| 
				 القرآن والطب ،، فلينظر الانسان مما خلق،، 
 
			 بسم الله الرحمن الرحيم (( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث ، فإنا خلقناكم من تراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، مخلّقة ، وغير مخلّقة ، لنبيّن لكم ، ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ، ثمّ نخرجكم طفلاً ، ثمّ لتبلغوا أشدّكم ، ومنكم من يُتَوفّى ، ومنكم من يُرَدُّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم  شيئاً )). الحج (5)
 1. من تراب :
 2. من نطفة :
 3. من علقة :
 4. من مضغة : مخلّقة ، وغير مخلّقة :
 5. إلى أجل مسمى :
 6. ثمّ نخرجكم طفلاً :
 7. ثمّ لتبلغوا أشدّكم :
 8. ومنكم من يُتَوفّى :
 9. أرذل العمر :
 
 بسم الله الرحمن الرحيم
 (( ولقد خلقنا الإنسان من سُلالة من طين ، ثم جعلناه نطفةً في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة عَلَقَةً ، فخلقنا العلقة مُضْغَةً ، فخلقنا المضغة عظاماً ، فكسونا العظام لحماً ، ثمَّ أنشأناه خلقاً آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين )) . المؤمنون ( 14 )صدق الله العظيم.
 
 إن أي طبيب في العالم اليوم ، يرزقه الله نعمة تذوّق القرآن الكريم وفهمه ، وخاصة أمثال هذه الآيات العلمية التي بين أيدينا ، لا بدّ أن يعترف وبمنتهى الإجلال والإكبار ، بأن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من صنع رجل أميّ - كان قد عاش قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ، في بيئة عربية أمية ، كان الواحد منهم يضرب أكباد الإبل ، ويقطع الفيافي والصحارى ، فلا يكاد يجد المتعلّم و القارئ ، فضلاً عن الطبيب - بل لا بد أن يكون من عند العليم الخبير ، المبدع الحكيم ، الذي أحسن كلّ شيء خلقه ، ثم بدأ خلق الإنسان من طين ، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم .
 
 لقد بقي العالم لعدة قرون يعيش في وهم النظريات التي تسمي نفسها علمية ، وليس لها - في الحقيقة - من العلمية إلا الاسم . فمرّة ، يدّعون بأن الإنسان كان قد تطور إلى صورته الحالية من الحيوانات والقردة .!!! وتارة ، يقولون بأن الإنسان مخلّق في النطفة الذكرية بصورة كاملة ، ولكن بحجم مجهري صغير ، ووظيفة الرحم هي في تكبير هذا الشكل المجهري فقط ...!!! و هكذا ... إلى أن جاء العلم الحديث ، ليثبت تخبط كل تلك النظريات و مجانبتها للحقيقة ، وليعترف للقرآن العظيم بمعجزته الخالدة في السبق العلمي الرهيب ، والذي جاء بمعلومات علمية وطبية متقدمة على العصر الذي نزل فيه بعشرات القرون ...
 
 ومن الجدير ذكره ، بأن العلم الحديث ، وبالرغم من تطوره الهائل في المجالات الطبية ، إلا أنه لم يستطع أن يضيف للحقائق القرآنية في خلق الإنسان شيئاً يذكر ، بل لم يستطع الاستغناء ، حتى عن  مراحله ، ومصطلحاته ، وألفاظه ...
 
 وإذا ألقينا نظرة على الآيات التي بين أيدينا مثلاً ، لوجدناها تشتمل على المصطلحات الخلقية التالية :
 1.      من تراب .
 2.      من نطفة .
 3.      من علقة .
 4.      من مضغة ( مخلَّقة وغير مخلَّقة ) .
 5.      إلى أجل مسمى ( مدّة الحمل ) .
 6.      ثم نخرجكم طفلاً ( الولادة  + الطفولة ) .
 7.      ثم لتبلغوا أشدكم ( الشباب + الكهولة ) .
 8.      ومنكم من يُردّ إلى أرذل العمر ( الشيخوخة ) .
 9.      ومنكم من يُتوفى .
 وهي كلها مصطلحات وألفاظ علمية معجزة ، تعبّر عن مراحل خلقية مختلفة ، سنتناولها في هذا البحث بالتفصيل ، وبنفس الترتيب القرآني المعجز ...
 
