فضل شهر شعبان*****
شهر شعبان من الشهور الهجرية المباركة، سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب الماء، وقيل تشعبهم في الغارات، وقيل لأنه شُعِّب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان، ويُجمع على شعبانات وشعابين.
حكم الصيام في شعبان
وردت عدة أحاديث صحيحة في فضل الصيام في شهر شعبان، من ذلك ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان" [متفق عليه]. وفي رواية لمسلم: "كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا".
قال ابن حجر رحمه الله: كان صيامه صلى الله عليه وسلم في شعبان تطوعًا أكثر من صيامه فيما سواه، وكان يصوم معظم شعبان.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟! فقال: "ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" [رواه النسائي]، وفي رواية لأبي داود عن عائشة قالت: "كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان". [رواه أبو داود].
قال ابن رجب رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد عنه.
وقوله " شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان- الشهر الحرام وشهر الصيام- انشغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام، وليس كذلك.
وقد شهد شهر شعبان على مدار التاريخ الإسلامي الكثير من الوقائع والأحداث، التي كان لها أثر كبير، ومن أهم هذه الأحداث ما يلي:
1- تحويل القبلة
في شعبان سنة 2 هـ (فبراير 624م) أمر الله، عز وجل، بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام..
وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يصلي في اتجاه بيت المقدس.. وظل على ذلك بضعة عشر شهرًا، طاعةً لأمر الله تعالى.. ولكنه كان يتمنى أن يتجه إلى الكعبة المشرفة، ويحب أن يأمره الله، عز وجل، بذلك، وينظر إلى السماء.. فأنزل الله، عز وجل، قوله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون) [البقرة: 144].
ففرح النبي، صلى الله عليه وسلم، بذلك، وحول القبلة إلى الكعبة المكرمة.. كما حول المسلمون جميعًا قبلتهم في اتجاه الكعبة منذ ذلك اليوم، وإلى أن تقوم الساعة إن شاء الله.
وقد أفاد تحويل القبلة أن اليهود والمنافقين الذين كانوا قد دخلوا في صفوف المسلمين لإثارة البلبلة انكشفوا عن المسلمين.. ورجعوا إلى ما كانوا عليه، وهكذا تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة.
وكان في حادثة تحويل القبلة أيضًا إشارة إلى وجوب أن تكون الكعبة في أيدي المسلمين.. لأنه لا يصح أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم.. ولذلك كان العمل على تخليص الكعبة من أيدي المشركين منذ ذلك الوقت وحتى ثم ذلك في سنة 8هـ، حيث فتح المسلمون مكة، وأصبحت الكعبة ملكًا لهم وبأيديهم.
2- فرض الصوم
في شعبان سنة 2هـ (فبراير 624م) وقبل غزوة بدر فرض الله، عز وجل، على المسلمين صيام شهر رمضان المعظم، حيث نزل قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كُتِب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون. شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)[البقرة: 183-185].
3- فرض القتال
في شعبان سنة 2هـ (فبراير 624م) فرض الله، عز وجل، الجهاد على المسلمين، وأذن لهم بقتال أعدائهم من المشركين الذين يحاربونهم ويقاتلونهم.. حيث نزل قول الله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين. فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) [البقرة:190-193].
فهذه الآيات هي أول ما نزل في القتال.. وقد حددت الهدف من فرض الجهاد.. وهو التصدي لمن يريد منع انتشار الإسلام، ومن يحارب ويقاتل من يعتنق الإسلام.. وليس الهدف هو نشر الإسلام بالسيف.. بل الهدف هو ضمان حرية العقيدة.. ومحاربة من يصد الدعوة عن المضي في طريقها.. وما يضمن للجماعة المسلمة السير في طريق التبليغ بلا عدوان عليهم..
