أبشري أماه فالعقوق قد ولى دهره
أبشري أماه فالعقوق قد ولى دهره
في ليلة من الليالي الحالكة الظلام، والأهل نيام والناس في المضاجع بأمن واطمئنان، كانت تساورني أفكار وأوهام.
كانت تلك هي ليلة رأس السنة الهجرية وبطبيعتي لا أستطيع النوم إلا وحقيبتي المدرسية بجانبي فقررت أن آخذ أحد كتبي أشغل نفسي؛ لطرد تلكم الأوهام. وقعت يدي تلقائيا على كتاب اللغة العربية.
وفجأة بينما أنا أخرج الكتاب من الحقيبة، سمعت صوتا باكيا حزينا متألما مجروحا!!
يخاطبني وهو يتفوه بكلمات عتاب، كلمات نابعة من قلب صادق لم يتملك عليه سلطان الهوى، أحسست بالقشعريرة.. أحسست بأن روحي تنتزع من أطرافي من هول الموقف.
أخذت أتلفت حولي لمعرفة مصدر ذلك الصوت..كنت خائفة فالصوت كان قريبا مني عندها لاحظت أنه كان يخرج من الكتاب!!
ازددت خوفا فرميت بالكتاب على الأرض، ولكن الصوت ما زال يخاطبني!!
فكان يقول لي:
"هل تتصورين نفسك تطردين وتنبذين من بين أهلك ومن موطنك"؟
"هل تتصورين نفسك شخص غير مرغوب فيه"؟
أجبت بشدة: "لا". فقال صاحب الصوت: "فلماذا أطرد أنا من بين أهلي ومن موطني؟ لماذا يهجرني أبنائي الذين ربيتهم؟؟! إنهم بذلك يضيعون، وسيضيعونني معهم..ستضيع حريتهم وهويتهم ومستقبلهم.
فكرت في تلك الكلمات، ثم عرفت المتحدث صاحب الصوت والأنين..إنها لغتي، لغة القرءان، إنها اللغة العربية!! وفجأة.. انقطع الصوت مع الأنين، ناديتها:"أمي يا أم العرب أجيبيني" ولكن.. وا أسفاه..لقد ذهب حيث لا أدري!! فهل ستعودين يوما ما يا أماه؟؟
أبشري أماه .. نعم ستعودين بإذن الله إن كان في أمتنا كمثل هند ..
وإليك قصتها :
في سكون الليل البهيم...في عتمة الظلام جلست هند ترتل آيات من الذكر الحكيم... علمت هند أن مناجاة خالصة في جنح الظلام تبدد عتمة الروح فاشتاقت مناجاة ربها لتبديد عتمة روحها لتلقى ربها طاهرة النفس زكية الروح.
اختارت هند تلاوة سورة النور وتدبرها علها تجد النور قريبا من قلبها...
رتلت آياتها بكل تدبر وخشوع وما إن وصلت ءاية النور "الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء..."
توقفت هند هنيهة مع اسم الله النور جل جلاله لتستقي منه النور لتهتدي به في ظلمات الحياة...
هنا تذكرت هند أننا أمة ربها نور "الله نور السماوات والأرض" ونبيها نور "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين" وكتابها نور "فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه" فكيف نعيش في الظلام؟! فسألت النور جل جلاله أن يهديها وأمة الحبيب إلى طريق النور فتستمد من نوره.
بعدها توقفت هند عند كلمة "مصباح" برهة من الزمن فتفكرت مليا فيها ... تذكرت أن السواد الأعظم من الناس استبدلوها بكلمة "ليت" يعني بالإنجليزية light ... آلمها ذلك كثيرا خاصة عندما عرفت أن أصلها إنجليزي هنا بدأت هند تعاتب نفسها وتلومها على استخدام هذه الكلمة رغم أن الكلمة العربية ذكرت في القرآن الكريم...