 أولاً : مرحلة التراب  : (( إنا خلقناكم من تراب )) .
 يؤكد القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهّرة ، جملة من الحقائق العلمية المذهلة ، عن أصل خلق الإنسان ، نتناولها في النقاط التالية:
 1.	من تراب : (( ومن آياته أن خلقكم من تراب ، ثم إذا أنتم بشر تنتشرون )) .الروم ( 20 )
 2.	من ماء : (( وهو الذي خلق من الماء بشراً ، فجعله نسباً وصهراً ، وكان ربك قديراً )) الفرقان (54)
 3.	من طين : ( تراب + ماء = طين ) (( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ، فقعوا له ساجدين )) ص ( 71)
 4.	من سلالة من طين : ( أي خلاصة من الأرض ) (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )) . المؤمنون (12)
 ماذا تعني هذه الحقائق .!؟
 إنها تعني أن الإنسان مخلوق من طينة هذه الأرض ، بل من خلاصتها ...
 ثم جاءت السنة المطهرة فألقت المزيد من الضوء على أصل الخلقة البشرية ، فقد بين الرسول (صلى الله عليه وسلم)  أن الله تعالى أمر جبريل (ع) ، أن يحضر له حفنة من تراب الأرض ، من مواضع مختلفة ، ففعل . ثم أمر تعالى أن يراق فوقه الماء حتى صار طيناً ، ثم صوره على شكل إنسان ، وتركه ما شاء الله أن يتركه تحت أشعة الشمس حتى أحرقته ، فتحول إلى فخار ، أو بتعبير القرآن ( حمأ مسنون ) ، فجعلت الملائكة تطوف به ، وتعجب منه ، وجعل إبليس يطوف به أيضاً ، ويسخر منه ..!
 
 ثم نفخ الله فيه من روحه ، وعلّمه من علمه ، وأسبغ عليه من مهابته ، وأسجد له ملائكته ، وفضّله على كثير ممن خلق تفضيلاً ...
 
 روى البيهقي وأبو داوود والترمذيّ وغيرهم : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :
 (( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك ، والسهل والحزن والخبيث والطيب . ثم بلّت طينه حتى صارت طيناً لازباً ، ثم تركت حتى صارت حمأً مسنوناً ، ثم تركت حتى صارت صلصالاً ، قال تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأٍ مسنون )) الحجر(26) . قصص الأنبياء (39) .
 
 وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة (رض ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :
 (( إن الله خلق آدم من تراب ، ثم جعله طيناً ، ثم تركه حتى إذا كان حمأً مسنوناً ، خلقه الله وصوره،
 ثم تركه حتى إذا كان صلصالاً كالفخار ، قال : فكان إبليس يطوف به فيقول : لقد خُلقت لأمر عظيم!
 ثم نفخ فيه من روحه ...إلخ ... ))   قصص الأنبياء ( 41 ) .
 
 هذا ما قاله القرآن الكريم والسنّة المطهرة ، عن أصل الإنسان قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ، فماذا قال العلم الحديث يا ترى .!؟
 