والقتال في الإسلام من أجل الله، لا لأي هدف آخر من الأهداف التي عرفتها البشرية في حروبها الطويلة، إنما هو في سبيل الله.. لا في سبيل الأمجادوالاستعلاء في الأرض.. ولا في سبيل المغانم والمكاسب.. ولا في سبيل سيادة طبقة على طبقة أو جنس على جنس.. إنما هو لتلك الأهداف المحددة التي من أجلها شرع الجهاد في الإسلام.. القتال لإعلاء كلمة الله في الأرض.. وإقرار منهجه في الحياة.. وحماية المؤمنين به أن يفتنوا عن دينهم.. أو أن يجرفهم الضلال والفساد.. وما عدا هذه الأهداف فهي حرب غير مشروعة في حكم الإسلام.. وليس لمن يخوضها أجر عند الله ولا مقام.. إلا أن تكون دفاعًا عن الحق ورد اعتداء الظالم.. ورفع يده عن مال المظلوم وأرضه وعرضه وأهله.
4- بدر الثانية (الصغرى)
في شعبان سنة 4هـ (يناير626) خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعه ألف وخمسمائة مسلم للقاء مشركي مكة بقيادة أبي سفيان بن حرب.. واستخلف النبي، صلى الله عليه وسلم، على المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ووصل النبي، صلى الله عليه وسلم، بالجيش إلى بدر.. وعسكر بها ينتظر المشركين هناك.. ووصل أبو سفيان ومعه ألفين من المشركين إلى مكان اسمه "مر الظهران"، فنزل به، وقد أخذه الرعب، واستولى عليه الخوف من قتال المسلمين، وضعف عزمه على ذلك، فراح يفكر في حيلة يهرب بها، فقام بخطب في المشركين قائلاً: يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا.
وكان الخوف قد سيطر على المشركين جميعًا، فلم يناقشه أحد، بل وافقوا على ذلك وعادوا إلى مكة.. بينما ظل النبي، صلى الله عليه وسلم، ومعه المسلمون ببدر ثمانية أيام ينتظرون العدو.. فلما علموا برجوع أبي سفيان عادوا إلى المدينة، وقد توطدت هيبتهم في النفوس، وأصبحت لهم اليد العلي.
5- سرية ابن عوف
في شعبان سنة 6هـ (ديسمبر 627م) دعا النبي، صلى الله عليه وسلم، عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وأقعده أمامه، وعممه بيده، واخبره أنه جعله أميرًا على سرية ذاهبة إلى ديار بني كلب بدومة الجندل على حدود المدينة، وأوصاه النبي، صلى الله عليه وسلم، بأحسن الأمور في الحرب، وقال له: "إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم". فخرج إليهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ومكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم القوم وتزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تماضر بنت الأصبغ سيد القوم. [ابن سعد].
6- سرية علي بن أبي طالب
في شعبان سنة 6هـ (ديسمبر 627م) علم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن بنى سعد بن بكر بفدك، على حدود المدينة، يريدون أن يساعدوا يهود خيبر على قتال المسلمين، فأرسل إليهم النبي، صلى الله عليه وسلم، سريةً بقيادة على بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعه مائتان رجل، فكان على، رضي الله عنه، يسير في الليل ويكمن بالنهار حتى وصل إلى بنى سعد بن بكر، فأغار عليهم، وهزمهم، وفرق شملهم، وشتت جمعهم، وأخذ منهم خمسمائة بعير وألفي شاة، وعاد إلى المدينة سالمًا غانمًا.
7- غزوة بني المصطلق
في شعبان سنة 6 هـ (ديسمبر 627م) وقعت غزوة بني المصطلق (أو المريسيع)، وسببها أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علم أن رئيس بني المصطلق الحارث بن ضرار قد سار بقومه وبعض قبائل الأعراب يريدون غزو المدينة، فأسرع النبي، صلى الله عليه وسلم، وجهز الجيش، وكان في الجيش جماعة من المنافقين، واستخلف النبي، صلى الله عليه وسلم، على المدينة زيد بن حارثة.. ولما علم الحارث بن ضرار بذلك خاف هو ومن معه.. ووصل جيش المسلمين إلى مكان اسمه "المريسيع"، فوجدوا بني المصطلق، فهجموا عليهم، وهزموهم، وأخذوا منهم الكثير من الغنائم، وسبى المسلمون نساءهم.. وكان من جملة السبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوجها، فأعتق المسلمون بسبب هذا التزويج مائة أهل بيت من بني المصطلق قد أسلموا.