هنا بدأت هند تعاتب نفسها... لم هجرنا كتاب الله؟ لم تركنا سنة حبيبه؟ ألم يقل لنا رسولنا الكريم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي"
أنبتغي بعملنا هذا الضلال والضياع؟ أنبتغي ذلا بعد عز ورفعة؟ ألم تطرق مسامعنا مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"
هنا جالت في خاطر هند فكرة رائعة تخدم بها أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم وتضع لها بصمة في حياتها بصمة تقودها لفردوس الجنان بإذن المنان لتجد جوابا يوم القيامة حين تسأل: ماذا قدمت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؟
حينما تذكرت هند الكم الهائل من الكلمات الإنجليزية التي نستخدمها في حياتنا بدأت بتجميع تلك الكلمات ،والبحث عن البديل المناسب لها من لغتنا العربية الفصحى؛ لتطلق بها حملة "من أجل بيوت عربية" تقدم في حملتها هذه كل أسبوع كلمة عامية والبديل المناسب لها من لغتنا الفصحى، وتطلب ممن تصله الرسالة تطبيق ما فيها وإرسالها لأكبر عدد ممكن.
وكان من كلماتها التي أطلقتها في حملتها التي قالت عنها أنها محاولة بسيطة لإحياء اللغة العربية في بيوتنا:
كوت أو جاكيت لتستبدلها ب "معطف"
ليت لتستبدلها ب"مصباح"
تانكي لتستبدلها ب"خزان ماء"
سوري لتستبدلها ب"آسف أو آسفة"
تلفون لتستبدلها ب"هاتف"
إيميل لتستبدلها ب"بريد إلكتروني أو إختصارا بريد"
ليسن لتستبدلها ب"رخصة قيادة"
باص لتستبدلها ب"حافلة"
كمبيوتر لتستبدلها ب"حاسوب"
تيب لتستبدلها ب "شريط لاصق"
كبت التي أصلها كابورد بالإنجليزية لتستبدلها ب " دولاب "
دروا لتستبدلها ب " درج "
وغيرها من الكلمات الدارجة.
سعدت هند كثيرا حينما رأت أثر حملتها بين أهلها وأحبتها وأخواتها في السكن فكان غالبهم يتكلم أو يحاول التحدث بالفصحى.
أخيتي في الله:
هل تأملت يوما كم استبدلنا بلغتنا العزيزة لغات أخرى لاتليق بمقامنا كمسلمين؟
أخيتي أترتضين بدلا عن لغتك لغة أهل الجنان لغة النور المبين؟
أيهون عليك أن تذهب لغتك أدراج الرياح؟
أيسعدك أن تموت لغتك لغة القرآن ولايكون لها حياة بين أبنائها؟
ألا يبكيك أن تري أمة القرآن لاتتكلم لغة القرآن؟
هل قدمت ولو القليل من وقتك في نصرة الحبيب وأمته ولغته؟
هلا فكرت في مشروع بسيط خدمة لأمة حبيبك؟
أحبتي في الله:
هل هانت عليكم لغتكم؟ أمتكم؟ حبيبكم؟ عزتكم؟ رفعتكم؟ رايتكم؟!
أخيتي :
إن كنت ممن يحبون الله ورسوله فاسعي لإرضائهما في أمة الحبيب
ما رأيك أخيتي أن نجعل شعارنا "لغتي عزتي"
فننطلق سويا لتفكر كل منا في مشروع يخدم لغتنا ..
هلمي أخية من أجل الله ورسوله وكتابه ولغة كتابه.
سارعي أخية لتعود الروح إلى الجسد فتحيا أمتي بعودة لغتها!
فمتى يحين ذلك اليوم لترفع أمتي رايتها؟
ملاحظة:
تم إطلاق حملة من أجل بيوت عربية بالشكل الذي ذكر في القصة فكان للحملة أثرها العجيب الرائع الباقي بإذن الله .
أخواتي هلا جربنا إطلاق الحملة في جميع أنحاء السلطنة لنرى أثرها في عماننا الحبيبة عسى أن تكون عماننا مركز عودة روح لغتنا العربية المفقودة
منقول للأستاذ الداعية فيصل الرواحي
|
العرض المتطور
المواضيع المتشابهه
