ول "روبررتسن سمث" بجوث في طرق الزواج عند قدماء العرب، سأتحدث عنها في موضوع الزواج والطلاق عند الجاهليين في القسم الخاص بالحياة الاجتماعية عند العرب و بالتشريع.
وقد أشار "نولدكه" Noeldeke إلى أهمية تأنيث أسماء القبائل، فاتخذ القاثلون بنظرية "الأمومة" من هذه الأسماء دليلاً على أهمية هذا العهد في التأريخ الجاهلي القديم.
وقد وافق "ويلكن" "G.A. Wilken" على بعضأراء "روبرتسن سمث"، و خالفه في بعض الآراء.
ومن واضعي نظرية الأمومة العالم الألماني السويسري "باخ أوفن" "Johann Jakob Bachofen" "1815- 1887م"، و هو من علماء القانون ومن مؤسسي "علم القانون المقارن"، وكان معروفاً بأبحاثه عن الأشياء الخفية التي تؤثر في حياة الإنسان. وقد ذهب إلى أن تأريخ العالم صراع بين الروح والمادة، بين الذكر والأنثى، وأن الحياة الأرضية مزيج من هذين الكفاحين. وقد لفت نظره إلى الزواج باعتبار إنه ناحية من النواحي القانونية، وتعرض لمباحث الزواج عند الإنسان القديم، و لفوضوية الزواج، حيث كان الرجل يتناول المرأة بغير عقد، كما تفعل الحيوانات، ولاشتراك عدد من الرجال في امرأة واحدة، "Hetarische Gynaikokratie"، فلا يعرف فيه النسل من أي أب هو، و إذا بقي في رعاية أمه، فنسب إليها:
وهو زواج مرَّ على جميع الشعوب. كما بحث عن الأديان البدائية وعلاقتها بأمثال هذا الزواج.
ويحب أن نضيف إلى تلك الفوضوية فوضوية أخرى، هي فوضوية الغزو وتقاتل الإنسان مع الإنسان و إباحة المدن والقرى للجيوش الغازية المنتصرة، يعيثون فيها وفي أهلها فساداً، يؤدي إلى انتهاك الحرمات واستباحة الأعراض وتوالد أطفال ليس في مقدور أمهاتهم معرفة آبائهم، فلا يبقى لهم من مجال إلا الانتساب إلى الأمهات.
ودور الأمومة عند أصحاب هذه النظرية، هو أقدم أنواع الزواج. و أما "الأبوة" أي دور الزواج الذي عرف النسل فيه آباءهم فهو عندهم أحدث عهداً من الأمومة، وقد زعموا أن هذين الدورين مرّ ا على البشرية جمعاء، وفيهم العرب. وفي دور الأمومة تكون القرابة فيه لصلة الرحم، أي إلى الأم، فهو الرباط المقدس المتين الذي يربط بين الأفراد ويجمع شملهم، وهو نسبهم الذي إليه ينتمون. في هذا الدور لا يمكن أن يعرف فيه الانتساب إلى الأب، لسبب عادي هو عدم إمكان معرفة الأب فيه. ولهذا كان نسب النسل في " حتماً للأم. وكان نسب الجماعات فيه أيضاً للأم. ومن هذه الجماعات القبائل.
وهم يرون أن تسمي القبائل بأسماء رجال، بأن تجعلهم أجدادا وآباءً، هي تسميات محدثة ظهرت بعد ظهور دور الأموة، و تطور الزواج من زواج الفوضى أو زواج تعدد الرجال إلى زواج حدد فيه على المرأة التزوج برجل واحد ليس غير، يكون فيه بعلها الذي تختص به. ومن هنا اندثرت الأسماء القديمة، أي أسماء الإناث في الغالب، و حلت محلها أسماء الذكور. وسيأتي الكلام على موضوع أشكال الزواج عند العرب في موضعه من هذا الكتاب.
هذا، وقد بحث "جرجي زيدان" في نظرية "الأمومة" عند العرب وردّ عليها بتفصيل.
