*ما هو الفضل الذي تتميز به هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة؟
**بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن لهذه الأيام العشر فضلاً عظيماً ومزية كبرى، ناهيكم أن الله تبارك وتعالى أقسم بها عندما قال (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1-2)، فالليالي العشر هي هذه الليالي التي تسبق يوم العيد - عيد الأضحى - ، ومن شأن الله سبحانه وتعالى أن يُقسم بما يُعظّمه من مخلوقاته، فعندما يُقسم بأي شيء فإنه يُقسم به لأجل ما له من شأن.
فالله سبحانه وتعالى أقسم بالليل وبالنهار، لأن الليل والنهار من آيات الله تبارك وتعالى الكبرى، ولأن ما يحدث فيهما من العبر والعظات فيه مُدّكر لمن يدّكر.
وأقسم الله سبحانه وتعالى بالضحى أيضاً لأنه وقت مبارك، وأقسم بالشمس، وأقسم بما أقسم به من أنواع مخلوقاته الكثيرة، كل ذلك لأجل شأنها.
فالليالي العشر إنما أقسم الله سبحانه وتعالى بها لعظم شأنها، وقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم (ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في هذه العشر)، أي هذه العشر الصوم فيها أحب إلى الله، ولا ريب أن ذلك المراد به بعد صوم رمضان المبارك، فإن صيام شهر رمضان هو أعظم الصيام أجرا، ولكن صيام هذه الأيام إنما هو أحب إلى الله تبارك وتعالى من بقية صوم النفل، فلذلك ينبغي للإنسان أن يصوم هذه التسع تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، أي أن يصوم من أول يوم من أيام ذي الحجة إلى اليوم التاسع منه.
*هل هناك أعمال مخصوصة تُفعل في هذه الأيام العشر غير الصيام؟
**هناك على أي حال أعمال البر على اختلاف أنواعها، فالصيام والتهجد وتلاوة القرآن الكريم والصدقات وأنواع البر كمساعدة الضعفاء والرحمة بالفقراء والوقوف بجانبهم كل من ذلك مما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى زلفى.
* إذا لم يتجاوز الحاج بأي حال من الأحوال وادي محسر قبل طلوع الشمس هل عليه دم؟
**إن كان قادراً على تجاوزه ولم يتجاوزه لزمه دم والله أعلم.
*إذا وجب دم على الحاج أو المعتمر هل يحق له أن يأكل منه وإذا أكل منه ماذا عليه؟
**إن كان دم فدية فلا يأكل منه وإن أكل أعاده والله أعلم.
*إذا عرفنا أن الإسبال يفسد الصلاة فما حكم صوم وحج من يسبل متعمداً؟
**أما الصيام فإن كان الصائم مصراً على الإسبال في صيامه فلا ريب أن صيامه باطل لإصراره على كبيرة أثناء الصوم وأما الحج فمن أسبل فيه إحرامه فعليه دم والله أعلم.
*رجل معتمر وأثناء الطواف تلاصق جسمه بامرأة بغير عمد منه ثم خرج المني منه فما المطلوب منه أن يفعل بعد ذلك وإن فعل متعمداً فما يلزمه في كلا الحالين؟
**الذي يطوف ببيت الله الحرام إنما يتجه بعقله وقلبه وأحاسيسه ومشاعره إلى الله العزيز الحكيم فيبعد جداً من مؤمن يخشى الله ويتقيه ويستشعر عظمته أن يستشعر في مثل ذلك الموقف لذة ملامسة امرأة حتى يفضى به إلى الإنزال إنما هذا شأن الذين لا يخشون الله ولا يتقونه ولا يعظمونه شيئاً من حرمات الله عز وجل ومن فعل ذلك عمداً فلا ريب أنه تفسد عمرته بجانب ما يجب عليه من التوبة إلى الله - عز وجل - من صنيعه هذا فإن هذه معصية والمعصية يضاعف وزرها بمكة المكرمة فضلاً عن كونها بجوار بيت الله تعالى الحرام وبجانب هذا أيضاً تلزمه إعادة العمرة كما تلزمه بدنة لأنه أفسد إحرامه بما يشبه الجماع وهو الإنزال عمداً مع ملامسة امرأة أجنبية أما الذي يقع ذلك منه عن كره وهو غير راض بذلك فإنه لا يكلف ما لا يتحمله فعليه أن يسارع إلى التطهر وعليه أن يرجع ليبدأ الطواف من جديد ولكنني كما قلت أستبعد جداً أن يحدث ذلك لمؤمن يخشى الله ويتقيه ويعظم حرماته ويستشعر عظمته وجلاله في مثل ذلك الموقف العظيم إذ من البعيد جداً أن يشتغل مؤمن في مثل ذلك الموقف العظيم إذ من البعيد جداً أن يشتغل مؤمن في مثل ذلك الموقف لشهوة النساء والله أعلم.
*رجل حج ولما وصل إلى بلده تبين له أنه طاف طواف الإفاضة ستة أشواط فقط فماذا يلزمه؟
**إن كان لم يجامع أهله ورجع إلى الحرم وأعاد طواف الإفاضة في عامه يتم حجه على رأي بعض العلماء وهو أرخص ما قيل في المسألة وإن كان غير ذلك فلا بد من إعادة الحج.
*من ابتلي بسرعة تساقط شعره فعلى تقدير أنه حك حكة خفيفة وسقط شيئاً من شعره؟
**أما الشعر الذي يتساقط بنفسه من غير أن يؤثر عليه بحكه فهذا شعر ميت ولا يلزمه بسببه شيء، لا عليه في ذلك حرج.
*طلبة مغتربون في الغرب ويريدون أن يضحوا وعندهم ثلاث طرق إما أن يتصلوا بأهاليهم في بلدانهم ليضحوا عنهم هنا، أو أن يتعاملوا مع جمعيات إسلامية تضحي عنهم في أحد البلدان المسلمة الفقيرة، أو أن يتعاقدوا مع تاجر ليذبح عنهم في صبيحة يوم العيد حسب تسلسل الأسماء ثم يذهبوا بعد ذلك لاستلام الأضاحي منه، فأي هذه الطرق أولى وأقرب للسنة؟
**بناء على هذا فإنني أرى الطريقة الثالثة هي الطريقة المثلى، لأنها طريقة تتفق مع السنة، إذ الأضحية إنما تكون في المكان الذي فيه المضحي، لأن الأضحية إنما تكون بعد أدائه الصلاة، ومن المعلوم أن هنالك تفاوتاً في أوقات الصلاة بين الأقطار، فقد تتقدم صلاة العيد في مكان وتتأخر في مكان آخر، فلو أنه كان ببلاد الغرب وضحى عنه أهله وهم في بلاد الشرق فلربما ضحوا عنه بعدما يصلون وقبل أن يصلي هو.
فإذن الطريقة الثالثة هي الطريقة المثلى، وإن تعذرت هذه الطريقة ففي هذه الحالة إنما ينبغي أن ينيب من يضحي عنه ولو في مكان بعيد بشرط أن يتصل به بعد أن يصلي هو ليضحي عنه في ذلك الوقت، يُشعره بأنني صليت فضحِ عني. في هذه الحالة نرجو من الله تبارك وتعالى له القبول.
*من أخذ شيئاً من تفثه عمداً هل يؤثر على أضحيته؟
**أما التأثير على الأضحية فلا، ولكن ذلك خلاف السنة، ولا ينبغي لأحد أن يتعمد خلاف السنة بحال.
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة