طردت أجل طردت ..؟
... كنت فتاة طموحة ناجحة في دراستها أحب الحياة وأحب التحديات كانت تطلعاتي تلامس الفضاء كنت أحلم كأي فتاة في سني أن أحقق ذاتي وطموحاتي وعاهدت نفسي أن أفعل المستحيل من أجل ذلك ... كانت مسيرتي الدراسية موفقة نجاح تلو نجاح لم أكن أدرك ماهية الفشل أو الرسوب شاركت بمسابقات ثقافية عدة وكنت دائما أحصد المراكز الأولى لطالما كنت محبوبة من قبل أساتذتي كنت محظوظة ببراعتي في جميعالمواد بدون استثناء هذا كله جعلني أكسب ثقتي بنفسي أولا وثقة أصدقائي وزملائي وأخيرا ثقة أساتذتي ...
كانت حياتي آن ذاك جميلة كنت فخورة بنفسي وكنت فخرا لكل شخص يعرفني أو مقرب مني ...
كنت أقول دائما لصديقاتي : عندما نكبر ونحقق أحلامنا ونتزوج ونصبح أمهات سنتفق على أن ندخل أولادنا نفس المدارس التي درسنا بها . وكانت أفكاري كلها محط إعجاب وتأييد الجميع وكان ذلك بمثابة حلم مشترك بين الصديقات ... كانت كل واحدة منا ترسم في خيالها مخططا لحياتها المستقبلية فمنا من أرادت إكمال دراستها ومنا من أرادت الزواج قبل أن تكمل ومنا من تخلت عن أحلامها لظروف معينة ... أما أنا فأصريت على أن أكمل دراستي وأحقق طموحاتي كلها وبعد ذلك أفعل بحياتي ما أشاء ... وصلت للمرحلة الثانوية من حياتي الدراسية .. كنت أدرس بجد ونشاط أبحث هنا وأطالع هناك أجول المكتبات أطالع الصحف أدرس إلى ساعات متأخرة من الليل وأحيانا أدرس حتى بزوغ الفجر لم أمل ولم أكل يوما لأن كل ذلك كان في سبيل هدف معين عندما أجد نفسي قريبة من تحقيق أهدافي كل تعبي يهون ...
وأخيرا وصلت للسنة الختامية من التعليم الثانوي التي لطالما حلمت أن أصل لها وأن أكتشف خباياها ولما يقال عنها أنها سنة تعجيزية يفشل كل طلابها في نيل شهادتها كنت عازمة على التحدي ... لكن حصل ما لم أكن أتوقع أن يحصل وفي بداية السنة الدراسية وقعت طريحة الفراش أصبت بحمى هستيرية أفقدتني رشدي وأفقدتني جميع حظوظي في إكمال سنتي الدراسة ونيل شهادتي بتفوق ...
شيء وقف في وجه التحدي وامتص في العزيمة وبخر كل آمالي في مواصلة دراستي كما خططت لها من قبل ... إنقطعت عن الدراسة لفترة طويلة بسبب المرض ... وعندما استأنفت دراستي كان قد فات الأوان لم أستطع استدراك ما فاتني من دروس ولم أكن مستعدة لامتحانات آخر السنة وكان من المتوقع أن أرسب وفعلا هذا ما حصل .
أعدت السنة لكن لم أكررها بنفس حماس السنة الماضية راودتني حينها عدة أفكار خصوصا أنها كانت أول تجربة لي كوني لم أرسب في حياتي الدراسية قط كنت محبطة ومستائة من نفسي .. سألت نفسي عدة مرات كيف يعقل ذلك أنا أرسب أنا أكرر السنة ما الذي دهاني أين كان عقلي كيف سمحت بحصول ذلك ؟؟؟ بدأت ألوم نفسي وأعاتبها وبدأت السنة بإحباط قاتل لم أستطع التخلص منه لأنه رافقني طيلة السنة لم أكن واثقة كل الثقة من نجاحي كنت أدرس من دافع الواجب فقط وليس لأنني عازمة على النجاح وعلى المضي قدما في تحقيق أحلامي وتطلعاتي .. شعرت بفشل ذريع لم أكن راضية عن النتائج التي حصلت عليها لأنها لم تفي بالغرض كنت أطمح للأفضل والأكثر والأرقى صدمني كثيرا إهمالي الكبير والذي زاد الطين بلة هو عدم استعدادي بالشكل المطلوب لإمتحانات آخر السنة زاد من تحطيمي معنويا تقدمت للإمتحانات بروح محطمة كليا وبعد أن حصلت على أوراق الإختبار لم أكن أعلم ماذا أقدم وما الذي أؤخر كانت كلها أوراق كبعضها بالنسبة لي كنت أقلب بالأوراق طوال وقت الإختبار وأضعت وقتي في شيء لم أكن مستعدة له لا دراسيا ولا معنويا فوجدت أن الحل الوحيد هو الإنسحاب من الإمتحان وذلك ما فعلته بالضبط ...
بعد مرور العطلة الصيفية وحلول الموسم الدراسي الجديد رجوت والدي أن ينقلني لثانوية أخرى لأنه لم تكن لدي أدنى رغبة في مواصلة مشواري الدراسي في ذلك المكان الذي يذكرني بفشلي لم يرفض ذلك لقد تم نقلي بالشكل المطلوب والحمد لله بدأت دراستي في جو هادئ نوعا ما أعجبتني الثانوية الجديدة بكل شيء فيها من دون استثناء وكانت بدايتي بها موفقة إلى حد ما ...
تعرفت إلى أصدقاء جدد وإلى أساتذة جدد وكانت من أروع السنوات التي قضيتها في حياتي لي ذكريات جميلة فيها كانت بمثابة ممحاة للسنتين التعيستين الماضيتين ضحكت فيها من كل قلبي واستمتعت فيها بكل لحظة شعرت ولإول مرة بحلاوة الدراسة توفقت أجل ودرست بجد واجتهاد وحصلت على أعلى المعدلات بحيث أنني لم أكن أتوقع الرسوب من جديد على الإطلاق ورغم كل ذلك رسبت وتقبلت الأمر بشكل طبيعي لم تصدر مني أية ردة فعل قالوا لي أنه يجب علي أن أستدرك هذه السنة بإمتحان في آخر الشهر كفرصة أخيرة لنجاحي لأن نقاطي كانت تنقص بقليل عن معدل النجاح السنوي لكني للأسف لم استغل الفرصة الأخيرة والوحيدة جيدا وأعدت الكرة مجددا لأجدني خارج لعبة الدراسة بأكملها لقد طردت أجل طردت من المدرسة لأنني استوفيت عدد السنوات المسموح بها للرسوب فكان من المتوقع طردي .
بقلمي هدى علمي
تحياتي لأعضاء المنتدى
طردت أجل طردت ..؟
العرض العادي
