شهدت مدن العالم مساء أمس ساعة من الظلام وذلك في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء إلى التاسعة والنصف، استجابة لمبادرة أطلقها الصندوق العالمي للطبيعة بهدف زيادة وعي البشر حول العالم بخطورة الاستهلاك غير المحسوب للطاقة على مناخ الأرض، فيما تعد أكبر حركة تطوعية للحد من استهلاك الطاقة في التاريخ.
وكانت هذه المبادرة قد بدأت عام 2007 في مدينة سيدني الأسترالية، حيث أطفأ نحو 2.2 مليون منزل ومتجر الأضواء في 31 مارس 2007 لمدة ساعة واحدة، لإبداء استعدادهم - ولو حتى رمزياً - لإنقاذ كوكب الأرض من ظاهرة الاحتباس الحراري وحينها قالت شركات تزويد الطاقة في أستراليا إن الحدث خفض استهلاك الكهرباء في المدينة بنحو 10.2% في تلك الساعة.
وفي عام 2008، انطلقت المبادرة نحو العالمية، حيث شارك بها أكثر من 50 مليون شخص في 371 مدينة في 35 دولة حول العالم وكانت دبي هي أول مدينة عربية تنضم للمبادرة العام الماضي.
وفى عامها الثالث، استطاعت المبادرة أن تتخطى هدف منظميها الطموح في استقطاب 1000 مدينة للمشاركة فيها، حيث وصل عدد المدن والبلدات التي أعلنت مشاركتها في عملية إطفاء الأنوار عند تمام الساعة الثامنة والنصف مساء يوم 28 مارس 2009، إلى 1508 مدن في 80 دولة، وأكد المنظمون أن عدد المشاركين في ازدياد مستمر.
وكانت عدد من المدارس في السلطنة قد شاركت في المناسبة، حيث عمدت إدارات هذه المدارس إلى توجيه طلابها إلى ضرورة الحفاظ على كوكب الأرض، وعرفتهم بالموجهات التي تقوم عليها فلسفة الوعي بمستقبل الكوكب الذي نعيشه عليه.
ومن الطرائف أن باريس التي تعرف بمدينة النور كانت قد تخلت ليل أمس عن لقبها لمدة ساعة، حيث أطفأت أضواء معالمها الشهيرة، وعلى رأسها برج إيفل وقصر الإليزيه وكتدرائية نوتردام ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، بينما تجمع الآلاف من سكان أثينا لمشاهدة الأنوار وهي تغيب عن معبد الأكروبوليس، في تأكيد لحقهم في الإدلاء بصوتهم بِشأن قضية تغير المناخ.
هذا إلى جانب إطفاء أنوار تمثال المسيح المخلص في ريودي جانيرو، ودار الأوبرا في سيدني، وبرج سي إن الشاهق في تورنتو ومطاعم لأس فيجاس، واستاد الألفية في كارديف، وتمثال ميرليون في سنغافورة، وبرج دبي - وهو أطول فندق في العالم - وقصر الكويرينال في روما، وهو مقر الإقامة الرسمي للرئيس الإيطالي، وبرج سكاي تاور في أوكلاند. وغيرها من مدن العالم. وإذا ما رجعنا لما وراء مضمون المناسبة التي تعرف بـ «ساعة الأرض» أو «ساعة من أجل كوكب الأرض» فسوف نفهم أن الإنسان من خلال إطفاء كل مستهلكات الطاقة سوف يعمل على المساهمة في الحد من إنبعاث ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خاصة أن نسبة هذا الغاز الضار قد تزايدت وبالتالي قد زادت من نسبة الاحتباس الحراري، خصوصاً مع تراجع المساحات الخضراء في الطبيعة التي كانت ستكون مساعدة في إعادة التوازن لطبيعة الجوّ الذي نعيش فيه ككائنات حيّة على كوكب الأرض.
وبفراغ الساعة المظلمة امس فقد عاش حوالي مليار شخص في العالم لحظات من الظلام الداس، الأمر الذي عبر عن قلقهم تجاه الاستخدام المفرط للطاغقة وتأثير ذلك على البيئة.
وبالنسبة لسيدني رائدة المناسبة فقد فقد ميناؤها امس القليل من بريقه حيث أطفأ المتحمسون لمبادرة ساعة الأرض الأنوار لإظهار قلقهم بشأن انبعاثات الغاز المسببة للتغير المناخي. وتمت إطفاء أنوار دار الأوبرا وجسر ميناء سيدني في إشارة للبداية الرسمية لساعة الأرض.
بيد أن ثمة مفارقة تدعو للضحك التفت اليها الاسترالي جريج بورن رئيس صندوق حماية البيئة والذي رأى أن الحملة سوف تزيد من إستهلاك الطاقة بدلا من تقليلها بسبب كل الأنشطة الترويجية مثل طباعة الفانلات والحفلات الموسيقية وتنظيم حفلات عشاء على ضوء الشموع، ولكنه أكد أن زيادة الوعي بأخطار إرتفاع درجة حرارة الكوكب هي الهدف وليس التخفيض المؤقت في الإنبعاثات.
وقد أعلنت مجموعة من الشخصيات البارزة دعمها لمبادرة ساعة الأرض، لا سيما رئيس الأساقفة ديزموند توتو، الحائز جائزة نوبل، والممثلة كيت بلانشيت الحائزة جائزة أوسكار وشيبارد فيرى، الفنان الذي ابتكر الأيقونة الخاصة بباراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، الذي وافق على تصميم أعمال فنية خاصة بحملة ساعة الأرض.