السؤال :
ما هو برنامج المحاسبة الذي تقترحونه على الإنسان كي يحس ائماً بنقصه وتقصيره ؟
الجواب:
الإنسان عليه أن يستشعر أولاً عظم حق الله تعالى عليه ، لأن الله خلقه من عدم وهو ملك لله تبارك وتعالى ، والله سبحانه الذي خلقه من عدم أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، فقد منّ عليه بهذه الحياة ، منّ الله سبحانه وتعالى بما تزخر به الحياة من نعم .
لو أن هذا الإنسان أمد الله تعالى في عمره وعاش عمر نوح وقصر حياته كلها من أول عمره إلى آخر عمره في شكر أدنى نعمة من هذه النعم لما وفى بشكرها ، فكيف بعظام هذه النعم .
كيف لو أن هذا الإنسان انقطع عنه النفس ، لو ارتفع هذا الأكسجين الذي جعله الله تبارك وتعالى في هذا الجو الذي يعيش فيه الإنسان وضاق به الخناق ، كيف تكون حالته ، الله تبارك وتعالى منّ عليه بهذا النفس الذي يتنفسه ، أوجد في نفسه جهاز التنفس ، أوجد فيه الرئتين ثم مع ذلك هيأ له هذا الجو الطيب اللطيف الذي يستنشق منه الأكسجين في نومه وفي يقظته في حركته وفي سكونه ، في ذكره وفي غفلته ، في فرحه وفي ترحه في جميع أحواله .
ما قيمة هذا الأكسجين ؟ قيمة عظيمة . لو أنه انقطع عن الإنسان وكانت الدنيا كلها بيده فإنه يبذل هذه الدنيا من أجل هذا الأكسجين .
والله تعالى هيأ له الغذاء وهيأ له الشراب ( قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً* مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) (عبس:17-32) ، بأي قدرة يمكن للإنسان أن يفعل ذلك ؟ بأي وسيلة لو أن الله تعالى أمسك قطر سمائه أو أمسك نبات أرضه يمكن للإنسان أن يستخرج هذا النبات أو يستنزل هذا الماء .
لو أن الماء لم توجد فيه خاصية الإنبات ، والأرض لم توجد فيها خاصية النبات كيف كان الأمر ؟
ثم إن الإنسان لو لم يهيئ له الحق سبحانه وتعالى جهاز الهضم بأي وسيلة كان يمكن أن يستمرئ هذا الطعام ؟
كل من ذلك يدعو الإنسان إلى أن يفكر في أمره ، وأن يذكر حق الله تبارك وتعالى عليه .
ثم إن الله تعالى أمره بواجبات ونهاه عن مناه . أمره بأن يعبده حق عبادته ، وأن يطيعه في سره وعلانيته فعليه أن يحاسب نفسه في هذه العبادة ، وأن يحاسب نفسه في هذه الطاعة ، في امتثال أوامر الله وفي الازدجار عن نواهيه ، والله تعالى المستعان .
سؤال :
ما نصيحتكم للذي يحمل الجانب العلمي في حياته وقد نذر نفسه لتعليم الأبناء وتفهيمهم الأمور العملية كيف يستغل الإجازة ؟
الجواب :
يستغل الإجازة في الخير ، يجب على كل إنسان أن يحرص على أن يجعل من نفسه أستاذاً لجيله ، ويجب على كل أب وعلى كل أم أن يجعل من بيتهما أيضاً مدرسة للطفل ، ويجب على كل من آتاه الله سبحانه وتعالى مقدرة في العلم وملكة في الفهم أن يستغل ذلك في جذب الناس إلى الخير وتبصيرهم بالحق وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم ما خفي عليهم من أمر دينهم ، من خلال هذا تسير السفينة إلى الأمام في خط الملاحة الصحيح .
سؤال :
كيف نطبق حديث النبي صلى الله عليه وسلّم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) ، والحديث الآخر ( اغتنم خمسا قبل خمس منها فراغك قبل شغلك ) ؟
الجواب :
الفراغ نعمة كبيرة يُسئل عنها العبد يوم القيامة ، وكما قلنا الحياة كلها يُسئل عنها الإنسان لأنها هي وعاء النعم جميعاً ، وهذا الفراغ يجب أن يسخره الإنسان في المصلحة ، وكم من أمور تتطلب هذا الفراغ ، هناك إصلاح للمجتمع ، هناك دعوة إلى الخير وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، هناك تعليم للعلوم النافعة ، هناك دعوة للبشرية إلى الإسلام وتعريفهم بحقيقة الإسلام ، هذه الدعوة يمكن أن تستغل لها الآن الوسائل الحديثة وسائل الإعلام المختلفة ، ومن بينها الآن شبكة المعلومات التي يمكن أن تقرب البعيد وأن يتوصل الإنسان من خلالها إلى بث الأفكار في أنحاء مختلفة من العالم وعلى صنوف مختلفة من الناس ، هكذا يجب على الإنسان لا يفوت هذه الفرصة ، فالفراغ إذن تتنازعه نوازع مختلفة ، وعلى الإنسان أن يحرص على تسخيره في الخير .
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة