تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 1 - عددالزوار : 2 )           »          تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تبليغ عن مشاركة بواسطة alaa_eg (اخر مشاركة : alaa_eg - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          [ رَسَائِل ..إلَى مَا لانِهَايَة..] ! (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 705 - عددالزوار : 103383 )           »          دعونا نـ ـلون جدراننـ ـا بضجيج أقـ ـلامنــا (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 2080 - عددالزوار : 169762 )           »          سجل دخولك للقسم العام بـحـكـمـتـك لهذا اليوم (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 618 - عددالزوار : 92448 )           »          ســجـل حـضــورك بالصـلاة علـى النبي (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 72 - عددالزوار : 24210 )           »          سجل دخولك وخروجك بالاستغفار (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 81 - عددالزوار : 33802 )           »          همسات قبل حلول شهر رمضآن المبارك .. (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 9 - عددالزوار : 18833 )           »          عندك مشكلة..تفضل مع دكتوره دبدوبــ،،ــهـ (اخر مشاركة : البريء - عددالردود : 166 - عددالزوار : 58552 )           »         
 

 

منتديات حصن عمان

الرئيسية مركز التحميل المتواجدون الآن مشاركات اليوم
العودة   منتديات حصن عمان > الأبراج التربوية > برج التقارير والبحوث > التربية الإسلامية
 

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((31))

 
قديم 22-03-2010   #1
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((31))

 

{ أبو جابر عبدالله بن عمرو بن حرام - ظليل الملائكة }

عندما كان الأنصار السبعون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية ، كان عبدالله بن عمرو بن حرام ، أبو جابر بن عبدالله أحد هؤلاء الأنصار..
ولما اختار الرسول صلى الله عليه وسلم منهم نقباء ، كان عبدالله بن عمرو أحد هؤلاء النقباء.. جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبا على قومه من بني سلمة..
ولما عاد الى المدينة وضع نفسه ، وماله ، وأهله في خدمة الاسلام..
وبعد هجرة الرسول الى المدينة ، كان أبو جابر قد وجد كل حظوظه السعيدة في مصاحبة النبي عليه السلام ليله ونهاره..
وفي غزوة بدر خرج مجاهدا ، وقاتل قتال الأبطال..
وفي غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو..
وغمره احساس صادق بأنه لن يعود ، فكاد قلبه يطير من الفرح!!
ودعا اليه ولد جابر بن عبدالله الصحابي الجليل، وقال له:
" اني لا أراني الا مقتولا في هذه الغزوة..
بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين..
واني والله ، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وان عليّ دينا ، فاقض عني ديني ، واستوص باخوتك خيرا"..
وفي صبيحة اليوم التالي ، خرج المسلمون للقاء قريش..
قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم الآمنة..
ودارت معركة رهيبة ، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا ، كان يمكن أن يكون نصرا حاسما ، لولا أن الرماة الذين امرهم الرسول عليه السلام بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين ، فتركوا مواقعهم فوق الجبل ، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم..
هذا الجيش الذي جمع فلوله سريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما ، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراء ، فتحوّل نصر المسلمين الى هزيمة..
في هذا القتال المرير ، قاتل عبدالله بن عمرو قتال مودّع شهيد..
ولما ذهب المسلمون بعد نهاية القتال ينظرون شهدائهم.. ذهب جابر ابن عبداله يبحث عن أبيه ، حتى ألفاه بين الشهداء ، وقد مثّل به المشركون ، كما مثلوا يغيره من الأبطال..
ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيد الاسلام عبدالله بن عمرو بن حرام ، ومرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكونه ، فقال:
" ابكوه..
أو ،لا تبكوه..
فان الملائكة لتظلله بأجنحتها"..!!
كان ايمان أبو جابر متألقا ووثيقا..
وكان حبّه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه..
ولقد أنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فيما بعد نبأ عظيم ، يصوّر شغفه بالشهادة..
قال عليه السلام لولده جابر يوما:
" يا جابر..
ما كلم الله أحدا قط الا من وراء حجاب..
ولقد كلّم كفاحا _أي مواجهة_
فقال له: يا عبدي، سلني أعطك..
فقال: يا رب ، أسألك أن تردّني الى الدنيا، لأقتل في سبيلك ثانية..
قال له الله:
انه قد سبق القول مني: أنهم اليها لا يرجعون.
قال: يا رب فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة..
فأنزل الله تعالى:

(ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما أتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم. ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)".
وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم الأبرار ، بعد فراغ القتال في أحد..
وعندما تعرف أهل عبدالله بن عمرو على جثمانه ، حملته زوجته على ناقتها وحملت معه أخاها الذي استشهد أيضا ، وهمّت بهما راجعة الى المدينة لتدفنهما هناك ، وكذلك فعل بعض المسلمين بشهدائهم..
بيد أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق بهم وناداهم بأمر رسول الله أن:
" أن ادفنوا القتلى في مصارعهم"..
فعاد كل منهم بشهيده..
ووقف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يشرف على دفن أصحابه الشهداء ، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وبذلوا أرواحهم الغالية قربانا متواضعا لله ولرسوله.
ولما جاء دور عبدالله بن حرام ليدفن ، نادى رسول الله صلى اله عليه وسلم:
" ادفنوا عبدالله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين"..



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((32))

 
قديم 22-03-2010   #2
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((32))

 

{ عمرو بن الجموح - أريد أن أخطر بعرجتي في الجنة }

انه صهر عبدالله بن حرام ، اذ كان زوجا لأخته هند بن عمرو..
وكان ابن الجموح واحدا من زعماء المدينة ، وسيدا من سادات بني سلمة..
سبقه الى الاسلام ابنه معاذ بن عمرو الذي كان أحد الأنصار السبعين ، أصحاب البيعة الثانية..
وكان معاذ بن عمرو وصديقه معاذ بن جبل يدعوان للاسلام بين أهل المدينة في حماسة الشباب المؤمن الجريء..
وكان من عادة الناس هناك أن يتخذ الأشراف من بيوتهم أصناما رمزية غير تلك الأصنام الكبيرة المنصوبة في محافلهاؤر، والتي تؤمّها جموع الناس..
وعمرو بن الجموح مع صديقه معاذ بن جبل على أن يجعلا من صنم عمرو بن جموح سخرية ولعبا..
فكانا يدلجان عليه ليلا ، ثم يحملانه ويطرحانه في حفرة يطرح الناس فيه فضلاتهم..
ويصيح عمرو فلا يجد منافا في مكانه ، ويبحث عنه حتى يجده طريح تلك الحفرة.. فيثور ويقول:
ويلكم من عدا على آلهتنا الليلة..!؟
ثم يغسله ويطهره ويطيّبه..
فاذا جاء ليل جديد ، صنع المعاذان معاذ بن عمرو ومعاذ بن جبل بالصنم مثل ما يفعلان به كل ليلة.
حتى اذا سئم عمرو جاء بسيفه ووضعه في عنق مناف وقال له: ان كان فيك خير فدافع عن نفسك..!!
فلما اصبح فلم يجده مكانه.. بل وجده في الحفرة ذاتها طريحا، بيد أن هذه المرة لم يكن في حفرته وحيدا ، بل كان مشدودا مع كلب ميت في حبل وثيق.
واذا هو في غضبه ، وأسفه ودهشه ، اقترب منه بعض أشراف المدينة الذين كانوا قد سبقوا الى الاسلام.. وراحوا ، وهم يشيرون بأصابعهم الى الصنم المنكّس المقرون بكلب ميت ، يخاطبون في عمرو بن الجموح عقله وقلبه ورشده، محدثينه عن الاله الحق ، العلي الأعلى ، الذي ليس كمثله شيء.
وعن محمد الصادق الأمين ، الذي جاء الحياة ليعطي لا ليأخذ.. ليهدي ، لا ليضل..
وعن الاسلام ، الذي جاء يحرر البشر من الأعلال ، جميع الأغلال ، وجاء يحيى فيهم روح الله وينشر في قلوبهم نوره.
وفي لحظات وجد عمرو نفسه ومصيره..
وفي لحظات ذهب فطهر ثوبه، وبدنه.. ثم تطيّب وتأنق ، وتألق ، وذهب عالي الجبهة مشرق النفس ، ليبايع خاتم المرسلين ، وليأخذ مكانه مع المؤمنين.
قد يسأل سائل نفسه ، كيف كان رجال من أمثال عمرو بن الجموح.. وهم زعماء قومهم وأشراف.. كيف كانوا يؤمنون بأصنام هازلة كل هذا الايمان..؟
وكيف لم تعصمهم عقولهم عن مثل هذا الهراء.. وكيف نعدّهم اليوم ، حتى مع اسلامهم وتضحياتهم ، من عظماء الرجال..؟
ومثل هذا السؤال يبدو ايراده سهلا في أيامنا هذه حيث لا نجد طفلا يسيغ عقله أن ينصب في بيته خشبة ثم يعبدها..
لكن في أيام خلت، كانت عواطف البشر تتسع لمثل هذا الصنيع دون أن يكون لذكائهم ونبوغهم حيلة تجاه تلك التقاليد..!!
وحسبنا لهذا مثلا أثينا..

أثينا في عصر باركليز وفيثاغورس وسقراط..
أثينا التي كانت قد بلغت رقيّا فكريا يبهر الألباب ، كان أهلها جميعا : فلاسفة ، وحكاما ، وجماهير يؤمنون بأصنام منحوتة تناهي في البلاهة والسخرية!!
ذلك أن الوجدان الديني في تلك العصور البعيدة ، لم يكن يسير في خط مواز للتفوق العقلي...
أسلم عمرو بن الجموح قلبه ، وحياته لله رب العالمين ، وعلى الرغم من أنه كان مفطورا على الجود والسخاء ، فان الاسلام زاد جوده مضاء ، فوضع كل ماله في خدمة دينه واخوانه..
سأل الرسول عليه الصلاة والسلام جماعة من بني سلمة قبيلة عمرو بن الجموح فقال:
من سيّدكم يا بني سلمة..؟
قالوا: الجدّ بن قيس، على بخل فيه..
فقال عليه الصلاة والسلام:
وأي داء أدوى من البخل!!
بل سيّدكم الجعد الأبيض، عمرو بن الجموح..
فكانت هذه الشهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تكريما لابن الجموح ، أي تكريم..!
وفي هذا قال شاعر الأنصار:

فسوّد عمرو بن الجموح لجوده
وحق لعمرو بالنّدى أن يسوّدا
اذا جاءه السؤال أذهب ماله
وقال: خذوه ، انه عائد غدا
وبمثل ما كان عمرو بن الجموح يجود بماله في سبيل الله ، أراد أن يجود بروحه وبحياته..
ولكن كيف السبيل؟؟
ان في ساقه عرجا يجعله غير صالح للاشتراك في قتال.
وانه له أربعة أولاد ، كلهم مسلمون ، وكلهم رجال كالأسود ، كانوا يخرجون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزو ، ويثابرون على فريضة الجهاد..
ولقد حاول عمرو أن يخرج في غزوة بدر فتوسّل أبناؤه الى النبي صلى الله عليه وسلم كي يقنعه بعدم الخروج ، أو يأمره به اذا هو لم يقتنع..
وفعلا ، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الاسلام يعفيه من الجهاد كفريضة ، وذلك لعجزه الماثل في عرجه الشديد..
بيد أنه راح يلحّ ويرجو.. فأمره الرسول بالبقاء في المدينة.
وجاءت غزوة أحد فذهب عمرو الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل اليه أن يأذن له وقال له :
" يا رسول الله انّ بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك الى الجهاد..
ووالله اني لأرجو أن، أخطر بعرجتي هذه في الجنة"..
وأمام اصراره العظيم أذن له النبي عليه السلام بالخروج ، فأخذ سلاحه ، وانطلق يخطر في حبور وغبطة ، ودعا ربه بصوت ضارع :
" اللهم ارزقني الشهادة ولا تردّني الى أهلي".
والتقى الجمعان يوم أحد..
وانطلق عمرو بن الجموح وأبناؤه الأربعة يضربون بسيوفهم جيوش الشرك والظلام..
كان عمرو بن الجموح يخطر وسط المعمعة الصاخبة، ومع كل خطرة يقطف سيفه رأسا من رؤوس الوثنية..
كان يضرب الضربة بيمينه ، ثم يلتفت حواليه في الأفق الأعلى ، كأنه يتعجل قدوم الملاك الذي سيقبض روحه ، ثم يصحبها الى الجنة..
أجل.. فلقد سأل ربه الشهادة ، وهو واثق أن الله سبحانه وتعالى قد استجاب له..
وهو مغرم بأن يخطر بساقه العرجاء في الجنة ليعلم أهلها أن محمدا رسول اله صلى الله عليه وسلم ، يعرف كيف يختار الأصحاب ، وكيف يربّي الرجال..!!
وجاء ما كان ينتظر.
ضربةسيف أومضت ، معلنة ساعة الزفاف..
زفاف شهيد مجيد الى جنات الخلد ، وفردوس الرحمن..!!
واذ كان المسلمون يدفنون شهداءهم قال الرسول عليه الصلاة والسلام أمره الذي سمعناه من قبل:

" انظروا، فاجعلوا عبدالله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد ، فانهما كانا في الدنيا متحابين متصافيين"..!!
ودفن الحبيبان الشهيدان الصديقان في قبر واحد ، تحت ثرى الأرض التي تلقت جثمانيهما الطاهرين ، بعد أن شهدت بطولتهما الخارقة.
وبعد مضي ست وأربعين سنة على دفنهما ، نزل سيل شديد غطّى أرض القبور ، بسبب عين من الماء أجراها هناك معاوية ، فسارع المسلمون الى نقل رفات الشهداء ، فاذا هم كما وصفهم الذين اشتركوا في نقل رفاتهم :
" ليّنة أجسادهم..
تتثنى أطرافهم"..!
وكان جابر بن عبدالله لا يزال حيا ، فذهب مع أهله لينقل رفات أبيه عبدالله بن عمرو بن حرام ، ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح..
فوجدهما في قبرهما ، كأنهما نائمان.. لم تأكل الأرض منهما شيئا ، ولم تفارق شفاههما بسمة الرضا والغبطة التي كانت يوم دعيا للقاء الله..
أتعجبون..؟
كلا ، لا تعجبوا..
فان الأرواح الكبيرة ، التقية ، النقية ، التي سيطرت
على مصيرها.. تترك في الأجساد التي كانت موئلا لها ، قدرا من المناعة
يدرأ عنها عوامل التحلل ، وسطوة التراب..



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((33))

 
قديم 22-03-2010   #3
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((33))

 

{ أبيّ بن كعب - ليهنك العلم ، أبا المنذر }

سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم :
" يا أبا المنذر..؟
أي آية من كتاب الله أعظم..؟؟
فأجاب قائلا :
الله ورسوله أعلم..
وأعاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سؤاله :
أبا المنذر..؟؟
أيّ أية من كتاب الله أعظم..؟؟
وأجاب أبيّ:
الله لا اله الا هو الحيّ القيّوم..
فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده ، وقال له والغبطة تتألق على محيّاه:
ليهنك العلم أبا المنذر"...

ان أبا المنذر الذي هنأه الرسول الكريم بما أنعم الله عليه من علم وفهم هو أبيّ بن كعب الصحابي الجليل..
هو أنصاري من الخزرج ، شهد العقبة ، وبدرا ، وبقية المشاهد..
وبلغ من المسلمين الأوائل منزلة رفيعة ، ومكانا عاليا ، حتى لقد قال عنه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما :
" أبيّ سيّد المسلمين"..
وكان أبيّ بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي ، ويكتبون الرسائل..
وكان في حفظه القرآن الكريم ، وترتيله اياه ، وفهمه آياته ،من المتفوقين..
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما :
" يا أبيّ بن كعب..
اني أمرت أن أعرض عليك القرآن"..
وأبيّ يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انما يتلقى أوامره من الوحي..
هنالك سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشوة غامرة:
" يا رسول الله بأبي أنت وأمي.. وهل ذكرت لك بأسمي"..؟؟
فأجاب الرسزل:
" نعم..
باسمك، ونسبك، في الملأ الأعلى"..!!
وان مسلما يبلغ من قلب النبي صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة لهو مسلم عظيم جد عظيم..
وطوال سنوات الصحبة ، وأبيّ بن كعب قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهل من معينه العذب المعطاء..
وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى ، ظلّ أبيّ على عهده الوثيق.. في عبادته ، وفي قوة دينه ، وخلقه..
وكان دائما نذيرا في قومه..
يذكرهم بأيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وماكانوا عليه من عهد ، وسلوك وزهد..
ومن كلماته الباهرة التي كان يهتف بها في أصحابه:
" لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوهنا واحدة..
فلما فارقنا ، اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا"..
ولقد ظل مستمسكا بالتقوى ، معتصما بالزهد، فلم تستطع الدنيا أن تفتنه أو تخدعه..
ذلك أنه كان يرى حقيقتها في نهايتها..
فمهما يعيش المرء ، ومهما يتقلب في المناعم والطيبات ، فانه ملاق يوما يتحول فيه كل ذلك الى هباء، ولا يجد بين يديه الا ما عمل من خير ، أو ما عمل من سوء..
وعن عمل الدنيا يتحدّث أبيّ فيقول:
" ان طعام ني آدم، قد ضرب للدنيا مثلا..
فان ملّحه ، وقذحه ، فانظر الى ماذا يصير"..؟؟
وكان أبيّ اذا تحدّث للناس استشرفته الأعناق والأسماع في شوق واصغاء..
ذلك أنه من الذين لم يخافوا في الله أحدا.. ولم يطلبوا من الدنيا غرضا..
وحين اتسعت بلاد الاسلام ، ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم في غير حق ، وقف يرسل كلماته المنذرة :
" هلكوا ورب الكعبة..
هلكوا وأهلكوا..
أما اني لا آسى عليهم ، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين".
وكان على كثرة ورعه وتقاه، يبكي كلما ذكر الله واليوم الآخر.
وكانت آيات القرآن الكريم وهو يرتلها، أو يسمعها ، تهزه وتهز كل كيانه..
وعلى أن آية من تلك الآيات الكريمة ، كان اذا سمعها أو تلاها تغشاه من الأسى ما لا يوصف..
تلك هي:
( قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم ، أو من تحت أرجلكم ، أو يلبسكم شيعا.. ويذيق بعضكم بأس بعض)..
كان أكثر ما يخشاه أبيّ على الأمة المسلمة أن يأتي عليها اليوم الذي يصير بأس أبنائها بينهم شديدا..
وكان يسأل الله العافية دوما.. ولقد أدركها بفضل من الله ونعمة..
ولقي ربه مؤمنا، وآمنا ومثابا..



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((34))

 
قديم 22-03-2010   #4
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((34))

 

{ أسامة بن زيد - الحبّ بن الحبّ }

جلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقسّم أموال بيت المال على المسلمين..
وجاء دور عبدالله بن عمر ، فأعطاه عمر نصيبه.
ثم جاء دور أسامة بن زيد ، فأعطاه عمر ضعف ما أعطى ولده عبدالله..
وإذا كان عمر يعطي الناس وفق فضلهم ، وبلائهم في الاسلام ، فقد خشي عبدالله بن عمر أن يكون مكانه في الاسلام آخرا، وهو الذي يرجو بطاعته ، وبجهاده ، وبزهده ، وبورعه ، أن يكون عند الله من السابقين..
هنالك سأل أباه قائلا:" لقد فضّلت عليّ أسامة ، وقد شهدت مع رسول الله ما لم يشهد"..؟
فأجابه عمر:
" ان أسامة كان أحبّ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك..
وأبوه كان أحب الى رسول الله من أبيك"..!
فمن هذا الذي بلغ هو وأبوه من قلب الرسول وحبه ما لم يبلغه ابن عمر ، وما لم يبلغه عمر بذاته..؟؟
انه أسامة بن زيد.
كان لقبه بين الصحابة: الحبّ بن الحبّ..
أبوه زيد بن حارثة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آثر الرسول على أبيه وأمه وأهله ، والذي وقف به النبي على جموع أصحابه يقول:
" أشهدكم أن زيدا هذا ابني، يرثني وأرثه"..
وظل اسمه بين المسلمين زيد بن محمد حتى أبطل القرآن الكريم عادة التبنّي..
أسامة هذا ابنه..
وأمه هي أم أيمن ، مولاة رسول الله وحاضنته،
لم يكن شكله الخارجي يؤهله لشيء.. أي شيء..
فهو كما يصفه الرواة والمؤرخون: أسود ، أفطس..
أجل.. بهاتين الكلمتين ، لا أكثر يلخص التاريخ حديثه عن شكل أسامة..!!
ولكن ، متى كان الاسلام يعبأ بالأشكال الظاهرة للناس..؟
متى.. ورسوله هو الذي يقول:
" ألا ربّ أشعث ، أغبر ، ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبرّه"..
فلندع الشكل الخارجي لأسامة اذن..
لندع بشرته السوداء ، وأنفه الأفطس ، فما هذا كله في ميزان الاسلام مكان..
ولننظر ماذا كان في ولائه..؟ ماذا كان في افتدائه..؟ في عظمة نفسه ، وامتلاء حياته..؟!
لقد بلغ من ذلك كله المدى الذي هيأه لهذا الفيض من حب رسول الله عليه الصلاة والسلام وتقديره:
" ان أسامة بن زيد لمن أحبّ الناس اليّ، واني لأرجو أن يكون من صالحيكم، فاستوصوا به خيرا".
كان أسامة رضي الله عنه مالكا لكل الصفات العظيمة التي تجعله قريبا من قلب الرسول.. وكبيرا في عينيه..
فهو ابن مسلمين كريمين من أوائل المسلمين سبقا الى الاسلام ، ومن أكثرهم ولاء للرسول وقربا منه.
وهو من أبناء الاسلام الحنفاء الذين ولدوا فيه ، وتلقوا رضعاتهم الأولى من فطرته النقية ، دون أن يدركهم من غبار الجاهلية المظلمة شيء..
وهو رضي الله عنه على حداثة سنه ، مؤمن ، صلب ، ومسلم قوي ، يحمل كل تبعات ايمانه ودينه ، في ولاء مكين ، وعزيمة قاهرة..
وهو مفرط في ذكائه ، مفرط في تواضعه ، ليس لتفانيه في سبيل الله ورسوله حدود..
ثم هو بعد هذا ، يمثل في الدين الجديد، ضحايا الألوان الذين جاء الاسلام ليضع عنهم أوزار التفرقة وأوضارها..
فهذا الأسود الأفطس يأخذ في قلب النبي ، وفي صفوف المسلمين مكانا عليّا ، لأن الدين الذي ارتضاه الله لعباده قد صحح معايير الآدمية والأفضلية بين الناس فقال:
( ان أكرمكم عند الله أتقاكم)..
وهكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل مكة يوم الفتح العظيم ورديفه هذا الأسود الأفطس أسامة بن زيد..
ثم رأيناه يدخل الكعبة في أكثر ساعات الاسلام روعة ، وفوزا ، وعن يمينه ويساره بلال ، وأسامة.. رجلان تكسوهما البشرة السوداء الداكنة ، ولكن كلمة الله التي يحملانها في قلبيهما الكبيرين قد أسبغت عليهما كل الشرف وكل الرفعة..
وفي سن مبكرة ، لم تجاوز العشرين ، أمر رسول الله أسامة بن زيد على جيش ، بين أفراده وجنوده أبو بكر وعمر..!!
وسرت همهمة بين نفر من المسلمين تعاظمهم الأمر ، واستكثروا على الفتى الشاب ، أسامة بن زيد ، امارة جيش فيه شيوخ الأنصار وكبار المهاجرين..
وبلغ همسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصعد المنبر ، وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
" ان بعض الناس يطعنون في امارة أسامة بن زيد..
ولقد طعنوا في امارة أبيه من قبل..
وان كان أبوه لخليقا للامارة..
وان أسامة لخليق لها..
وانه لمن أحبّ الناس اليّ بعد أبيه..
واني لأرجو أن يكون من صالحيكم..
فاستوصوا به خيرا"..
وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتحرّك الجيش الى غايته ولكنه كان قد ترك وصيته الحكيمة لأصحابه:
" أنفذوا بعث أسامة..
أنفذوا بعث أسامة.."
وهكذا قدّس الخليفة أبو بكر هذه الوصاة ، وعلى الرغم من الظروف الجديدة التي خلفتها وفاة الرسول ، فان الصدّيق أصرّ على انجاز وصيته وأمره ، فتحرّك جيش أسامة الى غايته ، بعد أن استأذنه الخليفة في أن يدع عمر ليبقى الى جواره في المدينة.
وبينما كان امبراطور الروم هرقل ، يتلقى خبر وفاة الرسول ، تلقى في نفس الوقت خبر الجيش الذي يغير على تخوم الشام بقيادة أسامة بن زيد، فحيّره أن يكون المسلمون من القوة بحيث لا يؤثر موت رسولهم في خططهم ومقدرتهم .
وهكذا انكمش الروم ، ولم يعودوا يتخذون من حدود الشام نقط وثوب على مهد الاسلام في الجزيرة العربية.
وعاد الجيش بلا ضحايا.. وقال عنه المسلمون يومئذ:
" ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة"..!!
وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله درس حياته.. درسا بليغا ، عاشه أسامة ، وعاشته حياته كلها منذ غادرهم الرسول الى الرفيق الأعلى الى أن لقي أسامة ربه في أواخر خلافة معاوية.
قبل وفاة الرسول بعامين بعثه عليه السلام أميرا على سريّة خرجت للقاء بعض المشركين الذين يناوئون الاسلام والمسلمين.
وكانت تلك أول امارة يتولاها أسامة..
ولقد أحرز في مهمته النجاح والفوز ، وسبقته أنباء فوزه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرح بها وسر.
ولنستمع الى أسامة يروي لنا بقية النبأ:
".. فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد اتاه البشير بالفتح ، فاذا هو متهلل وجهه.. فأدناني منه ثم قال:
حدّثني..
فجعلت أحدّثه.. وذكرت أنه لما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت اليه بالرمح ، فقال لا اله الا الله فطعنته وقتلته.
فتغيّر وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال:
ويحك يا أسامة..!
فكيف لك بلا اله الا الله..؟
ويحك يا أسامة..
فكيف لك بلا اله الا الله..؟
فلم يزل يرددها عليّ حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته . واستقبلت الاسلام يومئذ من جديد.
فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا اله الا الله بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم".
هذا هو الدرس العظيم الذي وجّه حياة أسامة الحبيب بن الحبيب منذ سمعه من رسول الله الى أن رحل عن الدينا راضيا مرضيّا.
وانه لدرس بليغ.
درس يكشف عن انسانية الرسول ، وعدله ، وسموّ مبادئه ، وعظمة دينه وخلقه..
فهذا الرجل الذي أسف النبي لمقتله ، وأنكر على أسامة قتله ، كان مشركا ومحاربا..
وهو حين قال: لا اله الا الله.. قالها والسيف في يمينه ، تتعلق به مزغ اللحم التي نهشها من أجساد المسلمين.. قالها لينجو بها من ضربة قاتلة ، أو ليهيء لنفسه فرصة يغير فيها اتجاهه ثم يعاود القتال من جديد..
ومع هذا ، فلأنه قالها ، وتحرّك بها لسانه ، يصير دمه حراما وحياته آمنة ، في نفس اللحظة ، ولنفس السبب..!
ووعى أسامة الدرس الى منتهاه..
فاذا كان هذا الرجل ، في هذا الموقف ، ينهى الرسول عن قتله لمجرّد أنه قل: لا اله الا الله.. فكيف بالذين هم مؤمنون حقا ، ومسلمون حقا..؟
وهكذا رأيناه عندما نشبت الفتنة الكبرى بين الامام علي وأنصاره من جانب ، ومعاوية وأنصاره من جانب آخر ، يلتزم حيادا مطلقا.
كان يحبّ عليّا أكثر الحب ، وكان يبصر الحق الى جانبه.. ولكن كيف يقتل بسيفه مسلما يؤمن بالله وبرسله ، وهو الذي لامه الرسول لقتله مشركا محاربا قال في لحظة انكساره وهروبه: لا اله الا الله..؟؟!!
هنالك أرسل الى الامام علي رسالة قال فيها :
" انك لو كنت في شدق الأسد،
لأحببت أن أدخل معك فيه.
ولكن هذا أمر لم أره"..!!
ولزم داره طوال هذا النزاع وتلك الحروب..
وحين حاءه بعض أصحابه يناقشونه في موقفه قال لهم:
" لا أقاتل أحدا يقول لا اله الا الله أبدا".
قال أحدهم له: ألم يقل الله: ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)..؟؟
فأجابهم أسامة قائلا:
" أولئك هم المشركون ، ولقد قاتلناهم حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله"..
وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة.. اشتاق أسامة للقاء الله ، وتلملمت روحه بين جوانحه ، تريد أن ترجع الى وطنها الأول..
وتفتحت أبواب الجنان ، لتستقبل واحدا من الأبرار المتقين
.


منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((35))

 
قديم 22-03-2010   #5
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((35))

 

{ أبو سفيان بن الحارث - من الظلمات الى النور }


انه أبو سفيان آخر ، غير أبو سفيان بن حرب..
وان قصته ، هي قصة الهدى بعد الضلال.. والحب بعد الكراهية..
والسعادة بعد الشقوة..
هي قصة رحمة الله الواسعة حين تفتح أبوابها للاجئ ألقى نفسه بين يدي الله بعد أن أضناه طول اللغوب..!!
تصوّروا بعد عشرين عاما قضاها ابن الحارث في عداوة موصولة للاسلام..!!
عشرون عاما منذ بعث النبي عليه السلام ، حتى اقترب يوم الفتح العظيم ، وأبو سفيان بن الحارث يشدّ أزر قريش وحلفائها ، ويهجو الرسول بشعره، ولا يكاد يتخلف عن حشد تحشده قريش لقتال..!!
وكان اخوته الثلاثة: نوفل، وربيعة، وعبدالله قد سبقوه الى الاسلام..
وأبو سفيان هذا ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اذ هو ابن الحارث بن عبدالمطلب..
ثم هو أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، اذ أرضعته حليمة السعدية مرضعة الرسول بضعة أيام..
وذات يوم نادته الأقدار لمصيره السعيد ، فنادى ولده جعفرا، وقال لأهله: انا مسافران..
الى أين يا بن الحارث..
الى رسول الله لنسلم معه لله رب العالمين..
ومضى يقطع الأرض بفرسه ويطويها طيّ التائبين..
وعند الأبواء أبصر مقدمة جيش لجب. وأدرك أنه الرسول قاصدا مكة لفتحها.
وفكّر ماذا يصنع..؟
ان الرسول قد أهدر دمه من طول ما حمل سيفه ولسانه ضد الاسلام ، مقاتلا وهاجيا..
فاذا رآه أحد من الجيش ، فسيسارع الى القصاص منه..
وان عليه أن يحتال للأمر حتى يلقي نفسه بين يدي رسول الله أولا ، وقبل أن تقع عليه عين أحد من المسلمين..
وتنكّر أبو سفيان بن الحارث حتى أخفى معالمه ، وأخذ بيد ابنه جعفر ، وسار مشيا على الأقدام شوطا طويلا ، حتى أبصر رسول الله قادما في كوكبة من أصحابه ، فتنحّى حتى نزل الركب..
وفجأة ألقى بنفسه أمام رسول الله مزيحا قناعه فعرفه الرسول ، وحو ل وجهه عنه ، فأتاه أبو سفيان من الناحية أخرى، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم.
وصاح أبو سفيان وولده جعفر:

" نشهد أن لا اله الا الله
ونشهد أن محمدا رسول الله".
واقترب من النبي صلى الله عليه وسلم قائلا :
" لا تثريب يا رسول الله"..
وأجابه الرسول:
" لا تثريب يا أبا سفيان.
ثم أسلمه الى علي بن أبي طالب وقال له:
" علم ابن عمّك الوضوء والسنة ورح به اليّ"..
وذهب به علي ثم رجع فقال له الرسول:
" ناد في الناس أن رسول الله قد رضي عن أبي سفيان فارضوا عنه"..
لحظة زمن ، يقول الله لها : كوني مباركة ، فتطوي آمادا وأبعادا من الشقوة والضلال ، وتفتح أبواب رحمة ما لها حدود..!!
لقد كاد أبو سفيان يسلم ، بعد أن رأى في بدر وهو يقاتل مع قريش ما حيّر لبّه..
ففي تلك الغزوة تخلّف أبو لهب وأرسل مكانه العاص بن هشام..
وانتظر أبو لهب أخبار المعركة بفارغ الصبر وبدأت الأنباء تأتي حاملة هزيمة قريش المنكرة..
وذات يوم كان أبو لهب مع نفر من القرشيين يحلسون عند زمزم ، اذ أبصروا فارسا مقبلا فلما دنا منهم اذا هو : أبو سفيان بن الحارث.. ولم يمهله أبو لهب، فناداه:" هلمّ اليّ يا بن أخي. فعندك لعمري الخبر.. حدثنا كيف كان أمر الناس"؟؟
قال أبو سفيان بن الحارث:
" والله ناس هم الا أن أن لقينا القوم حتى منحناهم أكتافنا ، يقتلوننا كيف شاءوا ، ويأسروننا كيف شاءوا..
ويومها و الله ما لمت قريشا.. فلقد لقينا رجالا بيضا على خيل بلق، بين السماء والأرض، ما يشبهها شيء، ولا يقف أمامها شيء"..!!
وأبو سفيان يريد بهذا أن الملائكة كانت تقاتل مع الرسول والمسلمين..
فما باله لم يسلم يومئذ وقد رأى ما رأى..؟؟
ان الشك طريق اليقين ، وبقدر ما كانت شكوك أبي الحارث عنيدة وقوية ، فان يقينه يوم يجيء سيكون صلبا قويا..
ولقد جاء يوم يقينه وهداه.. وأسلم لله رب العالمين..
ومن أولى لحظات اسلامه ، راح يسابق الزمان عابدا ، ومجاهدا ، ليمحو آثار ما ضيه ، وليعوّض خسائره فيه..
خرج مع الرسول فيما تلا فتح مكة من غزوات..
ويوم حنين ، حيث نصب المشركون للمسلمين كمينا خطيرا ، وانقضوا عليهم فجأة من حيث لا يحتسبون انقضاضا وبيلا أطار صواب الجيش المسلم ، فولّى أكثر أجناده الأدبار وثبت الرسول مكانه ينادي:
" اليّ أيها الناس..
أنا النبي لا كذب..
انا ابن عبدالمطلب.."
في تلك اللحظة الرهيبة ، كانت هناك قلة لم تذهب بصوابها المفاجأة
وكان منهم أبو سفيان بن الحارث وولده جعفر..
ولقد كان أبو سفيان يأخذ بلجام فرس الرسول ، وحين رأى ما رأى أدرك أن فرصته التي بحث عنها قد أهلت.. تلك أن يقضي نحبه شهيدا في سبيل الله، وبين يدي الرسول..
وراح يتشبث بمقود الفرس بيسراه ، ويرسل السيف في نحور المشركين بيمناه.
وعاد المسلمون الى مكان المعركة حتى انتهت، وتملاه الرسول ثم قال:
" أخي أبو سفيان بن الحارث..؟؟"
ما كاد أبو سفيان يسمع قو الرسول " أخي"..
حتى طار فؤاده من الفرح والشرف. فأكبّ على قدمي الرسول يقبلهما، ويغسلهما بدموعه.
وتحرّكت شاعريته فراح يغبط نفسه على ما أنعم الله عليه من شجاعة وتوفيق:
لقد علمت أفناء كعب وعامر غداة حنين حين عمّ التضعضع
بأني أخو الهيجاء ، أركب حدّها أمام رسول الله لا أتتعتع
رجاء ثواب الله والله راحم اليه تعالى كل أمر سيرجع
وأقبل أبو سفيان بن الحارث على العبادة اقبالا عظيما ، وبعد رحيل الرسول عن الدنيا ، تعلقت روحه بالموت ليلحق برسول الله في الدار الآخرة ، وعاش ما عاش والموت أمنية حياته..
وذات يوم شاهده الناس في البقيع يحفر لحدا ، ويسويّه ويهيّئه.. فلما أبدوا دهشتهم مما يصنع قال لهم:
" اني أعدّ قبري"..
وبعد ثلاثة أيام لا غير، كان راقدا في بيته ، وأهله من حوله يبكون..
وفتح عينيه عليهم في طمأنينة سابغة وقال لهم:
" لا تبكوا عليّ، فاني لم أقترف بخطيئة منذ أسلمت"..!!
وقبل أن يحني رأسه على صدره، لوّح به الى أعلى ، ملقيا على الدنيا تحيّة الوداع..!!



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((36))

 
قديم 22-03-2010   #6
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((36))

 

{ عبدالله بن الزبير - أي رجل وأي شهيد }

كان جنينا مباركا في بطن أمه ، وهي تقطع الصحراء اللاهبة مغادرة مكة الى المدينة على طريق الهجرة العظيم.
هكذا قدّر لعبدالله بن الزبير أن يهاجر مع المهاجرين وهو لم يخرج الى الدنيا بعد ، ولم تشقق عنه الأرحام..!!
وما كادت أمه أسماء رضي الله عنها وأرضاها ، تبلغ قباء عند مشارف المدينة ، حتى جاءها المخاض ونزل المهاجر الجنين الى أرض المدينة في نفس الوقت الذي كان ينزلها المهاجرون من أصحاب رسول الله..!!
وحمل أول مولود في الهجرة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره بالمدينة فقبّله وحنّكه، وكان أول شيء دخل جوف عبدالله بن الزبير ريق النبي الكريم.
واحتشد المسلمون في المدينة ، وحملوا الوليد في مهده ، ثم طوّفوا به في شوارع المدينة كلها مهللين مكبّرين.
ذلك أن اليهود حين نزل الرسول وأصحابه المدينة كبتوا واشتعلت أحقادهم، وبدؤا حرب الأعصاب ضد المسلمين ، فأشاعوا أن كهنتهم قد سحروا المسلمين وسلطوا عليهم العقم ، فلن تشهد المدينة منهم وليدا جديدا..
فلما أهلّ عبدالله بن الزبير عليهم من عالم الغيب ، كان وثيقة دمغ بها القدر افك يهود المدينة وأبطل كيدهم وما يفترون..!!
ان عبدالله لم يبلغ مبلغ الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولكنه تلقى من ذلك العهد ، ومن الرسول نفسه بحكم اتصاله الوثيق به ، كل خامات رجولته ومبادئ حياته التي سنراها فيما بعد ملء الدنيا وحديث الناس..
لقد راح الطفل ينمو نموّا سريعا ، وكان خارقا في حيويته ، وفطنته وصلابته..
وارتدى مرحلة الشباب ، فكان شبابه طهرا ، وعفة ونسكا ، وبطولة تفوق الخيال..
ومضى مع أيامه وقدره ، لا تتغيّر خلائقه ولا تنبو به رغائبه.. انما هو رجل يعرف طريقه ، ويقطعه بعزيمة جبارة، وايمان وثيق وعجيب..
وفي فتح افريقية والأندلس ، والقسطنطينية . كان وهو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال الفتوح الخالدين..
وفي معركة افريقية بالذات وقف المسلمون في عشرين ألف جندي أمام عدو قوام جيشه مائة وعشرون ألفا..
ودار القتال ، وغشي المسلمين خطر عظيم..
وألقى عبد الله بن الزبير نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوتهم . وما كان هذا المصدر سوى ملك البربر وقائد الجيش ، يصيح في جنوده ويحرضهم بطريقة تدفعهم الى الموت دفعا عجيبا..
وأدرك عبدالله أن المعركة الضارية لن يحسمها سوى سقوط هذا القائد العنيد..
ولكن أين السبيل اليه ، ودون بلوغه جيش لجب ، يقاتل كالاعصار..؟؟
بيد أن جسارة ابن الزبير واقدامه لم يكونا موضع تساؤول قط..!!
هنالك نادى بعض اخوانه ، وقال لهم:
" احموا ظهري، واهجموا معي"...
وشق الصفوف المتلاحمة كالسهم صامدا نحو القائد، حتى اذا بلغه ، هوى عليه في كرّة واحدة فهوى ، ثم استدار بمن معه الى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكهم وقائدهم فصرعوهم.. ثم صاحوا الله أكبر..
ورأى المسلمون رايتهم ترتفع ، حيث كان يقف قائد البربر يصدر أوامره ويحرّض جيشه ، فأدركوا أنه النصر، فشدّوا شدّة رجل واحدة ، وانتهى كل شيء لصالح المسلمين..
وعلم قائد الجيش المسلم عبدالله بن أبي سرح بالدور العظيم الذي قام به ابن الزبير فجعل مكافأته أن يحمل بنفسه بشارة النصر الى المدينة والى خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه..
على أن بطولته في القتال كانت برغم تفوقها واعجازها تتوارى أمام بطولته في العبادة.
فهذا الذي يمكن أن يبتعث فيه الزهو ، وثني الأعطاف ، أكثر من سبب ، يذهلنا بمكانه الدائم والعالي بين الناسكين العابدين..
فلا حسبه ، ولا شبابه ، ولا مكانته ورفعته ، ولا أمواله ولا قوته..
لا شيء من ذلك كله ، استطاع أن يحول بين عبدالله بن الزبير وبين أن يكون العابد الذي يصوم يومه ، ويقوم ليله ، ويخشع لله خشوعا يبهر الألباب.
قال عمر بن عبدالعزيز يوما لابن أبي مليكة:صف لنا عبدالله بن الزبير..فقال:
" والله ما رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفسه..
ولقد كات يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء اليها..
وكان يركع أو يسجد ، فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله،
لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده الا جدارا ، أو ثوبا مطروحا..
ولقد مرّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي ، فوالله ما أحسّ بها ولا اهتز لها ، ولا قطع من أجلها قراءته ، ولا تعجل ركوعه"..!!
ان الأنباء الصادقة التي يرويها التاريخ عن عبادة ابن الزبير لشيء يشبه الأساطير..
فهو في صيامه ، وفي صلاته ، وفي حجه ، وفي علوّ همّته ، وشرف نفسه..
في سهره طوال العمر قانتا وعبدا..
وفي ظمأ الهواجر طوال عمره صائما مجاهدا..
وفي ايمانه الوثيق بالله ، وفي خشيته الدائمة له..
هو في كل هذا نسيج وحده..!
سئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما كان بينهما من خلاف:
" كان قارئا لكتاب الله ، متبعا سنة رسوله.. قانتا لله ، صائما في الهواجر من مخافة الله.. ابن حواريّ رسول الله.. وأمه أسماء بنت الصديق.. وخالته عائشة زوجة رسول الله.. فلا يجهل حقه الا من أعماه الله"..!!
وهو في قوة خلقه وثبات سجاياه ، يزري بثبات الجبال..
واضح شريف قوي ، على استعداد دائم لأن يدفع حياته ثمنا لصراحته واستقامة نهجه..
أثناء نزاعه مع الأمويين زاره الحصين بن نمير قائد الجيش الذي أرسله يزيد لاخماد ثورة بن الزبير..
زاره اثر وصول الأنباء الى مكة بموت يزيد..
وعرض عليه أن يذهب معه الى الشام ، ويستخدم الحصين نفوذه العظيم هناك في أخذ البيعة لابن الزبير..
فرفض عبدالله هذه الفرصة الذهبية ، لأنه كان مقتنعا بضرورة القصاص من جيش الشام جزاء الجرائم البشعة التي ارتكبها رجاله من خلال غزوهم الفاجر للمدينة ، خدمة لأطماع الأمويين..
قد نختلف مع عبدالله في موقفه هذا ، وقد نتمنى لو أنه آثر السلام والصفح ، واستجاب للفرصة النادرة التي عرضها عليه الحصين قائد يزيد..
ولكنّ وقفة الرجل أي رجل، الى جانب اقتناعه واعتقاده.. ونبذه الخداع والكذب ، أمر يستحق الاعجاب والاحترام..
وعندما هاجمه الحجاج بجيشه ، وفرض عليه ومن معه حصارا رهيبا ، كان من بين جنده فرقة كبيرة من الأحباش ، كانوا من أمهر الرماة والمقاتلين..
ولقد سمعهم يتحدثون عن الخليفة الراحل عثمان رضي الله عنه ، حديثا لا ورع فيه ولا انصاف، فعنّفهم وقال لهم:" والله ما أحبّ أن أستظهر على عدوي بمن يبغض عثمان"..!!
ثم صرفهم عنه في محنة هو فيها محتاج للعون ، حاجة الغريق الى أمل..!!
ان وضوحه مع نفسه ، وصدقه مع عقيدته ومبادئه ، جعلاه لا يبالي بأن يخسر مائتين من أكفأ الرماة ، لم يعد دينهم موضع ثقته واطمئنانه ، مع أنه في معركة مصير طاحنة ، وكان من المحتمل كثيرا أن يغير اتجاهها بقاء هؤلاء الرماة الأكفاء الى جانبه..!!
ولقد كان صموده في وجه معاوية وابنه يزيد بطولة خارقة حقا..
فقد كا يرى أن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان آخر رجل يصلح لخلافة المسلمين ، ان كان يصلح على الاطلاق.. هو محق في رأيه ، فـ يزيد هذا كان فاسدا في كل شيء.. لم تكن له فضيلة واحدة تشفع لجرائمه وآثامه التي رواها الينا التاريخ..
فكيف يبايعه ابن الزبير؟؟
لقد قال كلمة الرفض قوية صادعة لمعاوية وهو حي..
وها هو ذا يقولها ليزيد بعد أن صار خليفة ، وأرسل الى ابن الزبير يتوعده بشرّ مصير..
هناك قال ابن الزبير:
" لا أبايع السكّير أبدا".
ثم أنشد:
ولا الين لغير الحق أساله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
وظل ابن الزبير أميرا للمؤمنين ، متخذا من مكة المكرّمةعاصمة خلافته ، باسطا حكمه على الحجاز ، واليمن والبصرة الكوفة وخراسان والشام كلها ما عدا دمشق بعد أن بايعه أهل الأمصار جميعا..
ولكن الأمويين لا يقرّ قرارهم ، ولا يهدأ بالهم ، فيشنون عليه حروبا موصولة ، يبوءون في أكثرها بالهزيمة والخذلان..
حتى جاء عهد عبدالملك بن مروان حين ندب لمهاجمة عبدالله في مكة واحدا من أشقى بني آدم وأكثرهم ايغالا في القسوة والاجرام..
ذلكم هو الحجاج الثقفي الذي قال عنه الامام العادل عمر بن عبدالعزيز:
" لو جاءت كل أمة بخطاياها ، وجئنا نحن بالحجاج وحده ، لرجحناهم جميعا"..!!
ذهب الحجاج على رأس جيشه ومرتزقته لغزو مكة عاصمة ابن الزبير ، وحاصرها وأهلها قرابة ستة أشهر مانعا عن الناس الماء والطعام ، كي يحملهم على ترك عبدالله بن الزبير وحيدا ، بلا جيش ولا أعوان.
وتحت وطأة الجوع القاتل استسلم الأكثرون ، ووجد عبدالله نفسه ، وحيدا أو يكاد ، وعلى الرغم من أن فرص النجاة بنفسه وبحياته كانت لا تزال مهيأة له ، فقد قرر أن يحمل مسؤوليته الى النهاية ، وراح يقاتل جيش الحجاج في شجاعة أسطورية ، وهو يومئذ في السبعين من عمره..!!
ولن نبصر صورة أمينةلذلك الموقف الفذ الا اذا اصغينا للحوار الذي دار بين عبدالله وأمه. العظيمة المجيدة أسماء بنت أبي بكر في تلك الساعات الأخيرة من حياته.
لقد ذهب اليها ، ووضع أمامها صورة دقيقة لموقفه ، وللمصير الذي بدأ واضحا أنه ينتظره..
قالت له أسماء:
" يا بنيّ: أنت أعلم بنفسك ، ان كنت تعلم أنك على حق ، وتدعو الى حق ، فاصبر عليه حتى تموت في سبيله ، ولا تمكّن من رقبتك غلمان بني أميّة..
وان كنت تعلم أنك أردت الدنيا ، فلبئس العبد أنت ، أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك.
قال عبد الله :
" والله يا أمّاه ما أردت الدنيا ، ولا ركنت اليها.
وما جرت في حكم الله أبدا ، ولا ظلمت ولا غدرت"..
قالت أمه أسماء:
" اني لأرجو أن يكون عزائي فيك حسنا ان سبقتني الى الله أو سبقتك.
اللهم ارحم طول قيامه في الليل ، وظمأه في الهواجر ، وبرّه بأبيه وبي..
اللهم اني اسلمته لأمرك فيه ، ورضيت بما قضيت ، فأثبني في عبدالله بن الزبير ثواب الصابرين الشاكرين.!"
وتبادلا معا عناق الوداع وتحيته.
وبعد ساعة من الزمان انقضت في قتال مرير غير متكافئ ، تلقى الشهيد العظيم ضربة الموت ، في وقت استأثر الحجاج فيه بكل ما في الأرض من حقارة ولؤم، فأبى الا أن يصلب الجثمان الهامد ، تشفيا وخسّة..!!
وقامت أمه ، وعمره يومئذ سبع وتسعون سنة ، قامت لترى ولدها المصلوب.
وكالطود الشامخ وقفت تجاهه .. واقترب الحجاج منها في هوان وذلة قائلا لها:
يا أماه ، ان أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان قد أوصاني بك خيرا ، فهل لك من حاجة..؟
فصاحت به قائلة:
" لست لك بأم..
انما أنا أم هذا المصلوب على الثنيّة..
وما بي اليكم حاجة..
ولكني أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يخرج من ثقيف كذاب ومبير"..
فأما الكذاب فقد رأيناه ، وأما المبير، فلا أراه الا أنت"!!
واقدم منها عبد الله بن عمر رضي الله عنه معزيا ، وداعيا اياها الى الصبر ، قأجابته قائلة :
" وماذا يمنعني من الصبر ، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا الى بغيّ من بغايا بني اسرائيل"..!!
يا لعظمتك يا ابنة الصدّيق..!!
أهناك كلمات أروع من هذه تقال للذين فصلوا رأس عبدالله بن الزبير عن رأسه قبل أن يصلبوه..؟؟
أجل.. ان يكن رأس ابن الزبير قد قدّم هديّة للحجاج وعبدالملك.. فان رأس نبي كريم هو يحيى عليه السلام قد قدم من قبل هدية لـ سالومي.. بغيّ حقيرة من بني اسرائيل!!
ما أروع التشبيه ، وما أصدق الكلمات.
وبعد ، فهل كان يمكن لعبدالله بن الزبير أن يحيا حياته دون هذا المستوى البعيد من التفوّق ، والبطولة والصلاح ، وقد رضع لبن أم من هذا الطراز..؟؟
سلام على عبدالله..
وسلام على أسماء..
سلام عليهما في الشهداء الخالدين..
وسلام عليهما في الأبرار المتقين.



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((37))

 
قديم 22-03-2010   #7
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((37))

 

{ سهيل بن عمرو - من الطلقاء الى الشهداء }

عندما وقع أسيرا بأيدي المسلمين في غزوة بدر اقترب عمر بن الخطاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
" يا رسول الله.. دعني أنزع ثنيّتي سهيل بن عمرو حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم"..
فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم :
" كلا يا عمر..
لا أمثل بأحد ، فيمثل الله بي ، وان كنت نبيا"..!
ثم أدنى عمر منه وقال عليه السلام:
" يا عمر..
لعل سهيلا غدا يقف موقفا يسرّك"..!!
ودارت نبوءة الرسول..
وتحوّل أعظم خطباء قريش سهيل بن عمرو الى خطيب باهرمن خطباء الاسلام..
وتحوّل المشرك اللدود.. الى مؤمن أوّاب، لا تكف عيناه عن البكاء من خشية الله..!!
وتحوّل واحد من كبار زعماء قريش وقادة جيوشها الى مقاتل صلب في سبيل الاسلام.. مقاتل عاهد نفسه أن يظل في رباط وجهاد حتى يدركه الموت على ذلك، عسى الله أن يغفر ما تقدم من ذنبه..!!
فمن كان ذلك المشرك العنيد، والمؤمن التقي الشهيد..؟؟
انه سهيل بن عمرو..
واحد من زعماء قريش المبرّرين، ومن حكمائها وذوي الفطنة والرأي فيها..
وهو الذي انتدبته قريش ليقنع الرسول بالعدول عن دخول مكة عام الحديبية..
ففي أخريات العام الهجري السادس خرج الرسول وأصحابه الى مكة ليزوروا البيت الحرام، ويعظم حرماته ، لا يريدون حربا، وليسوا مستعدين لقتال..
وعلمت قريش بمسيرهم الى مكة ، فخرجت لتقطع عليهم الطريق ، وتصدّهم عن وجهتهم..
وتأزم الموقف ، وتوترت الأنفس..
وقال الرسول لأصحابه:
" لا تدعوني قريش اليوم الى خطة يسألونني فيها صلة الرحم الا أعطيتهم اياها"..
وراحت قريش ترسل رسلها ومندوبيها الى النبي عليه الصلاة والسلام، فيخبرهم جميعا أنه لم يأت لقتال ، انما جاء يزور البيت الحرام، ويعظم حرماته:
وكلما عاد الى قريش أحد مندوبيها ، أرسلوا من بعده آخر أقوى شكيمة ، وأشد اقناعا حتى اختاروا عروة بن مسعود الثقفي وكان من أقواهم وأفطنهم.. وظنت قريش أن عروة قادر على اقناع الرسول بالعودة.
ولكنه سرعان ما رجع اليهم يقول لهم:
" يا معشر قريش..
اني قد جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه..
واني والله ما رأيت ملكا قط يعظمه قومه ، كما يعظم أصحاب محمد محمدا..!!
ولقد رأيت حوله قوما لن يسلموه لسوء أبدا..
فانظروا رأيكم"..!!
عندئذ آمنت قريش أنه لا جدوى من محاولاتها وقررت أن تلجأ الى المفاوضة والصلح.. واختارت لهذه المهمة أصلح زعمائها لها.. وكان سهيل بن عمرو..

رأى المسلمون سهيلا وهو مقبل عليهم فعرفوه ، وأدركوا أن قريشا آثرت طريق التفاهم والمصالحة ، ما دامت قد بعثت آخر الأمر سهيلا..
وجلس سهيل بين يدي الرسول ، ودار حوار طويل انتهى بالصلح..
وحاول سهيل أن يكسب لقريش الكثير.. وساعده على ذلك، التسامح النبيل والمجيد الذي كان الرسول عليه الصلاة والسلام يديره في التفاوض والصلح..
ومضت الأيام ، ينادي بعضها بعضا ، جتى جاءت السنة الثامنة من الهجرة.. وخرج الرسول والمسلمون لفتح مكة بعد أن نفضت قريش عهدها وميثاقها مع رسول الله.
وعاد المهاجرون الى وطنهم الذين أخرجهم بالأمس كارهين..
عادوا ، ومعهم الأنصار الذين آووهم في مدينتهم وآثروهم على أنفسهم..
وعاد الاسلام كله ، تخفق في جو السماء راياته الظافرة..
وفتحت مكة جميع أبوابها..
ووقف المشركون في ذهول.. ترى ماذا سيكون اليوم مصيرهم ، وهم الذين أعملوا بأسهم في المسلمين من قبل قتلا ، وحرقا، وتعذيبا، وتجويعا..؟!
ولم يشأ الرسول الرحيم أن يتركهم طويلا تحت وطأة هذه المشاعر المذلة المنهكة.
فاستقبل وجوههم في تسامح وأناة ، وقال لهم ونبرات صوته الرحيم تقطر حنانا ورفقا:
" يا معشر قريش..
ما تظنون أني فاعل بكم"..؟؟
هنالك تقدم خصم الاسلام بالأمس سهيل بن عمرو وقال مجيبا:
" نظن خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم".
وتألقت ابتسامة من نور على شفتي حبيب الله وناداهم:
" اذهبوا...
فأنتم الطلقاء"..!!
لم تكن هذه الكلمات من الرسول المنتصر لتدع انسانا حيّ المشاعر الا أحالته ذوبا من طاعة وخجل ، بل وندم..
وفي نفس اللحظة استجاش هذا الموقف الممتلئ نبلا وعظمة ، كل مشاعر سهيل بن عمرو فأسلم لله رب العالمين.
ولم يكن اسلامه ساعتئذ ، اسلام رجل منهزم مستسلم للمقادير.
بل كان كما سيكشف عنه مستقبله فيما بعد اسلام رجل بهرته وأسرته عظمة محمد وعظمة الدين الذي يتصرّف محمد وفق تعاليمه ، ويحمل في ولاء هائل رايته ولواءه..!!
أطلق على الذين أسلموا يوم الفتح اسم الطلقاء.. أي الذين نقلهم عفو الرسول من الشرك الى الاسلام حين قال لهم:
" اذهبوا فأنتم الطلقاء"
بيد أن نفرا من أولئك الطلقاء جاوزوا هذا الخط باخلاصهم الوثيق ، وسموا الى آفاق بعيدة من التضحية والعبادة والطهر ، وضعتهم في الصفوف الأولى بين أصحاب النبي الأبرار ومن هؤلاء سهيل بن عمرو.
لقد صاغه الاسلام من جديد.
وصقل كل مواهبه الأولى، وأضاف اليها، ثم وضعها جميعا في خدمة الحق، والخير، والايمان..
ولقد نعتوه في كلمات فقالوا:
" السّمح ، الجواد..
كثير الصلاة ، والصوم ، والصدقة ، وقراءة القرآن ، والبكاء من خشية الله"..!!
وتلك هي عظمة سهيل.
فعلى الرغم من أنه أسلم يوم الفتح ، لا قبله ، نراه يصدق في اسلامه وفي يقينه ، الى مدى الذي يتفوّق فيه على كل نفسه ، ويتحوّل الى عابد ، زاهد والى فدائي مجاهد في سبيل الله والاسلام.
ولما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى ، لم يكد النبأ يبلغ مكة، وكان سهيل يومئذ مقيما بها ، حتى غشي المسلمين هناك من الهرج والذهول ما غشي المسلمين بالمدينة.
واذا كان ذهول المدينة ، قد بدّده أبو بكر رضي الله عنه ساعتئذ بكلماته الحاسمة:
" من كان يعبد محمد ، فان محمدا قد مات..
ومن كان يعبد الله ، فان الله حيّ لا يموت"..
فسيأخذنا العجب حين نرى سهيلا رضي الله عنه هو الذي وقف بمكة ، نفس موقف أبي بكر بالمدينة.
فقد جمع المسلمين كلهم هناك ، ووقف يبهرهم بكلماته الناجعة ، يخبرهم أن محمدا كان رسول الله حقا.. وأنه لم يمت حتى أدّى الأمانة ، وبلّغ الرسالة . وأنه واجب المؤمنين به أن يمعنوا من بعده السير على منهجه.
وبموقف سهيل هذا ، وبكلماته الرشيدة وايمانه الوثيق ، درأ الفتنة التي كادت تقلع ايمان بعض الناس بمكة حين بلغهم نبأ وفاة الرسول..!!
وفي هذا اليوم أكثر من سواه تألقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ألم يكن لعمر يوم استأذنه في نزع ثنيتي سهيل أثناء أسره ببدر:
" دعها فلعلها تسرك يوما"..؟!
ففي هذا اليوم.. وحين بلغ المسلمين بالمدينة موقف سهيل بمكة وخطابه الباهر الذي ثبت الايمان في الأفئدة ، تذكر عمر بن الخطاب نبوءة الرسول.. وضحك طويلا ، اذ جاء اليوم الذي انتفع فيه الاسلام بثنيتي سهيل اللتين كان عمر يريد تهشيمهما واقتلاعهما..!!
عندما أسلم سهيل يوم الفتح.
وبعد أن ذاق حلاوة الايمان ، أخذ على نفسه عهدا لخصه في هذه الكلمات:
" والله لا أدع موقفا من المشركين ، الا وقفت مع المسلمين مثله... ولا نفقة أنفقتها مع المشركين الا أنفقت مع المسلمين مثلها ، لعل أمري أن يتلو بعضه بعضا"..!!
ولقد وقف مع المشركين طويلا أمام أصنامهم..
فليقف الآن طويلا وطويلا مع المؤمنين بين يدي الله الواحد الأحد.
وهكذا راح يصلي.. ويصلي..
ويصوم.. ويصوم..
ولا يدع عبادة تجلو روحه ، وتقربه من ربه الأعلى الا أخذ منها حظا وافيا..
وكذلك كان في أمسه يقف مع المشركين في مواطن العدوان والحرب ضد الاسلام.
فليأخذ الآن مكانه في جيش الاسلام ، مقاتلا شجاعا ، يطفئ مع كتائب الحق نار فارس التي يعبدونها من دون الله ، ويحرقون فيها مصاير الشعوب التي يستعبدونها. ويدمدم مع كتائب الحق أيضا على ظلمات الرومان وظلمهم..
وينشر كلمة التوحيد والتقوى في كل مكان.
وهكذا خرج الى الشام مع جيوش المسلمين ، مشاركا في حروبها.
ويوم اليرموك حيث خاض المسلمون موقعة تناهت في الضراوة والعنف والمخاطرة..
كان سهيل بن عمرو يكاد يطير من الفرح ، اذ وجد هذه الفرصة الدسمة لكي يبذل من ذات نفسه في هذا اليوم العصيب ما يمحق به خطايا جاهليته وشركه..
وكان يحب وطنه مكة حبا ينسيه نفسه..
ومع ذلك، فقد أبى أن يرجع اليها بعد انتصار المسلمين بالشام وقال:
" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مقام أحدكم في سبيل الله ساعة، خير له من عمله طوال عمره..
واني لمرابط في سبيل الله حتى أموت ، ولن أرجع الى مكة"..!!
ووفى سهيل عهده..
وظل بقيّة حياته مرابطا ، حتى جاء موعد رحيله ، فطارت روحه مسرعة الى رحمة من الله ورضوان..



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((38))

 
قديم 22-03-2010   #8
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((38))

 

{ عمرو بن العاص - محرّر مصر من الرومان }

كانوا ثلاثة في قريش ، اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنف مقاومتهم دعوته وايذائهم أصحابه..
وراح الرسول يدعو عليهم ، ويبتهل الى ربه الكريم أن ينزل بهم عقابه..
واذ هو يدعو ويدعو ، تنزل الوحي على قلبه بهذه الآية الكريمة..
( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم ، فانهم ظالمون)..
وفهم الرسول من الآية أنها أمر له بالكف عن الدعاء عليهم ، وترك أمرهم الى الله وحده..
فامّا أن يظلوا على ظلمهم ، فيحلّ بهم عذابه..
أو يتوب عليهم فيتوبوا ، وتدركهم رحمته..
كان عمرو بن العاص أحد هؤلاء الثلاثة..
ولقد اختار الله لهم طريق التوبة والرحمة وهداهم الى الاسلام..
وتحول عمرو بن العاص الى مسلم مناضل. والى قائد من قادة الاسلام البواسل..
وعلى الرغم من بعض مواقف عمرو التي لا نستطيع أن نقتنع بوجهة نظره فيها ، فان دوره كصحابيّ جليل بذل وأعطى، ونافح وكافح ، سيظل يفتح على محيّاه أعيننا وقلوبنا..
وهنا في مصر بالذات ، سيظل الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا..
ويرون في رسوله رحمة مهداة ، ونعمة موجاة ، ورسول صدق عظيم ، دعا الى الله على بصيرة ، وألهم الحياة كثيرا من رشدها وتقاها..
سيظل الذين يحملون هذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعلته الأقدار سببا ، وأي سبب ، لاهداء الاسلام الى مصر ، واهداء مصر الى الاسلام.. فنعمت الهداية ونعم مهديها..
ذلكم هو : عمرو بن العاص رضي الله عنه..
ولقد تعوّد المؤرخون أن ينعتوا عمرا بـ فاتح مصر..
بيد أنا نرى في هذا الوصف تجوزا وتجاوزا ، ولعل أحق النعوت بعمرو أن ندعوه بـ محرر مصر..
فالاسلام لم يكن يفتح البلاد بالمفهوم الحديث للفتح ، انما كان يحررها من تسلط امبراطوريتين سامتا العباد والبلاد سوء العذاب، تلك هما:
امبراطورية الفرس. وامبراطورية الروم..
ومصر بالذات ، يوم أهلت عليها طلائع الاسلام كانت نهبا للرومان وكان أهلها يقاومون دون جدوى..
ولما دوّت فوق مشارف بلادهم صيحات الكتائب المؤمنة أن:
" الله أكبر..
الله أكبر"..
سارعوا جميعا في زحام مجيد صوب الفجر الوافد وعانقوه ، واجدين فيه خلاصهم من قيصر ومن الرومان..
فعمرو بن العاص ورجاله ، لم يفتحوا مصر اذن.. انما فتحوا الطريق أمام مصر لتصل بالحق مصايرها.. وتربط بالعدل مقاديرها.. وتجد نفسها وحقيقتها في ضوء كلمات الله ، ومبادئ الاسلام..