أصول التسميات
وقد الف "ابن دريد الأزدي" كتاباً في اشتقاق الأسماء عند العرب، سماه "كتاب الاشتقاق"، تحدث فيه عن أصول الأسماء واشتقاقها، وذلك رداً على من زعم إن العرب تسمي بما لا أصل له في لغتهم، فذكر اشتقاق تلك الأسماء. وقد قال في مقدمته له: "كان الأميون من العرب... لهم مذاهب في أسماء أبنائهم وعبيدهم وأتلادهم. فاستشنع قوم إما جهلاً وإما تجاهلاً تسميتهم كلباً، وكليباً، وأكلب، وخنزيراً، وقرداً، وما أشبه ذلك مما لم يستقص ذكره. فطعنوا من حيث لا يجب الطعنن، وعابوا من حيث لا يستنبط عيب.. وكان الذي حدانا على إنشاء هذا الكتاب،
إن قوماً ممن يطعن على اللسان العربي وينسب أهله إلى التسمية بما لا أصل له في لغتهم، وإلى ادعاء ما لم يقع عليه اصطلاح من أوليتهم وعدّوا أسماء جهلوا اشتقاقها، ولم ينفذ علمهم في الفحص عنها".. إلى إن قال: "واعلم إن للعرب مذاهب في تسمية أبنائها فمنها ما سموه تفاؤلاَ على أعدائهم نحو: غالب، وغلاب، وظالم، وعارم، ومنازل ومقاتل، ومعارك، وثابت و نحو ذلك. وسموا في مثل هذا الباب مسهراً، ومؤرقاً، ومصبحاً، ومنبهاً، وطارقاً. ومنها ما تفاءلوا به للأبناء نحو: نايل، ووايل، و ناج، و مدرك، و درّاك، وسالم، وسليم، ومالك، وعامر، وسد، وسيد، ومسعدة، وأسعد، وما أشبه ذلك. ومنها ما سمي بالسباع ترهيباً لأعدائهم نحو: أسد، وليث، وفراس، وذئب، وسيد، وعملس، وضرغام، وما أشبه ذلك. ومنها سمي بما غلظ وخشن من الشجر تفاؤلاً ايضاً، نحو: طلحة، وسمرة، وسلمة، وقتادة، وهراسة، كل ذلك شجر له شوك و عضاة. ومنها ما سمي بما غلط من الأرض. وخشن لمسه وموطئه، مثل: حجر، وحجير، و صخر، وفهر، وجندل، و جرول، وحزن، وحزم.
ومنها إن الرجل كان يخرج من منزله وامرأته تمخض فيسمي ابنه بأول ما يلقاه من ذلك، نحو: ثعلب، وثعلبة، وضب، وضبة، و خزز، و ضبيعة، و كلب، و كليب، وحمار، و قرد، و خنزير، و جحش، وكذلك أيضاً يسمى بأول ما يسنح أو يبرح من الطير، نحو: غراب، وصرد، وما أشبه ذلك.. خرج وابل بن قاسط وامرأته تمخض، وه و يريد أن يرى شيئاً يسمي به، فإذا هو ببكر قد عرض له، فرجع وقد ولدت اه غلاماً، فسماه بكراً، ثم خرج خرجة أخرى وهي تمخض، فرأى عنزاً من الظباء، فرجع وقد ولدت غلاما فسماه، عنزاً.. ثم خرج خرجة أخرى، فإذا هو بشخيص قد ارتفع له ولم يتبينه نظراً، فسماه الشخيص.. ثم خرج خرجة أخرى، وهي تمخض، فغابه أن يرى شيئاً، فسماه تغلب.. خرج تميم بن مرّ وامرأته سلمى بنت كعب تمخض، فإذا هو بواد قد انبثق عليه لم يشع ر به، فقال: الليل والسيل، فرجع وقد ولدت غلاماً، فقال: لأجعلنه لإلهي، فسمّاه زيد مناة، ثم خرج خرجة أخرى، وهي تمخض، فإذا هو بمكاء يغرد على عوسجة قد يبس نصفها وبقي نصفها، فقال لئن كنت قد أثريتِ وأسريتِ لقد أجحدت وأكديت، فولدت غلاماً فسماه الحرث"...
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|