وبعد الفراغ من هذه الغزوة حدث خلاف على الماء بين رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فانتهز عبد الله بن أُبي بن سلول رأس المنافقين ذلك، وأثار الفتنة، وقال قولته الشنيعة: أو قد نافرونا (حاربونا) وكاثرونا (غالبونا) في بلادنا، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فسمعه زيد بن أرقم، وكان غلامًا صغيرًا، فأخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، بذلك، فلما علم آسيد بن حضير بذلك ـ وهو سيد الأنصار ـ قال: فأنت يا رسول الله تخرجه منها إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز. ثم جاء عبد الله بن أُبي يحلف أنه ما قال ذلك، فأنزل الله، عز وجل، سورة "المنافقون"، وفضح أمره وأظهر كذبه.
8- حادثة الإفك
في شهر شعبان سنة 6هـ (ديسمبر 627م) وبعد الفراغ من غزوة بني المصطلق، وأثناء عودة المسلمين إلى المدينة نزلوا في مكان قبل المدينة، فخرجت السيدة عائشة من الهودج تبحث عن عقد فقدته، وأثناء غيابها أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بالرحيل.. فحمل المسلمون الهودج ووضعوه على البعير وهم يظنون أن فيه السيدة عائشة، فلما عادت لم تجد أحدًا، فقعدت في مكانها.. وكان صفوان بن المعطل خلف الجيش، فلما وصل إلى ذلك المكان وجد السيدة عائشة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أناخ لها البعير، وسار بعيدًا، فركبت، ثم عاد فقاد البعير حتى وصل إلى الجيش.
فلما رأى المنافقون ذلك تحدثوا في حق السيدة عائشة وصفوان بما لا يصح، وأشاعوا الفاحشة بين الناس، وانتشر حديث الإفك حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت السيدة عائشة مريضةً، فلما علمت بالأمر زاد عليها المرض، وبكت كثيرًا، وأحزنها أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لها: "يا عائشة، إنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئةً فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإ،ن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه"[البخاري]. فقالت: والله لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة ـ والله يعلم أني بريئة ـ لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر ـ والله يعلم أني منه بريئة ـ لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).
فأنزل الله، عز وجل، الوحي ليؤكد براءة السيدة عائشة رضي الله عنها، قال تعالى: )إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم. لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين. لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون. ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم. إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم. ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين) [النور:11-17]. ففرح النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا عائشة، أما الله فقد برأك". وعلم الناس ببراءة السيدة عائشة، وبكذب المنافقين ومؤامرتهم الدنيئة التي باءت بالفشل.
9- سرية عمر بن الخطاب
في شعبان سنة 7هـ (ديسمبر 628م)، أرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، سريةً بقيادة عمر بن الخطاب إلى "تربة" بالقرب من مكة، ومعه ثلاثون رجلاً، فكانوا يسيرون بالليل، ويستخفون في النهار، وقبل أن يصل عمر، رضي الله عنه، إلى العدو علموا بالخبر، فهربوا، وتفرقوا في الجبال، فلما وصل عمر، رضي الله عنه، إلى مكانهم لم يلق أحدًا، فانصرف عائدًا إلى المدينة.
10- سرية بشير بن سعد
في شعبان سنة 7هـ (ديسمبر 628م)، كون النبي، صلى الله عليه وسلم، سريةً من ثلاثين رجلاً، وجعل أميرهم بشير بن سعد الأنصاري، وأمرهم بالسير إلى بني مرة بناحية فدك، فخرج إليهم سعد ومن معه، فوجدهم قد هربوا وتركوا أنعامهم، فاستاق بشير هذه الأنعام.. وأثناء عودته إلى المدينة كان بنو مرة قد تجمعوا، واستخفوا في مكان، فلما جاء الليل هجم بنو مرة على بشير بن سعد وأصحابه، ورموهم بالنبل، فقتلوهم جميعًا غير بشير، حيث استطاع أن يهرب عند يهود فدك، فأقام عندهم حتى برأت جراحه، فرجع إلى المدينة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث لأصحابه، فحزن النبي، صلى الله عليه وسلم، على موت هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم.
11- سرية أبي قتادة
في شعبان سنة 8 هـ (ديسمبر 629م) تجمع بنو غطفان من الأعراب في مكان اسمه "خضرة" قرب نجد، وأرادوا الإغارة على المسلمين في المدينة المنورة، فلما علم النبي، صلى الله عليه وسلم، بأمرهم بعث إليهم أبا قتادة رضي الله عنه، ومعه خمسة عشر رجلاً، فاستطاع أبو قتادة رضي الله عنه هزيمتهم، وفرق شملهم، واخذ منهم غنائم وسبايا كثيرةً، وظل في هذا المكان خمس عشرة ليلةً.. ثم عاد إلى المدينة سالمًا غانمًا.