ولقد كان رضي الله عنه حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة ، ليظل القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان الذ ين يحتلون البلاد ويسرقون أرزاق أهلها..
من أجل ذلك نجده يتحدث الى زعماء النصارى يومئذ وكبار أساقفتهم، فيقول:
"... ان الله بعث محمدا بالحق وأمره به..
وانه عليه الصلاة والسلام، قد أدّى رسالته ، ومضى بعد أن تركنا على الواضحة أي الطريق الواضح المستقيم..
وكان مما أمرنا به الاعذار الى الناس، فنحن ندعوكم الى الاسلام..
فمن أجابنا ، فهو منا ، له ما لنا وعليه ما علينا..
ومن لم يجبنا الى الاسلام ، عرضنا عليه الجزية أي الضرائب وبذلنا له الحماية والمنعة..
ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح علينا ، وأوصانا بأهلها خيرا فقال:" ستفتح عليكم بعدي مصر ، فاستوصوا بقبطها خيرا ، فان لهم ذمّة ورحما"..
فان أجبتمونا الى ما ندعوكم اليه كانت لكم ذمة الى ذمة"...
وفرغ عمرو من كلماته ، فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا:
" ان الرحم التي أوصاكم بها نبيّكم ، لهي قرابة بعيدة ، لا يصل مثلها الا الأنبياء"..!!
وكانت هذه بداية طيبة للتفاهم المرجو بين عمرو وأقباط مصر.. وان يكن قادة الرومان قد حاولوا العمل لاحباطها..
وعمرو بن العاص لم يكن من السابقين الى الاسلام ، فقد أسلم مع خالد بن الوليد قبيل فتح مكة بقليل..
ومن عجب أن اسلامه بدأ على يد النجاشي بالحبشة وذلك أن النجاشي يعرف عمرا ويحترمه بسبب تردده الكثير على الحبشة والهدايا الجزيلة التي كان يحملها للنجاشي ، وفي زيارته الأخيرة لتلك البلاد جاء ذكر لرسول الذي يهتف بالتوحيد وبمكارم الأخلاق في جزيرة العرب..
وسأل عاهل الحبشة عمرا ، كيف لم يؤمن به ويتبعه، وهو رسول من الله حقا..؟؟
وسأل عمرو النجاشي قائلا:
" أهو كذلك؟؟"
وأجابه النجاشي:
" نعم، فأطعني يا عمرو واتبعه ، فانه والله لعلى الحق ، وليظهرنّ على من خالفه"..؟!
وركب عمرو البحر من فوره ، عائدا الى بلاده ، وميمّما وجهه شطر المدينة ليسلم لله رب العالمين..
وفي الطريق المقضية الى المدينة التقى بخالد بن الوليد قادما من مكة ساعيا الى الرسول ليبايعه على الاسلام..
ولم يكد الرسول يراهما قادمين حتى تهلل وجهه وقال لأصحابه:
" لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها"..
وتقدم خالد فبايع..
ثم تقدم عمرو فقال:
" اني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي"..
فأجابه الرسول عليه السلام قائلا:
" يا عمرو..
بايع ، فان الاسلام يجبّ ما كان قبله"..
وبايع عمرو ووضع دهاءه وشجاعته في خدمة الدين الجديد.
وعندما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى ، كان عمرو واليا على عمان..
وفي خلافة عمر أبلى بلاءه المشهود في حروب الشام ، ثم في تحرير مصر من حكم الرومان.
وياليت عمرو بن العاص كان قد قاوم نفسه في حب الامارة..
اذن لكان قد تفوّق كثيرا على بعض المواقف التي ورّطه فيها الحب.
على أن حب عمرو الامارة ، كان الى حد ما ، تعبيرا تلقائيا عن طبيعته الجياشة بالمواهب..
بل ان شكله الخارجي ، وطريقته في المشي وفي الحديث ، كانت تومي الى أنه خلق للامارة..!! حتى لقد روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا ، فابتسم لمشيته وقال:
" ما ينبغي لأبي عبدالله أن يمشي على الأرض الا أميرا"..!
والحق أن أبا عبدالله لم يبخس نفسه هذا الحق..
وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين.. كان عمرو يتعامل مع هذه الأحداث بأسلوب أمير ، أمير معه من الذكاء والدهاء ، والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه..!!
ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وهو الصارم في اختيار ولاته ، واليا على فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر...
حين علم أمير المؤمنين عمر أن عمرا قد جاوز في رخاء معيشته الحد الذي كان أمير المؤمنين يطلب من ولاته أن يقفوا عنده ، ليظلوا دائما في مستوى ، أو على الأقل قريبين من مستوى عامة الناس..
نقول: لو علم الخليفة عن عمرو كثرة رخائه ، لم يعزله ، انما أرسل اليه محمد بن مسلمة وأمره أن يقاسم عمرا جميع أمواله وأشيائه ، فيبقي له نصفها ويحمل معه الى بيت المال بالمدينة نصفها الآخر.
ولو قد علم أمير المؤمنين أن حب عمرو للامارة ، يحمله على التفريط في مسؤولياته ، لما احتمل ضميره الرشيد ابقاءه في الولاية لحظة.
وكان عمرو رضي الله عنه حادّ الذكاء ، قوي البديهة عميق الرؤية..
حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، كلما رأى انسانا عاجز الحيلة ، صكّ كفيّه عجبا وقال:
" سبحان الله..!!
ان خالق هذا ، وخالق عمرو بن العاص اله واحد!!
كما كان بالغ الجرأة مقداما
ولقد كان يمزج جرأته بدهائه في بعض المواطن ، فيظن به الجبن أو الهلع.. بيد أنها سعة الحيلة ، كان عمرو يجيد استعمالها في حذق هائل ليخرج نفسه من المآزق المهلكة..!!
ولقد كان أمير المؤمنين عمر يعرف مواهبه هذه ويقدرها قدرها ، من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل مجيئه الى مصر ، قيل لأمير المؤمنين: ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا من الشجعان الدهاة ، فكان جواب عمر:
" لقد رمينا أرطبون الروم، بأرطبون العرب، فلننظر عمّ تنفرج الأمور"..!!
ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب ، وداهيتهم الخطير عمرو ابن العاص، على أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر ، التي سيلحقه بها عمرو بعد قليل ، ليرفع فوق ربوعها الآمنة راية الاسلام.
وما أكثر المواقف التي تألق فيها ذكاء عمرو ودهاؤه.
وان كنا لا نحسب منها بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلع كل منهما عليا ومعاوية، ليرجع الأمر شورى بين المسلمين ، فأنفذ أبو موسى الاتفاق ، وقعد عن انفاذه عمرو.
واذا اردنا أن نشهد صورة لدهائه ، وحذق بديهته ، ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنها الواقعة التي سنذكرها وقعت في اليرموك مع أرطبون الروم..
اذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه ، وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بالقاء صخرة فوقه اثر انصرافه من الحصن ، وأعدّ كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوما..
ودخل عمرو على القائد ، لا يريبه شيء، وانفض لقاؤهما ، وبينما هو في الطريق الى خارج الحصن، لمح فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر بشدّة.
وعلى الفور تصرّف بشكل باهر.
لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متهللة واثقة ، كأن لم يفزعه شيء قط ، ولم يثر شكوكه أمر!!
ودخل على القائد وقال له:
لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه.. ان معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الاسلام ، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دون مشورتهم ، ولا يرسل جيشا من جيوش الاسلام الا جعلهم على رأس مقاتليه وجنوده ، وقد رأيت أن آتيك بهم ، حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت ، ويكونوا من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة..
وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر..!!
فليوافقه اذن على رأيه ، حتى اذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم وقوادهم ، أجهز عليهم جميعا ، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده..
وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بارجاء الخطة التي كانت معدّة لاغتيال عمرو..
ودّع عمرو بحفاوة، وصافحه بحرارة،
وابتسم داهية العرب، وهو يغادر الحصن..
وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن ، ممتطيا صهوة فرسه ، التي راحت تقهقه في صهيل شامت وساخر.
أجل فهي الأخرى كانت تعرف من دهاء صاحبها الشيء الكثير..!!
وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر ، حيث كان واليا عليها..
وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال:
".. كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله ، فلو مت يومئذ لوجبت لي النار..
ثم بايعت رسول الله ، فما كان في الناس أحد أحب اليّ منه ، ولا أجلّ في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته ما استطعت ، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه اجلالا له.. فلو متّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة..
ثم بليت بعد ذلك بالسلطان ، وبأشياء لاأدري أهي لي أم عليّ"..
ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة ، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا:
" اللهم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر،
والا تدركني رحمتك أكن من الهالكين"!!
وظل في ضراعاته ، وابتهالاته حتى صعدت الى الله روحه . وكانت آخر كلماته لا اله الا الله..
وتحت ثرى مصر ، التي عرّفها عمرو طريق الاسلام، ثوى رفاته..
وفوق أرضها الصلبة ، لا يزال مجلسه حيث كان يعلم ، ويقضي ويحكم.. قائما عبر القرون تحت سقف مسجده العتيق جامع عمرو ، أول مسجد في مصر يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد ، وأعلنت بين أرجائه ومن فوق منبره كلمات الله ، ومبادئ الاسلام.


منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((39))

 
قديم 22-03-2010   #9
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((39))

 

{ أبو ذر الغفاري - زعيم المعارضة وعدو الثروات }


أقبل على مكة نشوان مغتبطا..

صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقداه بالضنى والألم، بيد أن الغاية التي يسعى اليها، أنسته جراحه، وأفاضت على روحه الحبور والبشور.
ودخلها متنكرا، كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه، أو طال به السفر والارتحال فأوى اليها يستريح ويتزوّد.
فلو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم، ويستمع اليه لفتكوا به.
وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به، ولكن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه، وبعد أن يؤمن به، ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..
ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر، حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.
في صبيحة يوم ذهب الى هناك، فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحده، فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.
قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك، ولكنه قرآن كريم.
قال أبو ذر: اقرأ عليّ..
فقرأ عليه الرسول، وأبو ذر يصغي.. ولم يمضي من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:
"أشهد أن لا اله الا الله.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"!
وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟
فأجابه أبو ذر: من غفار..
وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم، واكتسى وجهه الدهشة والعجب..
وضحك أبو ذر كذلك، فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالاسلام أمامه انما هو رجل من غفار..!!
فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأو في قطع الطريق..!!
وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. انهم حلفاء الليل والظلام، والويل لمن يسلمه الليل الى واحد من قبيلة غفار.
أفيجيء منهم اليوم، والاسلام لا يزال دينا جديدا مستخفيا، واحد ليسلم..؟!
يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:
".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا، لما كان من غفار، ثم قال: ان الله يهدي من يشاء.
ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى، وأراد بهم الخير.
وانه لذو بصر بالحق، فقد روي عنه أنه أحد الذين كلنوا يتألهون في الجاهلية، أي يتمرّدون على عبادة الأصنام، ويذهبون الى الايمان بإله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصنام وعبّادها، ويدعو الى عبادة الله الواحد القهار، حتى حث اليه الخطى، وشدّ الرحال.
أسلم أبو ذر من فوره..
وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..
اذن، هو قد أسلم في الأيام الأولى، بل الساعات الأولى للاسلام، وكان اسلامه مبكرا..
وحين أسلم كان الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها الى نفسه، والى الخمسة الذين آمنوا معه، ولم يكن أمام أبي ذر الا أن يحمل ايمانه بين جنبيه، ويتسلل به مغادرا مكة، وعائدا الى قومه...
ولكن أبا ذر، جندب بن جنادة، يحمل طبيعة فوارة جيّاشة.
لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة، ميلاد عابديها أقدم من ميلادها، تنحني أمامها الجباه والعقول، ويناديها الناس: لبيك.. لبيك..!!
وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل.
لقد توجه الى الرسول عليه الصلاة والسلام فور اسلامه بهذا السؤال:
يا رسول الله، بم تأمرني..؟
فأجابه الرسول: ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري..
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد..!!
ألم أقل لكم..؟؟
تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة، أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به، وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه.. أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع الى أهله صامتا.؟
هذا أمر فوق طاقته..
هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:
[أشهد أن لا اله الا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله]...
كانت هذه الصيحة أول صيحة بالاسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى..
ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه..
وترامى النبأ الى العباس عم النبي، فجاء يسعى، وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم الا بالحيلة الذكية، قال لهم:
"يا معشر قريش، أنتم تجار، وطريقكم على غفار،، وهذا رجل من رجالها، ان يحرّض قومه عليكم، يقطعوا على قوافلكم الطريق".. فثابوا الى رشدهم وتركوه.
ولكن أبا ذر، وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله، لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد...!!
وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم، يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف، واثلة) ودعوانهما، حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا.. فتصرخ المرأتان، ويهرول الرجال كالجراد، ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه..
وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله". ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..
ويعود أبو ذر الى عشيرته وقومه، فيحدثههم عن النبي الذي ظهر يدعو الى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق، ويدخل قومه في الاسلام، واحدا اثر واحد.. ولا يكتفي بقبيلته غفار، بل ينتقل الى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..!!
وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن، ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ويستقر بها والمسلمون معه.
وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان، أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة، لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك..
اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..
لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم، جاء بهما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا. شيوخا وشبابا، وأطفالا..!!
وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة..
فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه، وقال معبّرا عن دهشته:
"ان الله يهدي من يشاء"..!!
أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة..وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر، وتجيء معها قبيلة أسلم..
ان عمالقة السطور وحلفاء الشيطان، قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.
أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟
لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..
ونظر الى قبيلة غفار وقال:
"غفار غفر الله لها".
ثم الى قبيلة أسلم فقال:
"وأسلم سالمها الله"..
وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة، العزيز المنال.. ألا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟
أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا، وتحيته مباركة..
ولسوف يحمل صدره، ويحمل تاريخه، أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة..
ولسوف تفنى القرون والأجيال، والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:
" ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"..!!
ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد، وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل.. بيد أن وقته لم يأت بعد، فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه، حتى اذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلّوه..
أصدق لهجة في أبي ذر..؟
لقد قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام مستقبل صاحبه، ولخص حياته كلها في هذه الكلمات..
فالصدق الجسور، هو جوهر حياة أبي ذر كلها..
صدق باطنه، وصدق ظاهره..
صدق عقيدته وصدق لهجته..
ولسوف يحيا صادقا.. لا يغالط نفسه، ولا يغالط غيره، ولا يسمح لأحد أن يغالطه..
ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء.. فالصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر..
انما الصدق جهر وعلن.. جهر بالحق وتحد للباطل..تأييد للصواب ودحض للخطأ..
الصدق ولاء رشيد للحق، وتعبير جريء عنه، وسير حثيث معه..
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ببصيرته الثاقبة عبر الغيب القصيّ والمجهول البعيد كل المتاعب التي سيفيئها على أبي ذر صدقه وصلابته، فكان يأمره دائما أن يجعل الأناة والصبر نهجه وسبيله.
وألقى الرسول يوما هذا السؤال:
" يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟
فأجاب قائلا:
"اذن والذي بعثك بالحق، لأضربن بسيفي".!!
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:
"أفلا أدلك على خير من ذلك..؟
اصبر حتى تلقاني".
ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟
الأمراء.. والمال..؟؟
تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته، وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..
ولقد عرفها رسول الله فألقى عليه السؤال، ليزوده هذه النصيحة الثمينة:"اصبر حتى تلقاني"..
ولسوف يحفظ أبو ذر وصية معلمه، فلن يحمل السيف الذي توّد به الأمراء الذين يثرون من مال الأمة.. ولكنه أيضا لن يسكت عنهم لحظة من نهار..
أجل اذا كان الرسول قد نهاه عن حمل السيف في وجوههم، فانه لا ينهاه عن أن يحمل في الحق لسانه البتار..
ولسوف يفعل..
ومضى عهد الرسول، ومن بعده عصر أبي بكر، وعصر عمر في تفوق كامل على مغريات الحياة ودواعي الفتنة فيها..
حتى تلك النفوس المشتهية الراغبة، لم تكن تجد لرغباتها سبيلا ولا منفذا.
وأيامئذ، لم تكن ثمة انحرافات يرفع أبو ذر ضدها صوته ويصلحها بكلماته اللاهبة...
ولقد طال عهد أمير المؤمنين عمر، فارضا على ولاة المسلمين وأمرائهم وأغنيائهم في كل مكان من الأرض، زهدا وتقشفا، يكاد يكون فوق طاقة البشر..
ان واليا من ولاته في العراق، أو في الشام، أ، في صنعاء.. أو في أي من البلاد النائية البعيدة، لا يكاد يصل اليها نوعا من الحلوى، لا يجد عامة الناس قدرة على شرائه، حتى يكون الخبر قد وصل الى عمر بعد أيام. وحتى تكون أوامره الصارمة قد ذهبت لتستدعي ذلك الوالي الى المدينة ليلقى حسابه العسير..!!
ليهنأ أبو ذر اذن.. وليهنأ أكثر ما دام الفاروق العظيم أميرا للمؤمنين..
وما دام لا يضايق أبا ذر في حياته شيء مثلما يضايقه استغلال السلطة، واحتكارالثروة، فان ابن الخطاب بمراقبته الصارمة للسلطة، وتوزيعه العادل للثروة سيتيح له الطمأنينة والرضا..
وهكذا تفرغ لعبادة ربه، وللجهاد في سبيله.. غير لائذ بالصمت اذا رأى مخالفة هنا، أو هناك.. وقلما كان يرى..
بيد أن أعظم، وأعدل، وأروع حكام البشرية قاطبة يرحل عن الدنيا ذات يوم، تاركا وراءه فراغا هائلا، ومحدثا رحيله من ردود الفعل ما لا مفرّ منه ولا طاقة للناس به. وتستمر الفتوح في مدّها، ويعلو معها مد الرغبات والتطلع الى مناعم الحياة وترفها..
ويرى أبو ذر الخطر..
ان ألوية المجد الشخصي توشك أن تفتن الذين كل دورهم في الحياة أن يرفعوا راية الله..
ان الدنيا بزخرفها وغرورها الضاري، توشك أن تفتن الذين كل رسالتهم أن يجعلوا منها مزرعة للأعمال الصالحات..
ان المال الذي جعله الله خادما مطيعا للانسان، يوشك أن يتحوّل الى سيّد مستبد..
ومع من؟
مع أصحاب محمد الذي مات ودرعه مرهونة، في حين كانت أكوام الفيء والغنائم عند قدميه..!!
ان خيرات الأرض التي ذرأها الله للناس جميعا.. وجعل حقهم فيها متكافئا توشك أن تصير حكرا ومزية..
ان السلطة التي هي مسؤولية ترتعد من هول حساب الله عليها أفئدة الأبرار، تتحول الى سبيل للسيطرة، وللثراء، وللترف المدمر الوبيل..
رأى أبو ذر كل هذا فلم يبحث عن واجبه ولا عن مسؤوليته.. بل راح يمد يمينه الى سيفه.. وهز به الهواء فمزقه، ونهض قائما يواجه المجتمع بسيفه الذي لم تعرف له كبوة.. لكن سرعان ما رنّ في فؤاده صدى الوصية التي أوصاه بها الرسول، فأعاد السيف الى غمده، فما ينبغي أن يرفعه في وجه مسلم..
(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ)
ليس دوره اليوم أن يقتل.. بل أن يعترض..
وليس السيف أداة التغيير والتقويم، بل الكلمة الصادقة، الأمينة المستبسلة..
الكلمة العادلة التي لا تضل طريقها، ولا ترهب عواقبها.
لقد أخبر الرسول يوما وعلى ملأ من أصحابه، أن الأرض لم تقلّ، وأن السماء لم تظلّ أصدق لهجة من أبي ذر..
ومن كان يملك هذا القدر من صدق اللهجة، وصدق الاقتناع، فما حاجته الى السيف..؟
ان كلمة واحدة يقولها، لأمضى من ملء الأرض سيوفا..
فليخرج بصدقه هذا، الى الأمراء.. الى الأغنياء. الى جميع الذين أصبحوا يشكلون بركونهم الى الدنيا خطرا على الدين الذي جاء هاديا، لا جابيا.. ونبوة لا ملكا،.. ورحمة لا عذابا.. وتواضعا لا استعلاء.. وتكافؤ لا تمايز.. وقناعة لا جشعا.. وكفاية لا ترفا.. واتئادا في أخذ الحياة، لا فتونا بها ولا تهالكا عليها..
فليخرج الى هؤلاء جميعا، حتى يحكم الله بينهم وبينه بالحق، وهو خير الحاكمين.
وخرج أبو ذر الى معاقل السلطة والثروة، يغزوها بمعارضته معقلا معقلا.. وأصبح في أيام معدودات الراية التي التفت حولها الجماهير والكادحون.. حتى في الأقطار النائية التي لم يره أهلها بعد.. طاره اليها ذكره. وأصبح لا يمر بأرض، بل ولا يبلغ اسمه قوما الا أثار تسؤلات هامّة تهدد مصالح ذوي السلطة والثراء.
ولو أراد هذا الثائر الجليل أن يتخذ لنفسه ولحركته علما خاصا لما كان الشعار المنقوش على العلم سوى مكواة تتوهج حمرة ولهبا، فقد جعل نشيده وهتافه الذي يردده في كل مكان وزمان.. ويردده الانس عنه كأنه نشيد.. هذه الكلمات:
"بشّر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة"..!!
لا يصغد جبلا، ولا ينزل سهلا، ولا يدخل مدينة، ولا يواجه أميرا الا وهذه الكلمات على لسانه.
ولم يعد الانس يبصرونه قادما الا استقبلوه بهذه الكلمات:
" بشّر الكانزين بمكاو من نار"..
لقد صارت هذه العبارة علما على رسالته التي نذر حياته لها، حين رأى الثروات تتركز وتحتكر.. وحين رأى السلطة استعلاء واستغلال.. وحين رأى حب الدنيا يطغى ويوشك أن يطمر كل ما صنعته سنوات الرسالة العظمى من جمال وورع، وتفان واخلاص..
لقد بدأ بأكثر تلك المعاقل سيطرة ورهبة.. هناك في الشام حيث "معاوية بن أبي سفيان" يحكم أرضا من أكثر بلاد الاسلام خصوبة وخيرا وفيضا، وانه ليعطي الأموال ويوزعها بغير حساب، يتألف بها الناس الذين لهم حظ ومكانة، ويؤمن بها مستقبله الذي كان يرنو اليه طموحه البعيد.
هناك الضياع والقصور والثروات تفتن الباقية من حملة الجعوة، فليدرك أبو ذر الخطر قبل أن يحيق ويدمّر..
وحسر زعيم المعارضة رداءه المتواضع عن ساقيه، وسابق الريح الى الشام..
ولم يكد الناس العاديون يسمعون بمقدمه حتى استقبلوه في حماسة وشوق، والتفوا حوله أينما ذهب وسار..
حدثنا يا أبا ذر..
حدثنا يا صاحب رسول الله..
ويلقي أبو ذر على الجموع حوله نظرات فاحصة، فيرى أكثرها ذوي حصاصة وفقر.. ثم يرنو ببصره نحو المشارف القريبة فيرى القصور والضياع..
ثم يصرخ في الحافين حوله قائلا:
" عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الانس شاهرا سيفه"..؟؟!!
ثم يذكر من فوره وصية رسول الله أن يضع الأناة مكان الانقلاب، والكلمة الشجاعة مكان السيف.. فيترك لغة الحرب هذه ويعود الى لغة المنطق والاقناع، فيعلم الناس جميعا أنهم جميعا سواسية كأسنان المشط.. وأنهم جميعا شركاء في الرزق.. وأنه لا فضل لأحد على أحد الا بالتقوى.. وأن أمير القوم ووليهم، هو أول من يجوع اذا جاعوا، وآخر من شبع اذا شبعوا..
لقد قرر أن يخلق بكلماته وشجاعته رأيا عامّا من كل بلاد الاسلام يكون له من الفطنة والمناعة، والقوة ما يجعله شكيمة لأمرائه وأغنيائه، وما يحول دون ظهور طبقات مستغلة للحكم، أو محتكرة للثروة.
وفي أيام قلائل، كانت الشام كلها كخلايا نحل وجدت ملكتها المطاعة.. ولو أعطى أبو ذر اشارة عابرة بالثورة لاشتعلت نارا.. ولكنه كما قلنا، حصر اهتمامه في خلق رأي عام يفرض احترامه، وصارت كلماته حديث المجالس والمساجد والطريق.
ولقد بلغ خطره على الامتيازات الناشئة مداه، يوم ناظر معاوية على ملأ من الناس. ثم أبلغ الشاهد للمناظرة، الغائب عنها. وسارت الرياح بأخبارها..
ولقد وقف أبو ذر أصدق العالمين لهجة، كما وصفه نبيه وأستاذه..
وقف يسائل معاوية في غير خوف ولا مداراة عن ثروته قبل أن يصبح حاكما، وعن ثروته اليوم..!!
وعن البيت الذي كان يسكنه بمكة، وعن قصوره بالشام اليوم..!!
ثم يوجه السؤال للجالسين حوله من الصحابة الذين صحبوا معاوية الى الشام وصار لبعضهم قصور وضياع.
ثم يصيح فيهم جميعا: أفأنت الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم..؟؟
ويتولى الاجابة عنهم: نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن، وشهدتم مع الرسول المشاهد..
ثم يعود ويسأل: ألا تجدون في كتاب الله هذه الآية:
(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.. يوم يحمى عليها في نار جهنّم، فتكوى بها جباههم، وجنوبهم، وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم، فذوقوا ما كنتم تكنزون)..؟؟
وأجابه معاوية قائلا: لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب..
ويصيح أبو ذر: لا بل أنزلت لنا ولهم..
ويتابع أبو ذر القول ناصحا معاوية ومن معه أن يخرجوا كل ما بأيديهم من ضياع وقصور وأموال.. وألا يدّخر أحدهم لنفسه أكثر من حاجات يومه..
وتتناقل المحافل والجموع نبأ هذه المناظرة وأنباء أبي ذر..
ويتعالى نشيد أبي ذر في البيوت والطرقات:
(بشّر الكانزين بمكاو من نار يوم القيامة)..
ويستشعر معاوية الخطر، وتفزعه كلمات الثائر الجليل، ولكنه يعرف له قدره، فلا يقرّ به بسوء، ويكتب عن فوره للخليفة عثمان رضي الله عنه يقول له:" ان أبا ذر قد أفسد الانس بالشام"..
ويكتب عثمان لأبي ذر يستدعيه للمدينة.
ويحسر أبي ذر طرف ردائه عن ساقيه مرّة أخرى ويسافر الى المدينة تاركا الشام في يوم لم تشهد دمشق مثله يوما من أيام الحفاوة والوداع..!!

