مثل ما وعدتكمـ بمقال عن المسرح العماني في موضوع الاخ
الرحيل الساحر - فنون عالمية - وها انا أنقل لكمـ بعض ما درسته من تاريخ
للمسرح العالمي والعربي وخاصة العماني..
و راح أبدأ بمقال عن المسرح المدرسي قبل عهد النهضة العمانية..
.
.
.
.
عند الحديث عن البدايات الأولى لدخول النشاط المسرحي في سلطة عمان
فأننا لابد أن نتوقف عند المدارس السعيدية الثلاث التي كانت متواجدة في
السلطنة قبل 1970م على اعتبار أن هذه المدارس قدمت أول عروض
مسرحية في السلطنة, وتم فيها ممارسة النشاط المسرحي لأول مرة,
وإن كان من الصعوبة معرفة متى كانت أول ممارسة لنشاط تمثيلي في عمان.
والمدارس السعيدية الثلاث التي كانت متواجدة في السلطنة قبل عام
1970م هي: المدرسة السعيدية في مسقط التي افتتحت في عام
1940م, والمدرسة السعيدية في صلالة عام 1951م, والمدرسة
السعيدية في مطرح عام 1959م.
وبالرجوع إلى كتاب لمحات عن ماضي التعليم في عمان "إصدار وزارة
التعليم والشباب" (وزارة التربية والتعليم) عام 1985م, وردت به تلك
العبارة التي تتحدث عن المدرسة السعيدية في مسقط: "كانت في المدرسة
السعيدية ساحة داخلية يقام فيها احتفال كبير في نهاية كل عام يحضره
كبار الدولة والأعيان وأولياء أمور الطلبة, وتقدم التمثيليات والأناشيد
المدرسية وبرامج متعددة تعطي صورة حقيقية عن ما صار إليه مستوى
الطلبة التعليمي".
وإذا تسألنا: من أين انبثقت فكرة التمثيل في المدارس السعيدية سنقول
أن السبب المباشر في قيام تلك التمثيليات هو وجود مدرسين عرب
وافدين يدرسون في هذه المدارس.. مدرس أردني أو لبناني أو مصري,
فمن المؤكد أن هؤلاء المدرسين قد نقلوا معهم بعض ما شاهدوه
ومارسوه في بلدانهم من مشاهد وتجارب مسرحية وتمثيلية ومن اشهر
هؤلاء الأستاذ توفيق عزيز, والأستاذ أحمد جلال, هذا الى جانب مجموعة
من المدرسين العمانيين الذين ساهموا في الإشراف على النشاط المسرحي
في هذه المدارس كالأستاذ عبدالله بن صخر العامري, والأستاذ
أحمد بن سالم آل جمعه, والأستاذ عبدالله بن محمد الطائي.
كما يعود الفضل أيضا في قيام الحركة المسرحية بالمدرسة السعيدية
إلى أولئك الذين كانوا يرافقون السلطان (سعيد بن تيمور) في زياراته
خارج المنطقة, حيث كانوا يشاهدون في تلك البلاد عروضا مسرحية
تثير دهشتهم, خاصة أن بعضهم كان يتولى التدريس في المدرسة السعيدية
في مسقط وكانوا ينقلون للطلبة ما عرفوه وادخروه من خلال تلك الزيارات.
كانت اغلب الفقرات التمثيلية التي تقدم في المدرسة السعيدية مقتبسة من
الكتب المدرسيةوبوجه خاص كتب القراءة والتاريخ والتربية الإسلامية,
خاصة كتاب (المروج) اللبناني,
وكانت تمثل بالعربية الفصحى وفي بعض الأحيان باللغة الإنجليزية
وكانت هذه التمثيليات تتناول بعض الموضوعات الاجتماعية والمواقف
الفكاهية وتنتقد بعض العيوب الأخلاقية كالحرص الشديد على المال
والمكر والاحتيال, هذا الى جانب بعض الموضوعات التربوية المتعلقة
بحياة الطالب في البيت والمدرسة.
كانت مسرحيات هذه الفترة محصورة داخل جدران المدارس فلم تخرج
إلى الجماهير العمانية, ولقد خلت نصوص هذه الفترة من الابتكار والإبداع
لأنها كانت تعتمد على الكتب المدرسية المصرية واللبنانية.
كان عرض المشهد المسرحي يستمر لحوالي خمس عشر دقيقة, فقد كان
زمن تلك المشاهد التمثيلية لا يزيد أكثر من ربع ساعة, وكانت موضوعات
تلك المشاهد عبارة عن حوارات دينية أو إجتماعية أو تاريخية تتخللها
مواقف أو حوارات كوميدية مضحكة.
وتمثل الساحات المدرسية صالة العرض المسرح بينما تقوم طاولات
الطلاب والهيئة التدريسية المفروشة بالسجاد مقام خشبة المسرح,
ولابد أن تنصب خشبة المسرح هذهأمام الفصول لتمثل أبوابها كواليسا
للتمثيل, حيث الظهور والاختفاء وإعطاء التعليمات ومراجعة النص.
وكان الطلبة هم الممثلون,والمشاهدون هم بعض المسؤلين والأعيان
وأولياء الأمور.ولكن يجب أن نتذكرأن المسرح المدرسي قد عرف
بعض المسرحيات التاريخية مثلمسرحية "صقر قريش" التي قدمها
النادي الأهلي وعرضت في المدرسة السعيدية بمطرح, واستغرق
عرضها حوالي تسعين دقيقة.
ورغم بساطة المشاهد التمثيلية المدرسية إلا أنها تمثل بداية للنشاط
التمثيلي في عمان.وأن طلاب المدارس الذين شاركوا في تقديم هذه
العروض البسيطة هم الذين شكلوافيما بعد نواة الفرق المسرحية في
أندية السلطنة التي ازدهرت كثيرا في عصر النهضة.
المسرح المدرسي قبل عهد النهضة العمانية..
العرض المتطور
المواضيع المتشابهه
