غزة من المخطط الصهيوني والتواطؤ الدولي؟
غزة من المخطط الصهيوني والتواطؤ الدولي؟
وصل عدد الشهداء في غزة حتي ألأن إلي 284 شهيد و700 جريح اليوم هو 28/12/2008
بقلم: السفير د. عبد الله الأشعل
لم يمضِ يومان على زيارة ليفني للقاهرة حتى بدأ الكيان الصهيوني صباح يوم 27 ديسمبر 2008م عدوانه الواسع على غزة، والحق أن القراءة المتأنية للمواقف العربية والصهيونية تؤدي إلى استنتاج؛ مفاده أن العالم العربي لا يمانع في اجتياح الكيان الصهيوني لغزة؛ بهدف إسقاط نظام حكم حماس.
كما أن المواقف والتحركات الصهيونية تؤكد أن الكيان الصهيوني ينوي فعلاً تغيير معطيات الموقف في غزة بعمل عسكري واسع وكاسح، وبذلك يلتقي الكيان الصهيوني مع العالم العربي الذي نظن أنه بتفاهمه مع الكيان الصهيوني فإنه لا يزال يضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياته؛ فهناك منطق عربي، وهناك سلوك عربي بالغ أحيانًا في تفاهمه بدلاً من تواطئه مع الكيان الصهيوني في هذا المخطط.
ويدخل في ذلك سلوك مصر التي يبدو أنها تسهم في التغطية على هذا المخطط؛ حيث أبرزت الصحف القومية مدى اهتمام الهلال الأحمر المصري بنقل مساعدات إنسانية إلى غزة، ونقلت بعض الصحف أن حرم السيد الرئيس قد التقت بالسيدة ليفني وزيرة الخارجية الصهيونية في القاهرة خلال زيارتها للقاهرة التي وافقت على هذا الطلب؛ بعد أن كانت قد رفضت طلبًا مماثلاً للرئيس مبارك، وربما يرى هواة الحديث عن التوريث في مصر أنها رسالة بموافقة الكيان الصهيوني على نقل السلطة في حياة الرئيس مبارك.
من المؤشرات أيضًا ما رصده البعض من عصبية وزير الخارجية المصري في رده على سؤال حول الأنفاق واتهامه للكيان الصهيوني بخرق التهدئة رغم هدوئه المعتاد ومواقفه الثابتة ضد الفلسطينيين، ولكنه ربما شعر بوخز الضمير إزاء ما يدبَّر لغزة.
ومن المؤشرات الحاسمة إصرار ليفني على أن تعلن في القاهرة خلال زيارة قيل إن الرئيس مبارك هو الذي طلبها عن خطة الكيان الصهيوني لاقتلاع حماس، وهو ما عبَّر عنه أحد الصحفيين العرب بأنه أسوأ استغلال لمصر لهذه الجريمة.
وخلال برنامج في إحدى الفضائيات أشار مسئول الكيان الصهيوني ردًّا على نقدي لخطة الكيان الصهيوني ضد غزة بأن مصر هي التي ورَّطت الكيان الصهيوني حتى تقضي على حماس بما ينسجم مع رغبات مصر، ورغم الألغام التي يتضمنها هذا التصريح؛ إلا أنه يكشف حتى عن عدم الامتنان الصهيوني للموقف المصري.
وأخيرًا من المؤشرات ما ورد في الصحف القومية في صفحتها الأولى أن مصر طالبت الكيان الصهيوني بفتح المعابر، ورغم أنه من الواضح أنه أولى بمصر أن تفتح معبر رفح بدلاً من أن تطالب الكيان الصهيوني بفتح معابرها، وذلك إلى جانب الأنباء التي تواردت حول تحصين مصر حدودها مع غزة؛ حتى لا يفلت أحد من سكانها عبر الحدود من المحرقة الصهيونية.
ورغم المرارة التي أشعر بها وأنا أكتب عن مصر- مصر مبارك- فإن هذه القراءة واقعية لما يحدث الآن، كما أن ذلك يقوم على منطق ربما يجد إجماعًا عربيًّا، فقد لوحظ أن أبو مازن زار القاهرة وربما اشتملت الزيارة على تبادل الرأي في العملية الكيان الصهيونية ضد غزة، ولكن أبو مازن انضم كعادته إلى التضليل الإعلامي الذي يمارسه الكيان الصهيوني؛ حيث أكد رغبته في مواصلة الحوار الوطني، ويبدو أنه اتفق مع مصر على أن الحوار الوطني لن يكون ضروريًّا إذا تم استبعاد حماس بعملية الكيان الصهيونية في غزة.
وإذا كان هذا التحليل مبالغًا فيه وينطوي على درجة من سوء النية تجاه العالم العربي ومصر؛ فلماذا لم تجاهر مصر والدول العربية بمعارضتها لخطة الكيان الصهيوني، على الأقل مثلما فعلوا في قمة شرم الشيخ في الأول من مارس عام 2003م ضد غزو العراق على سبيل الإيهام بأنهم ليسوا شركاء في هذا الغزو.
فإذا كان الكيان الصهيوني قد حظي بهذه المرتبة في العالم العربي فمن ينقذ غزة من الكيان الصهيوني والعرب؟ ولماذا تلام إيران على مساندتها لحماس المقاومة؟ وألا يعلم العرب أن هناك مخططًا لاقتلاع المقاومة العربية أصلاً حتى تترك الساحة كاملاً للاعتدال؛ أقصد الخضوع العربي لرغبات الكيان الصهيوني؟ فهل بلغ العالم العربي هذه الدرجة من الانحراف في التفكير؟
إنني أناشد إيران أن تتدخل بحزم لوقف هذه المهزلة التي سوف تؤدي إلى إراقة دماء الفلسطينيين تحت عناوين تكتسب مشروعية عربية سقيمة، وبحيث يسجل التاريخ أن الذي يعمل لاسترداد الحقوق الفلسطينية هي إيران، ولتصمت كل الأقلام المأجورة التي تهاجم إيران وحماس وحزب الله، والتي تنتقد سوريا أيضًا، رغم أن سوريا تتعرض لأكبر عملية استدراج في إطار خطة ضرب المقاومة، وإلى متى تسكت الشعوب العربية على الهوان وضياع الحقوق وخلط الأوراق الذي تفعله نظمها الوطنية؟!
إنني أنبِّه إلى أن الكيان الصهيوني يعدُّ العدَّة ويُناور ويحشد العالم لكي يضفي الشرعية على اقتحام غزة وقتل الفلسطينيين، ولا يهمني في هذه المرحلة حماس أو فتح؛ فهذا صراع على السلطة يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني في غزة، وقد تم رصد أكثر من 20 مؤشرًا ضمن المخطط الكيان الصهيوني فهناك التدريب العسكري على حدود غزة، وهناك قرار من مجلس الوزراء الكيان الصهيوني، وهناك إدانة من جانب الأمين العام للأمم المتحدة لصواريخ غزة وليس للغارات الكيان الصهيونية المتكررة عليها.
كما وزَّع الكيان الصهيوني وثيقةً على أعضاء مجلس الأمن بحقها في الدفاع الشرعي في الوقت المناسب، وحاولت روسيا أيضًا أن تسجِّل نقطةً لصالح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في اللعبة الدولية الجديدة عندما استقبلت أبو مازن وأيَّدته ضد حماس؛ فمن ينقذ غزة من هذا التواطؤ الدولي والعربي؟!
التعديل الأخير تم بواسطة بن مضر ; 28-12-2008 الساعة 06:28 PM.
|
العرض الشجري
