سؤال:
بما أننا الآن في أجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كيف يمكن للمسلمين عموماً أن يصنعوا من هذا الحدث العظيم الكريم الجليل فرصة لتجديد الولاء والعهد ولنشر الإسلام والتعريف به كما يصنع غيرنا على الأقل عندما يقيمون ضجة إعلامية كبيرة في احتفالهم بأعياد ميلاد أنبيائهم أو ما شابه ذلك؟
الجواب:
أولا أنا أريد استدرك بأنه أولئك الأنبياء نحن أولى بهم، نحن لا نفرق بين أحد من الرسل، ونؤمن بأن ما نحن مستمسكون به من العقيدة هو ما كان عليه أولئك الأنبياء، الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)، ويقول (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36)، ويقول عز من قائل حكاية عن نوح وهود وصالح وشعيب (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وحكى عن المسيح عيسى عليه السلام أنه قال (اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) (المائدة: من الآية72)، فإذن نحن أولى بأولئك الأنبياء، وأولئك أنبياؤنا وليسوا بأنبيائهم، نحن أولى بهم، نحن متمسكون بهديهم، متبعون لهم (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67).
علينا أن ندرك هذا ثم على أي حال نحن ندرك أن السلف الصالح عندما كانوا قريبين من المنبع الصافي النقي الطاهر ما كانوا بحاجة إلى أن يجددوا عواطفهم تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم باحتفالات يقيمونها ذكرى لأي حدث من أحداثه صلى الله عليه وسلّم سواء كان ذلك حدث ولادته أو كان حدث مبعثه أو كان حدث هجرته أو كان حدث أي موقف وقفه صلى الله عليه وسلّم، ما كانوا بحاجة إلى ذلك لأنهم كانوا جديدي عهد بالنبوة، وكانت عواطفهم تتأجج تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم لا تخمد بحال من الأحوال، ولا يطرأ عليها ما يجعلها تبرد أو يجعلها تتراجع، بل كانت عواطفهم عواطف تجاه شخص الرسول ثائرة باستمرار، ونحن بحاجة إلى هذه الروح الوثابة، بحاجة إلى هذه الروح الدعوية أن تكون فينا، بحاجة إلى ما يوقظ منا هذه العواطف تجاه شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم والغيرة عليه صلوات الله وسلامه عليه والحفاظ على كرامته صلوات الله وسلامه عليه، والتفاني من أجل إبلاغ دعوته إلى الناس أجمعين، بحاجة إلى هذا كله، فلذلك علينا أن ندرك أن القضية ليست قضية احتفال، ليست قضية أن يخرج الناس في عطلة في يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم منهم من يُقضّي وقته في اللهو، ومنهم من يزيد على ذلك بحيث يُقضّي وقته في معاصي الله سبحانه، هذا ليس من حب الرسول صلى الله عليه وسلّم في شيء، إنما حب الرسول صلى الله عليه وسلّم يتجسد في حسن الاقتداء به وفي الغيرة على دينه وفي الغيرة على سنته صلى الله عليه وسلّم، وفي الحرص على إحياء هذه السنة وجعلها تتجسد في حياة كل فرد من أفراد هذه الأمة، هذا هو الحب الصحيح لشخص الرسول صلى الله عليه وسلّم.
إن حب النبي صلى الله عليه وسلّم ليس مجرد عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور ولا تكاد تتأجج حتى تخمد، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلّم قبل كل شيء عقيدة راسخة في النفس، مستحكمة في العقل والقلب، مسيطرة على الفكر والواجدان، توجه الإنسان الوجهة الصحيحة، وتقوده في الصراط المستقيم إلى مرضاة رب العالمين.
فنحن إن أدركنا هذا على أي حال أدى ذلك بنا إلى أن نحرص على التفاني في خدمة هذا الدين، وإحياء ما اندرس من سنته صلوات الله وسلامه عليه.
سؤال:
في مجتمعنا يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً، يبدءون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم سرا، ثم يقرؤون القرآن، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات فيه شيء؟
الجواب:
لا داعي إلى تخصيص هذا اليوم بهذا، الوقت كله وقت عبادة، والزمن كله زمن صلة بالله سبحانه وتعالى، نعم الأوقات التي خُصصت بعبادات معينة توقيفية جاءت من الشارع علينا أن نحرص على تلكم العبادات فيها، أما بقية الأوقات فإننا نعمل ما نستطيعه من ذكر الله تعالى، ويؤمر الإنسان أن يذكر الله سبحانه وتعالى على أي حال، نحن نجد في كتاب الله سبحانه كيف يأمرنا الله سبحانه بأن نذكره بعد أداء عباداتنا (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) (النساء: من الآية103)، ويقول تعالى (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10)، ويقول (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) (البقرة: من الآية200)، هكذا يؤمر الإنسان أن يحرص على ذكر الله عز وجل على كل حال، ولذلك الذكر شُرع عند طلوع الشمس وعند غروبها في بداية الليل وبداية النهار وأدبار الصلوات، كما نجد دلائل ذلك في القرآن الكريم خلافاً لمن يعرضون عن ذكر الله أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فإن الله عز وجل يقول (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28).
على أي حال ذكر الله سبحانه وتعالى مطلوب، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم مطلوبة أمر الله تعالى بها في كتابه قال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56)، فالإنسان عليه أن يحرص على الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلّم في جميع الأوقات لا في هذا اليوم.
وليست هنالك خصوصية لصيام مولده صلى الله عليه وسلّم أو يوم اليوم الذي يصادف ذكرى مولده لا دليل على ذلك، ولكن مع هذا كله نحن نرغب في أن تكون عاطفة الناس قوية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلّم ولو كانت هذه العاطفة تتجدد عاماً بعد عام، نحن نريدها دائماً مستمرة بحيث لا تفتر من وقت إلى آخر بل تستمر هذه العاطفة متأججة بين حنايا مشاعر الإنسان.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
صَبَاحُنَا مَضَى وَقَد بَلَّل أياديْنا بِلُؤْلُؤَات ٍ مِن الْنــــــــدَى
حِيْنَمَا نَادَى الْمُؤَذِّنُ " الْلَّه أَكْبَر " وَمطرُ نَدِي ُ يُغَطِّيْنَا
صَلاةُ وَمَطَرُ صيف ... وَسُكُوْن ُ الْفَجْر ِ مَلأ جَوَارِحُنــــا
اسم العميل: البراء
رقم العميل: 004
الحزب: 04
المهمة: اجتياح حصن عمان |
|