 لقد أجرى العلماء تحليلاً دقيقاً لمكوّنات الأرض ، فوجدوا فيها أكثر من مائة عنصر من عناصر الطبيعة المعروفة حتى الآن ... كما أجروا تحليلاً لجسم الإنسان نفسه ، فوجدوه مكوّناً من حوالي ثلاثة وعشرين عنصراً هي خلاصة عناصر الأرض ، أو العناصر المهمة فيها ، وهي كما يلي :
 •	مجموعة العناصر الأساسية :
 1.	الأوكسجين ( O2 )
 2.	الهيدروجين ( H )
 ومن مجموعهما يتكون الماء ، الذي هو أصل الحياة ، والذي يشكل حوالي 70% من جسم الإنسان ، ومن الأرض أيضاً ...
 قال تعالى مؤكداً هذه الحقيقة العلمية : (( وجعلنا من الماء كل شيء حيّ )) الأنبياء (30 ) .
 3.	الكربون ( C )
 4.	النتروجين ( N )
 وهذه العناصر الأربعة تشكل أساس المواد العضوية ( السكريات ، البروتينات ، الدهنيات ، الفيتامينات ، الهرمونات ، والخمائر أو الإنزيمات ).
 •	مجموعة عناصر أقل أهمية :
 5.	الكلور ( Cl )
 6.	الكبريت ( S )
 7.	الفوسفور ( P )
 8.	المنغنيز ( Mn )
 9.	الكالسيوم ( Ca )
 10.	الصوديوم ( Na )
 11.	البوتاسيوم ( K )
 •	مواد أخرى جافة :
 12.	الحديد ( Fe )
 13.	النحاس ( Cu )
 14.	اليود ( I )
 15.	المغنيزيوم ( Mg )
 16.	الكوبالت ( Co )
 17.	التوتياء ( Zn )
 18.	المولبيديوم ( Mo )
 •	مواد أخرى نادرة :
 19.	الفلور ( F )
 20.	الألمنيوم ( Al )
 21.	البور ( B )
 22.	السيلينيوم ( Se )
 23.	الكادميوم ( Cd )
 وصدق الله العظيم الذي قال في قرآنه المعجز : (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )) أي من خلاصة الأرض ... وهذه هي الحقيقة بعينها .. فتبارك الله أحسن الخالقين ...!!!
 
 •	خلق حوّاء :
 قال تعالى في كتابه المبين : بسم الله الرحمن الرحيم (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً )) النساء(1)
 
 يشير هذا النص القرآني المعجز ، إلى أن أصل خلق البشرية من نفس واحدة هي نفس آدم (ع) ، وأن زوج آدم ، والتي شاع بين الناس تسميتها باسم حواء ، هي من تلك النفس الواحدة أيضاً ...
 
 أما أبناء آدم ، والبشر من بعدهم ، فقد جاؤوا بقانون التقاء الذكر مع الأنثى المعروف ، والذي عبّر عنه المصطلح القرآني المعجز بقوله : (( وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً )) .
 
 روى السديُّ ،عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، عن مرّة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة ، قالوا : أُخرج إبليس من الجنة ، وأُسكن آدم فيها ، فكان يمشي فيها وحشيّاً ، ليس له فيها زوجٌ يسكن إليها ، فنام نومةً ، فاستيقظ وعند رأسه امرأة خلقها الله من ضلعه ...
 
 وذكر محمد بن اسحق ، عن ابن عباس (رض) : أنها خُلقت من ضلعه الأقصر الأيسر ، وهو نائم ولأم مكانه لحم ... قصص الأنبياء (20)
 
 وفي الصحيحين ، من حديث زائدة ، عن ميسرة الأشجعيّ ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (( استوصوا بالنساء خيراً ، فإن المرأة خُلقت من ضلع )) .
 
 ونقف أمام هذه النصوص المعجزة لنسأل أنفسنا سؤالين محدّدين :
 الأول : لماذا خُلقت حواء من آدم وليس العكس ..!!!؟
 والثاني : لماذا خُلقت من الضلع تحديداً .!!!؟
 ويأتي العلم بعد أربعة عشر قرناً من تنزّل هذه النصوص المعجزة ، ليجيب على هذين السؤالين وعلى عشرات ، بل مئات الأسئلة غيرها ، والتي كانت أكبر بكثير من مستوى العصر الذي تنزلت فيه ، ولا نشك بوجود حكمة بالغة لله تعالى في الإشارة إليها منذ ذلك الوقت المبكّر ، ولعل في اكتشاف العلم لها اليوم ، ووقوف العلماء أمامها بكل خشوع واحترام ، وإيمان الكثير منهم بالله الخالق المبدع ، لخير دليل على ذلك ...
 •	أما عن السؤال الأول : فقد أكّد العلم ، بأن حواء يمكن أن تُخلق من آدم وليس العكس ، وذلك لأننا لو أخذنا التركيب الوراثي لآدم عليه السلام ، لوجدناه مؤلفاً من (44) صبغي جسمي + صبغيان جنسيان هما ( xy ). أي أن آدم عليه السلام يمكن أن يعطي في حيواناته المنوية ( النطاف ) : النطفة المذكرة ( y ) التي تكون الذكر . والنطفة المؤنّثة ( x ) التي تكون الأنثى .
 
