النهضة العمانية .. سطور من ذهب في سجلات التاريخ
زكريا فكري
صحفي مصري
لا يتكلف المرء عناء جمع الحروف والكلمات إذا ما كان سيكتب عن شيء يحبه أو يجد له في داخله صدى وقرار وفي هذه الحالة تنساب الكلمات في سلاسة وعذوبة ،فهي تخرج من القلب بلا تكلف وبلا تجميل وبلا ضابط إلا من المشاعر والأحاسيس الطيبة الفياضة ، ولأننا نعيش أجواء مناسبة عظيمة هي يوم النهضة الحديثة المباركة التي لا ينضب معينها و التي تمر علينا كل عام محملة بنسائمها الطيبة وحاملة الجديد والعديد من الإنجازات كان لابد وأن تتحرك المشاعر و تجيش الأفكار والخواطر وتفيض القلوب بمحبة هذا البلد الذي بادلنا حبا بحب وعشقا بعشق .
وتبقى سلطنة عمان وقائد نهضتها المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ وشعبها الطيب الأعراق واحدة ممن يعشق المرء ويحب. والسلطنة حباها الله بالخيرات وأسبغ عليها تبارك وتعالى من النعم ما جعلها حلم الحالمين وواحة الذين ينشدون العيش في هناء وأمن وسلام بفضل من الله ثم بفضل قائد حكيم وعظيم يضرب بحكمته وحلمه وعلمه المثل بين شعوب الأرض أجمعين ، قائد أشرق على يديه فجر يوم عظيم فإذا بهذا البلد الطيب وقد نهض وقام على النحو الذي يليق به بين مصاف الأمم والشعوب ، وها نحن نتحين المناسبة والفرصة كي نذكر جميل صنيع القائد المعظم ، صانع النهضة الحديثة المباركة ، وعظيم إنجازاته التي لا تزال تتوالى منذ 38 عاما ، نذكر إنجازه الأكبر الذي بدأ بخطابه التاريخي الأشهر في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 لتنطلق قاطرة النهضة الحديثة لعمان الحبيبة ،عمان العراقة ،عمان الأصول والجذور. ففي مثل هذا اليوم من عام 1970 أعلن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ وضع حد لكل مظاهر التأخر عن مواكبة العصر ومواجهة الفقر بكل أنواعه سواء فقر المرافق والخدمات أو فقر مستويات المعيشة وقسوة الحياة وبدائيتها . وقرر جلالته مواجهة انتشار المرض بسبب عدم وجود المراكز الطبية أو المستشفيات حيث كان الناس يموتون على ظهور الدواب وهم في طريقهم إلى أقرب مركز طبي ، إلى جانب عدم وجود طرق أو مدارس أو اتصالات أو مواصلات وغير ذلك كثير من مظاهر قسوة الحياة.
في ذلك اليوم أعطى جلالته إشارة البدء لانطلاق نهضة كبرى سجلت نفسها وما حققته من إنجازات هائلة بمداد من ذهب في صفحات التاريخ الحديث، نهضة تقاس بحجم ما أحدثته على أرض الواقع من إنجازات غيرت وجه التاريخ العماني وما كان عليه الحال قبل هذه النهضة المباركة..نهضة صنعت سلطنة عمان الحديثة القوية اقتصاديا وسياسيا والمتماسكة والمتكاتفة والمتلاحمة اجتماعيا فقد أعطى جلالته إشارة البدء لتنطلق القاطرة وتجوب جميع مناطق وولايات السلطنة فلم تترك شبرا ولا ركنا ولا زاوية إلا وطالته تعميرا وتحديثا ورعاية وتطويرا ولم تترك قرية أو واديا أو جبلا إلا وشملته بالرعاية والخدمات والمرافق والطرق والمواصلات والاتصالات والمستشفيات والمدارس وغيرها.
لم تترك رجلا أو امرأة ،مواطنا أو مقيما، شابا أو كهلا إلا ونشرت فوقهم مظلة الرعاية الاجتماعية والصحية وسهلت لهم سبل الرزق الوفير وقدمت لهم من الخدمات ما سهل عليهم أمر دنياهم كشق الطرق ورصفها وإنارتها والمسكن الآمن والحياة الكريمة فأصبح سكان القرى الجبلية ينهلون من منابع النهضة مثلهم في ذلك مثل سكان المدن وعواصم المحافظات، وبات الكل في حق الحياة سواء .
نهضة أضاءت مشاعل التنوير والتثقيف والعلم والتعلم ونشرت المراكز التثقيفية والتعليمية والتربوية وارتقت بالإنسان الذي هو أداة لكل تقدم ورقى وأعادت بناء الإنسان كي يستشرف مستقبلا أفضل ويساهم في بناء حضارة ومجتمع يليق به ، مجتمع يحمى تراثه ويعتز به وينهل من منابع الدين الصحيح بسماحة دونما تعصب أو تشدد.
في مثل ذلك اليوم أعلن جلالته انطلاق قاطرة النهضة في خطاب تاريخي ما زالت أصداؤه تتردد حتى اليوم ، تلك النهضة التي لم تهتم بالحجر على حساب البشر و إنما صنعت بالبشر حضارة الحجر وقدمت للعالم نموذجا رائعا لكيفية نهوض الأمم فجعلت من السلطنة تاجا فوق رؤوس أبنائها ومحل فخرهم واعتزازهم في حلهم و ترحالهم .
أما انعكاسات وإنجازات عهد النهضة على المقيمين و الوافدين إلى السلطنة فحدث ولا حرج ، فجميعهم يشعر ويلامس عن قرب مدى ما وصلت إليه السلطنة من رقى وتطور وأمن واستقرار ،فهم يبيتون آمنين مطمئنين قريري العين ، لا يخشون على حياتهم ولا على أموالهم ، يدينون بالفضل ويكنون جل المشاعر للقائد المعظم ، وهم يعملون تحت سماء السلطنة في مناخ من الأمن والأمان بما يحفظ لهم حقوقهم ويحقق لهم حياة كريمة ينعمون في ظلالها ،ويتساوى في ذلك المقيمون من الناطقين بالعربية و المقيمون الناطقون بغيرها . وجميعهم يتوحدون في مشاعرهم و أحاسيسهم تجاه القائد المعظم . فهم ينظرون إلى جلالته بإعجاب وتقدير يتحدثون عن حكمته التي باتت مضرب الأمثال في مشارق الأرض ومغاربها ويروون عنه أعظم المواقف والقرارات ، ويتحدثون عن إنجازاته ومواقفه بفخر و اعتزاز.
في هذه المناسبة الوطنية العظيمة لا تزال قاطرة النهضة تواصل مسيرتها ، مسيرة الإنجازات المتواترة دون أن تتوقف فالنهضة لا زالت تبنى وتعمر وتمهد وتطور وتحدث وما زالت تمضى في طريقها مشمولة بالرعاية والتوجيه الحكيم من قبل قائد النهضة وراعيها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه.