أتدري أننا ضعنا
حيثُ لا أحد...!!
في يبابٍ يقتاتُ على الفراغِ وبقايا الصمتِ ورغيفِ السكون...
في مَهْمهٍ لم تجبهُ قافلةُ وما وطئتهُ قدمٌ...ولا عرفهُ خفٌّ ولا حافر...
حيثُ الضياعُ..ولاشئَ غيرهُ...
حتّى بوصلةُ الاتجاهاتِ لا تعملُ حيثُ أنا...
فكل وجهةٍ غربةٌ...وكل الطرقِ وحشةٌ...وكل دربٍ نصلٌ حاد...
وجدتُني هناكَ...والريح تزمجر صارخةً في بيداءِ التيه...
تعصفُ بكلِّ شئ...!!
المعالم غيرُ واضحةٍ غطّتها رمال الزمن...والرؤى مبعثرة...
والضياعُ هوَ الوحيدُ الذي يطلُّ برأسهِ ويُعلنُ عن نفسهِ...!!
نضيعُ رغماً عنّـــا...-تؤلمني رغماً عنّـــا -...!!
في صحراءَ من العناءِ تسرقُ عابريها من حرزِ السفرِ...
قافلةٌ مكونةُ من عابرٍ واحد..
ها هوَ/هيَ...-العابر وَ القافلة...
يسافرُ وحدهُ كالعادة...
يستأنسُ بالقمرِ إنْ أطلَّ...ويخافُ إشراقة الشمس...
يلعنها وتلعنهُ...يبصقُ عليها فترمقهُ بنظرةٍ غاضبةٍ...ووجهٍ عابس...
يصعّرُ خدّهــ لها...فتشوي رأسهُ عندَ-الزوال-...
يهزأُ بها إنْ مالت للغروبِ...فتتوعّدهُ بصبحٍ آخرَ...
يُسرُّ للقمرِ بما حدثُ كلَّ صباح..فيستأنسانِ بالنّجوى كلَّ مساء...
يُقبّلهُ القمرُ...يداعبهُ...يلاطفهُ...ويمسحُ دمعهُ...يغسل همّهُ...يشجّعهُ ثمَّ يودّعهُ...
ثم تشرقُ الشّمسُ كرّةً أخرى...لتضعفَ بصرهُ...وتحرق جلده...
فيلعنها وتلعنهُ...!!
تشوي رأسهُ ظهراً...فيسخرُ منها مغرباً...!!
ينتظرُ قمرَهُـــ ليلتئذٍ...!!
يشتاقُ لحديثهِ...يحنُّ لمداعبتهِ ويسهرُ من أجلهِ...
فيحولُ بينهما حائلُ الكسوف...ويعتصرُ قلبهُ ألماً...وفؤادهُــ يحتضر...!!
ذكرى الضياع تؤرّقهُ...ولايدري للغيابِ سببا...
ها هوَ يحفرُ قبرَهُ بيدهِ ويمسحُ دمعهُ بيدِهِـ الأخرى...
ماعادَ للحياةِ طعمٌ...وليسَ للبقاءِ معنى...
يريدُ أنْ يدفنَ ضيعتَهُ ويموتَ معها قبلَ شروق الشمس...
كل شروقٍ للشمسِ يذّكرهُ بضياعه...وفقدهِ...وبرحيلهِ إلى النهاية...
الليل وعدٌ والصبحُ وعيد...
الليلُ يقين والصبحُ شك...
الليلُ فألٌ والصبحُ شؤمٌ وطيَرَة...
يهذي في قبرهِ كما كان...فليس سوى عابث...يمارسُ عبثاً...
يتمتمُ لعنةً هناكَ...ويسكبُ دمعةً هنا....
على سريرِ الاحتضارِ تذكّرَ وصيتهُ فخطّها على الرملِ بأصبعه المبلّلة...!!
( أنا الذي ما كان بالأمس...وفُقِدَ اليومَ...وسيضيعُ غداً...)
أحبُّ القمرَ ... وأُبغِضُ الشمسَ...
وأشهدُ أنَّ ماخلّفتهُ من ( ورقِ ) وَ ( دفاترَ ) وَ ( كلماتٍ مبعثراتٍ ) وَ ( دموع ملءَ كؤوس عمري )
قد أورثتها للقمر دونَ الشمس...ولليل لا الإصباح...!!
وحرمتُ الشمسَ من كل تركتي...حتى من رؤيتي وأنا أعتزلُ الحياةَ وما درى بي أحدٌ...!!
اليوم / سقطَ من دفتر التقويم عمداً...
التاريخ / ليلة كسوف القمر...
التوقيع / مقطوعٌ من شجرةٍ رعاها القمر...
.
.
.
.
.
.
.
.
.
الأرضُ تحضنُ بقايا الدفينِ وتضمّهُ بشدّة...
.
.
.
.
.
هاهيَ تأتي من المشرقِ ككلِّ صباحٍ...!!
لم يبصق بوجهها أحد..
لاتسمعُ ركزاً ولا لعنةً...!!
.
.
.
.
.
وزمجرت الريحُ صارخةً فمحت آثارَ وصيّةٍ كُتبت وما قُرئت..
.
.
.
وبقيت الشمسُ تحرقُ قبراً ضمَّ جَدَثاً لتائهِ في صحراءِ الضياع...
.
.
.
.
وفازَ القمرُ بالدمعِ والدفاترِ والكلامِ العابرْ...!!
لتائهٍ عابرْ..
][ لم تكن لي أبدا][ ][إنما للحب الذي من سنتين][ ][ قطف التفاحتين الحلوتين ][ ][ ثم القى بـبـقايا القـشرتـين][ ][ وبكى قلبك حزنا][ ][فغدا دمعة حمراء بين الرئتين][ |
التعديل الأخير تم بواسطة الملاك الغريب ; 17-09-2006 الساعة 05:53 PM.
|