مجلــس الشــورى
فقد أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يستشير المسلمين فجمعهم وقام أبو بكر t فقال وأحسن، ثم عمر بن الخطاب t فقال وأحسن، ثم استشارهم ثانيًا، فقام المقداد فقال: "يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك، ثم استشار الناس ثلاثًا، ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فبادر سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله كأنك تريدنا، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يعنيهم، لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود فى ديارهم، فلما عزم على الخروج استشارهم، ليعلم ما عندهم، فقال له سعد: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها أن لا ينصروك إلا فى ديارهم، وإنى أقول عن الأنصار وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرتنا فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، والذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر فى الحرب، صدق فى اللقاء ولعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله. فأشرق وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسر بما سمع، ونشطه ذلك، ثم قال: "سيروا وأبشروا ، فإن الله وعدنى إحدى الطائفتين والله لكأنى الآن أنظر إلى مصارع القوم ".
|