الأمر بالمعروف في رحمة الله تعالى ...
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لازم من لوازم الحياة ؛ فأصبح في عصرنا الحاضر لا يعطى لهذا المبدأ أهمية.
فبتقلبات الحياة وتطورها أصبح المرء بعيداً كل البعد عن السلوكيات المستقيمة إلا عند البعض واقول عند البعض اي عند فئة قليلة من المجتمع حتى اصبحت الأمور في هذه الأيام يندى لها الجبين من تركٍ للصلاة ولهو ولعب ومشاهدة القنوات والسهر حتى ساعة متأخرة من الليل ومؤذن صلاة الفجر ينادي حي على الفلاح، أين ذلكم الجمع الذي كان أمام الشاشات أين اختفى!؟ لم تجد إلا كبار السن وبعض الشباب أتوا إلى صلاة الفجر والآخر في ... فصلاة الفجر من الصلوات الثقيلة على المنافقين ، فقد روى أحد المؤرخين وهذا الحدث حدث في فلسطين عندما صاح أحد المسلمين في وجه أحد اليهود بقوله سيأتي يوم وينطق معنا الشجر والحجر فيقول يا مسلم ورائي يهودي فاقتله ، فقال اليهودي ليس أنتم فتعجب المسلم فقال: من هم؟ قال: هم الذين يكون عدد المصلين في صلاة الفجر كعدد المصلين في صلاة الجمعة ). فهذا اليهودي يدرك مدى قوة المسلمين ومكمنها ؛ ولكن نحن وللأسف غلبتنا الحياة.
أخي القارئ: في هذه الأيام تخلى المسلمون عن مبادئ عظيمة التي تجعلنا في رحمة بين يدي الله تعالى وهي السعي إلى نصح الناس بالأمر بالمعروف وحثهم على الصلاة والمبادئ والقيم.
لأن هذا المبدأ يعد من أهم الأمور وأفضل القربات لأن به التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق والصبر عليه. لأن العمل به تستقيم إليه الأمور، والعناية به كسب للمجتمعات؛ لأن في تحقيقه مصلحة ونجاة، وفي إهماله الخطر العظيم وفساد كبير، واختفاء للفضائل، وانتشارً للرذائل.
وقد أوضح الله جل وعلا في كتابه العظيم منزلته ، وبيّن سبحانه أن منزلته عظيمة، حتى إنه سبحانه في بعض الآيات قدمه على الإيمان، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام، كما في قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه)
آل عمران:110.
ولا نعلم السر في هذا التقديم، إلا إن هذا الواجب له شأنٌ عظيم ، و يترتب عليه من المصالح العظيمة العامة، ولا سيما في هذا العصر، فإن حاجة المسلمين وضرورتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شديدة؛ لظهور المعاصي، والتفسخ الخلقي وتكالب الأعداء عليهم .
ولو رجعنا إلى عهد سابق وفي أمة بني إسرائيل كيف وصل بهم الحال عندما تركوا هذا المبدأ، قال الله جل وعلا في حقهم: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) المائدة:78. فقد طردهم الله تعالى من رحمته ، فلينتبه المسلم لذلك..
فعندما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم وآكلوهم وشاربوهم فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم على لسان أنبيائهم داود وعيسى ابن مريم ( ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) البقرة:61.
وفي لفظ آخر: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تفعل من المعاصي ثم يلقاه في الغد فلا يمنعه ما رآه منه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم ).
فعلينا أن نحذر من أن يصيبنا ما أصاب أولئك.
وقد جاء في بعض الأحاديث أن إهمال هذا الواجب وعدم العناية به ـ أعني واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ من أسباب رد الدعاء وعدم النصر. فهذه مصيبة عظيمة جداً إن لم نتداركها الآن، ستكون الكوارث العظيمة، والشرور الكثيرة، وتفترق الأمة، وتقسوا القلوب أو تموت، وتظهر الرذائل وتنتشر، وتختفي الفضائل ويهضم الحق، ويظهر صوت الباطل.
وهذا أمر واقع الآن في كل موطن من مواطن المسلمين وللأسف الشديد ، لا يؤمر فيها بالمعروف ولا ينهى فيها عن المنكر، فانتشرت فيها الرذائل والمنكرات وساد فيها الفساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد جاءت سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاثة على الأمر بالمعروف ومؤيدة هذا الأمر، وتبينه ذلك في أعظم بيان ، فيقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) اخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وفي حديث آخر أيضاً : عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله عز وجل: امروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أستجيب لكم وقبل أن تسألوني فلا أعطيكم وقبل أن تستنصروني فلا أنصركم ).
وفي لفظ آخر من حديث حذيفة يقول عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم رواه الإمام أحمد.
و في سورة التوبة قدم سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما ذلك إلا لعظم شأنه كما ذكرته سابقاً.
فقال سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة:71].
ولأن بتحقيقه هذا المبدأ تصلح الأمة، ويكثر فيها الخير.
وأخيراً فعلى أولياء الأمور أن يأمروا بالمعروف ،ان ينهوا عن المنكر وأن يأخذوا أبناءهم إلى المساجد للصلاة ودور العلم لأن بصلاحهم وتأدية الصلاة يصلح حالهم ،لأن الصلاة مفتاح إلى كل خير ، فبذلك سيرحمنا الله تعالى برحمته.
ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر اللهم آمين...
منقول للفائدة
|