للبيت نافذة
يمر الشتاء حارا بطقوسه .... يحمل قنديلا عجوزا وهو على عتبات الفناء ... ولكنه خبرته من بني البشر قد تكفيه الى سنين أخرى ليبقى ...يقبل الشتاء بمخيلات وأفكار جديدة كل فصل ... يحاول أن يطرزها على ثوب بال ... ليكمل طقوسه ... وعنفوانه المخيف ... لكل شخص حكمته ... وحكمته هي الموت للفقير لأنه الكلمة التي اختارها هي عقابه ... الناس يدعون فرحتهم لقدوم الشتاء بعد الصيف الحار بجوه البارد بعواطفه ... ولكن هم الأغنياء فقط ... نعم هم فقط ...لأنهم سيرتدون آخر موديلات الشتاء ليتباهوا بها ... الشتاء يحاول أن يسرع ليحقق مخططه وليرهب الأشجار ويبين لها مدى فتوته ... أما عن المخلوقات فقد تحصنت لأنها فهمت دستورها وقوانينها ... أما نحن فيبقى بين أكوام الأوراق الممزقه ... جلست أداعب لهيب النار رغم شراستها ولكن حاولت أن أفهمها إنه أنا أفضل صديق لك في وقت الشتاء ... حاولت أتصفح بعض الحروف الضائعة في كتاب أفكاري المخيفة ...ولكن لم تجلس هربت بسرعة خوفا من بطش هذا المعتوه ... وهي تخاطب نفسها ... سأسجن في عقله لا ...لامكان لي هنا ... الرحيل هو الوسيلة لدعاء الشجاعة ... ولكن هو أعلى مرتبات الجبن ... مازالت برودة الشتاء المسيطرة على هذا الجو اقتربت من الستارة ... لأرى العالم المختفي خلف هذه النافذة المتهشمة ... أراقب الحياة في هذا الشارع الذي كان يضج بالحركة لم أر شيئا ... ضحكت.. الإنسان جبان بطبيعته والشجاعة يستمدها من الطبيعة ...حاولت أن أطوف بين أفكاري السجينة ومخيلاتي الحزينة ... ولكن تبقى هناك لا تستطيع الخروج رجعت إلى النافذة لأسألها هل مر أحد؟ ... لمحت عيناي خطى لقدم حافية ... رجل شبه عار يصارع البرد ... يحاول أن يسرع وكأنه أحد يطارده ولكن أنفاسه المتعبة تسقطه في كل مرة ... يختفي في الظلام فجأة تظهر امرأة خلفها بنت صغيرة تقع على الأرض ... البنت تبكي ومازلت أنا قرب نافذتي أراقب مايحدث ... قررت الخروج ...توجهت نحو معطفي ومسكت العصا ... حاول كبريائي أن يمنعني ولكن ولأول مرة أهزمه وجدت المرأة قد أغمضت إغماضها الأخير ... مسكت البنت وأدخلتها البيت وهي تبكي فصرخت عليها صرخة قوية وقلت لها :إن أمك قد ماتت وأباك قد إلتهمه الظلام توقفت عن البكاء قليلا وقالت : أمي نائمة وسوف تستيقظ لأنها متعبة وأما عن أبي فإنه يبحث لنا عن بقايا طعام لن أتركه وحده واستمرت في البكاء .. أخذ كبريائي يخاطبني بقوة أطرد هذه المشردة أطردها أفتح الباب بقوة وأرمي بها في الشارع ورجعت أراقبها من نافذتي جلست مع جثة أمها ربع ساعة ثم ركضت تلحق خطى والدها ربما أنهكها البرد ...راقصت أفكاري في تلك الليلة وعند همس الفجر ذهبت أسير في ذلك الشارع الخرافي بالحكيات ...أقلب تلك الهواجس بقيت أسير حتى وجدت الفتاة قد أرخت أهدابها .. التفت أراقب الشارع لم أر أحدا حتى لا يقولوا اهتز من أجل جثة طفلة .. ضغطت بعصاي على الجثة لأتأكد أنها قد فارقت الحياة لم يطاوعن كبريائي أن ألمس هذه الفتاة – مرة ثانية -بيدي تجمدت ورحلت إلى عالمها الخيالي دون أن تدرك الربيع ربما كانت ثمن تلك الكلمة التي ظلت في قلبها ... حزنت عليها رغم أنني لم أجلس كثيرا معها ولكن تعلمت الكثير من عندها ... الإرادة هي مفتاح الخلود... مضت عدة أسابيع لقدوم الشتاء وفي آخر المطاف يرحل الشتاء يحمل قنديله العتيق ... لا أدري هل سيعود بطقوسه أم أنه سيغيرها ليكون أكثر شراسه من ذلك ...ويرقص الربيع ... وأحدق إليه وأتذكر تلك الفتاة ولكن فجأة وجدت بلبلا يشدو بمخيلاتها ... دهشت لذلك... ربما أحست بموتها فأهدته إليه قبل الرحيل ... رجعت عن تلك النافذه الحقيرة بأفكارها ... لأسجل خواطري على تلك الأوراق المبعثرة... ولأرسم صورتها لتحضنها المتاحف ... وأسجل عنوانا واحدا لمخيلتي ... بعدما أذبلتها تللك الفتاة .
 |
التعديل الأخير تم بواسطة الصفحة التي لم تقرأ ; 21-05-2007 الساعة 12:17 AM.
|