(لا حاجة لي في دنياكم)..!!
هكذا قال أبو ذر للخليفة عثمان بعد أن وصل الى المدينة، وجرى بينهما حوار طويل.
لقد خرج عثمان من حواره مع صاحبه، ومن الأنباء التي توافدت عليه من كل الأقطار عن مشايعة الجماهير لآراء أبي ذر، بادراك صحيح لخطر دعوته وقوتها، وقرر أن يحتفظ به الى جواره في المدينة، محددا بها اقامته.
ولقد عرض عثمان قراره على أبي ذر عرضا رفيقا، رقيقا، فقال له:" ابق هنا بجانبي، تغدو عليك القاع وتروح"..
وأجابه أبو ذر:
(لا حاجة لي في دنياكم).!
أجل لا حاجة له في دنيا الناس.. انه من أولئك القديسين الذين يبحثون عن ثراء الروح ، ويحيون الحياة ليعطوا لا ليأخذوا..!!
ولقد طلب من الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يأذن له الخروج الى الرّبذة فأذن له..
ولقد ظل وهو في احتدام معارضته أمينا لله ورسوله، حافظا في اعماق روحه النصيحة التي وجهها اليه الرسول عليه الصلاة والسلام ألا يحمل السيف.. لكأن الرسول رأى الغيب كله.. غيب أبي ذر ومستقبله، فأهدى اليه هذه النصيحة الغالية.
ومن ثم لم يكن أبو ذر ليخفي انزعاجه حين يرى بعض المولعين بايقاد الفتنة يتخذون من دعوته سببا لاشباع ولعهم وكيدهم.
جاءه يوما وهو في الرّبدة وفد من الكوفة يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد الخليفة، فزجرهم بكلمات حاسمة:
" والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت، وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي.."
" ولوسيّرني ما بين الأفق الى الأفق، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي..
" ولو ردّني الى منزلي، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي"..
ذلك رجل لا يريد غرضا من أغراض الدنيا، ومن ثم أفاء الله عليه نور البصيرة.. ومن ثم مرة أخرى أدرك ما تنطوي عليه الفتنة المسلحة من وبال وخطر فتحاشاها.. كما أدرك ما ينطوي عليه الصمت من وبال وخطر، فتحاشاه أيضا، ورفع صوته لا سيفه بكلمة الحق ولهجة الصدق، لا أطماع تغريه.. ولا عواقب تثنيه..!
لقد تفرّغ أبو ذر للمعارضة الأمينة وتبتّل.
وسيقضي عمره كله يحدّق في أخطاء الحكم وأخطاء المال، فالحكم والمال يملكان من الاغراء والفتنة ما يخافه أبو ذر على اخوانه الذين حملوا راية الاسلام مع رسولهم صلى الله عليه وسلم، والذين يجب أن يظلوا لها حاملين.
والحكم والمال أيضا، هما عصب الحياة للأمة والجماعات، فاذا اعتراهما الضلال تعرضت مصاير الناس للخطر الأكيد.
ولقد كان أبو ذر يتمنى لأصحاب الرسول ألا يلي أحد منهم امارة أو يجمع ثروة، وأن يظلوا كما كانوا روّاد للهدى، وعبّادا لله..
وقد كان يعرف ضراوة الدنيا وضراوة المال، وكان يدرك أن أبا بكر وعمر لن يتكررا.. ولطالما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من اغراء الامارة ويقول عنها:
".. انها أمانة، وانها يوم القيامة خزي وندامة.. الا من أخذها بحقها، وأدّى الذي عليه فيها"...
ولقد بلغ الأمر بأبي ذر ليتجنّب اخوانه ان لم يكن مقاطعتهم،لأنهم ولوا الامارات، وصار لهم بطبيعة الحال ثراء وثروة
لقيه أبو موسى الأشعري يوما، فلم يكد يراه حتى فتح له ذراعيه وهو يصيح من الفرح بلقائه:" مرحبا أبا ذر.. مرحبا بأخي".
ولكن أبا ذر دفعه عنه وهو يقول:
" لست بأخيك، انما كنت أخاك قبل أن تكون واليا وأميرا"..!
كذلك لقيه أبو هريرة يوما واحتضنه مرحّبا، ولكن أبا ذر نحّاه عنه بيده وقال له:
(اليك عني.. ألست الذي وليت الامارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا)..؟؟
ومضى أبو هريرة يدافع عن نفسه ويبرئها من تلك الشائعات..
وقد يبدو أبو ذر مبالغا في موقفه من الحكم والثروة..
ولكن لأبي ذر منطقه الذي يشكله صدقه مع نفسه، ومع ايمانه، فأبو ذر يقف بأحلامه وأعماله.. بسلوكه ورؤاه، عند المستوى الذي خلفه لهم رسول الله وصاحباه.. أبو بكر وعمر..
واذا كان البعض يرى في ذلك المستوى مثالية لا يدرك شأوها، فان ابا ذر يراها قدوة ترسم طريق الحياة والعمل، ولا سيما لأولئك الرجال الذين عاصروا الرسول عليه السلام، وصلوا وراءه، وجاهدوا معه، وبايعوه على السمع والطاعة.
كما أنه يدرك بوعيه المضيء، ما للحكم وما للثروة من أثر حاسم في مصاير الناس، ومن ثم فان أي خلل يصيب أمانة الحكم، أو عدالة الثروة، يشكل خطرا يجب دحضه ومعارضته.
ولقد عاش أبو ذر ما استطاع حاملا لواء القدوة العظمى للرسول عليه السلام وصاحبيه، أمينا عليها، حارسا لها.. وكان أستاذ في فن التفوق على مغريات الامارة والثروة،...
عرضت عليه الامارة بالعراق فقال:
" لا والله.. لن تميلوا عليّ بدنياكم أبدا"..
ورآه صاحبه يوما يلبس جلبابا قديما فسأله:
أليس لك ثوب غير هذا..؟! لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين..؟
فأجابه أبو ذر: " يا بن أخي.. لقد أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني"..
قال له: والله انك لمحتاج اليهما!!
فأجاب أب ذر: "اللهم غفر.. انك لمعظّم للدنيا، ألست ترى عليّ هذه البردة..؟؟ ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل ما نحن فيه"..؟؟
وجلس يوما يحدّث ويقول:

[أوصاني خليلي بسبع..
أمرني بحب المساكين والدنو منهم..
وأمرني أن أنظر الى من هو دوني، ولاأنظر الى من هو فوقي..
وأمرني ألا أسأل أحد شيئا..
وأمرني أن أصل الرحم..
وأمرني أن أقول الحق وان كان مرّا..
وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم..
وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة الا بالله].
ولقد عاش هذه الوصية، وصاغ حياته وفقهها، حتى صار "ضميرا" بين قومه وأمته..
ويقول الامام علي رضي الله عنه:
"لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر"..!!
عاش يناهض استغلال الحكم، واحتكار الثروة..
عاش يدحض الخطأ، ويبني الصواب..
عاش متبتلا لمسؤولية النصح والتحذير..
يمنعونه من الفتوى، فيزداد صوته بها ارتفاعا، ويقول لمانعيه:
" والذي نفسي بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها"..!!
ويا ليت المسلمين استمعوا يومئذ لقوله ونصحه..
اذن لما ماتت في مهدها تلك الفتن التي تفقم فيما بعد أمرها واستفحل خطرها، وتعرّضت المجتمعات والاسلام لأخطار، ما كان أقساها من أخطار.
والآن يعالج أبو ذر سكرات الموت في الربذة.. المكان الذي اختار الاقامة فيه اثر خلافه مع عثمان رضي الله عنه، فتعالوا بنا اليه نؤد للراحل العظيم تحية الوداع، ونبصر في حياته الباهرة مشهد الختام.
ان هذه السيدة السمراء الضامرة، الجالسة الى جواره تبكي، هي زوجته..
وانه ليسألها: فيم البكاء والموت حق..؟
فتجيبه بأنها تبكي: " لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا"..!!
".. لا تبكي، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين..
وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري .. وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق،، فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت".
وفاضت روحه الى الله..
ولقد صدق..
فهذه القافلة التي تغذ السير في الصحراء، تؤلف جماعة من المؤمنين، وعلى رأسهم عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله.
وان ابن مسعود ليبصر المشهد قبل أن يبلغه.. مشهد جسد ممتد يبدو كأنه جثمان ميّت، والى جواره سيدة وغلام يبكيان..
ويلوي زمام دابته والركب معه صوب المشهد، ولا يكاد يلقي نظرة على الجثمان، حتى تقع عيناه على وجه صاحبه وأخيه في الله والاسلام أبي ذر.
وتفيض عيناه بالدمع، ويقف على جثمانه الطاهر يقول:" صدق رسول الله.. تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك".!
ويجلس ابن مسعود رضي الله عنه لصحبه تفسير تلك العبارة التي نعاه بها:" تمشي وحدك.. وتموت حدك.. وتبعث وحدك"...
كان ذلك في غزوة تبوك.. سنة تسع من الهجرة، وقد أمر الرسول عليه السلام بالتهيؤ لملاقاة الروم، الذين شرعوا يكيدون للاسلام ويأتمرون به.
وكانت الأيام التي دعى فيها الناس للجهاد أيام عسر وقيظ..
وكانت الشقة بعيدة.. والعدو مخيفا..
ولقد تقاعس عن الخروج نفر من المسلمين، تعللوا بشتى المعاذير..
وخرج الرسول وصحبه.. وكلما أمعنوا في السير ازدادوا جهدا ومشقة، فجعل الرجل يتخلف، ويقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول:
" دعوه.
فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم..
وان يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه"..!!
وتلفت القوم ذات مرة، فلم يجدوا أبا ذر.. وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام:
لقد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بعيره..
وأعاد الرسول مقالته الأولى..
كان بعير أبي ذر قد ضعف تحت وطأة الجوع والظمأ والحر وتعثرت من الاعياء خطاه..
وحاول أبو ذر أن يدفعه للسير الحثيث بكل حيلة وجهد، ولكن الاعياء كان يلقي ثقله على البعير..
ورأى أبو ذر أنه بهذا سيتخلف عن المسلمين وينقطع دونهم الأثر، فنزل من فوق ظهر البعير، وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه، مهرولا، وسط صحراء ملتهبة، كما يدرك رسوله عليه السلام وصحبه..
وفي الغداة، وقد وضع المسلمون رحالهم ليستريحوا، بصر أحدهم فرأى سحابة من النقع والغبار تخفي وراءها شبح رجل يغذ السير..
وقال الذي رأى: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق وحده..
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:
(كن أبا ذر)..
وعادوا لما كانوا فيه من حديث، ريثما يقطع القادم المسافة التي تفصله عنهم، وعندها يعرفون من هو..
وأخذ المسافر الجليل يقترب منهم رويدا.. يقتلع خطاه من الرمل المتلظي اقتلاعا، وحمله فوق ظهره بتؤدة.. ولكنه مغتبط فرحان لأنه أدرك القافلة المباركة لم يتخلف عن رسول الله واخوانه المجاهدين..
وحين بلغ أول القافلة، صاح صائهحم: يار سول الله: انه والله أبا ذر..
وسار أبو ذر صوب الرسول.
ولم يكد صلى الله عليه وسلم يراه حتى تألقت على وجهه ابتسامة حانية واسية، وقال:
[يرحم الله أبا ذر..
يمشي وحده..
ويموت وحده..
ويبعث وحده..].
وبعد مضي عشرين عاما على هذا اليوم أو تزيد، مات أبو ذر وحيدا، في فلاة الربذة.. بعد أن سار حياته كلها وحيدا على طريق لم يتألق فوقه سواه.. ولقد بعث في التاريخ وحيدا في عظمة زهده، وبطولة صموده..
ولسوف يبعث عند الله وحيدا كذلك؛ لأن زحام فضائله المتعددة، لن يترك بجانبه مكانا لأحد سواه..!!!




منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((40))

 
قديم 22-03-2010   #10
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((40))

 

{ سعد بن أبي وقاص - الأسد في براثنه }


أقلقت الأنباء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما جاءته تترى بالهجمات الغادرة التي تشنها قوات الفرس على المسلمين.. وبمعركة الجسر التي ذهب ضحيتها في يوم واحد أربعة آلاف شهيد.. وبنقض أهل العراق عهودهم، والمواثيق التي كانت عليهم.. فقرر أن يذهب بنفسه لبقود جيوش المسلمين، في معركة فاصلة ضد الفرس.
وركب في نفر من أصحابه مستخلفا على المدينة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه..
ولكنه لم يكد يمضي عن المدينة حتى رأى بعض أصحابه أن يعود، وينتدب لهذه الهمة واحدا غيره من أصحابه..
وتبنّى هذا الرأي عبد الرحمن بن عوف، معلنا أن المخاطرة بحياة أمير المؤمنين على هذا النحو والاسلام يعيش أيامه الفاصلة، عمل غير سديد..
وأمر عمر أن يجتمع المسلمون للشورى ونودي:_الصلاة جامعة_ واستدعي علي ابن أبي طالب، فانتقل مع بعض أهل المدينة الى حيث كان أمير المؤمنين وأصحابه.. وانتهى الرأي الى ما نادى به عبد الرحمن بن عوف، وقرر المجتمعون أن يعود عمر الى المدينة، وأن يختار للقاء الفرس قائدا آخر من المسلمين..
ونزل أمير المؤمنين على هذا الرأي، وعاد يسأل أصحابه:
فمن ترون أن نبعث الى العراق..؟؟
وصمتوا قليلا يفكرون..
ثم صاح عبد الرحمن بن عوف: وجدته..!!
قال عمر: فمن هو..؟
قال عبد الرحمن: "الأسد في براثنه.. سعد بن مالك الزهري.."
وأيّد المسلمون هذا الاختيار، وأرسل أمير المؤمنين الى سعد بن مالك الزهري "سعد بن أبي وقاص" وولاه امارة العراق، وقيادة الجيش..
فمن هو الأسد في براثنه..؟
من هذا الذي كان اذا قدم على الرسول وهو بين أصحابه حياه وداعبه قائلا:
"هذا خالي.. فليرني امرؤ خاله"..!!
انه سعد بن أبي وقاص.. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم..
لقد عانق الاسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان اسلامه مبكرا، وانه ليتحدث عن نفسه فيقول:
"ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام"..!!
يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام..
ففي الأيام الأولى التي بدأ الرسول يتحدث فيها عن الله الأحد، وعن الدين الجديد الذي يزف الرسول بشراه، وقبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم ملاذا له ولأصحابه الذين بدءوا يؤمنون به.. كان سعد ابن أبي وقاص قد بسط يمينه الى رسول الله مبايعا..
وانّ كتب التارييخ والسّير لتحدثنا بأنه كان أحد الذين أسلموا باسلام أبي بكر وعلى يديه..
ولعله يومئذ أعلن اسلامه مع الذين أعلنوه باقناع أبي بكر ايّاهم، وهم عثمان ابن عفان، والزبير ابن العوّام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله.
ومع هذا لا يمنع سبقه بالاسلام سرا..
وان لسعد بن أبي وقاص لأمجاد كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر..
بيد أنه لم يتغنّ من مزاياه تلك، الا بشيئين عظيمين..
أولهما: أنه أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأول من رمي أيضا..

وثانيهما: أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد:
" ارم سعد فداك أبي وأمي"..
أجل كان دائما يتغنى بهاتين النعمتين الجزيلتين، ويلهج يشكر الله عليهما فيقول:
" والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله".
ويقول علي ابن أبي طالب:
" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك أبي وأمي"..
كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان رمحه ودعاؤه..
اذا رمى في الحرب عدوّا أصابه.. واذا دعا الله دعاء أجابه..!!
وكان، وأصحابه معه، يردّون ذلك الى دعاء الرسول له.. فذات يوم وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما سرّه وقرّ عينه، دعا له هذه الدعوة المأثورة..
" اللهم سدد رميته.. وأجب دعوته"
وهكذا عرف بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، وعرف هو ذلك نفسه وأمره، فلم يكن يدعو على أحد الا مفوّضا الى الله أمره.
من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول:
" رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له: اذن أدعو عليك، فقال ارجل: أراك تتهددني كأنك نبي..!!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال: اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة..
فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها.. وما زالت تتخبطه حتى مات"..
ان هذه الظاهرة، تنبىء أوّل ما تنبىء عن شفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه.
وكذلكم كان سعد، روحه حر.. ويقينه صلب.. واخلاصه عميق.. وكان دائب الاستعانة على دعم تقواه باللقمة الحلال، فهو يرفض في اصرار عظيم كل درهم فيه اثارة من شبهة..
ولقد عاش سعد حتى صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة.. ومع هذا فاذا كانت وفرة المال وحلاله قلما يجتمعان، فقد اجتمعا بين يدي سعد.. اذ آتاه الله الكثير، الحلال، الطيب..
وقدرته على جمع المال من الحلال الخالص، يضاهيها، قدرته في انفاقه في سبيل الله..
في حجة الوداع، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابه المرض، وذهب الرسول يعوده، فساله سعد قائلا:
"يا رسول الله، اني ذو مال ولا يرثني الا ابنة، أفأتصدّق بثلثي مالي..؟
قال النبي: لا.
قلت: فبنصفه؟
قال النبي: لا.
قلت: فبثلثه..؟
قال النبي: نعم، والثلث كثير.. انك ان تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا أجرت بها، حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك"..
ولم يظل سعد أبا لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء آخري
وكان سعد كثير البكاء من خشية الله.
وكان اذا استمع للرسول يعظهم، ويخطبهم، فاضت عيناه من الدمع حتى تكاد دموعه تملؤ حجره..
وكان رجلا أوتي نعمة التوفيق والقبول..
ذات يوم والنبي جالس مع أصحابه، رنا بصره الى الأفق في اصغاء من يتلقى همسا وسرا.. ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم:
" يطلع علينا الآن رجل من أهل الجنة"..
وأخذ الأصحاب يتلفتون صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ..
وبعد حين قريب، طلع عليهم سعد بن أبي وقاص.
ولقد لاذ به فيما بعد عبد الله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح أن يدله على ما يتقرّب الى الله من عمل وعبادة، جعله أهل لهذه المثوبة، وهذه البشرى.. فقال له سعد:
" لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد..
غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوءا".
هذا هو الأسد في براثنه، كما وصفه عبد الرحمن بن عوف..
وهذا هو الرجل الذي اختاره عمر ليوم القادسية العظيم..
كانت كل مزاياه تتألق أما بصيرة أمير المؤمنين وهو يختاره لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين..
انه مستجاب الدعوة.. اذا سأل الله النصر أعطاه اياه..
وانه عفّ الطعمة.. عف اللسان.. عف الضمير..
وانه واحد من أهل الجنة.. كما تنبأ له الرسول..
وانه الفارس يوم بدر. والفارس يوم أحد.. والفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وأخرى، لا ينساها عمر ولا يغفل عن أهميتها وقيمتها وقدرها بين الخصائص التي يجب أن تتوفر لكل من يتصدى لعظائم الأمور، تلك هي صلابة الايمان..
ان عمر لا ينسى نبأ سعد مع أمه يوم أسلم واتبع الرسول..
يومئذ أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله.. فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه الى وثنية أهله وذويه..
لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب، حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل اضرابها عن الطعام والسراب حتى أوشكت على الهلاك..
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع ايمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياةأمه..
وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله اليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت..
وذهب سعد ورأى مشهد يذيب الصخر..

بيد أن ايمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لاذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه:
" تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء..
فكلي ان شئت أو لا تأكلي"..!!
وعدلت أمه عن عزمها.. ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول:
( وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)..
أليس هو الأسد في براثنه حقا..؟؟
اذن فليغرس أمير المؤمنين لواء القادسية في يمينه. وليرم به الفرس المجتمعين في أكثر من مائةألف من المقاتلين المدربين. المدججين بأخطر ما كانت تعرفه الأرض يومئذ من عتاد وسلاح.. تقودهم أذكى عقول الحرب يومئذ، وأدهى دهاتها..
أجل الى هؤلاء في فيالقهم الرهيبة..خرج سعد في ثلاثين ألف مقاتل لا غير.. في أيديهم رماح.. ولكن في قلوبهم ارادة الدين الجديد بكل ما تمثله من ايمان وعنفوان، وشوق نادر وباهر الى الموت و الى الشهادة..!!
والتقى الجمعان.
ولكن لا.. لم يلتق الجمعان بعد..
وأن سعدا هناك ينتظر نصائح أمير المؤمنين عمر وتوجيهاته.. وها هو ذا كتاب عمر اليه يأمره فيه بالمبادرة الى القادسية، فانها باب فارس ويلقي على قلبه كلمات نور وهدى:
" يا سعد بن وهيب..
لا يغرّنّك من الله، أن قيل: خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب الا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سوء.. الله ربهم، وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة. فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث الى أن فارقنا عليه، فالزمه، فانه الأمر."
ثم يقول له:
" اكتب اليّ بجميع أحوالكم.. وكيف تنزلون..؟
وأين يكون عدوّكم منكم..
واجعلني بكتبك اليّ كأني أنظر اليكم"..!!
ويكتب سعد الى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه.
وينزل سعد القادسية، ويتجمّع الفرس جيشا وشعبا، كما لم يتجمعوا من قبل، ويتولى قيادة الفرس أشهر وأخطر قوّادهم "رستم"..
ويكتب سعد الى عمر، فيكتب اليه أمير المؤمنين:

" لا يكربنّك ما تسمع منهم، ولا ما يأتونك به، واستعن بالله، وتوكل عليه، وابعث اليه رجالا من أهل لنظر والرأي والجلد، يدعونه الى الله.. واكتب اليّ في كل يوم.."
ويعود سعد فيكتب لأمير المؤمنين قائلا:
" ان رستم قد عسكر ب ساباط وجرّ الخيول والفيلة وزحف علينا".
ويجيبه عمر مطمئنا مشيرا..
ان سعد الفارس الذكي المقدام، خال رسول الله، والسابق الى الاسلام، بطل المعارك والغزوات، والذي لا ينبو له سيف، ولا يزيغ منه رمح.. يقف على رأس جيشه في احدى معارك التاريخ الكبرى، ويقف وكأنه جندي عادي.. لا غرور القوة، ولا صلف الزعامة، يحملانه على الركون المفرط لثقته بنفسه.. بل هو يلجأ الى أمير المؤمنين في المدينة وبينهما أبعاد وأبعاد، فيرسل له كل يوم كتابا، ويتبادل معه والمعركة الكبرى على وشك النشوب، المشورة والرأي...
ذلك أن سعدا يعلم أن عمر في المدينة لا يفتي وحده، ولا يقرر وحده.. بل يستشير الذين حوله من المسلمين ومن خيار أصحاب رسول الله.. وسعد لا يريد برغم كل ظروف الحرب، أن يحرم نفسه، ولا أن يحرم جيشه، من بركة الشورى وجدواها، لا سيّما حين يكون بين أقطابها عمر الملهم العظيم..
وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل الى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه الى الله والى الاسلام..
ويطول الحوار بينهم وبين قائد الفرس، وأخيرا ينهون الحديث معه اذ يقول قائلهم:
" ان الله اختارنا ليخرج بنا من يشاء من خلقه من الوثنية الى التوحيد... ومن ضيق الدنيا الى سعتها، ومن جور الحكام الى عدل الاسلام..
فمن قبل ذلك منا، قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن قاتلنا قاتلناه حتى نفضي الى وعد الله.."
ويسأل رستم: وما وعد الله الذي وعدكم اياه..؟؟
فيجيبه الصحابي:
" الجنة لشهدائنا، والظفر لأحيائنا".
ويعود لبوفد الى قائد المسلمين سعد، ليخبروه أنها الحرب..

وتمتلىء عينا سعد بالدموع..


لقد كان يود لو تأخرت المعركة قليلا، أو تقدمت قليلا.. فيومئذ كان مرضه قد اشتد عليه وثقلت وطأته.. وملأت الدمامل جسده حتى ما كان يستطيع أن يجلس، فضلا أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة بالغة الضراوة والقسوة..!!
فلو أن المعركة جاءت قبل أن يمرض ويسقم، أولوأنها استأخرت حتى يبل ويشفى، اذن لأبلى فيها بلاءه العظيم.. أما الآن.. ولكن، لا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم علمهم ألا يقول أحدهم: لو. لأن لو هذه تعني العجز، والمؤمن القوي لا يعدم الحيلة، ولا يعجز أبدا..
عندئذ هب الأسد في براثنه ووقف في جيشه خطيبا، مستهلا خطابه بالآية الكريمة:

(بسم الله الرحمن الرحيم..
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)..
وبعد فراغه من خطبته، صلى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبّرا أربعا: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
ودوّى الكون وأوّب مع المكبرين، ومد ذراعه كالسهم النافذ مشيرا الى العدو، وصاح في جنوده: هيا على بركة الله..
وصعد وهو متحاملا على نفسه وآلامه الى شرفة الدار التي كان ينزل بها ويتخذها مركزا لقيادته.
.وفي الشرفة جلس متكئا على صدره فوق وسادة. باب داره مفتوح.. وأقل هجوم من الفرس على الدار يسقطه في أيديهم حيا أو ميتا.. ولكنه لا يرهب ولا يخاف..
دمامله تنبح وتنزف، ولكنه عنها في شغل، فهو من الشرفة يكبر ويصيح.. ويصدر أوامره لهؤلاء: أن تقدّموا صوب الميمنة.. وأولئك: أن سدوا ثغرات الميسرة.. أمامك يا مغيرة.. وراءهم يا جرير.. اضرب يا نعمان.. اهجم يا أشعث.. وأنت يا قعقاع.. تقدموا يا أصحاب محمد..!!
وكان صوته المفعم بقوة العزم والأمل، يجعل من كل جندي فردا، جيشا بأسره..
وتهاوى جنود الفرس كالذباب المترنّح.ز وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار..!!
وطارت فلولهم المهزومة بعد أن رأوا مصرع قائدهم وخيرة جنودهم، وطاردهم الجيش المسلم حتى نهاوند.. ثم المدائن فدخلوها ليحملوا ايوان كسرى وتاجه، غنيمة وفيئا
..!وفي موقعة المدائن أبلى سعد بلاء عظيما..
وكانت موقعة المدائن، بعد موقعة القادسية بقرابة عامين، جرت خلالهما مناوشات مستمرة بين الفرس والمسلمين، حتى تجمعن كل فلول الجيش الفارسي ويقاياه في المدائن نفسها، متأهبة لموقف أخير وفاصل..
وأدرك سعد أن الوقت سيكون بجانب أعدائه. فقرر أن يسلبهم هذه المزية.. ولكن أنّى له ذلك وبينه وبين المدائن نهر دجلة في موسم فيضانه وجيشانه..
هنا موقف يثبت فيه سعد حقا كما وصفه عبد الرحمن بن عوف الأسد في براثنه
..!ان ايمان سعد وتصميمه ليتألقان في وجه الخطر، ويتسوّران المستحيل في استبسال عظيم..!!
وهكذا أصدر سعد أمره الى جيشه بعبور نهر دجلة.. وأمر بالبحث عن مخاضة في النهر تمكّن من عبور هذا النهر.. وأخيرا عثروا على مكان لا يخلو عبوره من المخاطر البالغة..
وقبل أن يبدأ الجيش الجيش عملية المرور فطن القائد سعد الى وجوب تأمين مكان الوصول على الضفة الأخرى التي يرابط العدو حولها.. وعندئذ جهز كتيبتين..
الأولى: واسمها كتيبة الأهوال وأمّر سعد عليها عاصم ابن عمرو والثانية: اسمها الكتيبة الخرساء وأمّر عليها القعقاع ابن عمرو..
وكان على جنود هاتين الكتيبتين أن يخوضوا الأهوال لكي يفسحوا على الضفة الأخرى مكانا آمنا للجيش العابر على أثرهم.. ولقد أدوا العمل بمهارة مذهلة..
ونجحت خطة سعد يومئذ نجاحا يذهل له المؤرخون..
نجاحا أذهل سعد بن أبي وقاص نفسه..
وأذهل صاحبه ورفيقه في المعركة سلمان الفارسي الذي أخذ يضرب كفا بكف دهشة وغبطة، ويقول:
" ان الاسلام جديد..
ذلّلت والله لهم البحار، كما ذلّل لهم البرّ..
والذي نفس سلمان بيده ليخرجنّ منه أفواجا، كما دخلوه أفواحا"..!!
ولقد كان .. وكما اقتحموا نهر دجلة أفواجا، خرجوا منه أفواجا لم يخسروا جنديا واحدا، بل لم تضع منهم شكيمة فرس..
ولقد سقط من أحد المقاتلين قدحه، فعز عليه أن يكون الوحيد بين رفاقه الذي يضيع منه شيء، فنادى في أصحابه ليعاونوه على انتشاله، ودفعته موجة عالية الى حيث استطاع بعض العابرين التقاطه..!!
وتصف لنا احدى الروايات التاريخية، روعة المشهد وهم يعبرون دجلة، فتقول:
[أمر سعد المسلمين أن يقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.. ثم اقتحم بفرسه دجلة، واقتحم الناس وراءه، لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملؤا ما بين الجانبين، ولم يعد وجه الماء يرى من أفواج الفرسان والمشاة، وجعل الناس يتحدثون وهم يسيرون على وجه الماء كأنهم يتحدون على وجه الأرض؛ وذلك بسبب ما شعروا به من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ونصره ووعده وتأييده]..!!
ويوم ولى عمر سعدا امارة العراق، راح يبني للناس ويعمّر.. كوّف الكوفة، وأرسى قواعد الاسلام في البلاد العريضة الواسعة..
وذات يوم شكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين.. لقد غلبهم طبعهم المتمرّد، فزعموا زعمهم الضاحك، قالوا:" ان سعدا لا يحسن يصلي"..!!
ويضحك سعد من ملء فاه، ويقول:
"والله اني لأصلي بهم صلاة رسول الله.. أطيل في الركعتين الأوليين، وأقصر في الأخريين"..
ويستدعيه عمر الى المدينة، فلا يغضب، بل يلبي نداءه من فوره..
وبعد حين يعتزم عمر ارجاعه الى الكوفة، فيجيب سعد ضاحكا:
" اأتمرني أن أعود الى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة"..؟؟
ويؤثر البقاء في المدينة..
وحين اعتدي على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه، اختار من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، ستة رجال، ليكون اليهم أمر الخليفة الجديد قائلا انه اختار ستة مات رسول الله وهو عنهم راض.. وكان من بينهم سعد بن أبي وقاص.
بل يبدو من كلمات عمر الأخيرة، أنه لو كان مختارا لخلافة واحدا من الصحابة لاختار سعدا..
فقد قال لأصحابه وهو يودعهم ويوصيهم:
" ان وليها سعد فذاك..
وان وليه غيره فليستعن بسعد".
ويمتد العمر بسعد.. وتجيء الفتنة الكبرى، فيعتزلها بل ويأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا اليه شيئا من أخبارها..
وذات يوم تشرئب الأعناق نحوه، ويذهب اليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ويقول له:
يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر.
فيجيبه سعد:
" أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا.. اذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، واذا ضربت به الكافر قطع"..!!
ويدرك ابن أخيه غرضه، ويتركه في عزلته وسلامه..
وحين انتهى الأمر لمعاوية، واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا:
مالك لم تقاتل معنا..؟؟
فأجابه:
" اني مررت بريح مظلمة، فقلت: أخ .. أخ..
واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني.."
فقال معاوية: ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله تعالى:
(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت احداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى أمر الله).
وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية.
أجابه سعد قائلا:
" ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي".
وذات يوم من أيام الرابع والخمسين للهجرة، وقد جاوز سعد الثمانين، كان هناك في داره بالعقيق يتهيأ لقاء الله.
ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول:
[ كان رأس أبي في حجري، وهو يقضي، فبكيت وقال: ما يبكيك يا بنيّ..؟؟
ان الله لا يعذبني أبدا وأني من أهل الجنة]..!!
ان صلابة ايمانه لا يوهنها حتى رهبة الموت وزلزاله.
ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق ايمان.. واذن ففيم الخوف..؟
[ ان الله لا يعذبتي أبدا، واني من أهل الجنة].
بيد أنه يريد أن يلقى الله وهو يحمل أروع وأجمل تذكار جمعه بدينه ووصله برسوله.. ومن ثمّ فقد أشار الى خزانته ففتحوها، ثم أخرجوا منها رداء قديما قي بلي وأخلق، ثم أمر أهله أن يكفنوه فيه قائلا:
[ لقد لقيت المشركين فيه يوم بدر، ولقد ادخرته لهذا اليوم]..!!
اجل، ان ذلك الثوب لم يعد مجرّد ثوب.. انه العلم الذي يخفق فوق حياة مديدة شامخة عاشها صاحبها مؤمنا، صادقا شجاعا!!
وفوق أعناق الرجال حمل الى المدينة جثمان آخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام الى جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه الى الله، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه.
وداعا يا سعد..!!

وداعا يا بطل القادسية، وفاتح المدائن، ومطفىء النار المعبودة في فارس الى الأبد..!!



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((41))

 
قديم 22-03-2010   #11
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((41))

 

{ المقداد بن عمرو - أول فرسان الاسلام }


تحدث عنه أصحابه ورفاقه فقالوا:
" أول من عدا به فرسه في سبيل الله، المقداد بن الأسود..
والمقداد بن الأسود، هو بطلنا ، هذا المقداد بن عمرو كان قد حالف في الجاهلية الأسود بن عبد يغوث فتبناه، فصار يدعى المقداد بن الأسود، حتى اذا نزلت الآية الكريمة التي تنسخ التبني، نسب لأبيه عمرو بن سعد..
والمقداد من المبكّرين بالاسلام، وسابع سبعة جاهروا باسلامهم وأعلنوه، حاملا نصيبه من أذى قريش ونقمتها في شجاعة الرجال وغبطة الحواريين..!!
ولسوف يظل موقفه يوم بدر لوحة رائعة كل من رآه لو أنه كان صاحب هذا الموقف العظيم..
يقول عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله:
" لقد شهدت من المقداد مشهدا، لأن أكون صاحبه، أحبّ اليّ مما في الأرض جميعا".
في ذلك اليوم الذي بدأ عصيبا ، حيث أقبلت قريش في بأسها الشديد واصرارها العنيد، وخيلائها وكبريائها..
في ذلك اليوم.. والمسلمون قلة، لم يمتحنوا من قبل في قتال من أجل الاسلام، فهذه أول غزوة لهم يخوضونها..
ووقف الرسول معجبا بايمان الذين معه، واستعدادهم لملاقاة الجيش الزاحف عليهم في مشاته وفرسانه..
وراح يشاورهم في الأمر، وأصحاب الرسول يعلمون أنه حين يطلب المشورة والرأي، فانه يفعل ذلك حقا، وأنه يطلب من كل واحد حقيقة اقتناعه وحقيقة رأيه، فان قال قائلهم رأيا يغاير رأي الجماعة كلها، ويخالفها فلا حرج عليه ولا تثريب..
وخاف المقدادا أن يكون بين المسلمين من له بشأن المعركة تحفظات... وقبل أن يسبقه أحد بالحديث همّ هو بالسبق ليصوغ بكلماته القاطعة شعار المعركة، ويسهم في تشكيل ضميرها.
ولكنه قبل أن يحرك شفتيه، كان أبو بكر الصديق قد شرع يتكلم فاطمأن المقداد كثيرا.. وقال أبو بكر فأحسن، وتلاه عمر بن الخطاب فقل وأحسن..
ثم تقدم المقداد وقال:
" يا رسول الله..
امض لما أراك الله، فنحن معك..
والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى
اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون..
بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون..!!
والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا الى برك العماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. ولنقاتلن عن يمينك وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك حتى يفتح الله لك".. انطلقت الكلمات كالرصاص المقذوف.. وتهلل وجه رسول الله وأشرق فمه عن دعوة صالحة دعاها للمقداد.. وسرت في الحشد الصالح المؤمن حماسة الكلمات الفاضلة التي أطلقها المقداد بن عمرو والتي حددت بقوتها واقناعها نوع القول لمن أراد قولا.. وطراز الحديث لمن يريد حديثا..!!
أجل لقد بلغت كلمات المقداد غايتها من أفئدة المؤمنين، فقام سعد بن معاذ زعيم الأنصار، وقال:
" يا رسول الله..
لقد آمنا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به هو الحق.. وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك.. والذي بعثك بالحق.. لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوّنا غدا..
انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء.. ولعل الله يريك منا ما تقر عينك.. فسر على بركة الله"..
وامتلأ قلب الرسول بشرا..
وقال لأصحابه:" سيروا وأبشروا"..
والتقى الجمعان..
وكان من فرسان المسلمين يومئذ ثلاثة لا غير: المقداد بن عمرو، ومرثد بن أبي مرثد، والزبير بن العوّام، بينما كان بقية المجاهدين مشاة، أو راكبين ابلا..
ان كلمات المقداد التي مرّت بنا من قبل، لا تصور شجاعته فحسب، بل تصور لنا حكمته الراجحة، وتفكيره العميق..
وكذلك كان المقداد..
كان حكيما أريبا، ولم تكن حكمته تعبّر عن نفسها في مجرّد كلمات، بل هي تعبّر عن نفسها في مبادئ نافذة، وسلوك قويم مطرّد. وكانت تجاربه قوتا لحكمته وريا لفطنته..
ولاه الرسول على احدى الولايات يوما، فلما رجع سأله النبي:
" كيف وجدت الامارة"..؟؟
فأجاب في صدق عظيم:
" لقد جعلتني أنظر الى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعا دوني..
والذي بعثك بالحق، لا اتآمرّن على اثنين بعد اليوم، أبدا"..
واذا لم تكن هذه الحكمة فماذا تكون..؟
واذا لم يكن هذا هو الحكيم فمن يكون..؟
رجل لا يخدع عن نفسه، ولا عن ضعفه..
يلي الامارة، فيغشى نفسه الزهو والصلف، ويكتشف في نفسه هذا الضعف، فيقسم ليجنّبها مظانه، وليرفض الامارة بعد تلك التجربة ويتحاماها.. ثم يبر بقسمه فلا يكون أميرا بعد ذلك أبدا..!!
لقد كان دائب التغني بحديث سمعه من رسول الله.. هوذا:
" ان السعيد لمن جنّب الفتن"..
واذا كان قد رأى في الامارة زهوا يفتنه، أو يكاد يفتنه، فان سعادته اذن في تجنبها..
ومن مظاهر حكمته، طول أناته في الحكم على الرجال..
وهذه أيضا تعلمها من رسول الله.. فقد علمهم عليه السلام أن قلب ابن آدم أسرع تقلبا من القدر حين تغلي..
وكان المقداد يرجئ حكمه الأخير على الناس الى لحظة الموت، ليتأكد أن هذا الذي يريد أن يصدر عليه حكمه لن يتغير ولن يطرأ على حياته جديد.. وأي تغيّر، أو أي جديد بعد الموت..؟؟
وتتألق حكمته في حنكة بالغة خلال هذا الحوار الذي ينقله الينا أحد أصحابه وجلسائه، يقول:
" جلسنا الى المقداد يوما فمرّ به رجل..
فقال مخاطبا المقداد: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى اله عليه وسلم..
والله لوددنا لو أن رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت فأقبل عليه المقداد وقال:
ما يحمل أحدكم على أن يتمنى مشهدا غيّبه الله عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يصير فيه؟؟ والله، لقد عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام كبّهم الله عز وجل على مناخرهم في جهنم. أولا تحمدون الله الذي جنّبكم مثلا بلائهم، وأخرجكم مؤمنين بربكم ونبيكم"..
حكمة وأية حكمة..!!
انك لا تلتقي بمؤمن يحب الله ورسوله، الا وتجده يتمنى لو أنه عاش أيام الرسول ورآه..!
ولكن بصيرة المقداد الحاذق الحكيم تكشف البعد المفقود في هذه الأمنية..
ألم يكن من المحتمل لهذا الذي يتمنى لو أنه عاش تلك الأيام.. أن يكون من أصحاب الجحيم..
ألم يكون من المحتمل أن يكفر مع الكافرين.
وأليس من الخير اذن أن يحمد الله الذي رزقه الحياة في عصور استقرّ فيها الاسلام، فأخذه صفوا عفوا..
هذه نظرة المقداد، تتألق حكمة وفطنة.. وفي كل مواقفه، وتجاربه، وكلماته، كان الأريب الحكيم..
وكان حب المقداد للاسلام عظيما..
وكان الى جانب ذلك، واعيا حكيما..
والحب حين يكون عظيما وحكيما، فانه يجعل من صاحبه انسانا عليّا، لا يجد غبطة هذا الحب في ذاته.. بل في مسؤولياته..
والمقداد بن عمرو من هذا الطراز..
فحبه للرسول. ملأ قلبه وشعوره بمسؤولياته عن سلامة الرسول، ولم يكن تسمع في المدينة فزعة، الا ويكون المقداد في مثل لمح البصر واقفا على باب رسول الله ممتطيا صهوة فرسه، ممتشقا مهنّده وحسامه..!!
وحبه للاسلام، ملأ قلبه بمسؤولياته عن حماية الاسلام.. ليس فقط من كيد أعدائه.. بل ومن خطأ أصدقائه..
خرج يوما في سريّة، تمكن العدو فيها من حصارهم، فأصدر أمير السرية أمره بألا يرعى أحد دابته.. ولكن أحد المسلمين لم يحط بالأمر خبرا، فخالفه، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق، أو لعله لا يستحقها على الاطلاق..
فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح، فسأله، فأنبأه ما حدث
فأخذ المقداد بيمينه، ومضيا صوب الأمير، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له:
" والآن أقده من نفسك..
ومكّنه من القصاص"..!!
وأذعن الأمير.. بيد أن الجندي عفا وصفح، وانتشى المقداد بعظمة الموقف، وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة، فراح يقول وكأنه يغني:
" لأموتنّ، والاسلام عزيز"..!!
أجل تلك كانت أمنيته، أن يموت والاسلام عزيز.. ولقد ثابر مع المثابرين على تحقيق هذه الأمنية المثابرة الباهرة جعلته أهلا لأن يقول له الرسول عليه الصلاة والسلام:
"ان الله أمرني بحبك..
وأنبأني أنه يحبك"...



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((42))

 
قديم 22-03-2010   #12
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((42))

 

{ عبدالله بن مسعود - أول صادح بالقرآن }

قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، كان عبدالله بن مسعود قد آمن به، وأصبح سادس ستة أسلموا واتبعوا الرسول، عليه وعليهم الصلاة والسلام..
هو اذن من الأوائل المبكرين..
ولقد تحدث عن أول لقائه برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" كنت غلاما يافعا، أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأبوبكر فقالا: يا غلام،هل عندك من لبن تسقينا..؟؟
فقلت: اني مؤتمن، ولست ساقيكما..
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: هل عندك من شاة حائل، لم ينز عليها الفحل..؟
قلت: نعم..
فأتيتهما بها، فاعتلفها النبي ومسح الضرع.. ثم اتاه أبو بكر بصخرة متقعرة، فاحتلب فيها، فشرب أبو بكر ثم شربت..ثم قال للضرع: اقلص، فقلص..
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، فقلت: علمني من هذا القول.
فقال: انك غلام معلم"...
لقد انبهر عبدالله بن مسعود حين رأى عبدالله الصالح ورسوله الأمين يدعو ربه، ويمسح ضرعا لا عهد له باللبن بعد، فهذا هو يعطي من خير الله ورزقه لبنا خالصا سائغا للشاربين..!!
وما كان يدري يومها، أنه انما يشاهد أهون المعجزات وأقلها شأنا، وأنه عما قريب سيشهد من هذا الرسول الكريم معجزات تهز الدنيا، وتملؤها هدى ونور..
بل ما كان يدري يومها، أنه وهو ذلك الغلام الفقير الضعيف الأجير الذي يرعى غنم عقبة بن معيط، سيكون احدى هذه المعجزات يوم يخلق الاسلام منه مؤمنا بايمانه يضعف كبرياء قريش، ويقهر جبروت ساداتها..
فيذهب وهو الذي لم يكن يجرؤ أن يمر بمجلس فيه أحد أشراف مكة الا مطرق الرأس حثيث الخطى.. نقول: يذهب بعد اسلامه الى مجمع الأشراف عند الكعبة، وكل سادات قريش وزعمائها هنالك جالسون فيقف على رؤوسهم. ويرفع صوته الحلو المثير بقرآن الله:
(بسم الله الرحمن الرحيم، الرحمن، علّم القرآن، خلق الانسان، علّمه البيان، الشمس والقمر بحسبان، والنجم والشجر يسجدان).
ثم يواصل قراءته. وزعماء قريش مشدوهون، لا يصدقون أعينهم التي ترى.. ولا آذانهم التي تسمع.. ولا يتصورون أن هذا الذي يتحدى بأسهم.. وكبريائهم..انما هو أجير واحد منهم، وراعي غنم لشريف من شرفائهم.. عبدالله بن مسعود الفقير المغمور..!!
ولندع شاهد عيان يصف لنا ذلك المشهد المثير..
انه الزبير رضي الله عنه يقول:

" كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، اذ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
والله ما سمعت قريش مثل هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه..؟؟
فقال عبدالله بن مسعود:أنا..
قالوا: ان نخشاهم عليك، انما نريد رجلا له عشيرته يمنعونه من القوم ان أرادوه..
قال: دعوني، فان الله سيمنعني..
فغدا ابن مسعود حتى اتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، فقام عند المقام ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم _رافعا صوته_ الرحمن.. علم القرآن، ثم استقبلهم يقرؤها..
فتأملوه قائلين: ما يقول ابن ام عبد..؟؟ انه ليتلو بعض ما جاء به محمد..
فقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته حتى بلغ منها ما شا الله أن يبلغ..
ثم عاد الى أصحابه مصابا في وجهه وجسده، فقالوا له:
هذا الذي خشينا عليك..
فقال: ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا..
قالوا: حسبك، فقد أسمعتهم ما يكرهون"..!!
أجل ما كان ابن مسعود يوم بهره الضرع الحافل باللبن فجأة وقبل أوانه.. ما كان يومها يعلم أنه هو ونظراؤه من الفقراء والبسطاء، سيكونون احدى معجزات الرسول الكبرى يوم يحملون راية الله، ويقهرون بها نور الشمس وضوء النهار..!!
ما كان يعلم أن ذلك اليوم قريب..
ولكن سرعان ما جاء اليوم ودقت الساعة، وصار الغلام الأجير الفقير الضائع معجزة من المعجزات..!!
لم تكن العين لتقع عليه في زحام الحياة..
بل ولا بعيدا عن الزحام..!!
فلا مكان له بين الذين أوتوا بسطة من المال، ولا بين الذين أوتوا بسطة في الجسم، ولا بين الذين أوتوا حظا من الجاه..
فهو من المال معدم.. وهو في الجسم ناحل، ضامر.. وهو في الجاه مغمور..
ولكن الاسلام يمنحه مكان الفقر نصيبا رابيا وحظوظا وافية من خزائن كسرى وكنوز قيصر..!
ويمنحه مكان ضمور جسمه وضعف بنيانه ارادة تقهر الجبارين، وتسهم في تغيير مصير التاريخ..!
ويمنحه مكان انزوائه وضياعه، خلودا، وعلما وشرفا تجعله في الصدارة بين أعلام التاريخ..!!
ولقد صدقت فيه نبوءة الرسول عليه الصلاة والسلام يوم قال له: " انك غلام معلّم" فقد علمه ربه، حتى صار فقيه الأمة، وعميد حفظة القرآن جميعا.
يقول على نفسه:
" أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه زسلم سبعين سورة، لا ينازعني فيها أحد"..
ولكأنما أراد الله مثوبته حين خاطر بحياته في سبيل ان يجهر بالقرآن ويذيعه في كل مكان بمكة أثناء سنوات الاضطهاد والعذاب فأعطاه سبحانه موهبة الأداء الرائع في تلاوته، والفهم السديد في ادراك معانيه..
ولقد كان رسول الله يوصي أصحابه أن يقتدوا بابن مسعود فيقول:
" تمسّكوا بعهد ابن أم عبد".
ويوصيهم بأن يحاكوا قراءته،ويتعلموا منه كيف يتلو القرآن.
يقول عليه السلام:
" من أحب أن يسمع القرآن كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد"..
" من أحب أن يقرأ القرآن كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"..!!
ولطالما كان يطيب لرسول الله عليه السلام أن يستمع للقرآن من فم ابن مسعود..
دعاه يوما الرسول، وقال له:
" اقرأ عليّ يا عبد الله"..
قال عبد الله:
" أقرأ عليك، وعليك أنزل يا رسول الله"؟!
فقال له الرسول:
"اني أحب أن أسمعه من غيري"..
فأخذ ابن مسعود يقرأ من سورة النساء حتى وصل الى قوله تعالى:
(فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا..
يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوّى بهم الأرض..
ولا يكتمون الله حديثا)..
فغلب البكاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاضت عيناه بالدموع، وأشار بيده الى ابن مسعود:
أن" حسبك.. حسبك يا ابن مسعود"..
وتحدث هو بنعمة الله فقال:
" والله ما نزل من القرآن شيء الا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحدا تمتطى اليه الابل أعلم مني بكتاب الله لأتيته وما أنا بخيركم"!!
ولقد شهد له بهذا السبق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عنه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه:
" لقد ملئ فقها"..
وقال أبو موسى الأشعري:
" لا تسألونا عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم"
ولم يكن سبقه في القرآن والفقه موضع الثناء فحسب.. بل كان كذلك أيضا سبقه في الورع والتقى.
يقول عنه حذيفة:
" ما رأيت أحدا أشبه برسول الله في هديه، ودلّه، وسمته من ابن مسعود...
ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن ام عبد لأقربهم الى الله زلفى"..!!
واجتمع نفر من الصحابة يوما عند علي ابن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا له:
"يا أمير المؤمنين، ما رأينا رجلا كان أحسن خلقا ولا أرفق تعليما، ولا أحسن مجالسة، ولا أشد ورعا من عبدالله بن مسعود..
قال علي:
نشدتكم الله، أهو صدق من قلوبكم..؟؟
قالوا:
نعم..
قال:
اللهم اني أشهدك.. اللهم اني أقول مثل ما قالوا أو أفضل..
لقد قرأ القرآن فأحلّ حلاله، وحرّم حرامه..فقيه في الدين، عالم بالسنة"..!
وكان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام يتحدثون عن عبدالله بن مسعود فيقولون:
" ان كان ليؤذن له اذا حججنا، ويشهد اذا غبنا"..
وهم يريدون بهذا، أن عبد الله رضي الله عنه كان يظفر من الرسول صلى الله عليه وسلم بفرص لم يظفر بها سواه، فيدخل عليه بيته أكثر مما يدخل غيره ويجالسه أكثر مما يجالس سواه. وكان دون غيره من الصّحب موضع سرّه ونجواه، حتى كان يلقب بـ صاحب السواد أي صاحب السر..
يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:
"لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام، وما أرى الا ابن مسعود من أهله"..
ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبّه حبا عظيما، وكان يحب فيه ورعه وفطنته، وعظمة نفسه.. حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه:
" لو كنت مؤمّرا أحدا دون شورى المسلمين، لأمّرت ابن أم عبد"..
وقد مرّت بنا من قبل، وصية االرسول لأصحابه:
" تمسكوا بعهد ابن أم عبد"...
وهذا الحب، وهذه الثقة أهلاه لأن يكون شديد بقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطي ما لم يعط أحد غيره حين قال له الرسول عليه الصلاة والسلام:" اذنك عليّ أن ترفع الحجاب"..
فكان هذا ايذانا بحقه في أن يطرق باب الرسول عليه أفضل السلام في أي وقت يشاء من ليل أو نهار...
وهكذا قال عنه أصحابه:
" كان يؤذن له اذا حججنا، ويشهد اذا غبنا"..
ولقد كان ابن مسعود أهلا لهذه المزيّة.. فعلى الرغم من أن الخلطة الدانية على هذا النحو، من شأنها أن ترفع الكلفة، فان ابن مسعود لم يزدد بها الا خشوعا، واجلالا، وأدبا..
ولعل خير ما يصوّر هذا الخلق عنده، مظهره حين كان يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته...
فعلى الرغم من ندرة تحدثه عن الرسول عليه السلام، نجده اذا حرّك شفتيه ليقول: سمعت رسول الله يحدث ويقول: سمعت رسول الله يحدث ويقول... تأخذه الرّعدة الشديدة ويبدو عليه الاضطراب والقلق، خشية أن ينسى فيضع حرفا مكان حرف..!!
ولنستمع لاخوانه يصفون هذه الظاهرة..
يقول عمرو بن ميمون:
" اختلفت الى عبدالله بن مسعود سنة، ما سمعه يتحدث فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الا أنه حدّث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه: قال رسول الله، فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدّر عن جبهته، ثم قال مستدركا قريبا من هذا قال الرسول"..!!
ويقول علقمة بن قيس:
" كان عبدالله بن مسعود يقوم عشيّة كل خميس متحدثا، فما سمعته في عشية منها يقول: قال رسول الله غير مرة واحدة.. فنظرت اليه وهو معتمد على عصا، فاذا عصاه ترتجف، وتتزعزع"..!!
ويحدثنا مسروق عن عبدالله:
" حدّث ابن مسعود يوما حديثا فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ثم أرعد وأرعدت ثيابه.. ثم قال:أو نحو ذا.. أو شبه ذا"..!!
الى هذا المدى العظيم بلغ اجلاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ توقيره اياه، وهذه أمارة فطنته قبل أن تكون امارة تقاه..!!
فالرجل الذي عاصره رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرمن غيره، كان ادراكه لجلال هذا الرسول العظيم ادراكا سديدا.. ومن ثمّ كان أدبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، ومع ذكراه في مماته، أدبا فريدا..!!
لم يكن يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ولا في حضر.. ولقد شهد المشاهد كلها جميعها.. وكان له يوم بدر شأن مذكور مع أبي جهل الذي حصدته سيوف المسلمين في ذلك اليوم الجليل.. وعرف خلفاء الرسول وأصحابه له قدره.. فولاه أمير المؤمنين عمر على بيت المال في الكوفة. وقال لأهلها حين أرسله اليهم:
" اني والله الذي لا اله الا هو، قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا".
ولقد أحبه أهل الكوفة حبا جما لم يظفر بمثله أحد قبله، ولا أحد مثله..
واجماع أهل الكوفة على حب انسان، أمر يشبه المعجزات..
ذلك أنهم أهل تمرّد ثورة، لا يصبرون على طعام واحد..!! ولا يطيقون الهدوء والسلام..
ولقد بلغ من حبهم اياه أن أحاطوا به حين أراد الخليفةعثمان رضي الله عنه عزله عن الكوفة وقالوا له:" أقم معنا ولا تخرج، ونحن نمنعك أن يصل اليك شيء تكرهه منه"..
ولكن ابن مسعود أجابهم بكلمات تصوّر عظمة نفسه وتقاه، اذ قال لهم:
" ان له عليّ الطاعة، وانها ستكون أمور وفتن، ولا أحب أن يكون أول من يفتح أبوابها"..!!
ان هذا الموقف الجليل الورع يصلنا بموقف ابن مسعود من الخليفةعثمان.. فلقد حدث بينهما حوار وخلاف تفاقما حتى حجب عن عبدالله راتبه ومعاشه من بيت الامل،، ومع ذلك لم يقل في عثمان رضي الله عنه كلمة سوء واحدة..
بل وقف موقف المدافع والمحذر حين رأى التذمّر في عهد عثمان يتحوّل الى ثورة..
وحين ترامى الى مسمعه محاولات اغتيال عثمان، قال كلمته المأثورة:
" لئن قتلوه، لا يستخلفون بعده مثله".
ويقول بعض أصحاب ابن مسعود:
" ما سمعت ابن مسعود يقول في عثمان سبّة قط"..
ولقد آتاه الله الحكمة مثلما أعطاه التقوى.
وكان يملك القدرة على رؤية الأعماق، والتعبير عنها في أناقة وسداد..
لنستمع له مثلا وهو يلخص حياة عمر في تركيز باهر فيقول:
" كان اسلامه فتحا.. وكانت هجرته نصرا.. وكانت امارته رحمة..".
ويتحدث عما نسميه اليوم نسبية الزمان فيقول:
" ان ربكم ليس عنده ليل ولا نهار.. نور السموات والأرض من نور وجهه"..!!
ويتحدث عن العمل وأهميته في رفع المستوى الأدبي لصاحبه، فيقول:" اني لأمقت الرجل، اذ أراه فارغا.. ليس فيه شيء من عمل الدنيا، ولا عمل الآخرة"..
ومن كلماته الجامعة:
" خير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشرّ المكاسب الربا، وشرّ المأكل مال اليتيم.
هذا هو عبدالله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه ومضة من حياة عظيمة مستبسلة، عاشها صاحبها في سبيل الله، ورسوله ودينه..
هذا هو الرجل الذي كان جسمه في حجم العصفور..!!
نحيف، قصير، يكاد الجالس يوازيه طولا وهو قائم..
له ساقان ناحلتان دقيقتان.. صعد بهما يوما أعلى شجرة يجتني منها أراكا لرسول اله صلى الله عليه وسلم.. فرأى أصحاب النبي دقتهما فضحكوا، فقال عليه الصلاة والسلام:
" تضحكون من ساقيْ ابن مسعود، لهما أثقل في الميزان عند الله من جبل أحد"..!!
أجل هذا هو الفقير الأجير، الناحل الوهنان.. الذي جعل منه ايمانه ويقينه اماما من أئمة الخير والهدى والنور..
ولقد حظي من توفيق الله ومن نعمته ما جعله أحد العشرة الأوائل بين أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.. أولئك الذين بشروا وهم على ظهر الأرض برضوان الله وجنّته..
وخاض المعارك الظافرة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ومع خلفائه من بعده..
وشهد أعظم امبراطوريتين في عالمه وعصره تفتحان أبوابهما طائعة خاشعة لرايات الاسلام ومشيئته..
ورأى المناصب تبحث عن شاغليها من المسلمين، والأموال الوفيرة تتدحرج بين أيديهم، فما شغله من ذلك شيء عن العهد الذي عاهد الله عليه ورسوله.. ولا صرفه صارف عن اخباته وتواضعه ومنهج حياته..
ولم تكن له من أمانيّ الحياة سوى أمنية واحدة كان يأخذه الحنين اليها فيرددها، ويتغنى بها، ويتمنى لو أنه أدركها..
ولنصغي اليه يحدثنا بكلماته عنها:
" قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.. فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فأتبعتها أنظر اليها، فاذا رسول الله، وأبوبكر وعمر، واذا عبدالله ذو البجادين المزني قد مات واذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه اليه، والرسول يقول: ادنيا اليّ أخاكما.. فدلياه اليه، فلما هيأه للحده قال: اللهم اني أمسيت عنه راضيا فارض عنه.. فيا ليتني كنت صاحب هذه الحفرة"..!!
تلك أمنيته الوحيد التي كان يرجوها في دنياه.
وهي لا تمت بسبب الى ما يتهافت الناس عليه من مجد وثراء، ومنصب وجاه..
ذلك أنها أمنية رجل كبير القلب، عظيم النفس، وثيق اليقين.. رجل هداه الله، وربّاه الرسول، وقاده القرآن..!!



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((43))

 
قديم 22-03-2010   #13
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ((43))

 

{ عبادة بن الصامت - نقيب في حزب الله }

انه واحد من الأنصار الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا، لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، ولولا الهجرة لكنت من أمراء الأنصار"..هوعبادة بن الصامت بعد كونه من الأنصار، فهو واحد من زعمائهم الذين اتخذهم نقباء على أهليهم وعشائرهم...
وحينما جاء وفد الأنصار الأول الى مكة ليبايع الرسول عليه السلام ، تلك البيعة المشهورة بـ بيعة العقبة الأولى، كان عبادة بن الصامت رضي الله عنه أحد الاثني عشر مؤمنا، الذين سارعوا الى الاسلام، وبسطوا أيمانهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعين، وشدّوا على يمينه مؤازرين ومسلمين...
وحينما كان موعد الحج في العام التالي، يشهد بيعة العقبة الثانية يبابعها وفد الأنصار الثاني، مكّونا من سبعين مؤمنا ومؤمنة، كان عبادة أيضا من زعماء الوفد ونقباء الأنصار..
وفيما بعد والمشاهد تتوالى.. ومواقف التضحية والبذل، والفداء تتابع، كان عبادة هناك لم يتخلف عن مشهد ولم يبخل بتضحية...
ومنذ اختيار الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقوم على أفضل وجه بتبعات هذا الاختيار..
كل ولائه لله، وكل طاعته لله، وكلا علاقته بأقربائه بحلفائه وبأعدائه انما يشكلها ايمانه ويشكلها السلوك الذي يفرضه هذا الايمان..
كانت عائلة عبادة مرتبطة بحلف قديم مع يهود بني قينقاع بالمدينة..
ومنذ هجرة الرسول وأصحابه الى المدينة، ويهودها يتظاهرون بمسالمته.. حتى كانت الأيام التي تعقب غزوة بدر وتسبق غزوة أحد، فشرع يهود المدينة يتنمّرون..
وافتعلت احدى قبائلهم بنو قينقاع أسبابا للفتنة وللشغب على المسلمين..
ولا يكاد عبادة يرى موقفهم هذا، حتى ينبذ الى عهدهم ويفسخ حلفهم قائلا:
" انما أتولى الله، ورسوله، والمؤمنين...
فيتنزل القرآن محييا موقفه وولاءه، قائلا في آياته:
( ومن يتولى الله ورسوله، والذين آمنوا، فان حزب الله هم الغالبون)...
لقد أعلنت الآية الكريمة قيام حزب الله..
وحزب الله، هم أولئك المؤمنون الذين ينهضون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملين راية الهدى والحق، والذين يشكلون امتدادا مباركا لصفوف المؤمنين الذين سبقوهم عبر التاريخ حول أنبيائهم ورسلهم، مبلّغين في أزمانهم وأعصارهم كلمة الله الحي القيّوم..
ولن يقتصر حزب الله على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بل سيمتد عبر الأجيال الوافدة، والأزمنة المقبلة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ضمّا الى صفوفه كل مؤمن بالله وبرسوله..
وهكذا فان الرجل الذي نزلت هذه الآية الكريمة تحيي موقفه وتشيد بولائه وايمانه، لن يظل مجرّد نقيب الأنصار في المدينة، بل سيصير نقيبا من نقباء الدين الذي ستزوى له أقطار الأرض جميعا.
أجل لقد أصبح عبادة بن الصامت نقيب عشيرته من الخزرج ، رائدا من روّاد الاسلام ، وامام من أئمة المسلمين يخفق اسمه كالراية في معظم أقطار الأرض لا في جبل، ولا في جبلين، أو ثلاثة بل الى ما شاء الله من أجيال.. ومن أزمان.. ومن آماد..!!
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يتحدث عن مسؤولية الأمراء والولاة..
سمعه يتحدث عليه الصلاة والسلام ، عن المصير الذي ينتظر من يفرّط منهم في الحق ، أو تعبث ذمته بمال ، فزلزل زلزالا، وأقسم بالله ألا يكون أميرا على أثنين أبدا..ولقد برّ بقسمه..
وفي خلافة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما، الا ّتعليم الانس وتفقيههم في الدين.
أجل هذا هو العمل الوحيد الذي آثره عبادة، مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى، المحفوفة بالزهو وبالسلطان وبالثراء، والمحفوفة أيضا بالأخطار التي يخشاها على مصيره ودينه
وهكذا سافر الى الشام ثالث ثلاثة: هو ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء.. حيث ملؤا البلاد علما وفقها ونورا...
وسافر عبادة الى فلسطين حيث ولي قضاءها بعض الوقت وكان يحكمها باسم الخليفة آنذاك، معاوية..
كان عبادة بن الصامت وهو ثاو في الشام يرنو ببصره الى ما وراء الحدود.. الى المدينة المنورة عاصمة السلام ودار الخلافة، فيرى فيها عمر ابن الخطاب..رجل لم يخلق من طرازه سواه..!!
ثم يرتد بصره الى حيث يقيم، في فلسطين.. فيرى معاوية بن أبي سفيان..رجل يحب الدنيا، ويعشق السلطان...
وعبادة من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم.. الرّعيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية، وعانق الاسلام رغبا لا رهبا.. وباع نفسه وماله...
عبادة من الرعيل الذي رباه محمد بيديه، وأفرغ عليه من روحه ونوره وعظمته..
واذا كان هناك من الأحياء مثل أعلى للحاكم يملأ نفس عبادة روعة، وقلبه ثقة، فهو ذلك الرجل الشاهق الرابض هناك في المدينة.. عمر بن الخطاب..
فاذا مضى عبادة يقيس تصرّفات معاوية بهذا المقياس، فستكون الشقة بين الاثنين واسعة، وسيكون الصراع محتوما.. وقد كان..!!
يقول عبادة رضي الله عنه:
" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا نخاف في الله لومة لائم"..
وعبادة خير من يفي بالبيعة. واذن فهو لن يخشى معاوية بكل سلطانه، وسيقف بالمرصاد لكل أخطائه..
ولقد شهد أهل فلسطين يومئذ عجبا.. وترامت أنباء المعارضة الجسورة التي يشنّها عبادة على معاوية الى أقطار كثيرة من بلاد الاسلام فكانت قدوة ونبراسا..
وعلى الرغم من الحلم الواسع الرحيب الذي اشتهر به معاوية فقد ضاق صدره بمواقف عبادة ورأى فيها تهديدا مباشرا لهيبة سلطانه..
ورأى عبادة من جانبه أن مسافة الخلف بينه وبين معاوية تزداد وتتسع، فقال لمعاوية:" والله لا أساكنك أرضا واحدة أبدا".. وغادر فلسطين الى المدينة..
كان أمير المؤمنين عمر، عظيم الفطنة، بعيد النظر.. وكان حريصا على ألا يدع أمثال معاوية من الولاة الذين يعتمدون على ذكائهم ويستعملونه بغير حساب دون أن يحيطهم بنفر من الصحابة الورعين الزاهدين والنصحاء المخلصين، كي يكبحوا جماح الطموح والرغبة لدى أولئك الولاة، وكي يكونوا لهم وللناس تذكرة دائمة بأيام الرسول وعهده..
من أجل هذا لم يكد أمير المؤمنين يبصر عبادة بن الصامت وقد عاد الى المدينة حتى ساله:" ما الذي جاء بك يا عبادة"...؟؟ ولما قصّ عليه ما كان بينه وبين معاوية قال له عمر:
" ارجع الى مكانك، فقبّح الله أرضا ليس فيها مثلك..!!
ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه:
" لا امرة لك على عبادة"..!!
أجل ان عبادة أمير نفسه..
وحين يكرّم عمر الفاروق رجلا مثل هذا التكريم، فانه يكون عظيما..
وقد كان عبادة عظيما في ايمانه، وفي استقامة ضميره وحياته...
وفي العام الهجري الرابع والثلاثين، توفي بالرملة في أرض فلسطين هذا النقيب الراشد من نقباء الأنصار والاسلام، تاركا في الحياة عبيره وشذاه



منقول

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #14
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ عثمان بن مظعون - راهب صومعته الحياة }

اذا أردت أن ترتب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق سبقهم الزمني الى الاسلام فاعلم اذا بلغت الرقم الرابع عشر أن صاحبه هو عثمان بن مظعون..
واعلم كذلك أن ابن مظعون هذا، كان أول المهاجرين وفاة بالمدينة.. كما كان أول المسلمين دفنا بالبقيع..
واعلم أخيرا أن هذا الصحابي الجليل الذي تطالع الآن سيرته كان راهبا عظيما.. لا من رهبان الصوامع، بل من رهبان الحياة...!!
أجل.. كانت الحياة بكل جيشانها، ومسؤولياتها، وفضائلها هي صومعته..
وكانت رهبانيته عملا دائبا في سبيل الحق، وتفانيا مثابرا في سبيل الخير والصلاح...
عندما كان الاسلام يتسرّب ضوؤه الباكر االنديّ من قلب الرسول صلى الله عليه عليه وسلم.. ومن كلماته ، عليه الصلاة والسلام، التي يلقيها في بعض الأسماع سرا وخفية..
كان عثمان بن معظون هناك، وحدا من القلة التي سارعت الى الله والتفت حول رسوله..
ولقد نزل به من الأذى والضر، ما كان ينزل يومئذ بالمؤمنين الصابرين الصامدين..
وحين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القلة المؤمنة المضطهدة بالعافية. آمرا ايّاها بالهجرة الى الحبشة. مؤثرا أن يبقى في مواجهة الأذى وحده، كان عثمان بن مظعون أمير الفوج الأول من المهاجرين، مصطحبا معه ابنه السائب موليّا وجهه شطر بلاد بعيدة عن مكايد عدو الله أبي جهل. وضراوة قريش، وهو عذابها....
وكشأن المهاجرين الى الحبشة في كلتا الهجرتين... الأولى والثانية، لم يزدد عثمان بن مظعون رضي الله عنه الا استمساكا بالاسلام. واعتصاما به..
والحق أن هجرتي الحبشة تمثلان ظاهرة فريدة، ومجيدة في قضية الاسلام..
فالذين آمنوا بالرسول صلى الله وصدّقوه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، كانوا قد سئموا الوثنية بكل ضلالاتها وجهالاتها، وكانوا يحملون فطرة سديدة لم تعد تسيغ عبادة أصنام منحوتة من حجارة أو معجونة من صلصال..!!
وحين هاجروا الى الحبشة واجهوا فيها دينا سائدا، ومنظما.. له كنائسه وأحباره ورهبانه..
وهو، مهما تكن نظرتهم اليه، بعيد عن الوثنية التي ألفوها في بلادهم، وعن عبادة الأصنام بشكلها المعروف وطقوسها التي خلفوها وراء ظهورهم..
ولا بدّ أن رجال الكنيسة في الحبشة قد بذلوا جهودا لاستمالة هؤلاء المهاجرين لدينهم، واقناعهم بالمسيحية دينا...
ومع هذا كله نرى أولئك المهاجرين يبقون على ولائهم العميق للاسلام ولمحمد صلى الله عليه وسلم.. مترقبين في شوق وقلق، ذلك أن اليوم القريب الذي يعودون فيه الى بلادهم الحبيبة، ليعبدوا الله وحده، وليأخذوا مكانهم خلف رسولهم العظيم.. في المسجد أيام السلام.. وفي ميدان القتال، اذا اضطرتهم قوى الشرك للقتال..
في الحبشة اذن عاش المهاجرون آمنين مطمئنين.. وعاش معهم عثمان بن مظعون الذي لم ينس في غربته مكايد ابن عمّه أمية بن خلف، وما ألحقه به وبغيره من أذى وضرّ، فراح يتسلى بهجائه ويتوعده:
تريش نبالا لا يواتيك ريشها
وتبري نبالا، ريشها لك أجمع
وحاربت أقواما مراما أعزة
وأهلكت أقواما بهم كنت تزغ
ستعلم ان نابتك يوما ملمّة
وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع
وبينما المهاجرون في دار هجرتهم يعبدون الله، ويتدارسون ما معهم من القرآن، ويحملون برغم الغربة توهج روح منقطع النظير.. اذ الأنباء تواتيهم أن قريش أسلمت، وسجد عم الرسول لله الواحد القهار..
هنالك حمل المهاجرون أمتعتهم وطاروا الى مكة تسبقهم أشواقهم، ويحدوهم حنينهم..
بيد أنهم ما كادوا يقتربون من مشارفها حتى تبيّنوا كذب الخبر الذي بلغهم عن اسلام قريش..
وساعتئذ سقط في أيديهم، ورأوا أنهم قد عجلوا.. ولكن أنّى يذهبون وهذه مكة على مرمى البصر..!!
وقد سمع مشركو مكة بمقدم الصيد الذي طالما ردوه ونصبوا شباكهم لاقتناصه.. ثم ها هو ذا الآن، تحيّن فرصته، وتأتي به مقاديره..!!
كان الجوّار يومئذ تقليدا من تقاليد العرب ذات القداسة والاجلال، فاذا دخل رجل مستضعف جوار سيّد قرشي، أصبح في حمى منيع لا يهدر له دم، ولا يضطرب منه مأمن...
ولم يكن العائدون سواء في القدرة على الظفر بجوار..
من أجل ذلك ظفر بالجوار منهم قلة، كان من بين أفرادها عثمان بن مظعون الذي دخل في جوار الوليد بن المغيرة.
وهكذا دخل مكة آمنا مطمئنا، ومضى يعبر دروبها، ويشهد ندواتها، لا يسام خسفا ولا ضيما.
ولكن ابن مظعون.. الرجل الذي يصقله القرآن، ويربيه محمد صلى الله عليه وسلم، يتلفت حواليه، فيرى اخوانه المسلمين من الفقراء والمستضعفين، الذين لم يجدوا لهم جوارا ولا مجيرا.. يراهم والأذى ينوشهم من كل جانب.. والبغي يطاردهم في كل سبيل.. بينما هو آمن في سربه، بعيد من أذى قومه، فيثور روحه الحر، ويجيش وجدانه النبيل، ويتفوق بنفسه على نفسه، ويخرج من داره مصمما على أن يخلع جوار الوليد، وأن يسقط عن كاهله تلك الحماية التي حرمته لذة تحمل الأذى في سبيل الله، وشرف الشبه باخوانه المسلمين، طلائع الدنيا المؤمنة، وبشائر العالم الذي ستتفجر جوانبه غدا ايمانا، وتوحيدا، ونورا..
ولندع شاهد عيان يصف لنا ما حدث:
" لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء. وهو يغدو ويروح في أمان الوليد بن المغيرة، قال: والله ان غدوّي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك، واصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى ما لايصيبني، لنقص كبير في نفسي..
فمشى الى الوليد بن المغيرة فقال له:
يا أبا عبد شمس وفت ذمتك. وقد رددت اليك جوارك..
فقال له:
لم يا ابن أخي.. لعله آذاك أحد من قومي..؟
قال.. لا. ولكني أرضى بجوار الله، ولا أريد أن أستجير بغيره...
فانطلق الى المسجد فاردد عليّ جواري علانية ..
فانطلقا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد: هذا عثمان..
قد جاء يردد عليّ جواري..
قال عثمان: صدق.. ولقد وجدته وفيّا كريما الجوار، ولكنني أحببت ألا أستجير بغير الله..
ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة في مجلس من مجالس قريش ينشهدم، فجلس معهم عثمان فقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان: صدقت..
قال لبيد:
وكل نعيم لا محالة زائل
قال عثمان: كذبت.. نعيم الجنة لا يزول..
فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذي جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم..؟
فقال رجل من القوم: ان هذا سفيه فارق ديننا.. فلا تجدنّ في نفسك من قوله..
فرد عليه عثمان بن مظعون حتى سري أمرهما. فقام اليه ذلك الرجل فلطم عينه فأصابه ، والوليد بن المغيرة قريب، يرى ما يحدث لعثمان، فقال: أما والله يا بن أخي ان كانت عينك عمّا أصابها لغنيّة، لقد كانت في ذمة منيعة..
قال عثمان: بل والله ان عيني الصحيحة لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله.. واني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس..!!
فقا له الوليد: هلم يا بن أخي، ا ن شئت فعد الى جواري..
قال ابن مظعون: لا...
وغادر ابن مظعون هذا المشهد وعينه تضجّ بالألم، ولكن روحه تتفجر عافية، وصلابة، وبشرا..
ولقد مضى في الطريق الى داره يتغنى بشعره هذا:
فان تك عيني في رضا الله نالها
يدا ملحدا في الدين ليس بمهتدي
فقد عوّض الرحمن منها ثوابه
ومن يرضه الرحمن يا قوم يسعد
فاني وان قلتم غويّ مضلل
لأحيا على دين الرسول محمد
أريد بذاك الله، والحق ديننا
على رغم من يبغي علينا ويعتدي
هكذا ضرب عثمان بن مظعون مثلا، هو له أهل، وبه جدير..
وهكذا شهدت الحياة انسانا شامخا يعطّر الوجود بموقفه الفذ هذا..
وبكلماته الرائعة الخالدة:
" والله ان عيني الصحيحة، لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله.. واني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر"..!!
ولقد ذهب عثمان بن مظعون بعد ردّ جوار الوليد يتلقى من قريش أذاها، وكان بهذا سعيدا جدّ سعيد.. فقد كان ذلك الأذىبمثابة الانر التي تنضج الايمان وتصهره وتزكّيه..
وهكذا سار مع اخوانه المؤمنين، لا يروعهم زجر.. ولا يصدّهم اثخان..!!
ويهاجر عثمان الى المدينة، حيث لا يؤرّقه أبو جهل هناك، ولا أبو لهب.... ولا أميّة.. ولا عتبة، ولا شيء من هذه الغيلان التي طالما أرّقت ليلهم، وأدمت نهارهم..
يذهب الى المدينة مع أولئك الأصحاب العظام الذين نجحوا بصمودهم وبثباتهم في امتحان تناهت عسرته ومشقته ورهبته، والذين لم يهاجروا الى المدينة ليستريحوا ويكسبوا.. بل لينطلقوا من بابها الفسيح الرحب الى كل أقطار الأرض حاملين راية الله، مبشرين بكلماته وآياته وهداه..
وفي دار الهجرة المنوّرة، يتكشفّ جوهر عثمان بن مظعون وتستبين حقيقته العظيمة الفريدة، فاذا هو العابد، الزاهد، المتبتل، الأوّاب...
واذا هو الراهب الجليل، الذكي الذي لا يأوي الى صومعة يعتزل فيها الحياة..
بل يملأ الحياة بعمله، وبجهاده في سبيل الله..
أجل..
راهب الليل فارس النهار، بل راهب الليل والنهار، وفارسهما معا..
ولئن كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيّما في تلك الفترة من حياتهم، كانوا جميعا يحملون روح الزهد والتبتل، فان ابن مظعون كان له في هذا المجال طابعه الخاص.. اذ أمعن في زهده وتفانيه امعانا رائعا، أحال حياته كلها في ليله ونهاره الى صلاة دائمة مضيئة، وتسبيحة طويلة عذبة..!!
وما ان ذاق حلاوة الاستغراق في العبادة حتى همّ بتقطيع كل الأسباب التي تربط الناس بمناعم الحياة..
فمضى لا يلبس الا الملبس الخشن، ولا يأكل الا الطعام الجشب..
دخل يوما المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه جلوس، وكان يرتدي لباسا تمزق، فرقّعه بقطعة من فروة.. فرق له قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، ودمعت عيون أصحابه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:
" كيف أنتم يوم يغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى.. وتوضع في قصعة. وترفع أخرى.. وسترتم بيوتكم كما تستر الكعب..؟!"..
قال الأصحاب:
" وددنا أن يكون ذلك يا رسول الله، فنصيب الرخاء والعيش"..
فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا:
" ان ذلك لكائن.. وأنتم اليوم خير منكم يومئذ"..
وكان بديهيا، وابن مظعون يسمع هذا، أن يزداد اقبالا على الشظف وهربا من النعيم..!!
بل حتى الرفث الى زوجته نأى عنه وانتهى، لولا أن علم أن رسول الله عليه السلام علم عن ذلك فناداه وقال له:
" ان لأهلك عليك حقا"..
وأحبّه الرسول صلوات الله وسلامه عليه حبّا عظيما..
وحين كانت روحه الطاهرة تتهيأ للرحيل ليكون صاحبها أول المهاجرين وفاة بالمدينة، وأولهم ارتياد لطريق الجنة، كان الرسول عليه الصلاة والسلام، هناك الى جواره..
ولقد أكبّ على جبينه يقبله، ويعطّره بدموعه التي هطلت من عينيه الودودتين فضمّخت وجه عثمان الذي بدا ساعة الموت في أبهى لحظات اشراقه وجلاله..
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم يودّع صاحبه الحبيب:

" رحمك الله يا أبا السائب.. خرجت من الدنيا وما أصبت منها، ولا أصابت منك"..
ولم ينس الرسول الودود صاحبه بعد موته، بل كان دائم الذكر له، والثناء عليه..
حتى لقد كانت كلمات وداعه عليه السلام لابنته رقيّة، حين فاضت روحها:
" الحقي بسلفنا الخيّر، عثمان بن مظعون"..!!!

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #15
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ عبدالله بن رواحة - يا نفس، الا تقتلي تموتي }

عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مستخفيا من كفار قريش مع الوفد القادم من المدينة هناك عند مشترف مكة، يبايع اثني عشر نقيبا من الأنصار بيعة العقبة الأولى، كان هناك عبدالله بن رواحة واحدا من هؤلاء النقباء، حملة الاسلام الى المدينة، والذين مهدّت بيعتهم هذه للهجرة التي كانت بدورها منطلقا رائعا لدين الله، والاسلام..
وعندما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبايع في العام التالي ثلاثة وسبعين من الأنصار أهل المدينة بيعة العقبة الثانية، كان ابن رواحة الصحابي الجليل واحدا من النقباء المبايعين...
وبعد هجرة الرسول وأصحابه الى المدينة واستقرارهم بها، كان عبدالله بن رواحة من أكثر الأنصار عملا لنصرة الدين ودعم بنائه، وكان من أكثرهم يقظة لمكايد عبد الله بن أبيّ الذي كان أهل المدينة يتهيئون لتتويجه ملكا عليها قبل أن يهاجر الاسلام اليها، والذي لم تبارح حلقومه مرارة الفرصة الضائعة، فمضى يستعمل دهاءه في الكيد للاسلام. في حين مضى عبدالله بن رواحة يتعقب هذا الدهاء ببصيرةمنيرة، أفسدت على ابن أبيّ أكثر مناوراته، وشلّت حركة دهائه..!!
وكان ابن رواحة رضي الله عنه، كاتبا في بيئة لا عهد لها بالكتابة الا يسيرا..
وكان شاعرا، ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبا قويا..
ومنذ أسلامه ، وضع مقدرته الشعرية في خدمة الاسلام..
وكان الرسول يحب شعره ويستزيده منه..
جلس عليه السلام يوما مع أصحابه، وأقبل عبدالله بن رواحة، فسأله النبي:
" كيف تقول الشعر اذا أردت أن نقول"..؟؟
فأجاب عبدالله:" أنظر في ذاك ثم أقول"..
ومضى على البديهة ينشد:
يا هاشم الخير ان الله فضّلكم
على البريّة فضلا ما له غير
اني تفرّست فيك الخير أعرفه
فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت أو استنصرت بعضهمو
في حلّ أمرك ما ردّوا ولا نصروا
فثّبت الله ما آتاك من حسن
تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فسرّ الرسول ورضي وقال له:
"واياك، فثّبت الله"..
وحين كان الرسول عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت في عمرة القضاء
كان ابن رواحة بين يديه ينشد من رجزه:
يا ربّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبّت الأقدام ان لاقينا
ان الذين قد بغوا علينا اذا أرادوا فتنة ألبنا
وكان المسلمون يرددون أنشودته الجميلة..
وحزن الشاعر المكثر، حين تنزل الآية الكريمة:
( والشعراء يتبعهم الغاوون)..
ولكنه يستردّ غبطة نفسه حين تنزل آية أخرى:
( الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذكروا الله كثيرا، وانتصروا من بعد ما ظلموا..)
وحين يضطر الاسلام لخوض القتال دفاعا عن نفسه، يحمل ابن رواحة سيفه في مشاهد بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر جاعلا شعاره دوما هذه الكلمات من شعره وقصيده:
" يا نفس الا تقتلي تموتي"..
وصائحا في المشركين في كل معركة وغزوة:
خلوا بني الكفار عن سبيله
خلوا، فكل الخير في رسوله
وجاءت غزوة مؤتة..
وكان عبدالله بن رواحة ثالث الأمراء، كما أسلفنا في الحديث عن زيد وجفعر..
ووقف ابن رواحة رضي الله عنه والجيش يتأهب لمغادرة المدينة..
وقف ينشد ويقول:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع وتقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حرّان مجهرة بحربة تنفد الأحشاء والكبدا
حتى يقال اذا مرّوا على جثثي يا أرشد الله من غاز، وقد رشدا
أجل تلك كانت أمنيته ولا شيء سواها.. ضربة سيف أ، طعنة رمح، تنقله الى عالم الشهداء والظافرين..!!
وتحرّك الجيش الى مؤتة، وحين استشرف المسلمون عدوّهم حزروا جيش الروم بمائتي ألف مقاتل، اذ رأوا صفوفا لا آخر لها، وأعداد تفوق الحصر والحساب..!!
ونظر المسلمون الى عددهم القليل، فوجموا.. وقال بعضهم:
" فلنبعث الى رسول الله، نخبره بعدد عدوّنا، فامّا أن يمدّنا بالرجال، وأمّا أن يأمرنا بالزحف فنطيع"..
بيد أن ابن رواحة نهض وسط صفوفهم كالنهار، وقال لهم:
" يا قوم..
انّا والله، ما نقاتل الا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به..
فانطلقوا.. فانما هي احدى الحسنيين، النصر أو الشهادة"...
وهتف المسلمون الأقلون عددا، الأكثرون ايمانا،..
هتفوا قائلين:
"قد والله صدق ابن رواحة"..
ومضى الجيش الى غايته، يلاقي بعدده القليل مائتي ألف، حشدهم الروم للقال الضاري الرهيب...
والتقى الجيشان كما ذكرنا من قبل..
وسقط الأمير الأول زيد بن حارثة شهيدا مجيدا..
وتلاه الأمير الثاني جعفر بن عبد المطلب حتى أدرك الشهادة في غبطة وعظمة..
وتلاه ثالث الأمراء عبداله بن رواحة فحمل الراية من يمين جعفر.. وكان القتال قد بلغ ضراوته، وكادت القلة المسلمة تتوه في زحام العرمرم اللجب، الذي حشده هرقل..
وحين كان ابن رواحة يقاتل كجندي، كان يصول ويجول في غير تردد ولا مبالاة..
أما الآن، وقد صار أميرا للجيش ومسؤولا عن حياته، فقد بدا أمام ضراوة الروم، وكأنما مرّت به لمسة تردد وتهيّب، لكنه ما لبث أن استجاش كل قوى المخاطرة في نفسه وصاح..
أقسمت يا نفس لتنزلنّه مالي أراك تكرهين الجنّة؟؟
يا نفس الا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنّت فقد أعطيت ان تفعلي فعلهما هديت
يعني بهذا صاحبيه الذين سبقاه الى الشهادة: زيدا وجعفر..
"ان تفعلي فعلهما هديت.
انطلق يعصف بالروم عصفا..
ولو لا كتاب سبق بأن يكون موعده مع الجنة، لظلّ يضرب بسيفه حتى يفني الجموع المقاتلة.. لكن ساعة الرحيل قد دقّت معلنة بدء المسيرة الى الله، فصعد شهيدا..
هوى جسده، فصعدت الى الرفيق الأعلى روحه المستبسلة الطاهرة..
وتحققت أغلى أمانيه:
حتى يقال اذا مرّوا على جدثي
يا أرشد الله من غاز، وقد رشدا

نعم يا ابن رواحة..
يا أرشد الله من غاز وقد رشدا..!!
وبينما كان القتال يدور فوق أرض البلقاء بالشام، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه في المدينة، يحادثهم ويحادثونه..
وفجأة والحديث ماض في تهلل وطمأنينة، صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسدل جفنيه قليلا.. ثم رفعهما لينطلق من عينيه بريق ساطع يبلله أسى وحنان..!!
وطوفّت نظراته الآسية وجوه أصحابه وقال:
"أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا.
ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى قتل شهيدا"..
وصمت قليلا ثم استأنف كلماته قائلا:
" ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها، حتى قتل شهيدا"..
ثم صمت قليلا وتألقت عيناه بومض متهلل، مطمئن، مشتاق. ثم قال:
" لقد رفعوا الى الجنة"..!!
أيّة رحلة مجيدة كانت..
وأي اتفاق سعيد كان..
لقد خرجوا الى الغزو معا..
وكانت خير تحيّة توجّه لذكراهم الخالدة، كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد رفعوا الى الجنة"..!!

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #16
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ طلحة بن عبيد الله - صقر يوم أحد }

( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا)...
تلا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة، ثم استقبل وجوه أصحابه، وقال وهو يشير الى طلحة:
" من سرّه أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر الى طلحة"..!!
ولم تكن ثمة بشرى يتمنّاها أصحاب رسول الله، وتطير قلوبهم شوقا اليها أكثر من هذه التي قلّدها النبي طلحة بن عبيد الله..
لقد اطمأن اذن الى عاقبة أمره ومصير حياته.. فسيحيا، ويموت، وهو واحد من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولن تناله فتنة، ولن يدركه لغوب..
ولقد بشّره الرسول بالجنة، فماذا كانت حياة هذا المبشّر الكريم..؟؟
لقد كان في تجارة له بأرض بصرى حين لقي راهبا من خيار رهبانها، وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من بلاد الحرم، والذي تنبأ به الأنبياء الصالحون قد أهلّ عصره وأشرقت أيامه..
وحّرص طلحة ألاّ يفوته موكبه، فانه موكب الهدى والرحمة والخلاص..
وحين عاد طلحة الى بلده مكة بعد شهور قضاها في بصرى وفي السفر، الفى بين أهلها ضجيجا.. وسمعهم يتحدثون كلما التقى بأحدهم، أو بجماعة منهم عن محمد الأمين.. وعن الوحي الذي يأتيه.. وعن الرسالة التي يحملها الى العرب خاصة، والى الناس كافة..
وسأل طلحة أول ما سأل أبي بكر فعلم أنه عاد مع قافلته وتجارته من زمن غير بعيد، وأنه يقف الى جوار محمد مؤمنا منافحا، أوّابا..
وحدّث طلحة نفسه: محمد، وأبو بكر..؟؟
تالله لا يجتمع الاثنان على ضلالة أبدا.!!
ولقد بلغ محمد الأربعين من عمره، وما عهدنا عليه خلال هذا العمر كذبة واحدة.. أفيكذب اليوم على الله، ويقول: أنه أرسلني وأرسل اليّ وحيا..؟؟
وهذا هو الذي يصعب تصديقه..
وأسرع طلحة الخطى ميمما وجهه شطر دار أبي بكر..
ولم يطل الحديث بينهما، فقد كان شوقه الى لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم ومبايعته أسرع من دقات قلبه..
فصحبه أبو بكر الى الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث أسلم وأخذ مكانه في القافلة المباركة..
وهكذا كان طلحة من المسلمين المبكرين.
وعلى الرغم من جاهه في قومه، وثرائه العريض، وتجارته الناجحة فقد حمل حظه من اضطهاد قريش، اذ وكل به وبأبي بكر نوفل بن خويلد، وكان يدعى أسد قريش، بيد أن اضطهادهما لم يطل مداه، اذ سرعان ما خجلت قريش من نفسها، وخافت عاقبة أمرها..
وهاجر طلحة الى المدينة حين أمر المسلمون بالهجرة، ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عدا غزوة بدر، فان الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد ندبه ومعه سعيد بن زيد لمهمة خارج المدينة..
ولما أنجزاها ورجعا قافلين الى المدينة، كان النبي وصحبه عائدين من غزوة بدر، فآلم نفسيهما أن يفوتهما أجر مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد في أولى غزواته..
بيد أن الرسول أهدى اليهما طمأنينة سابغة، حين انبأهما أن لهما من المثوبة والأجر مثل ما للمقاتلين تماما، بل وقسم لهما من غنائم المعركة مثل من شهدوها..
وتجيء غزوة أحد لتشهد كل جبروت قريش وكل بأسها حيث جاءت تثأر ليوم بدر وتؤمّن مصيرها بانزال هزيمة نهائية بالمسلمين، هزيمة حسبتها قريش أمرا ميسورا، وقدرا مقدورا..!!
ودارت حرب طاحنة سرعان ما غطّت الأرض بحصادها الأليم.. ودارت الدائرة على المشركين..
ثم لما رآهم المسلمون ينسحبون وضعوا أسلحتهم، ونزل الرماة من مواقعهم ليحوزوا نصيبهم من الغنائم..
وفجأة عاد جيش قريش من الوراء على حين بغتة، فامتلك ناصية الحرب زمام المعركة..
واستأنف القتال ضراوته وقسوته وطحنه، وكان للمفاجأة أثرها في تشتيت صفوف المسلمين..
وأبصر طلحة جانب المعركة التي يقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألفاه قد صار هدفا لقوى الشرك والوثنية، فسارع نحو الرسول..
وراح رضي الله عنه يجتاز طريقا ما أطوله على قصره..! طريقا تعترض كل شبر منه عشرات السيوف المسعورة وعشرات من الرماح المجنونة!!
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعيد يسيل من وجنته الدم ويتحامل على نفسه، فجنّ جنونه، وقطع طريق الهول في قفزة أو قفزتين وأمام الرسول وجد ما يخشاه.. سيوف المشركين تلهث نحوه، وتحيط به تريد أن تناله بسوء..
ووقف طلحة كالجيش اللجب، يضرب بسيفه البتار يمينا وشمالا..
ورأى دم الرسول الكريم ينزف، وآلامه تئن، فسانده وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه..

كان يساند الرسول عليه الصلاة والسلام بيسراه وصدره، متأخرا به الى مكان آمن، بينما بيمينه، بارك الله يمينه، تضرب بالسيف وتقاتل المشركين الذين أحاطوا بالرسول، وملؤا دائرة القتال مثل الجراد..!!
ولندع الصدّيق أبا بكر رضي الله عنه يصف لنا المشهد..
تقول عائشة رضي الله عنها:
" كان أبو بكر اذا ذكر يوم أحد يقول: ذلك كله كان يوم طلحة.. كنت أول من جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي الرسول صلى الله عليه وسلم ولأبي عبيدة بن الجرّاح: دونكم اخاكم.. ونظرنا واذا به بضع وسبعون بين طعنة.. وضربة ورمية.. واذا أصبعه مقطوع. فأصلحنا من شانه" .
وفي جميع المشاهد والغزوات، كان طلحة في مقدّمة الصفوف يبتغي وجه الله، ويفتدي راية رسوله.

ويعيش طلحة وسط الجماعة المسلمة، يعبد الله مع العابدين، ويجاهد في سبيله مع المجاهدين، ويرسي بساعديه مع سواعد اخوانه قواعد الدين الجديد الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات الى النور..
فاذا قضى حق ربه، راح يضرب في الأرض، ويبتغي من فضل الله منمّيا تجارته الرابحة، وأعماله الناجحة.
فقد كان طلحة رضي الله عته من أكثر المسلمين ثراء، وأنماهم ثروة..
وكانت ثروته كلها في خدمة الدين الذي حمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته...
كان ينفق منها بغير حساب..
وكان الله ينمّيها له بغير حساب!
لقد لقّبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ طلحة الخير، وطلحة الجود، وطلحة الفيّاض اطراء لجوده المفيض.
وما أكثر ما كان يخرج من ثروته مرة واحدة، فاذا الله الكريم يردها اليه مضاعفة.
تحدّثنا زوجته سعدى بنت عوف فتقول:
" دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما، فسألته ما شانك..؟
فقال المال الذي عندي.. قد كثر حتى أهمّني وأكربني..
وقلت له ما عليك.. اقسمه..
فقام ودعا الناس، واخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهم"...
ومرّة أخرى باع أرضا له بثمن مرتفع، ونظر الى كومة المال ففاضت عيناه من الدمع ثم قال:
" ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري ما يطرق من أمر، لمغرور بالله"...
ثم دعا بعض أصحابه وحمل معهم أمواله هذه، ومضى في شوارع المدينة وبيوتها يوزعها، حتى أسحر وما عنده منها درهم..!!
ويصف جابر بن عبدالله جود طلحة فيقول:
" ما رأيت أحد اعطى لجزيل مال من غير مسألة، من طلحة بن عبيد الله".وكان أكثر الناس برّا بأهله وبأقربائه، فكان يعولهم جميعا على كثرتهم..
وقد قيل عنه في ذلك:
".. كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مؤنته، ومؤنة عياله..
وكان يخدم عائلهم، ويقضي دين غارمهم"..
ويقول السائب بن زيد:
" صجبت طلحة بن عبيدالله في السفر والحضر فما وجدت أحدا، أعمّ سخاء على الدرهم، والثوب والطعام من طلحة"..!!
وتنشب الفتنة المعروفة في خلافة عثمان رضي الله عنه..
ويؤيد طلحة حجة المعارضين لعثمان، ويزكي معظمهم فيما كانوا ينشدونه من تغيير واصلاح..
أكان بموقفه هذا، يدعو الى قتل عثمان، أو يرضى به..؟؟ كلا...
ولو كان يعلم أن الفتنة ستتداعى حتى تتفجر آخر الأمر حقدا مخبولا، ينفس عن نفسه في تلك الجناية البشعة التي ذهب ضحيتها ذو النورين عثمان رضي الله عنه..
نقول: لو كان يعلم أن الفتنة ستتمادى الى هذا المأزق والمنتهى لقاومها، ولقاومها معه بقية الأصحاب الذين آزروها أول أمرها باعتبارها حركة معارضة وتحذير، لا أكثر..
على أن موقف طلحة هذا، تحوّل الى عقدة حياته بعد الطريقة البشعة التي حوصر بها عثمان وقتل، فلم يكد الامام عليّ يقبل بيعة المسلمين بالمدينة ومنهم طلحة والزبير، حتى استأذن الاثنان في الخروج الى مكة للعمرة..
ومن مكة توجها الى البصرة، حيث كانت قوات كثيرة تتجمّع للأخذ بثأر عثمان..
وكانت وقعة الجمل حيث التقى الفريق المطالب بدم عثمان، والفريق الذي يناصر عليّا..
وكان عليّ كلما أدار خواطره على الموقف العسر الذي يجتازه الاسلام والمسلمون في هذه الخصومة الرهيبة، تنتفض همومه، وتهطل دموعه، ويعلو نشيجه..!!
لقد اضطر الى المأزق الوعر..
فبوصفه خليفة المسلمين لا يستطيع، وليس من حقه أن يتسامح تجاه أي تمرّد على الدولة، أو أي مناهضة مسلحة للسلطة المشروعة..
وحين ينهض لقمع تمرّد من هذ النوع، فان عليه أن يواجه اخوانه وأصحابه وأصدقاءه، وأتباع رسوله ودينه، أولئك الذين طالما قاتل معهم جيوش الشرك، وخاضوا معا تحت راية التوحيد معارك صهرتهم وصقلتهم، وجعلت منهم اخوانا بل اخوة متعاضدين..
فأي مأزق هذا..؟ وأي ابتلاء عسير..؟
وفي سبيل التماس مخرج من هذا المأزق، وصون دماء المسلمين لم يترك الامام علي وسيلة الا توسّل بها، ولا رجاء الا تعلق به.
ولكن العناصر التي كانت تعمل ضدّ الاسلام، وما أكثرها، والتي لقيت مصيرها الفاجع على يد الدولة المسلمة، أيام عاهلها العظيم عمر، هذه العناصر كانت قد أحكمت نسج الفتنة، وراحت تغذيها وتتابع سيرها وتفاقمها...
بكى عليّ بكاء غزيرا، عندما أبصر أم المؤمنين عائشة في هودجها على رأس الجيش الذي يخرج الآن لقتاله..
وعندما أبصر وسط الجيش طلحة والزبير، حوراييّ رسول الله..

فنادى طلحة والزبير ليخرجا اليه، فخرجا حتى اختلفت أعناق أفراسهم..

