حيث يسكن الحب...مسلسل..02..
هناك حين كان حالما
يرسم على لوحة الهضبة تلك مشهدا معتادا اخر
حاملا كراسته الى البيت ومعها هم كبير وغضب اكبر
كم كان الدرس هذا اليوم طويلا
وكم كانت نظرات ابيه اليه مليئة بالمعاني الكبيرة جدا
وكم كان يود لو انه ما ولد
ولا انه وجد ليكون بين دفتي دهر
اغرورقت عيناه وهو يذكر تلك التانيبات من الاب الحنون
وراح غضبانا لما احس ببقايا الم على ناصيته جراء شدة للشعر من جلالة الوالد الكريم
يتمايل في مشيته
كانه يحمل ثقلا
ولا يجد اين يكون منزل تلك الاثقال
حتى وصل الى البيت
حيث تنتظره امه بفطوره الصباحي
يدخل عليها وهي منهكة من تعب اصابها ومرض الم بها
لم تكد رجله تطأ باب المطبخ حتى بدا في الصراخ
لم اعد صغيرا كما اكنت
انا لا اقبل ان يستصغرني ابي امام الملأ
ماذا فعلت حتى يوبخني كل ذلك التوبيخ من اجل درس لم احفظه
وتتعالى صيحاته
ويضرب كل ما يجده امامه عسى غيظه يزول او بعض من غضبه يتلاشى بين اصوات الاواني المرمية هنا وهناك
يهدا قليلا ويتناول فطوره في صمت
وامه لم تنبس ببنت شفة
الا انها اسمعته كلمة طيبة حين انتهى من فطوره
صح فطورك وليدي
ينظر اليها باسف
يقبل جبينها ويستسمحها عذرا
والله قلقني بابا يا لميمة
تبتسم اليه وتوحي اليه انه ابوك فلا مناص من صبر عليه فهو لا يريد الا خيرا
كل شي مهيأ في حقيبة يد صغيرة يضعها على عصاه وينتقل الى شويهاته يسوقها الى مرعاها
هكذا بدأ يومه بين دموع غضب وابتسامة رضى من ام
كذا عطلته الصيفية يقضيها
يعلل نفسه بتلك الثغاءات
وسماع الكثير من الحكايات عند عمي العربي الذي كان رفيقه منذ اعوام الى الجبل حيث مراعي شويهاته
هذه المرة لا يجد من يواسيه الا ان يجمع تلك الاوراق المتناثرة على الجبال
انها ليست اوراق اشجار
فرغم خضرتها الا انها تحميل الوانا حمرا كذلك
رغم خطوطها فهي ليست خطوط اوراق الطبيعة بل خطوطا من حروف خطتها الطابعة
اوراق الى الشباب المغرر بهم في الجبال
يوم ان ظهر قانون الرحمة يدعو كل من التحق بالجماعات المسلحة ان يرجع عن قراره
فالرحمة قانون
والرحمة سياسة لدولة توزعها اوراقا في الجبال
يجمع تلك الاوراق التي يثق تماما ان الكثير منها وقع بين يدي اولئك المسلحين الذين يراهم احيانا في الجبل
ويتخفى منهم
او يكون فريسة ذعر منهم حين يمسكون به بين الغابات راعيا
لم يتعرض يوما للاهانة منهم
الا انه كان يحذر من الاستمرار اكثر ويِؤمر بالرجوع الى حيث سفح الجبل
يشعل ولاعته
ويضع تلك الاوراق عليها
وبعضا من اغصان يابسة لا ليسخن اعضاءه
ولكن فقط ليتلهى بمرأى النيران تأكل بعضها بعضا
وهو يسمع صوت النار تحترق
ودخانها يرتفع
تجد همه وبصره الى تلك الشياه يرمقها الواحدة تلو الاخرى
فيجري ليعيد تلك الى حدودها والاخرى الى حيث كانت
يمشي خطوات فيسمع حديثا مالوفا
انهم ...هم
يقودون معهم زادا فوق احمرة
ومن بين ايديهم اسلحة حديثة جدا
ومن خلفهم تمشي فتاة في سن الفتوة والشباب وقد عصبت عيناها
ويحرس الكل رجلان في شدة الجبابرة
مدججين بالسلاح
يسكت ويحاول الاختفاء اكثر
يرتعد رعبا
وينكمش فزعا
وينطلق نازلا بين الاشجار خوفا من الوقوع هذه المرة بين ايديهم
ينتظر قليلا في السفح لتعود الشياه كما عادتها لياخذها ويعود الى المنزل
العرق يتصبب منه
ولم يبق في وجهه سفعة دم
فكانما راى الموت او انه نجا انفا من موت
يلتقي في عودته مع عمي العربي
ويقص عليه ما رأى
لكن الشيخ هنا يطمئنه
اضرب النح يا وليدي ما شفت ما على بالك رانا حشيشة طالبة معيشة
ويربت على كتفه حنانا وطمأنة ليرى ابتسامته تعيد اليه بعضا من حيوية فقدها
يدخل البيت هذه المرة في صمت
يقبل والده وامه
ويجلس يقرا درس الغد خوفا من اهانة جديدة
مفكرا هل عليه العودة حقا الى الجبل ام يحاول التملص من الرعي فالخطب ليس بالهين
وعطلة الصيف لم يبق منها الا القليل
ولم يبق امام دراسته الجامعية الا عام واحد قد يكفيه للتخلص من جحيم البداوة التي ما صار يحمد مرأها
**
**
*
*
يتبع
التعديل الأخير تم بواسطة رائد ; 15-01-2010 الساعة 01:23 AM.
|