فوجئنا مثلما فوجىء الكثير خلال الأسبوع الجاري بظاهرة ارتفاع أسعار المشروبات الغازية في الأسواق المحلية دون أن يتم التنويه عنها مسبقا عبر وسائل الاعلام المختلفة ورغم أن الغلاء ليس بظاهرة جديدة على أسواقنا المحلية بعد تدفق موجته العارمة ذات الاتجاه التصاعدي منذ وقت ليس بقصير إلا أنه بدأ يأخذ في طريقه أكثر من مبرر بعضه تتسقطه العقول لربطه بالأزمة العالمية الكبرى ذات التأثير البالغ على اقتصاد معظم الدول ـ وإن كنا بمنأى عنها ـ وبعضه الآخر يندرج في سياق الفوضى والتلاعب اللتين يحدثهما غياب الدور الرقابي والتنظيمي من الجهة المختصة وهو الأمر الذي لا تتقبله العقول وإن جيء بأكثر من مبرر لهذا الغلاء مثلما نوهت بعض شركات المشروبات الغازية إلى ما اعتبرته الأسباب التي دفعتها لرفع أسعارها وأبرزها ارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة عبوات المشروبات الغازية كالألمنيوم والزجاج .
لاحديث اليوم في البلد إلا عن الغلاء .. الداء المستعصي الذي كلت الرؤوس في البحث عن علاج له ..و عندما نقول أن الغلاء بدأ يأخذ اتجاها تصاعديا لدينا في الآونة الأخيرة فإننا نعني مانقول ونقرن ذلك بواقع نعيشه بكلتا دورتيه ..السعود والنحوس ، خذ مثالا ..بعد أن جرت الأقلام قبل أسبوعين مطالبة بمراقبة المحلات التجارية الملحقة بمحطات الوقود مثل (سيليكت) وغيرها نتيجة تجاوزاتها وعدم تقيدها بالأسعار المحددة للمواد الاستهلاكية وجرى كلام كثير في ذلك يطول شرحه ، ماذا حدث ؟
وجدناها غير هيابة ولا وجلة من تلك الدعوات بل أنها رفعت اسعارها أكثر من ذي قبل كأنها دخلت غمار التحدي مع كل صوت يظهر مطالب بكبح جماح جواد الأسعار المطهم مثلما أطلقت عليه من تسمية في مقالي السابق ، فما كان قيمته ريال وجدناه يباع بريالين مع فارق بسيط لايخلو من قائمة الحساب كالعادة وطالت القائمة هذه المرة بقية المواد الأخرى غير الاستهلاكية ..وهلم جرا .. كأن الأمر غير ذي بال .
كنت قد آليت الا أعود إلى موضوع كتبته من قبل لاسيما ولم يمض عليه أكثر من اسبوع ولكنني وجدت نفسي منساقا للعودة الى الكتابة في ذات الموضوع من جديد ـ الأسعارـ بعدما اكتشفت أن مانكتبه انما نكتبه لذواتنا فقط فنعده إضافة لأرشيفنا الصحفي الذي يبدو هو الاخر انه تعب من تكرار مانكتب ونهرق من حبر لاتبتلعه أرض ولاتستسيغه نفس ويخيل إلينا في كثير من الأحيان ان الكتابة هي أضعف وسيلة للتأثير والتغيير وكثيرا ما نبحث عن ثمر نراه بأعيننا قد أينع بفضل المداد والقلم فلانجد ..فلمـن نكتب ياترى ؟ ومن عساه أن يسمعنا ؟!
نعود إلى جوهر الموضوع لنقارن مايحدث عندنا بما يحدث في دولة مجاورة لنرى الفرق في التوجه وسرعة التدخل إزاء مايحدث في الأسواق عند كل مستجد ولن نحلق بكم كثيرا في أمور قد تبدو للبعض مألوفه غير مأنوفه ممن يغدون إلى كرسي المسؤولية خماصا ويذهبون عنها بطانا غير آبهين بما يحدث لهذا المواطن المنكوب المرزوء الذي أخذت ايادي الغلاء تتقاذفه من كل صوب وحدب قذف الأمواج المتلاطمة ، بمسميات مختلفة وأسباب تحصيلية شتى دمغت بتصريحات عصماء كانت لها بمثابة طابع عبور نحو الأسواق.
هي الظاهرة ذاتها ـ ارتفاع أسعار المشروبات الغازية ـ ولكي نكون منصفين مع أنفسنا وغيرنا فيما نقول ونطرح فإننا ننوه بأنها ظاهرة عامة حدثت في بلدان أخرى مجاوره كالامارات العربية المتحدة والسعودية ولكن كيف تصرفت هذه الدول تجاه ما حدث ؟ وما المدة الزمنية التي قضتها الجهة الرقابية والتفتيشية المختصة لديها للبدء بالتدخل لايقاف هذا الغلاء المفاجىء؟
في الامارات قام فريق مشترك ضم موظفي الرقابة في وزاررة الاقتصاد ودائرة حماية المستهلك بتنظيم حملة تفتيشية مشتركة على الأسواق للتأكد من تقيد جميع المحلات التجارية بأسعار المشروبات الغازية لضبط مخالفات الاسعار مع غرامات مالية تنفذ بحق المخالفين وتم توجيه خطاب الى منافذ البيع الكبرى في الاسواق المحلية حول ضرورة التقيد بالأسعار المعتادة وعدم رفعها الا بعد الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد مع رفض مبادرة شركات انتاج المشروبات الغازية لرفع اسعارها دون مبرر .
وفي السعودية التي تعد اكبر مستهلك للمشروبات الغازية في منطقة الشرق الاوسط تم الاسراع في تشديد الرقابة على التجار لوقف اية زيادة غير مبررة بالأسعار مالم يسبقها زيادة في رواتب الموظفين إلى كثير من الاجراءات التي اتخذت في دول اخرى يشاطرنا مواطنوها الهم والهاجس
فهل سنشهد مثل هذا التحرك السريع في بلدنا على غرار ماحدث في تلك الدول أم أن ركب الغلاء لدينا لاتحكمه قبضة ، ويسير في طريق لا أوبة منه أبد الابدين ؟
إرتفاع أسعار المشروبات الغازية !!
العرض الشجري
المواضيع المتشابهه
