كبيرة.
وسلطان الذي يحاول بناء منزل خاص له منذ خمس سنوات يؤكد أن: مواد البناء تقف حجر عثرة في طريقي فكلما وضعت ميزانية البناء ارتفعت الأسعار.
وتشكل أسعار مواد البناء سببا آخر في أزمة الإسكان حيث لجأ الكثيرون من السكان للاستئجار بعد ارتفاع الأسعار مما جعل مسألة بناء منزل الأحلام حلما صعب المنال وربما معجزة قد لا تتحقق في الوقت القريب . ويقول سلطان: إن المنزل الذي كان يمكن بناؤه بـ30 ألف ريال أصبح الآن لا يقل عن 100 ألف ريال.
من جهته يؤكد عبداللطيف بن خليفة المعمري أن مسألة بناء منزل صارت حلما كبيرا في ظل غلاء مواد البناء وارتفاع أسعار العقارات الأمر الذي أوجد أزمة أخرى تتمثل في ندرة الشقق التي هرب إليها الجميع.
ويناشد عبداللطيف المعمري الجهات المعنية بدراسة لاستراتيجيات بديلة تيسر البناء وتيسر الحصول على بيوت للإيجار خاصة وأن الأراضي لدينا متوفرة والحمد لله ويبقى تشجيع الاستثمارات وتسهيلها مشيرا إلى أن جلب استثمارات خارجية في هذا الجانب قد تسهل الكثير وتدفع بالأسعار إلى التوازن والمعقولية.