جلالة السلطان تفضل وشمل برعايته السامية الانعقاد السنوي لمجلس عمان
تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ فشمل برعايته السامية الكريمة ظهر أمس الانعقاد السنوي لمجلس عمان وذلك بقاعة المجلس بالخوير.
وقد ألقى جلالة عاهل البلاد المفدى ـــ أبقاه الله ـــ كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على عظيم آلائه ووافر نعمائه والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه وعلى آله وصحبه. أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. انه لمن نعم الله التي تستحق منا الحمد الكثير والشكر والتقدير أن يتجدد لقاؤنا عاما بعد عام في هذا المجلس المبارك الذي نتطلع من خلاله وبكل ثقة وأمل إلى تحقيق المزيد من المنجزات لعمان الآمنة المستقرة بعون الله وتوفيقه.
أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. ان الاهتمام بالموارد البشرية وتوفير مختلف الوسائل لتطوير أدائها وتحفيز طاقاتها وإمكاناتها وتنويع قدراتها الإبداعية وتحسين كفاءاتها العلمية والعملية هو أساس التنمية الحقيقية وحجر الزاوية في بنائها المتين القائم على قواعد راسخة ثابتة إذ ان العنصر البشري هو صانع الحضارات وباني النهضات. لذا فإننا لا نألو جهدا ولن نألو جهدا في توفير كل ما من شأنه تنمية مواردنا البشرية وصقلها وتدريبها وتهيئة فرص العلم لها بما يمكنها من التوجه الى كسب المعرفة المفيدة والخبرة المطلوبة والمهارات الفنية اللازمة التي يتطلبها سوق العمل وتحتاج اليها برامج التنمية المستدامة في ميادينها المتنوعة.
أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. لقد أكدنا دوما على أهمية العلم والمعرفة وكان نهجنا المتواصل هو الانفتاح على مستجداتهما ولقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الأساسي لعجلة التنمية في هذه الألفية الثالثة. لهذا أولينا اهتمامنا لإيجاد استراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الالكترونية. ونحن نتابع عن كثب الخطوات الهامة التي تمت على هذا الصعيد وندعو جميع المؤسسات الحكومية للمسارعة الى تعزيز أدائها وتيسير خدماتها بواسطة التقنية الرقمية متطلعين الى الارتقاء بالسلطنة الى آفاق المعارف الحديثة المتجددة.
أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. ان الأداء الحكومي الجيد في مختلف القطاعات وخدمة الوطن والمواطنين بكل أمانة وإخلاص ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار من الأركان الضرورية لكل تنمية يراد لها الدوام والاستمرار. ونحن إذ نشيد بالأداء الحكومي خلال الحقبة المنصرمة فإننا نؤكد في الوقت ذاته على ضرورة مراجعة الجهاز الإداري للدولة لسياساته وأنظمته بما يضمن اتباع أفضل الأساليب وأنجع الوسائل التي تؤدي الى تسهيل الاجراءات وتيسير المعاملات وسرعة اتخاذ القرارات الكفيلة بتحقيق مصالح المواطنين وغيرهم من المقيمين الذين يسهمون في خدمة عمان والمساعدة على بنائها.
وتجدر الاشارة هنا الى انه لما كان الأداء الحكومي يعتمد في إرساء وترسيخ قواعد التنمية المستدامة على القائمين به والمشرفين عليه فإن في ذلك دلالة واضحة على مدى المسؤولية الجسيمة المنوطة بالموظفين الذين يديرون عجلة العمل في مختلف القطاعات الحكومية. فإن هم أدوا واجباتهم بأمانة وبروح من المسؤولية بعيدا عن المصالح الشخصية سعدوا وسعدت البلاد. أما إذا انحرفوا عن النهج القويم واعتبروا الوظيفة فرصة لتحقيق المكاسب الذاتية وسلما للنفوذ والسلطة وتقاعسوا عن أداء الخدمة كما يجب وبكل اخلاص وأمانة فإنهم يكونون بذلك قد وقعوا في المحظور ولا بد عندئذ من محاسبتهم واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة لردعهم وفقا لمبادئ العدل الذي أرسينا عليه دعائم الحكم والتي تقتضي منا عدم السماح لأي كان بالتطاول على النظام والقانون أو التأثير بشكل غير مشروع على منافع الناس التي كفلتها الدولة ومصالح المجتمع التي ضمنها الشرع وأيدتها الأنظمة والقوانين ومن ثم فإننا نؤكد على ان تطبيق العدالة أمر لا مناص منه ولا محيد عنه وأن أجهزتنا الرقابية ساهرة على أداء مهامها والقيام بمسؤولياتها بما يحفظ مقدرات الوطن ويصون منجزاته.
أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. لقد تابعنا بكل اهتمام الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم والاضطراب الذي يسود الأنظمة الدولية من جراء تداعيات هذه الأوضاع وإننا نود التنويه الى ان السياسات التي انتهجتها حكومتنا خلال السنوات الماضية قد أسهمت ولله الحمد في تجنيب اقتصادنا الى حد كبير تأثيرات تلك الأوضاع.
ونحن نؤكد في هذا الصدد على استمرار سياسات التنمية والبناء وفقا للخطط المعتمدة. كما نؤكد على ضرورة تنويع مصادر الدخل وبذل المزيد من الجهد في هذا المضمار وكذلك النظر في كيفية الاستفادة من البدائل المولدة للطاقة والسعي لتحقيق الأمن الغذائي قدر الامكان وفي هذا الشأن فقد أصدرنا أوامرنا الى الجهات المختصة لوضع الخطط المناسبة لذلك.
أعضاء مجلس عمان الكرام.. أيها المواطنون الأعزاء.. اننا نعيش في عالم متداخل المصالح والسياسات وأن تعاوننا مع هذا العالم انما يأتي انطلاقا من المصالح العليا للسلطنة وإسهاما في استتباب الأمن والرخاء في أرجاء المعمورة وبفضل هذه السياسات اكتسبت بلادنا والحمد لله احترام وتقدير المجتمع الدولي. ان التعاون وتبادل المنافع والمصالح بين الدول في ظل الوئام والسلام أمر في غاية الأهمية يجب ان نسعى اليه جميعا بكل جد وإخلاص ودون كلل أو ملل من أجل رخاء البشرية وأمنها ورقيها ونحن في السلطنة نضع ذلك نصب أعيننا دائما. وما انضمامنا الى مختلف التجمعات العالمية والاقليمية الا للاسهام الايجابي المؤثر في كل ما يعود بالخير على الانسانية وبهذه المناسبة فإننا نغتنم فرصة انعقاد القمة التاسعة والعشرين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المرتقبة في مسقط لنرحب بإخواننا في بلدهم الثاني ضيوفا أعزاء مكرمين.
سائلين الله جلّت قدرته لهذا اللقاء الأخوي التوفيق والنجاح ولمسيرة المجلس الخير والصلاح. باسمك اللهم وبحمدك بدأنا وبهما نختتم. فاكتب لنا السداد والرشاد في كل أعمالنا وحقق بفضلك ومنك منتهى آمالنا انك سميع مجيب الدعاء.
وفقكم الله وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وحضر الانعقاد السنوي لمجلس عمان عدد من أصحاب السمو ومعالي رئيسي مجلسي الدولة والشورى وأصحاب المعالي الوزراء والمستشارين وقادة قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية وكبار الضباط من عسكريين ومدنيين والمكرمون أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدون لدى السلطنة وعدد من شيوخ وأعيان البلاد ورؤساء تحرير وكالة الأنباء العمانية والصحف المحلية وعدد من رؤساء تحرير الصحف وممثلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية.
الجدير بالذكر ان مجلس عمان تم تشكيله بموجب المرسوم السلطاني رقم 86/97 الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 1997م ويتكون من مجلسي الدولة والشورى اللذين يبين النظام الأساسي للدولة اختصاصات كل منهما ومدته وأدوار انعقاده ونظام عمله كما يحدد عدد أعضائه والشروط الواجب توافرها فيهم وطريقة اختيارهم أو تعيينهم وموجبات اعفائهم وغير ذلك من الأحكام التنظيمية.
|