 أي : يمكن اشتقاق الأنثى من آدم عليه السلام ...
 أما حواء ، فإن شفرتها الوراثية تتكون من (44) صبغي جسمي + صبغيان جنسيان متماثلان هما: ( xx ) ، أي أنها غير قادرة على إعطاء العنصر الذكري أبداً ...
 
 •	وأما عن السؤال الثاني : فهو من الأمور التي لم يتوصل العلم إلى حقيقتها حتى الآن فيما أعلم ، وأرجو أن تكون محاولتي هذه خطوة في الطريق الصحيح .
 لماذا خُلقت حواء من ضلع آدم وليس من أي مكان آخر .!؟
 
 لكي نجيب على هذا التساؤل المهم ، من المفيد جدّاً الاستعانة بالنصوص التالية :
 •	نصوص القرآن الكريم :  قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم ، وأشهدهم على أنفسهم ، ألست بربّكم !؟ قالوا : بلى ، شهدنا )) الأعراف(172) .
 يفيد هذا النص القرآني بأن الذريّة من الظهور ...
 (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) النساء (23) . والصلب هو أسفل الظهر ... (( خُلق من ماء دافق ، يخرج من بين الصلب والترائب )) الطارق (4) أي أن الماء الدافق ، الذي هو المني يتكوّن من مكانين رئيسيين هما : الصلب ( أسفل الظهر ) والترائب ( الأضلاع ) .  تذكَّر بأن الدم يتكون في الإنسان البالغ من العظام المسطّحة ، وهي بشكل رئيسي عظام الفقرات والأضلاع ...
 
 •	نصوص السنّة المطهّرة :
 1.	الصندوق الأسود : هل سمعتم بالصندوق الأسود .!؟ لا أعني ذلك الموجود في كل طائرة ، والذي يسجل دقائق وتفاصيل كل رحلة جوية ، ويستعين به خبراء الطيران ، ورجال المخابرات ، للتعرف على أسباب تحطم الطائرات .!!!
 إنما أعني الصندوق الأسود الذي في البشر ، والذي يختزن الشفرة الوراثية لكل إنسان .!
 
 فإليكم ما قاله محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) ، النبيّ الأميّ ، الذي بُعث إلى أمة أمية قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ، قال : (( كلُّ بني آدم تأكله الأرض ( أي بعد الموت ) ، إلا عَجْبَ الذَّنَبِ ، منه خُلق ، وفيه يُرَكَّبْ . قيل : وما هو يا رسول الله .!؟ قال : مثل حبة خردل ، منه تنشؤون )) رواه الإمام البخاري ومسلم ومالك وأبو داوود والنَّسائي .
 2.	حديث الذّر : روى الإمام الترمذيُّ ، عن أبي هريرة (رض ) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (( لما خلق الله آدم (ع ) ، مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة خالقها إلى يوم القيامة ..إلخ )) قال الترمذي : حسن صحيح ، وكذلك رواه الإمام الحاكم .
 من هذه النصوص المعجزة نخلص إلى النتيجة التالية :
 لما خلق الله آدم عليه السلام بقدرته المطلقة ، أودع فيه السرّ البشري ، الذي نعني به الشفرة الوراثية التي تحفظ النوع البشري إلى يوم القيامة وهي ( DNA) ، وجعل مخزنها في نقطتين رئيسيّتين في جسمه هما : الصلب ، وهي عظام الفقرات في  أسفل الظهر ، وبشكل خاص في عظم العصعص الذي ورد في الحديث الشريف باسم عظم العَجْب ، والترائب التي هي عظام الأضلاع .. ولقد أثبت الطب فعلاً بأن الفقرات والأضلاع هي المسؤولة بشكل أساسي عن تركيب الدم في الإنسان في مرحلة ما بعد الحياة الجنينية ، وبالتالي فيمكن الوصول إلى حقيقة أن الصلب والترائب هي مخزن الشفرة الوراثية (DNA) في الإنسان .
   |