فقال لطلحة:
" يا طلحة، أجئت بفرس رسول الله تقاتل بها. وخبأت فرسك في البيت"..؟؟
ثم قال للزبير:
" يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مرّ بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمكان كذا، فقال لك: يا زبير، ألا تحبّ عليّا..؟
فقلت: ألا أحب ابن خالي، وابن عمي، ومن هو على ديني..؟؟
فقال لك: يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم"..!!
قال الزبير رضي الله عنه: نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته، والله لا أقاتلك..
وأقلع الزبير وطلحة عن الاشتراك في هذه الحرب الأهلية..
أقلعا فور تبيّنهما الأمر، وعندما أبصرا عمار بن ياسر يحارب في صف عليّ، تذكرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّار:
" تقتلك الفئة الباغية"..
فان قتل عمّار اذن في هذه المعركة التي يشترك فيها طلحة، فسيكون طلحة باغيا...
انسحب طلحة والزبير من القتال، ودفعا ثمن ذلك الانسحاب حياتهما، ولكنهما لقيا الله قريرة أعينهما بما منّ عليهما من بصيرة وهدى..
أما الزبير فقد تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غيلة وغدرا وهو يصلي..!!
وأما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته..
كان مقتل عثمان قد تشكّل في نفسية طلحة، حتى صار عقدة حياته..
كل هذا، مع أنه لم يشترك بالقتل، ولم يحرّض عليه، وانما ناصر المعارضة ضدّه، يوم لم يكن يبدو أن المعارضة ستتمادى وتتأزم حتى تتحول الى تلك الجريمة البشعة..
وحين أخذ مكانه يوم الجمل مع الجيش المعادي لعلي بن أبي طالب والمطالب بدم عثمان، كان يرجو أن يكون في موقفه هذا كفّارة تريحه من وطأة ضميره..
وكان قبل بدء المعركة يدعو ويضرع بصوت تخنقه الدموع، ويقول:
" اللهم خذ مني لعثمان اليوم حتى ترضى"..
فلما واجهه عليّ هو والزبير، أضاءت كلمات عليّ جوانب نفسيهما، فرأيا الصواب وتركا أرض القتال..
بيد أن الشهادة من حظ طلحة يدركها وتدركه أيّان يكون..
ألم يقل الرسول عنه:
" هذا ممن قضى نحبه، ومن سرّه أن يرى شهيدا يمشي على الأرض، فلينظر الى طلحة"..؟؟
لقي الشهيد اذن مصيره المقدور والكبير، وانتهت وقعة الجمل.
وأدركت أم المؤمنين أنها تعجلت الأمور فغادرت البصرة الى البيت الحرام فالمدينة، نافضة يديها من هذا الصراع، وزوّدها الامام علي في رحلتها بكل وسائل الراحة والتكريم..
وحين كان عليّ يستعرض شهداء المعركة راح يصلي عليهم جميعا، الذين كانوا معه، والذين كانوا ضدّه..
ولما فرغ من دفن طلحة، والزبير، وقف يودعهما بكلمات جليلة، اختتمها قائلا:
" اني لأرجو أن أكون أنا، وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)"..

ثم ضمّ قبريهما بنظراته الحانية الصافية الآسية وقال:
" سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" طلحة والزبير، جاراي في الجنّة"...

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #17
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ عمير بن سعد - نسيج وحده }


أتذكرون سعيد بن عامر..؟؟
ذلك الزاهد العابد الأوّاب الذي حمله أمير المؤمنين عمر على قبول امارة الشام وولايتها..
لقد تحدثنا عنه في كتابنا هذا، ورأينا من زهده وترفعه، ومن ورعه العجب كله..
وها نحن أولاء، نلتقي على هذه الصفات بأخ له، بل توأم، في الورع وفي الزهد، وفي الترفع.. وفي عظمة النفس التي تجل عن النظير..!!
انه عمير بن سعد..
كان المسلمون يلقبونه نسيج وحده!!
وناهيك برجل يجمع على تلقيبه بهذا اللقب أصحاب رسول الله، وبما معهم من فضل وفهم ونور..!!
أبوه سعد القارئ رضي الله عنه.. شهد بدرا مع رسول الله والمشاهد بعدها.. وظلّ أمينا على العهد حتى لقي الله شهيدا في موقعة القادسية.
ولقد اصطحب ابنه الى الرسول، فبايع النبي وأسلم..
ومنذ أسلم عمير وهو عابد مقيم في محراب الله.
يهرب من الأضواء، ويفيئ الى سكينة الظلال.
هيهات أن تعثر عليه في الصفوف الأولى، الا أن تكون صلاة، فهو يرابط في صفها الأول ليأخذ ثواب السابقين.. والا أن يكون جهاد، فهو يهرول الى الصفوف الأولى، راجيا أن يكون من المستشهدين..!
وفيما عدا هذا، فهو هناك عاكف على نفسه ينمي برّها، وخيرها وصلاحها وتقاها..!!
متبتل، ينشد أوبه..!!
أوّاب، يبكي ذنبه..!!
مسافر الى الله في كل ظعن، وفي كل مقام...
ولقد جعل الله له في قلوب الأصحاب ودّا، فكان قرّة أعينهم ومهوى أفئدتهم..
ذلك أن قوة ايمانه، وصفاء نفسه، وهدوء سمته، وعبير خصاله، واشراق طلعته، كان يجعله فرحة وبهجة لكل من يجالسه، أو يراه.
ولم يكن يؤثر على دينه أحدا، ولا شيئا.
سمع يوما جلاس بن سويد بن الصامت، وكان قريبا له.. سمعه يوما وهو في دارهم يقول:" لئن كان الرجل صادقا، لنحن شرّ من الحمر"..!!
وكان يعني بالرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان جلاس من الذين دخلوا الاسلام رهبا.
سمع عمير بن سعد هذه العبارات ففجرت في نفسه الوديعة الهادئة الغيظ والحيرة..
الغيظ، لأن واحدا يزعم أنه من المسلمين يتناول الرسول بهذه اللهجة الرديئة..
والحيرة، لأن خواطره دارت سريعا على مسؤوليته تجاه هذا الذي سمع وأنكر..
ينقل ما سمع الى رسول الله؟؟
كيف، والمجالس بالأمانة..؟؟
أيسكت ويطوي صدره ما سمع؟
كيف؟؟
وأين ولاؤه ووفاؤه للرسول الذي هداهم الله به من ضلالة، وأخرجهم من ظلمة..؟
لكن حيرته لم تطل، فصدق النفس يجد دائما لصاحبه مخرجا..
وعلى الفور تصرّف عمير كرجل قوي، وكمؤمن تقي..
فوجه حديثه الى جلاس بن سويد..
" والله يا جلاس انك لمن أحب الناس الي، وأحسنهم عندي يدا، وأعزهم عليّ أن يصيبه شيء يكرهه..
ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك.. وان صمتّ عليها، ليهلكن ديني، وان حق الدين لأولى بالوفاء، واني مبلغ رسول الله ما قلت"..!
وأرضى عمير ضميره الورع تماما..
فهو أولا أدّى أمانة المجلس حقها، وارتفع بنفسه الكبيرة عن ان يقوم بدور المتسمّع الواشي..
وهو ثانيا أدى لدينه حقه، فكشف عن نفاق مريب..
وهو ثالثا أعطى جلاس فرصة للرجوع عن خطئه واستغفار الله منه حين صارحه بأنه سيبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أنه فعل آنئذ، لاستراح ضمير عمير ولم تعد به حاجة لابلاغ الرسول عليه السلام..
بيد أن جلاسا أخذته العزة بالاثم، ولم تتحرك شفتاه بكلمة أسف أو اعتذار، وغادرهم عمير وهو يقول:
" لأبلغنّ رسول الله قبل أن ينزل وحي يشركني في اثمك"...
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب جلاس فأنكر أنه قال، بل حلف بالله كاذبا..!!
لكن آية القرآن جاءت تفصل بين الحق والباطل:
( يحلفون بالله ما قالوا.. ولقد قالوا كلمة الكفر، وكفروا بعد اسلامهم، وهمّوا بما لم ينالوا.. وما نقموا الا أن أغناهم الله ورسوله من فضله.. فان يتوبوا خيرا لهم، وان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة،وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير)..
واضطر جلاس أن يعترف بمقاله، وأن يعتذر عن خطيئته، لا سيما حين رأى الآية الكريمة التي تقرر ادانته، تعده في نفس اللحظة برحمة الله ان تاب هو وأقلع:
" فان يتوبوا، يك خيرا لهم"..
وكان تصرّف عمير هذا خيرا وبركة على جلاس فقد تاب وحسن اسلامه..
وأخذ النبي بأذن عمير وقال له وهو يغمره بسناه:
" يا غلام..
وفت اذنك..
وصدّقك ربك"..!!
لقد سعدت بلقاء عمير لأول مرة، وأنا أكتب كتابي بين يدي عمر.( هذا ماقاله مؤلف الكتاب ـــ رجال حول الرسول ــــ والذي مازلنا بصدد قراءة صفحاته المشرقة ) واستطرد قائلا :
وبهرني، كما لم يبهرني شيء، نبأه مع أمير المؤمنين.. هذا النبأ الذي سأرويه الآن لكم، لتشهدوا من خلاله العظمة في أبهى مشارقها..
تعلمون أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يختار ولاته وكأنه يختار قدره..!!
كان يختارهم من الزاهدين الورعين، والأمناء الصادقين.. الذين يهربون من الامارة والولاية، ولا يقبلونها الا حين يكرههم عليها أمير المؤمنين..
وكان برغم بصيرته النافذة وخبرته المحيطة يتأني طويلا، ويدقق كثيرا في اختيار ولاته ومعاونيه..
وكان لا يفتأ يردد عبارته المأثورة:
" أريد رجلا اذا كان في القوم، وليس أميرا عليهم بدا وكأنه أميرهم.. واذا كان فيهم وهو عليهم امير، بدا وكأنه واحد منهم..!!
أريد واليا، لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن..
يقيم فيهم الصلاة.. ويقسم بينهم بالحق.. ويحكم فيهم بالعدل.. ولا يغلق بابه دون حوائجهم"..
وفي ضوء هذه المعايير الصارمة، اختار ذات يوم عمير بن سعد واليا على حمص..
وحاول عمير أن يخلص منها وينجو، ولكن أمير المؤمنين ألزمه بها الزاما، وفرضها عليه فرضا..
واستخار الله ،ومضى الى واجبه ..
وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل الى المدينة منه خراج..
بل ولم يبلغ أمير المؤمنين رضي الله عنه منه كتاب..
ونادى أمير المؤمنين كاتبه وقال له:
" اكتب الى عمير ليأتي الينا"..
وهنا أستأذنكم في أن أنقل صورة اللقاء بين عمر وعمير، كما هي في كتابي ـــ بين يدي عمرـــ.
" ذات يوم شهدت شوارع المدينة رجلا أشعث أغبر، تغشاه وعثاء السفر، يكاذ يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعا، من طول ما لاقى من عناء، وما بذل من جهد..
على كتفه اليمنى جراب وقصعة..
وعلى كتفه اليسرى قربة صغيرة فيها ماء..!
وانه ليتوكأ على عصا، لا يؤدها حمله الضامر الوهنان..!!
ودلف الى مجلس عمر فى خطى وئيدة..
السلام عليك يا امير المؤمنين..
ويرد عمر السلام، ثم يسأله، وقد آلمه ما رآه عليه من جهد واعياء:
ما شأنك يا عمير..؟؟
شأني ما ترى.. ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجرّها بقرنيها..؟؟!!
قال عمر: وما معك..؟
قال عمير: معي جرابي أحمل فيه زادي..
وقصعتي آكل فيها.. واداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي.. وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوّا ان عرض.. فوالله ما الدنيا الا تبع لمتاعي..!!
قال عمر: أجئت ماشيا..
عمير: نعم..
عمر: أولم تجد من يعطيك دابة تركبها..؟
عمير: انهم لم يفعلوا.. واني لم أسألهم..
عمر: فماذا عملت فيما عهدنا اليك به...؟
عمير: أتيت البلد الذي يعثتني اليه، فجمعت صلحاء أهله، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم، حتى اذا جمعوها وضعوها في مواضعها.. ولو بقي لك منها شيء لأتيتك به..!!
عمر: فما جئتنا بشيء..؟
عمير: لا..
فصاح عمر وهو منبهر سعيد:
جدّدوا لعمير عهدا..
وأجابه عمير في استغناء عظيم:
تلك أيام قد خلت.. لا عملت لك، ولا لأحد بعدك"..!!
هذه لصورة ليست سيناريو نرسمه، وليست حوارا نبتدعه.. انما هي واقعة تاريخية، شهدتها ذات يوم أرض المدينة عاصمة الاسلام في أيام خلده وعظمته.
فأي طراز من الرجال كان أولئك الأفذاذ الشاهقون..؟!!
وكان عمر رضي الله عنه يتمنى ويقول:
" وددت لو أن لي رجالا مثل عمير أستعين بهم على أعمال المسلمين"..
ذلك أن عميرا الذي وصفه أصحابه بحق بأنه نسيج وحده كان قد تفوّق على كل ضعف انساني يسببه وجودنا المادي، وحياتنا الشائكة..
ويوم كتب على هذا القدّيس التقي أن يجتاز تجربة الولاية والحكم، لم يزدد ورعه بها الاّ مضاء ونماء وتألقا..
ولقد رسم وهو أمير على حمص واجبات الحاكم المسلم في كلمات طالما كان يصدح بها في حشود المسلمين من فوق المنبر.
وها هي ذي:
" ألا ان الاسلام حائط منيع، وباب وثيق
فحائط الاسلام العدل.. وبابه الحق..
فاذا نقض الحائط، وحطّم الباب، استفتح الاسلام.
ولا يزال الاسلام منيعا ما اشتدّ السلطان
وليست شدّة السلطان قتلا بالسيف، ولا ضربا بالسوط..
ولكن قضاء بالحق، وأخذا بالعدل"..!!
والآن نحن نودّع عميرا.. ونحييه في اجلال وخشوع، تعالو نصلي على :
خير المعلمين: محمد..
لامام المتقين: محمد..
لرحمة الله المهداة الى الناس في قيظ الحياة
عليه من الله صلاته. وسلامه..
وتحياته وبركاته..
وسلام على آله الآطهار..
وسلام على أصحابه الأبرار...

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #18
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ أبو أيوب الأنصاري - انفروا خفافا وثقالا }

كان الرسول عليه السلام يدخل المدينة مختتما بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة، ومستهلا أيامه المباركة في دار الهجرة التي ادّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس..
وسار الرسول وسط الجموع التي اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة، ومحبة وشوقا... ممتطيا ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامها كل يريد أن يستضيف رسول الله..
وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق الناقة قائلين:
" يا رسول الله، أقم عندنا، فلدينا العدد والعدة والمنعة"..
ويجيبهم الرسول وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة:
" خلوا سبيلها فانها مأمورة".
ويبلغ الموكب دور بني بياضة، فحيّ بني ساعدة، فحي بني الحارث بن الخزرج، فحي عدي بن النجار.. وكل بني قبيل من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، وملحين أن يسعدهم النبي عليه الصلاة والسلام بالنزول في دورهم.. والنبي يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:
" خلوا سبيلها فانها مأمورة..
لقد ترك النبي للمقادير اختيار مكان نزوله حيث سيكون لها المنزل خطره وجلاله.. ففوق أرضه سينهض المسجد الذي تنطلق منه الى الدنيا بأسرها كلمات الله ونوره.. والى جواره ستقوم حجرة أو حدرات من طين وطوب.. ليس بها من متاع الدنيا سوى كفاف، أو أطياف كفاف!! سيسكنها معلم، ورسول جاء ليمنح كل شرفها وسلامها للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.. للذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم.. وللذين أخلصوا دينهم للله.. للذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون.
أجل كان الرسول عليه الصلاة والسلام ممعنا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه..
من اجل هذا، ترك هو أيضا زمام ناقته وأرسله، فلا هو يثني به عنقها ولا يستوقف خطاها.. وتوجه الى الله بقلبه، وابتهل اليه بلسانه:
" اللهم خر لي، واختر لي"..
وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة.. ثم نهضت وطوّفت بالمكان، ثم عادت الى مبركها الأول، واستقرت في مكانها ونزل الرسول للدخول.. وبنزول الرسول صلى الله عليه وسلم عم الخير و اليمن والبركة..
أتدرون من كان هذا السعيد الموعود الذي بركت الناقة أمام داره، وصار الرسول ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية..؟؟
انه بطل حديثنا هذا.. أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد، حفيد مالك بن النجار..
لم يكن هذا أول لقاء لأبي أيوب مع رسول الله..
فمن قبل، وحين خرج وفد المدينة لمبايعة الرسول في مكة تلك البيعة المباركة المعروفة بـ بيعة العقبة الثانية.. كان أبو أيوب الأنصاري بين السبعين مؤمنا الذين شدّوا أيمانهم على يمين الرسول مبايعين، مناصرين.
والآن رسول الله يشرف المدينة، ويتخذها عاصمة لدين الله، فان الحظوظ الوافية لأبي أيوب جعلت من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم، والرسول الكريم.
ولقد آثر الرسول أن ينزل في دورها الأول.. ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد الى غرفته في الدور العلوي حتى أخذته الرجفة، ولم يستطع أن يتصوّر نفسه قائما أو نائما، وفي مكان أعلى من المكان الذي يقوم فيه رسول الله وينام..!!
وراح يلح على النبي ويرجوه ان ينتقل الى طابق الدور الأعلى فاستجاب النبي لرجائه..
ولسوف يمكث النبي بها حتى يتمّ المسجد، وبناء حجرة له بجواره..
ومنذ بدأت قريش تتنمّر للاسلام وتشن اغاراتها على دار الهجرة بالمدينة، وتؤلب القبائل، وتجيش الجيوش لتطفئ نور الله..
منذ تلك البداية، واحترف أبو أيوب صناعة الجهاد في سبيل الله.
ففي بدر، وأحد والخندق، وفي كل المشاهد والمغازي، كان البطل هناك بائعا نفسه وماله لله رب العالمين..
وبعد وفاة الرسول، لم يتخلف عن معركة كتب على المسلمين أن يخوضوها، مهما يكن بعد الشقة، وفداحة المشقة..!
وكان شعاره الذي يردده دائما، في ليله ونهاره.. في جهره واسراره.. قول الله تعالى:
( انفروا خفافا وثقالا)..
مرة واحدة.. تخلف عن جيش جعل الخليفة أميره واحدا من شباب المسلمين، ولم يقتنع أبو أيوب بامارته.
مرة واحدة لا غير.. مع هذا فان الندم على موقفه هذا ظل يزلزل نفسه، ويقول:
" ما عليّ من استعمل عليّ"..؟؟
ثم لم يفته بعد ذلك قتال!!
كان حسبه أن يعيش جنديا في جيش الاسلام، يقاتل تحت رايته، ويذود عن حرمته..
ولما وقع الخلاف بين علي ومعاوية، وقف مع علي في غير تردد، لأنه الامام الذي أعطي بيعة المسلمين.. ولما استشهد وانتهت الخلافة لمعاوية وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة، الصامدة التقية لا يرجو من الدنيا سوى أن يضل له مكان فوق أرض الوغى، وبين صفوف المجاهدين..
وهكذا، لم يكد يبصر جيش الاسلام يتحرك صوب القسطنطينية حتى ركب فرسه، وحمل سيفه، وراح يبحث عن استشهاد عظيم طالما حنّ اليه واشتاق..!!
وفي هذه المعركة أصيب.
وذهب قائد جيشه ليعوده، وكانت أنفاسه تسابق أشواقه الى لقاء الله..
فسأله القائد، وكان يزيد بن معاوية:
" ما حاجتك أبا أيوب"؟
ترى، هل فينا من يستطيع أن يتصوّر أو يتخيّل ماذا كانت حاجة أبا أيوب..؟
كلا.. فقد كانت حاجته وهو يجود بروحه شيئا يعجز ويعيي كل تصوّر، وكل تخيّل لبني الانسان..!!
لقد طلب من يزيد، اذا هو مات أن يحمل جثمانه فوق فرسه، ويمضي به الى أبعد مسافة ممكنة في أرض العدو، وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق، حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره، فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز..!!
أتحسبون هذا شعرا..؟
لا.. ولا هو بخيال، بل واقع، وحق شهدته الدنيا ذات يوم، ووقفت تحدق بعينيها، وبأذنيها، لا تكاد تصدق ما تسمع وترى..!!
ولقد أنجز يزيد وصيّة أبي أيوب..
وفي قلب القسطنطينية، وهي اليوم استامبول، ثوى جثمان رجل عظيم، جدّ عظيم..!!
وحتى قبل أن يغمر الاسلام تلك البقاع، كان أهل القسطنطينية من الروم، ينظرون الى أبي أيوب في قبره نظرتهم الى قدّيس...
وانك لتعجب اذ ترى جميع المؤرخين الذين يسجلون تلك الوقائع ويقولون:
" وكان الروم يتعاهدون قبره، ويزورونه.. ويستسقون به اذا قحطوا"..!!
وعلى الرغم من المعارك التي انتظمت حياة أبي أيوب، والتي لم تكن تمهله ليضع سيفه ويستريح، على الرغم من ذلك، فان حياته كانت هادئة، نديّة كنسيم الفجر..
ذلك انه سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا فوعاه:

" واذا صليت فصل صلاة مودّع..
ولا تكلمن الناس بكلام تعتذر منه..
والزم اليأس مما في أيدي الناس"...
وهكذا لم يخض في لسانه فتنة..
ولم تهف نفسه الى مطمع..
وقضى حياته في أشواق عابد، وعزوف مودّع..
فلما جاء أجله، لم يكن له في طول الدنيا وعرضها من حاجة سوى تلك الأمنية التي تشبه حياته في بطولتها وعظمتها:
" اذهبوا بجثماني بعيدا.. بعيدا.. في ارض الروم ثم ادفنوني هناك"...
كان يؤمن بالنصر، وكان يرى بنور بصيرته هذه البقاع، وقد أخذت مكانها بين واحات الاسلام، ودخلت مجال نوره وضيائه..
ومن ثمّ أراد أن يكون مثواه الأخير هناك، في عاصمة تلك البلاد، حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة، وحيث يستطيع تحت ثراه الطيّب، أن يتابع جيوش الاسلام في زحفها، فيسمع خفق أعلامها، وصهيل خيلها، ووقع أقدامها، وصلصلة سيوفها..!!
وانه اليوم لثاو هناك..
لا يسمع صلصلة السيوف، ولا صهيل الخيول..
قد قضي الأمر، واستوت على الجوديّ من أمد بعيد..
لكنه يسمع كل يوم من صبحه الى مسائه، روعة الأذان المنطلق من المآذن المشرّعة في الأفق..
أن:
الله أكبر..
الله أكبر..
وتجيب روحه المغتبطة في دار خلدها، وسنا مجدها:
هذا ما وعدنا الله ورسوله
وصدق الله ورسوله....

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #19
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ البراء بن مالك - الله، والجنّة }

هو ثاني أخوين عاشا في الله، وأعطيا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا نما وأزهر مع الأيام..
أما أولهما فهو أنس بن مالك خادم رسول الله عليه السلام.
أخذته أمه أم سليم الى الرسول وعمره يوم ذاك عشر سنين وقالت:
"يا رسول الله..
هذا أنس غلامك يخدمك، فادع الله له"..
فقبّله رسول الله بين عينيه ودعا له دعوة ظلت تحدو عمره الطويل نحو الخير والبركة..
دعا له لرسول فقال:
" اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له، وأدخله الجنة"..
فعاش تسعا وتسعين سنة، ورزق من البنين والحفدة كثيرين، كما أعطاه الله فيما أعطاه من رزق، بستانا رحبا ممرعا، كان يحمل الفاكهة في العام مرتين..!!
وثاني الأخوين، هو البراء بن مالك..
عاش حياته العظيمة المقدامة، وشعاره:
" الله، والجنة"..
ومن كان يراه، وهو يقاتل في سبيل الله، كان يرى عجبا يفوق العجب..
فلم يكن البراء حين يجاهد المشركين بسيفه ممن يبحثون عن النصر، وان يكن النصر آنئذ أجلّ غاية.. انما كان يبحث عن الشهادة..
كانت كل أمانيه، أن يموت شهيدا، ويقضي نحبه فوق أرض معركة مجيدة من معارك الاسلام والحق..
من أجل هذا، لم يتخلف عن مشهد ولا غزوة..
وذات يوم ذهب اخوانه يعودونه، فقرأ وجوههم ثم قال:
" لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي..
لا والله، لن يحرمني ربي الشهادة"..!!
ولقد صدّق الله ظنه فيه، فلم يمت البراء على فراشه، بل مات شهيدا في معركة من أروع معارك الاسلام..!!
ولقد كانت بطولة البراء يوم اليمامة خليقة به.. خليقة بالبطل الذي كان عمر بن الخطاب يوصي ألا يكون قائدا أبدا، لأن جسارته واقدامه، وبحثه عن الموت.. كل هذا يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة تشبه الهلاك..!!
وقف البراء يوم اليمامة وجيوش الاسلام تحت امرة خالد تتهيأ للنزال، وقف يتلمظ مستبطئا تلك اللحظات التي تمرّ كأنها السنين، قبل أن يصدر القائد أمره بالزحف..
وعيناه الثاقبتان تتحركان في سرعة ونفاذ فوق أرض المعركة كلها، كأنهما تبحثان عن أصلح مكان لمصرع البطل..!!
أجل فما كان يشغله في دنياه كلها غير هذه الغاية..
حصاد كثير يتساقط من المشركين دعاة الظلام والباطل بحدّ سيفه الماحق..
ثم ضربة تواتيه في نهاية المعركة من يد مشركة، يميل على أثرها جسده الى الأرض ، على حين تأخذ روحه طريقها الى الملأ الأعلى في عرس الشهداء، وأعياد المباركين..!!
ونادى خالد: الله أكبر، فانطلقت الصفوف المرصوصة الى مقاديرها، وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك..
وراح يجندل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه.. وهم يتساقطون كأوراق الخريف تحت وميض بأسه..
لم يكن جيش مسيلمة هزيلا، ولا قليلا.. بل كان أخطر جيوش الردة جميعا..
وكان بأعداده، وعتاده، واستماتة مقاتليه، خطرا يفوق كل خطر..
ولقد أجابوا على هجوم المسلمين شيء من الجزع. وانطلق زعماؤهم وخطباؤهم يلقون من فوق صهوات جيادهم كلمات التثبيت. ويذكرون بوعد الله..
وكان البراء بن مالك جميل الصوت عاليه..
وناداه القائد خالد تكلم يا براء..
فصاح البراء بكلمات تناهت في الجزالة، والدّلالة، القوة..
تلك هي:
" يا أهل المدينة..
لا مدينة لكم اليوم..
انما هو الله والجنة"..
كلمات تدل على روح قائلها وتنبئ بخصاله.
أجل..
انما هو الله، والجنة..!!
وفي هذا الموطن، لا ينبغي أن تدور الخواطر حول شيء آخر..
حتى المدينة، عاصمة الاسلام، والبلد الذي خلفوا فيه ديارهم ونساءهم وأولادهم، لا ينبغي أن يفكروا فيها، لأنهم اذا هزموا اليوم، فلن تكون هنالك مدينة..
وسرت كلمات البراء مثل.. مثل ماذا..؟
ان أي تشبيه سيكون ظلما لحقيقة أثرها وتأثيرها..
فلنقل: سرت كلمات البراء وكفى..
ومضى وقت وجيز عادت بعده المعركة الى نهجها الأول..
المسلمون يتقدمون، يسبقهم نصر مؤزر.
والمشركون يتسا قطون في حضيض هزيمة منكرة..
والبراء هناك مع اخوانه يسيرون لراية محمد صلى الله عليه وسلم الى موعدها العظيم..
واندفع المشركون الى وراء هاربين، واحتموا بحديقة كبيرة دخلوها ولاذوا بها..
وبردت المعركة في دماء المسلمين، وبدا أن في الامان تغير مصيرها بهذه الحيلة التي لجأ اليها أتباع مسيلمة وجيشه..
وهنا علا البراء ربوة عالية وصاح:
" يا معشر المسلمين..
احملوني وألقوني عليهم في الحديقة"..
ألم أقل لكم انه لا يبحث عن النصر بل عن الشهادة..!!
ولقد تصوّر في هذه الخطة خير ختام لحياته، وخير صورة لمماته..!!
فهو حين يقذف به الى الحديقة، يفتح المسلمين بابها، وفي نفس الوقت كذلك تكون أبواب الجنة تأخذ زينتها وتتفتح لاستقبال عرس جديد ومجيد..!!
ولم ينتظر البراء أن يحمله قومه ويقذفوا به، فاعتلى هو الجدار، وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح الباب، واقتحمته جيوش الاسلام..
ولكن حلم البراء لم يتحقق، فلا سيوف المشركين اغتالته، ولا هو لقي المصرع الذي كان يمني به نفسه..
وصدق أبو بكر رضي الله عنه:
" احرص على الموت..
توهب لك الحياة"..!!
صحيح أن جسد البطل تلقى يومئذ من سيوف المشركين بضعا وثمانين ضربة، أثخنته ببضع وثمانين جراحة، حتى لقد ظل بعد المعركة شهرا كاملا، يشرف خالد بن الوليد نفسه على تمريضه..
ولكن كل هذا الذي أصابه كان دون غايته وما يتمنى..
بيد أن ذلك لا يحمل البراء على اليأس.. فغدا تجيء معركة، ومعركة، ومعركة..
ولقد تنبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مستجاب الدعوة..
فليس عليه الا أن يدعو ربه دائما أن يرزقه الشهادة، ثم عليه ألا يعجل، فلكل أجل كتاب..!!
ويبرأ البراء من جراحات يوم اليمامة..
وينطلق مع جيوش الاسلام التي ذهبت تشيّع قوى الظلام الى مصارعها.. هناك حيث تقوم امبراطوريتان خرعتان فانيتان، الروم والفرس، تحتلان بجيوشهما الباغية بلاد الله، وتستعبدان عباده..
ويضرب البراء بسيفه، ومكان كل ضربة يقوم جدار شاهق في بناء العالم الجديد الذي ينمو تحت راية الاسلام نموّا سريعا كالنهار المشرق..
وفي احدى حروب العراق لجأ الفرس في قتالهم الى كل وحشية دنيئة يستطيعونها..
فاستعملوا كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محمأة بالنار، يلقونها من حصونهم، فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا..
وكان البراء وأخوه أنس بن مالك قد وكل اليهما مع جماعة من المسلمين أمر واحد من تلك الحصون..
ولكن أحد هذه الكلاليب سقط فجأة، فتعلق بأنس ولم يستطع أنس فك السلسلة ليخلص نفسه، اذ كانت تتوهج لهبا ونارا..
وأبصرالبراء المشهد واسرع نحو أخيه الذي كانت السلسلة المحمأة تصعد به على سطح جدار الحصن.. وقبض على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قصمها وقطعها.. ونجا أنس وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما..!!
لقد ذهب كل ما فيهما من لحم، وبقي هيكلهما العظمي مسمّرا محترقا..!!
وقضى البطل فترة أخرى في علاج بطيء حتى بريء..
أما آن لعاشق الموت أن يبلغ غايته..؟؟
بلى آن..!!
وهاهي ذي موقعة تجيء ليلاقي المسلمون فيها جيوش فارس
ولتكون لـ البراء عيدا أي عيد..
احتشد أهل الأهواز، والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين..
وكتب امير المؤمنين عمر بن الخطاب الى سعد بن أبي وقاص بالكوفة ليرسل الى الأهواز جيشا..
وكتب الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز جيشا، قائلا له في رسالته:
" اجعل امير الجند سهيل بن عديّ..
وليكن معه البراء بن مالك"..
والتقى القادمون من الكوفة بالقادمين من البصرة ليواجهوا جيش الأهواز وجيش الفرس في معركة ضارية..
كان الاخوان الباسلان بين الحنود المؤمنين.. أنس بن مالك، والبراء بن مالك..
وبدأت الحرب بالمبارزة، فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس..
ثم التحمت الجيوش، وراح القتلى يتساقطون من الفريقين كليهما في كثرة كاثرة..
واقترب بعض الصحابة من البراء، والقتال دائر، ونادوه قائلين:
" أتذكر يا براء قول الرسول عنك: ربّ أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه، منهم البراء بن مالك..؟
يا براء أقسم على ربك، ليهزمهم وينصرنا"..
ورفع البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا:
" اللهم امنحنا أكنافهم..
اللهم اهزمهم..
وانصرنا عليهم..
وألحقني اليوم بنبيّك"..
ألقى على جبين أخيه أنس الذي كان يقاتل قريب منه.. نظرة طويلة، كأنه يودّعه..
وانقذف المسلمون في استبسال لم تألفه الدنيا من سواهم..
ونصروا نصرا مبينا.
ووسط شهداء المعركة، كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة هانئة كضوء الفجر.. وتقبض يمناه على حفنة من تراب مضمّخة بدمه الطهور..
لقد بلغ المسافر داره..
وأنهى مع اخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم، ونودوا:
( أن تلكم الجنة، أورثتموها بما كنتم تعملون)....

