أنظروا أين موقع اللغة العربية من اللغات الأخرى .
بسم الله الرحمن الرحيم
وقع في يدي هذا المقال الذي كتبه الدكتور محس خضر بعنوان خطوط حمراء، وأحببت أن أطلعكم عليه:
يقول:
لدى كل شعب خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، واللغة القومية في مقدمة تلك الثوابت أو الخطوط الحمراء، لأن اللغة هي ألصق المكونات بالهوية القومية، فهل لغتنا العربية بخير؟
الرئيس الفرنسي جاك شيراك أراد أن يرسل رسالة إلى شعبه وغير شعبه عندما غادر اجتماع القمة الأوروبية الأخيرة ببروكسل؛ وذلك احتجاجا على حديث مواطنه الفرنسي أرنست أنطوان سيلييه رئيس لوبي الأعمال الأوروبي متحدثا بالإنجليزية.
وبرر شيراك ذلك بأن بلاده حاربت طويلا لضمان التحدث بالفرنسية في المؤسسات والمنظمات الدولية، من الإتحاد الأوربي إلى الأمم المتحدة، إلى الألعاب الأولومبية.
اللغة الفرنسية كانت موضع اعتزاز الرئيس الفرنسي، ولم يشأ قبول عذر رجل الأعمال الفرنسي بأن الإنجليزية هي لغة الأعمال و الاقتصاد، ومضى شيراك مؤكدا بوضوح أن الحرص على الفرنسية ليس مصلحة قومية لبلاده فحسب، ولكن من مصلحة الثقافة والحوار بين الثقافة، فلا يمكن بناء عالم اعتمادا على لغة واحدة أو ثقافة واحدة.
هكذا يدفع الزعماء عن لغتهم القومية.
والمثال الثاني من ألمانيا، فبعد عشر سنوات من إقرار قانون إجراء إصلاحات في اللغة الألمانية وتعديل بعض القواعد النحوية، وإلغاء الكثير من علامات الترقيم بهدف تسهيل اللغة الألمانية للألمان والأجانب الذين يتعلمونها، بعد كل هذه السنوات ما زالت الإصلاحات متعثرة بل الكثير من خبراء اللغات والطلاب والمدرسين يطلبون بالمزيد من الإصلاحات.
يهدف الخبراء الألمان، ومعهم خبراء من النمسا وسويسرا، وهي الدول المتحدثة بالألمانية إلى ضرورة تحقيق قواعد النحو والعمل على تطابق اللغة المكتوبة مع المنطوقة.
المثال الثالث من الخليج، وبالتحديد من جامعة زايد بالإمارات حيث بينت دراسة لجامعة زايد بالتعاون مع فرع الجمعية الدولية للإعلان في الإمارات حول لغة الإعلام، بينت أن 98% من العرب اعتبروا أن من الأهمية بمكان، أن يتقن الأجانب المقيمون في البلاد اللغة العربية.
يشكل الأجانب أكثر من 70% من السكان الإمارات، وبينما وافق ثلث الناطقين بالإنجليزية كلغة أولى، كما أن الآسيويين المقيمين يعتبرون إن إتقان اللغة العربية ضروري للتواصل مع مجتمع الإمارات، بينما رأت نفس النسبة أنه ليس مهما، وهو يشير إلى أن الثقافة المحلية لم تتحول إلى بوتقة ثقافية تندمج فيها الثقافات الوافدة والمحلية.
هل نعترف لأنفسنا بعد استعراض هذه الأمثلة الثلاثة أن لغة الضاد تترنح تحت ضربات معاول كثيرة تأتيها من هنا وهناك، إن كثيرا من أهلها لا يتمسكون بها أو يعتزون بها بالضرورة.
وتأمل لغة الإعلانات، وحوارات القنوات الفضائية، وعناوين الأفلام والمسرحيات، وطغيان تعلم اللغة الإنجليزية على لغة التعليم بالمدارس والجامعات، وانحسار التعليم باللغة العربية في مقرر أو مقررين، يدلك على ما وصلت إليه لغتنا من هوان.
وبلغ الأمر إلى أن يصل التدريس في جميع الكليات في الجامعات الخليجية باللغة الإنجليزية كشرط من شروط نيل الاعتماد الأكاديمي، والسؤال الساذج: هل تقبل الجهة الأجنبية التي منحت شهادة الاعتماد لتلك الجامعة أن تكون لغة التدريس في جامعات بلدها بغير اللغة الإنجليزية؟
وكيف قبلنا هذه العنصرية الثقافية عندما يفرض على أبناء ثقافة لألسنتهم بغير لغتهم القومية لانتزاع اعتراف أجنبي بالحداثة والكفاءة والتقدم؟
كم شيراك يخرج غاضبا للاحتجاج من بيننا على إهانة اللغة القومية؟ وأين ذهبت ملايين الصفحات عن تعريب التعليم الجامعي؟ وكيف يستقيم أن يدرس تلاميذ المرحلة الإبدائية في الدوحة والقاهرة ودبي باللغة الإنجليزية بدلا من العربية وهو ما لا نراه في أي دولة متقدمة تحترم لغتها القومية وتقدم لها سبل الحماية والاعتزاز.
وأيتها الحداثة، كم من خطيئة ترتكب باسمك.
|