12- وفاة أم كلثوم بنت رسول الله
في شعبان سنة 9هـ (نوفمبر 630 م) توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغسلتها السيدة أسماء بنت عميس، ودفنها النبي، صلى الله عليه وسلم، بجانب ما بقي من رفات أختها رقية في قبر واحد.
وقد ولدت السيدة أم كلثوم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وجاهدت مع باقي أسرتها، فشاركت أباها وأمها خديجة جهادهما، وعانت معهما وطأة الحصار الذي فرضه الكفار والمشركون على المسلمين في شعب أبي طالب، ثم هاجرت إلى المدينة المنورة مع أختها فاطمة، بعد أن أرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، إليهن زيد بن حارثة ليصحبهن.
وقد شهدت السيدة أم كلثوم ـ رضي الله عنها ـ فرحة انتصار المسلمين في بدر، ورأت ازدهار الإسلام وانتصاره على الكفر والشرك.
وقد تشابهت ظروف أم كلثوم وأختها رقية رضي الله عنهما؛ حيث نشأتا سويا في بيت النبوة، وخُطبا لشقيقين هما عتبة وعتيبة أبناء أبي لهب، ولكن الله أنقذهما وأكرمهما، فلم يتزوجا بهما، وحُرم ولدا أبي لهب من شرف زواجهما.
وقد تزوجت السيدة أم كلثوم من عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد وفاة أختها رقية، فبعد وفاة رقية خطب عثمان السيدة أم كلثوم، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل أم عياش إلى أم كلثوم تدعوها للقاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأخذ رأيها في أمر الزواج من عثمان، فلما أطرقت صامتةً حياءً من النبي صلى الله عليه وسلم، عرف أنها ترى ما يراه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لعثمان :"أزوجك أم كلثوم أخت رقية، ولو كن عشرًا لزوجتكهن" [ابن سعد].
فنال عثمان بن عفان بذلك لقب ذي النورين، لزواجه من ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رقية ثم أم كلثوم رضي الله عنها.
13- وفاة السيدة حفصة
في شعبان سنة 45 هـ (أكتوبر 665 م)، تُوفيت أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، وقد بلغت من العمر ستين عامًا.
وقد وُلِدَت السيدة حفصة قبل البعثة بخمس سنين، وأسلمت مبكرًا هي وزوجها خنيس بن حذافة السهمي القرشي، وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها غزوة بدر، وجرح في غزوة أحد، ثم مات بسبب هذا الجرح، وترك حفصة شابةً لم تتجاوز عامها الحادي والعشرين..
وأراد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يزوج ابنته بعد أن مات زوجها، فعرض ذلك على أبي بكر ثم عثمان بن عفان، فلم يردَّا عليه، وذلك لعلمهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد ذكرها، ويريد الزواج منها، فذهب عمر إلى النبي يشتكي له أبا بكر وعثمان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة" [رواه ابن سعد].
ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها له، بينما تزوج عثمان من السيدة أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل النبي، صلى الله عليه وسلم، بالسيدة حفصة في شعبان سنة 3 هـ (يناير 625م).
وقد كانت السيدة حفصة ـ رضي الله عنها ـ عابدةً، خاشعةً، تصلي الليل، وتصوم النهار، لذا أكرمها الله، عز وجل، وجعلها من أمهات المؤمنين في الدنيا، ونساء النبي، صلى الله عليه وسلم، في الجنة أيضًا.
وقد روت السيدة حفصة 60 حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*************
منقول والسموحةةة*
اسألك اليوم بمادعاكــــــــــا*أيوب اذ حل به بلاكـــــــــــــا
ان يك مني قد دنا قضاكـــــــا* رب فبارك لي في لقاكـــــــا
**
اللهم اشفى جريح الذكريات واسرته وابعد عنه الحزن
واشفى لنا اختي دفء الكون ورجعها لاهلها سالمة معافة
اللهم ااامين
دعواتكم* |
|
العرض المتطور
