ويرى "هومل" أن السبب الذي من أجله ذكر اسم "شعر أوتر" في هذا النص هو لأجل أن ينتقم الإله "المقه" التي دعا في هذا النص منه، ولكي ينزل رحمته ونعمته على "الشرح" وعلى شقيقه "يأزل". الذين استطاعا في النهاية أن بنتصرا على خصمهما "شعر أوتر"، وأن "شعر أوتر" هذا هو الذي قصده أحد النصوص، حيث أشير إلى الإنسان الذي ثار على سيده.
وقد وردت في هذا النص جملة "ارضن *********ن"، أي "أرض *********ان"، و "محرم بعل اوعلن" "محرم بعل أوعلان"، و "شعب صروح"، أي قبيلة صرواح.
ونشر في مجلة Le Museon نص آخر. ذكر فيه اسم "الشرح يحضب" وقد وردت قبل اسم "الشرح يحضب" جملة "ملك سبأ وذو ريدان ابن"، وقبلها ثلاثة أحرف هي: "ح م د" "حمد"، وهي بقايا كلمة. ويظهر أن أصحاب النص قد تيمنوا بذكر اسم أحد أبناء "الشرح يحضب" ممن كانوا ملوكاً على سبأ وذي ريدان. غير إن هذا الاسم طمست معالمه بفعل العوامل الطبيعية وتقادم العهد، فلم يبق منه أثر. وذكرت بعد "الشرح يحضب" جملة "مك سبأ وذو ريدان".
وقد لفتت بعض الكتابات، قدّر بعض الباحثين عددها بأحد عشر نصاً، أو أكثر من ذلك بقليل، أنظار العلماء إليها، لأنها لم تذكر اسم "يأزل بين" خلافاً للكتابات الأخرى التي يربو عددها على هذا العدد، والتي تذكر اسم الشقيقين معاً. فاستنتج من اغفال تلك النصوص لاسيم "يأزل" أن حدثاً وقع له أخذه إلى العالم الثاني، وذلك في حياة اخيه "الشرح يحضب"، فصار الحكم إلى "الشرح يحضب" وحده، وبقي على ذلك إلى أن بدا له ما حمله على اشراك ابنه معه في الحكم، فصار اسم ابنه يرد بعد اسمه في الكتابات.
ويواجه هذا الاستنتاج مشكلة ليس من السهل حلها. مشكلة عثور الباحثين على كتابات ورد فيها اسم "يأزل بين" مدوناً فيها بعد اسم أحد أبناء "الشرح يحضب". ومعنى هذا إن "يأزل بين" لم يكن قد مات في أيام "الشرح"، بل بقي حياً وشهد نفسه وفاة شقيقه ثم عاش فعاصر حكم أحد أبناء شقيقه. فلا يمكن الأخذ إذن برأي من يقول انه كان قد أدركه أجله في حياة أخيه، اللهم الا اذا قلنا إن "يأزل بين" المذكور بعد "نشأكرب يهأمن يهرجب"، وهو ابن "الشرح يحضب"، لم يكن "يأزل بين" شقيق "الشرح يحضب"، بل شخصاً آخر، كأن يكون ابناً ل "وتر يهأمن" شقيق "نشأكرب"، أو ابناً ل "نشأكرب نفسه". وعندئذ يكون في امكاننا الادعاء بوفاة "يأزل" شقيق "الشرح" في حياة أخيه.
وهناك احتمال آخر قد يكون مقبولاً للعقل أكثر من الاحتمال الأول، هو احتمال بقاء "يأزل" حياً وادراكه أيام حكم أولاد شقيقه. وعندئذ يمكن تفسير اختفاء اسمه في الكتابات في الأيام المتأخرة من حكم "الشرح" بوقوع خصومة بين الأخوين اشتدت حتى أدت إلى وقوع قطيعة بينهما والى حذف اسم "يأزل"، وهو أصغر سناً من أخيه من الكتابات. أي إلى خلعه وتجريده من اللقب الرسمي وهو لقب الحكم. وقد بقي مخاصاً لشقيقه حتى أدركت شقيقه، ثم مخاصماً لابن أخيه "وتر يهأمن" إلى ولاية شقيقه "نشأكرب يهأمن يهرحب" الحكم. فلما ولي "نشأكرب" عرش "سبأ وذي ريدان" " أشرك عمه معه في الحكم، ولهذا أدرج اسمه من جديد في الكتابات، ادرج بعد اسم "نشأكرب" الملك الفعلي وارث العرش.
أما كيف أشرك "يأزل" مع ابن أخيه في الحكم، وكيف عاد مرة ثانية إلى الحياة الرسمية العامة? فليس في استطاعتنا الجواب عن ذلك جواباً أكيداً. ولا يستبعد احتمال قيام أناس بالتوسط بين العم وبين ابن أخيه لاصلاح ذات بينهما، وقد يكون "نشأكرب" هو الذي صالح عمه وأرضهاه، لداقع شخصي، أو لمصلحة رآها، أو لاضطراره إلى ترضيته، لضف مكانته أو شخصيته، ناًراد الاستعانة به لتقوية مركزه. على كل فاذا كان "يأزل بين" هذا، هو "يأزل بين" شقيق "الشرح" فيحب أن يكون قد تقدم في السن حين عاد إلى الحكم.
ولدينا نص من نصوص ال "وتف" أمر به "الشرح" ولم يذكر اسم أخيه فيه، وقد وجه به إلى قبيلة "يرسم" في شهر "ذو نسور الأول" وفي وفي السنة السادسة من بني "معد يكرب بن تبع كرب" "معد كرب بن تبع كرب" من آل "حزفرم" "حزفر"، وقد ذكرت فيه أسماء عدد من سادات هذه القبيلة. وفي النص حديث عن أحوال المزارعين والفلاحين والآبقين الذين يهربون من المزرعة إلى مزارع أخرى، ولا سيما من الأرض التي يشمل أحكامها هذا النص، وهي: وادي "يفعن" "يفعان"، وأرض "يبلح"، وهي من "رأس مق...ن" إلى "غضران".
ويتبين من هذا النص أن الفلاحين، وأكثرهم من المسخرين، كانوا يفرّون من مزارعهم، للتخلص من عملهم المرهق الشاق فيها، ولعدم تمكنهم من كسب قوتهم، فصدر هذا الأمر في معالجة هذه المشكلة. وهي مشكلة أدت إلى تلف المزارع، واعراض الناس عن الزراعة بسبب اكراه الفلاحين على العمل فيها صخرة، ولقسوة أصحاب الأرض وموظفي الحكومة عليهم.
وقد عثر في أرض "شبام سخيم" على كتابة، ذكر فيها "الشرح يحضب" وابنه، وأقيال "سمعي" وهم من سخيم، وذكر بيت "ريمان". و"ريمان" هم من القبائل التي ذكرت في عدد من الكتابات.
وقد جاء اسم "الشرح يحضب" وحده في النصوص: "أحمد فخري:94و 95و 123"، وهي من نصوص هذا العهد: عهد انفراد "الشرح" بالحكم، متلقباً ب "ملك سبأ وذي ريدان".
ويعود النص Jamme 571 إلى هذا العهد كذلك، وهو نص يتوسل فيه صاحبه إلى إلهه بأن يمنّ عليه بالسعادة والعافية، وبأن يبارك في أثماره "اثمرن" وفي حاصل حصاده "افقلم"، وبأن يبعد عنه كل شرّ، ويرد عنه كيد الكائدين، وحسد الشانئين.
وأما النص: Jamme 567 ، فقد كتب في هذا العهد أيضاً. دوّنه رجل اسمه "ابامر اصدق" "أبأمر أصدق" "أب أمر أصدق"، وهو من بني "صريهو معد كرب" "صريهو معد يكرب"، وولداه "برلم" "برل"، و "كربعثت" "كرب عثت"، وذلك عند تقديمهم ثلاثة تماثيل من ذهب إلى الإله "المقه ثهوان"، وذلك لمناسبة نوم "برلم" الذي أصابه وألمّ به، في شهر "عثتر" من سنة "سمهكرب بن ابكرب" "سمهوكرب بن أبكرب" من بني "حذمت" "حذمة"، ولمناسبة الحكم الذي رآه في منامه وتحقق فيما بعد، ولمناسبة شفائه من مرضه. ولكي يديم نعمه عليهم جميعاً، ويعطيهم ذرية طيبة صحيحة، وثماراً كثيرة وحصاداً جيداً وغلة وافرة، ويمن على سيدهم "الشرح يحضب، ملك سبأ وذي ريدان، بن فرعم ينهب ملك سبأ".
والى هذا العهد أيضاً يعود النص: Jamme 572. وقد دوّنه ضابطان كبيران "مقتوي" من ضباط "الشرح يحضب ؛ ملك سبأ وفي ريدان"، لمناسبة تقديمها تمثالاً من رصاص أو نحاس "صرفن" "صراف"، يزن ثلاثمئة "رضف"، تعبيراً عن حمدهما وشكرهما له، لأنه من على سيدهما "الشرح يحضب" بالشفاء والصحة، ونجاه من عاقبة مرضه "بن مرض مرض بهجرن مرب"، بمدينة "مأرب". ولكي ينعم عليه ويزيل عنه كل بأس "باستم" وكل أرق "مقيظم" أصابه، ولكي ينعم عليهما ويسعدهما ويبعد عنهما حسد الحاسدين وأذى الأعداء.
ويتبين من هذا النص أن مرضاً نزل بالملك "الشرح يحضب"، وهو بمأرب وقد أصيب بأرق "مقيظم" وقلق، ولم يذكر النص سبب المرض، ولكن يظهر أنه كان قد أصيب بأعياء وتعب بدني ونفسي، حتى استولى عليه الأرق والاضظراب، ولهذا توسل هذان الضابطان إلى الإله "المقه" بأن يشفي سيدهما مما ألمّ به.
وتعد الكتابات: Jamme 568 و Jamme 569و Jamme 570من نصوص هذا العهد. وصاحب النص الأول رجل اسمه "سعد شمس اسرع" وهو من "جرت" "جرة"، وكان من أقيال عشيرة "ذمرى". وقد قدم هو وابنه "مرثدم يهحمد" مرثد يهحمد، إلى الإله المقه تمثالاً، ليمنّ على سيدهما الملك، وليحفظه من كل سوء، ولكي يبارك فيهما ويزيد نعمه عليهما وعلى أهلهما من "جرت" وعلى قبيلتهما قبيلة "سمهرن" سمهران.
ملاك الشرق
&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&& |
|