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #20
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ أسيد بن خضير - بطل يوم السقيفة }

ورث المكارم كابرا عن كابر..
فأبوه خضير الكتائب كان زعيم الأوس، وكان واحدا من كبار أشراف العرب في الجاهلية، ومقاتليهم الأشداء..
وفيه يقول الشاعر:
لو أن المنايا حدن عن ذي مهابة
لهبن خضيرا يوم غلّق واقما
يطوف به، حتى اذا الليل جنّه
تبوأ منه مقعدا متناغما
وورث أسيد عن أبيه مكانته، وشجاعته وجوده، فكان قبل أن يسلم، واحدا من زعماء المدينة وأشراف العرب، ورماتها الأفذاذ..
فلما اصطفاه الاسلام، وهدي الى صراط العزيز الحميد، تناهى عزه.
وتسامى شرفه، يوم أخذ مكانه، وأخذ واحدا من انصار الله وأنصار رسوله، ومن السابقين الى الاسلام العظيم..
ولقد كان اسلامه يوم أسلم سريعا، وحاسما وشريفا..
فعندما أرسل الرسول عليه السلام مصعب بن عمير الى المدينة ليعلم ويفقه المسلمين من الأنصار الذين بايعوا النبي عليه السلام عل الاسلام بيعة العقبة الأولى، وليدعو غيرهم الى دين الله.
يومئذ، جلس أسيد بن خضير، وسعد بن معاذ، وكانا زعيمي قومهما، يتشاوران في أمر هذا الغريب الذي جاء من مكة يسفّه دينهما، ويدعو اى دين جديد لا يعرفونه..
وقال سعد لأسيد:" انطلق الى هذا الرجل فازجره"..
وحمل أسيد حربته، وأغذ السير الى حيث كان مصعب في ضيافة أسعد بن زرارة من زعماء المدينة الذين سبقوا الى الاسلام.
وعند مجلس مصعب وأسعد بن زرارة رأى أسيد جمهرة من الناس تصغي في اهتمام للكلمات الرشيدة التي يدعوهم بها الى الله، مصعب بن عمير..
وفجأهم أسيد بغضبه وثورته..
وقال له مصعب:
" هل لك في أن تجلس فتسمع.. فان رضيت أمرنا قبلته، ون كرهته، كففنا عنك ما تكره"..؟؟
كان أسيد رجلا.. وكان مستنير العقل ذكيّ القلب حتى لقبه أهل المدينة بالكامل.. وهو لقب كان يحمله أبوه من قبله..
فلما رأى مصعبا يحتكم به الى المنطق والعقل، غرس حربته في الأرض، وقال لمصعب:
لقد أنصفت: هات ما عندك..
وراح مصعب يقرأ عليه من القرآن، ويفسّر له دعوة الدين الجديد. الدين الحق الذي أمر محمد عليه الصلاة والسلام بتبليغه ونشر رايته.
ويقول الذين حضروا هذا المجلس:
" والله لقد عرفنا في وجه أسيد الاسلام قبل أن يتكلم..
عرفناه في اشراقه وتسهّله"..!!
لم يكد مصعب ينتهي من حديثه حتى صاح أسيد مبهورا:
" ما أحسن هذا الكلام وأجمله..
كيف تصنعون اذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين".؟
قال له مصعب:
" تطهر بدنك، وثوبك، وتشهد شهادة الحق، ثم تصلي"..
ان شخصية أسيد شخصية مستقيمة قوية مستقيمة وناصعة، وهي اذ تعرف طريقها ، لا تتردد لحظة أمام ارادتها الحازمة..
ومن ثمّ، قام أسيد في غير ارجاء ولا ابطاء ليستقبل الدين الذي انفتح له قلبه، وأشرقت به روحه، فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين، معلنا اسلامه، مودّعا أيام وثنيّته، وجاهليته..!!
كان على أسيد أن يعود لسعد بن معاذ، لينقل اليه أخبار المهمة التي كلفه بها.. مهمة زجر مصعب بن عمير واخراجه..
وعاد الى سعد..
وما كاد يقترب من مجلسه، حتى قال سعد لمن حوله:
" أقسم لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به".!!
أجل..
لقد ذهب بوجه طافح بالمرارة، والغضب والتحدي..
وعاد بوجه تغشاه السكينة والرحمة والنور..!!
وقرر أسيد أن يستخدم ذكاءه قليلا..
انه يعرف أن سعد بن معاذ مثله تماما في صفاء جوهره ومضاء عزمه، وسلامة تفكيره وتقديره..
ويعلم أنه ليس بينه وبين الاسلام سوى أن يسمع ما سمع هو من كلام الله، الذي يحسن ترتيله وتفسيره سفير الرسول اليهم مصعب بن عمير..
لكنه لو قال لسعد: اني أسلمت، فقم وأسلم، لكانت مجابهة غير مأمونة العاقبة..
اذن فعليه أن يثير حميّة سعد بطريقة تدفعه الى مجلس مصعب حتى يسمع ويرى..
فكيف السبيل لهذا..؟
كان مصعب كما ذكرنا من قبل ينزل ضيفا على أسعد بن زرارة..
وأسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ..
هنالك قال أسيد لسعد:
" لقد حدّثت أن بين الحارثة قد خرجوا الى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه ابن خالتك"..
وقام سعد، تقوده الحميّة والغضب، وأخذ الحربة، وسار مسرعا الى حيث أسعد ومصعب، ومن معهما من المسلمين..
ولما اقترب من المجلس لم يجد ضوضاء ولا لغطا، وانما هي السكينة تغشى جماعة يتوسطهم مصعب بن عمير، يتلو آيات الله في خشوع، وهم يصغون اليه في اهتمام عظيم..
هنالك أدرك الحيلة التي نسجها له أسيد لكي يحمله على السعي الى هذا المجلس، والقاء السمع لما يقوله سفير الاسلام مصعب بن عمير.
ولقد صدقت فراسة أسيد في صاحبه، فما كاد سعد يسمع حتى شرح الله صدره للاسلام، وأخذ مكانه في سرعة الضوء بين المؤمنين السابقين..!!
كان أسيد يحمل في قلبه ايمانا وثيقا ومضيئا..
وكان ايمانه يفيء عليه من الأناة والحلم وسلامة التقدير ما يجعله أهلا للثقة دوما..
وفي غزوة بني المصطلق تحركت مغايظ عبدالله بن أبيّ فقال لمن حوله من أهل المدينة:
" لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم..
أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا الى غير دياركم..
أما والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل"..
سمع الصحابي الجليل زيد بن الأرقم هذه الكلمات، بل هذه السموم المنافقة المسعورة، فكان حقا عليه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وتألم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا، وقابله أسيد فقال له النبي عليه السلام:
أوما بلغك ما قال صاحبكم..؟؟
قال أسيد:
وأيّ صاحب يا رسول الله..؟؟
قال الرسول:
عبدالله بن أبيّ!!
قال أسيد:
وماذا قال..؟؟
قال الرسول:
زعم انه ان رجع الى المدينة لخرجنّ الأعز منها الأذل.
قال أسيد:
فأنت والله، يا رسول الله، تخرجه منها ان شاء الله.. هو والله الذليل، وأنت العزيز..
ثم قال أسيد:
" يا رسول الله ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك وان قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه على المدينة ملكا، فهو يرى أن الاسلام قد سلبه ملكا"..
بهذا التفكير الهادئ العميق المتزن الواضح، كان أسيد دائما يعالج القضايا ببديهة حاضرة وثاقبة..
وفي يوم السقيفة، اثر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أعلن فريق من الأنصار، وعلى رأسهم سعد بن عبادة أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، واحتدمت المناقشة، كان موقف أسيد، وهو كما عرفنا زعيم أنصاري كبير، كان موقفه فعالا في حسم الموقف، وكانت كلماته كفلق الصبح في تحديد اتجاهه..
وقف أسيد فقال مخاطبا فريق الأنصار من قومه:
" تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين..
فخليفته اذن ينبغي أن يكون من المهاجرين..
ولقد كنا أنصار رسول الله..
وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته"..
وكانت كلماته، بردا، وسلاما..
ولقد عاش أسيد بن خضير رضي الله عنه عابدا، قانتا، باذلا روحه وماله في سبيل الخير، جاعلا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار نصب عينيه :
" اصبروا.. حتى تلقوني على الحوض"..
ولقد كان لدينه وخلقه موضع تكريم الصدّيق و حبّه، كذلك كانت له نفس المكانة والمنزلة في قلب أمير المؤمنين عمر، وفي أفئدة الصحابة جميعا.
وكان الاستماع لصوته وهو يرتل القرآن احدى المغانم الكبرى التي يحرص الأصحاب عليها..
ذلك الصوت الخاشع الباهر المنير الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن الملائكة دنت من صاحبه ذات ليلة لسماعه..
وفي شهر شعبان عام عشرين للهجرة، مات أسيد..
وأبى أمير المؤمنين عمر الا أن يحمل نعشه فوق كتفه..
وتحت ثرى البقيع وارى الأصحاب جثمان مؤمن عظيم..
وعادوا الى المدينة وهم يستذكرون مناقبه ويرددون قول الرسول الكريم عنه:
" نعم الرجل.. أسيد بن خضير"..

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #21
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ سعد بن معاذ - هنيئا لك يا أبا عمرو }

في العام الواحد والثلاثين من عمره، أسلم..
وفي السابع والثلاثين مات شهيدا..
وبين يوم اسلامه، ويوم وفاته، قضى سعد بن معاذ رضي الله عنه أياما شاهقة في خدمة الله ورسوله..
انظروا..
أترون هذا الرجل الوسيم، الجليل، الفارع الطول، المشرق الوجه، الجسيم، الجزل.؟؟

انه هو..
يقطع الأرض وثبا وركضا الى دار أسعد بن زرارة ليرى هذا الرجل الوافد من مكة مصعب بن عمير الذي بعث به محمدا عليه الصلاة والسلام الى المدينة يبشّر فيها بالتوحيد والاسلام..
أجل.. هو ذاهب الى هناك ليدفع بهذا الغريب خارج حدود المدينة، حاملا معه دينه.. وتاركا للمدينة دينها..!!
ولكنه لا يكاد يقترب من مجلس مصعب في دار ابن خالته أسيد بن زرارة، حتى ينتعش فؤاده بنسمات حلوة هبّت عليه هبوب العافية..
ولا يكاد يبلغ الجالسين، ويأخذ مكانه بينهم، ملقيا سمعه لكلمات مصعب حتى تكون هداية الله قد أضاءت نفسه وروحه..

وفي احدى مفاجآت القدر الباهرة المذهلة، يلقي زعيم الأنصار حربته بعيدا، ويبسط يمينه مبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وباسلام سعد بن معاذ تشرق في المدينة شمس جديدة، ستدور في فلكها قلوب كثيرة تسلم مع حمد لله رب العالمين..!!
أسلم سعد.. وحمل تبعات اسلامه في بطولة وعظمة..
وعندما هاجر رسول الله وصحبه الى المدينة كانت دور بني عبد الأشهل قبيلة سعد مفتحة الأبواب للمهاجرين، وكانت أموالهم كلها تحت تصرّفهم في غير منّ، ولا أذى.. ولا حساب..!!
وتجيء غزوة بدر..
ويجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر.
وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول:
" أشيروا عليّ أيها الناس.."
ونهض سعد بن معاذ قائما كالعلم.. يقول:
" يا رسول الله..
لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا..
فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك..
ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا..
انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء..
ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك...
فسر بنا على بركة الله"...
أهلت كلمات سعد كالبشريات، وتألق وجه الرسول رضا وسعادة وغبطة، فقال للمسلمين:
" سيروا وأبشروا، فان الله وعدني احدى الطائفتين.. والله لكأني أنظر الى مصرع القوم"..
وفي غزوة أحد، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع المباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ..
لقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير..
وجاءت غزوة الخندق، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا..
وغزوة الخندق هذه، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غير هوادة، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة..
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم، ويتواصون بطاعته، ويرجون أن تكف قريش عن اغارتها وحروبها، اذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة الى مكة محرّضين قريشا على رسول الله، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا هم خرجوا لقتال المسلمين..
واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو..
وفي طريقهم وهم راجعون الى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب، هي قبيلة غطفان واتفقوا مع زعمائها على الانضمام لجيش قريش..
وضعت خطة الحرب، ووظعت أدوارها.. فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير..
واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم..
ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة.. فأمر بحفر خندق حول المدينة ليعوق زحف المهاجمين.
وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق..
فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم:
" ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد"..!!
عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده، ونصف قوته، وراح بالفعل يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة، ورضي قادة غطفان، ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة..
وعند هذا المدى من المحاولة، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر، فدعا اليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم..
واهتم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.. فهما زعيما المدينة، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر، واختيار موقف تجاهه..
قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان.. وأنبأهما أنه انما لجأ الى هذه المحاولة، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير، والحصار الرهيب..
وتقدم السعدان الى رسول الله بهذا السؤال:
" يا رسول الله..
أهذا رأي تختاره، أم وحي أمرك الله به"؟؟
قال الرسول:
" بل أمر أختاره لكم..
والله ما أصنع ذلك الا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم الى أمر ما"..
وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا، أي امتحان..
هنالك قال:
" يا رسول الله..
قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، الا قرى، أي كرما وضيفة، أو بيعا..
أفحين أكرمنا الله بالاسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا..؟؟
والله ما لنا بهذا من حاجة..
ووالله لا نعطيهم الا السيف.. حتى يحكم الله بيننا وبينهم"..!!
وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به..
وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا..
والحق أنه حصار اختارته هي لنفسها أكثر مما كان مفروضا عليها، وذلك بسبب الخندق الذي حفر حولها ليكون جنّة لها ووقاية..
ولبس المسلمون لباس الحرب.
وخرج سعد بن معاذ حاملا سيفه ورمحه وهو ينشد ويقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا الجمل ما أجمل الموت اذا حان الأجل
وفي احدى الجولات تلقت ذراع سعد سهما وبيلا، قذفه به أحد المشركين..
وتفجّر الدم من وريده وأسعف سريعا اسعافا مؤقتا يرقأ به دمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل الى المسجد، وأن تنصب له به خيمة حتى يكون على قرب منه دائما أثناء تمريضه..
وحمل المسلمون فتاهم البطل الى مكانه في مسجد الرسول..
ورفع سعد بصره الى السماء وقال:
" اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها... فانه لا قوم أحب اليّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه..
وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة..
ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة"..!
لك الله يا سعد بن معاذ..!
فمن ذا الذي يستطيع أن يقول مثل هذا القول، في مثل هذا الموقف سواك..؟؟
ولقد استجاب الله دعاءه..
فكانت اصابته هذه طريقه الى الشهادة، اذ لقي ربه بعد شهر، متأثرا بجراحه..
ولكنه لم يمت حتى شفي صدرا من بني قريظة..
ذلك أنه بعد أن يئست قريش من اقتحام المدينة، ودبّ في صفوف جيشها الهلع، حمل الجميع متاعهم وسلاحهم، وعادوا مخذولين الى مكة..
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترك بني قريظة، يفرضون على المدينة غدرهم كما شاؤوا، أمر لم يعد من حقه أن يتسامح تجاهه..
هنالك أمر أصحابه بالسير الى بني قريظة.
وهناك حاصروهم خمسة وعشرين يوما..
ولما رأى هؤلاء ألا منجى لهم من المسلمين، استسلموا، وتقدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاء أجابهم اليه، وهو أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.. وكان سعد حليفهم في الجاهلية..
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من جاؤوا بسعد بن معاذ
من مخيمه الذي كان يمرّض فيه بالمسجد..
جاء محمولا على دابة، وقد نال منه الاعياء والمرض..
وقال له الرسول:
" يا سعد احكم في بني قريظة".
وراح سعد يستعيد محاولات الغدر التي كان آخرها غزوة الخندق والتي كادت للمدينة تهلك فيها بأهلها..
وقال سعد:
" اني أرى أن يقتل مقاتلوهم..
وتسبى ذراريهم..
وتقسّم أموالهم.."
وهكذا لم يمت سعد حتى شفي صدره من بني قريظة..
كان جرح سعد يزداد خطرا كل يوم، بل كل ساعة..
وذات يوم ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيادته، فألفاه يعيش في لحظات الوداع فأخذ عليه الصلاة والسلام رأسه ووضعه في حجره، وابتهل الى الله قائلا:
" اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك، وصدّق رسولك وقضى الذي عليه، فتقبّل روحه بخير ما تقبّلت به روحا"..!
وهطلت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم على الروح المودّعة بردا وسلاما..
فحاول في جهد، وفتح عينيه راجيا أن يكون وجه رسول الله آخر ما تبصرانه في الحياة وقال:
" السلام عليك يا رسول الله..
أما اني لأشهد أنك رسول الله"..
وتملى وجه النبي وجه سعد آن ذاك وقال:
" هنيئا لك يا أبا عمرو".

يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:
"كنت ممن حفروا لسعد قبره"
وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب، شممنا ريح المسك.. حتى انتهينا الى اللحد"..
وكان مصاب المسلمين في سعد عظيما
.. ولكن عزاءهم كان جليلا،
حين سمعوا رسولهم الكريم يقول:
" لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"..

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #22
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ عبدالرحمن بن أبي بكر- بطل حتى النهاية }

هو صورة مبيّنة للخلق العربي بكل أعماقه، وأبعاده..
فبينما كان أبوه أول المؤمنين.. والصدّيق الذي آمن برسوله ايمانا ليس من طراز سواه.. وثاني اثنين اذ هما في الغار..كان هو صامدا كالصخر مع دين قومه، وأصنام قريش.!!
وفي غزوة بدر، خرج مقاتلا مع جيش المشركين..
وفي غزوة أحد كان كذلك على رأس الرماة الذين جنّدتهم قريش لمعركتها مع المسلمين..
وقبل أن يلتحم الجيشان، بدأت كالعادة جولة المبارزة..
ووقف عبدالرحمن يدعو اليه من المسلمين من يبارزه..
ونهض أبو أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه مندفعا نحوه ليبارزه، ولكن الرسول أمسك به وحال بينه وبين مبارزة ولده.
ان العربي الأصيل لا يميزه شيء مثلما يميزه ولاؤه المطلق لاقتناعه..
اذا اقتنع بدين أو فكرة استبعده اقتناعه، ولم يعد للفكاك منه سبيل، اللهمّ الا اذا ازاحه عن مكانه اقتناع جديد يملأ عقله ونفسه بلا زيف، وبلا خداع.
فعلى الرغم من اجلال عبدالرحمن أباه، وثقته الكاملة برجاحة عقله، وعظمة نفسه وخلقه، فان ولاءه لاقتناعه بقي فارضا سيادته عليه.
ولم يغره اسلام أبيه باتباعه.
وهكذا بقي واقفا مكانه، حاملا مسؤولية اقتناعه وعقيدته، يذود عن آلهة قريش، ويقاتل تحت لوائها قتال المؤمنين المستميتين..
والأقوياء الأصلاء من هذا الطراز، لا يخفى عليهم الحق وان طال المدى..
فأصالة جوهرهم، ونور وضوحهم، يهديانهم الى الصواب آخر الأمر، ويجمعانهم على الهدى والخير.
ولقد دقت ساعة الأقدار يوما، معلنة ميلادا جديدا لعبدالرحمن بن أبي بكر الصدّيق..
لقد أضاءت مصابيح الهدى نفسه فكنست منها كل ما ورثته الجاهلية من ظلام وزيف. ورأى الله الواحد الأحد في كل ما حوله من كائنات وأشياء، وغرست هداية الله ظلها في نفسه وروحه، فاذا هو من المسلمين..!
ومن فوره نهض مسافرا الى رسول الله، أوّأبا الى دينه الحق.
وتألق وجه أبي بكر تحت ضوء الغبطة وهو يبصر ولده يبايع رسول الله.
لقد كان في كفره رجلا.. وها هو ذا يسلم اليوم اسلام الرجال. فلا طمع يدفعه، ولا خوف يسوقه. وانما هو اقتناع رشيد سديد أفاءته عليه هداية الله وتوفيقه.
وانطلق عبدالرحمن يعوّض ما فاته ببذل أقصى الجهد في سبيل الله، ورسوله والمؤمنين...
في أيام الرسول عليه صلاة الله وسلامه، وفي أيام خلفائه من بعده، لم يتخلف عبدالرحمن عن غزو، ولم يقعد عن جهاد مشروع..
ولقد كان له يوم اليمامة بلاء عظيم، وكان لثباته واستبساله دور كبير في كسب المعركة من جيش مسيلمة والمرتدين.. بل انه هو الذي أجهز على حياة محكم بن الطفيل، والذي كان العقل المدبر لمسيلمة، كما كان يحمي بقوته أهم مواطن الحصن الذي تحصّن جيش الردّة بداخله، فلما سقط محكم بضربة من عبدالرحمن، وتشتت الذين حوله، انفتح في الحصن مدخل واسع كبير تدفقت منه مقاتلة المسلمين..
وازدادت خصال عبدالرحمن في ظل الاسلام مضاء وصقلا..
فولاؤه لاقتناعه، وتصميمه المطلق على اتباع ما يراه صوابا وحقا، ورفضه المداجاة والمداهنة...
كل هذا الخلق ظل جوهر شخصيته وجوهر حياته، لم يتخل عنه قط تحت اغراء رغبة، أو تأثير رهبة، حتى في ذلك اليوم الرهيب، يوم قرر معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد بحد السيف.. فكتب الى مروان عامله بالمدينة كتاب البيعة، وأمره ان يقرأه على المسلمين في المسجد..
وفعل مروان، ولم يكد يفرغ من قراءته حتى نهض عبدالرحمن بن أبي بكر ليحول الوجوم الذي ساد المسجد الى احتجاج مسموع ومقاومة صادعة فقال:
" والله ما الاخيار أردتم لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية.. كلما مات هرقل قام هرقل"..!!
لقد رأى عبدالرحمن ساعتئذ كل الأخطار التي تنتظر الاسلام لو أنجز معاوية أمره هذا، وحوّل الحكم في الاسلام من شورى تختار بها الأمة حاكمها، الى قيصرية أو كسروية تفرض على الأمة بحكم الميلاد والمصادفة قيصرا وراء قيصر..!!
لم يكد عبدالرحمن يصرخ في وجه مروان بهذه الكلمات القوارع، حتى أيّده فريق من المسلمين على رأسهم الحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير، وعبدالله بن عمر..
ولقد طرأت فيما بعد ظروف قاهرة اضطرت الحسين وابن الزبير وابن عمر رضي الله عنهم الى الصمت تجاه هذه البيعة التي قرر معاوية أن يأخذها بالسيف..
لكن عبدالرحمن بن أبي بكر ظل يجهر ببطلان هذه البيعة، وبعث اليه معاوية من يحمل مائة ألف درهم، يريد أن يتألفه بها، فألقاها ابن الصدّيق بعيدا وقال لرسول معاوية:
" ارجع اليه وقل له: ان عبدالرحمن لا يبيع دينه بدنياه"..
ولما علم بعد ذلك أن معاوية يشدّ رحاله قادما الى المدينة غادرها من فوره الى مكة..
وأراد الله أن يكفيه فتنة هذا الموقف وسوء عقباه..
فلم يكد يبلغ مشارف مكة ويستقر بها حتى فاضت الى الله روحه،، وحمله الرجال على الأعناق الى أعالي مكة حيث دفن هناك، تحت ثرى الأرض التي شهدت جاهليته..
وشهدت اسلامه..!!
وكان اسلام رجل صادق، حرّ شجاع...

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #23
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

عمران بن حصين - شبيه الملائكة

عام خيبر، أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعا..
ومنذ وضع يمينه في يمين الرسول أصبحت يده اليمنى موضع تكريم كبير، فعاهد نفسه ألا يستخدمها الا في كل عمل طيّب، وكريم..
هذه الظاهرة تنبئ عما يتمتع به صاحبها من حسّ دقيق.
وعمران بن حصين رضي الله عنه صورة رضيّة من صور الصدق، والزهد، والورع، والتفاني وحب الله وطاعته...
وان معه من توفيق الله ونعمة الهدى لشيئا كثيرا، ومع ذلك فهو لا يفتأ يبكي، ويبكي، ويقول:
" يا ليتني كنت رمادا، تذروه الرياح"..!!
ذلك أن هؤلاء الرجال لم يكونوا يخافون الله بسبب ما يدركون من ذنب، فقلما كانت لهم بعد اسلامهم ذنوب..
انما كانوا يخافونه ويخشونه بقدر ادراكهم لعظمته وجلاله ، وبقدر ادراكهم لحقيقة عجزهم عن شكره وعبادته، فمهما يضرعوا، ويركعوا، ومهما يسجدوا، ويعبدوا..
ولقد سأل أصحاب الرسول يوما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:
" يا رسول الله، مالنا اذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا دنيانا، وكأننا نرى الآخرة رأي العين.. حتى اذا خرجنا من عندك، ولقينا أهلنا، وأولادنا، ودنيانا، أنكرنا أنفسنا..؟؟"
فأجابهم عليه السلام:
" والذي نفسي بيده، لو تدومون على حالكم عندي، لصافحتكم الملائكة عيانا، ولكن ساعة.. وساعة.
وسمع عمران بن حصين هذا الحديث. فاشتعلت أشواقه.. وكأنما آلى على نفسه ألا يقعد دون تلك الغاية الجليلة ولو كلفته حياته، وكأنما لم تقنع همّته بأن يحيا حياته ساعة.. وساعة.. فأراد أن تكون كلها ساعة واحدة موصولة النجوى والتبتل لله رب العالمين..!!
وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أرسله الخليفة الى البصرة ليفقه أهلها ويعلمهم.. وفي البصرة حطّ رحاله، وأقبل عليه أهلها مذ عرفوه يتبركون به، ويستضيؤن بتقواه.
قال الحسن البصري، وابن سيرين:
" ما قدم البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد بفضل عمران بن حصين"
كان عمران يرفض أن يشغله عن الله وعبادته شاغل، استغرق في العبادة، واستوعبته العبادة حتى صار كأنه لا ينتمي الى عالم الدنيا التي يعيش فوق أرضها وبين ناسها..
أجل..
صار كأنه ملك يحيا بين الملائكة، يحادثونه ويحادثهم.. ويصافحونه ويصافحهم..
ولما وقع النزاع الكبير بين المسلمين، بين فريق علي وفريق معاوية، لم يقف عمران موقف الحيدة وحسب، بل راح يرفع صوته بين الناس داعيا ايّاهم أن يكفوا عن الاشتراك في تلك الحرب، حاضنا قضية الاسلام خير محتضن.. وراح يقول للناس:
" لأن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل حتى يدركني الموت، أحبّ اليّ من أن أرمي في أحد الفريقين بسهم ، أخطأ أم أصاب"..
وكان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلا:
" الزم مسجدك..
فان دخل عليك، فالزم بيتك..
فان دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالك فقاتله"..
وحقق ايمان عمران بن حصين أعظم نجاح، حين أصابه مرض موجع لبث معه ثلاثين عاما، ما ضجر منه ولا قال: أفّ..
بل كان مثابرا على عبادته قائما، وقاعدا وراقدا..
وكان اذا هوّن عليه اخوانه وعوّاده أمر علته بكلمات مشجعة، ابتسم لها وقال:
" ان أحبّ الأشياء الى نفسي، أحبها الى الله"..!!
وكانت وصيته لأهله واخوانه حين أدركه الموت:
" اذا رجعتم من دفني، فانحروا وأطعموا"..
أجل لينحروا ويطعموا، فموت مؤمن مثل عمران بن حصين ليس موتا
انما هو حفل زفاف عظيم، ومجيد، تزف فيه روح عالية راضية الى جنّة
عرضها السموات والأرض أعدّت للمتقين...

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #24
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

عبدالله بن عباس - حبر هذه الأمة }


يشبه ابن عباس، عبدالله بن الزبير في أنه أدرك الرسول وعاصره وهو غلام، ومات الرسول قبل أن يبلغ ابن عباس سنّ الرجولة.
لكنه هو الآخر تلقى في حداثته كل خامات الرجولة، ومبادئ حياته من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يؤثره، ويزكيه، ويعلّمه الحكمة الخالصة.
وبقوة ايمانه، وقوة خلقه، وغزارة علمه، تبوأ ابن عباس رضي الله عنه مكانا عاليا بين الرجال حول الرسول.
هو ابن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقبه الحبر.. حبر هذه الأمة، هيأه لهذا اللقب، ولهذه المنزلة استنارة عقله وذكاء قلبه، واتساع معارفه.
لقد عرف ابن عباس طريق حياته في أوليات أيامه وازداد بها معرفة عندما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام يدنيه منه وهو طفل ويربّت على كتفه وهو يقول:
" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
ثم توالت المناسبات والفرص التي يكرر فيها الرسول هذا الدعاء ذاته لابن عمه عبدالله بن عباس.. وآنئذ أدرك ابن عباس أنه خلق للعلم، والمعرفة.
وكان استعداده العقلي يدفعه في هذا الطريق دفعا قويا.
فعلى الرغم من أنه لم يكن قد جاوز الثالثة عشرة من عمره يوم مات رسول الله، فانه لم يصنع من طفولته الواعية يوما دون أن يشهد مجالس الرسول ويحفظ عنه ما يقول..
وبعد ذهاب الرسول الى الرفيق الأعلى حرص ابن عباس على أن يتعلم من أصحاب الرسول السابقين ما فاته سماعه وتعلمه من الرسول نفسه..
هنالك، جعل من نفسه علامة استفهام دائمة.. فلا يسمع أن فلانا يعرف حكمة، أو يحفظ حديثا، الا سارع اليه وتعلم منه..
وكان عقله المضيء الطموح يدفعه لفحص كل ما يسمع.. فهو لا يغنى بجمع المعرفة فحسب، بل ويغنى مع جمعها بفحصها وفحص مصادرها..
يقول عن نفسه:
" ان كنت لأسأل عن الأمر الواحد، ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ويعطينا صورة لحرصه على ادراكه الحقيقة والمعرفة فيقول:
" لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لفتى من الأنصار:
هلمّ فلنسأل أصحاب رسول الله، فانهم اليوم كثير.
فقال: يا عجبا لك يا بن عباس!! أترى الناس يفتقرون اليك، وفيهم من أصحاب رسول الله من ترى..؟؟

فترك ذلك ، وأقبلت أنا أسأل أصحاب رسول الله.. فان كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتي اليه وهو قائل في الظهيرة، فأتوسّد ردائي على بابه، يسفي الريح عليّ من التراب، حتى ينتهي من مقيله، ويخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك..؟؟ هلا أرسلت اليّ فآتيك..؟؟ فأقول لا، أنت أحق بأن أسعى اليك، فأسأله عنه الحديث وأتعلم منه"..!!
هكذا راح فتانا العظيم يسأل، ويسأل، ويسأل.. ثم يفحص الاجابة مع نفسه، ويناقشها بعقل جريء.
وهو في كل يوم، تنمو معارفه، وتنمو حكمته، حتى توفرت له في شبابه الغضّ حكمة الشيوخ وأناتهم، وحصافتهم، وحتى كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يحرص على مشورته في كل أمر كبير.. وكان يلقبه بفتى الكهول..!!
سئل ابن عباس يوما:" أنّى أصبت هذا العلم"..؟
فأجاب:
" بلسان سؤول..
وقلب عقول"..
فبلسانه المتسائل دوما، وبعقله الفاحص أبدا، ثم بتواضعه ودماثة خلقه، صار ابن عباس" حبر هذه الأمة..
ويصفه سعد بن أبي وقاص بهذه الكلمات:
" ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا أكبر لبّا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من ابن عباس..
ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، وحوله أهل بدر من المهاجرين والأنصار فيتحدث ابن عباس، ولا يجاوز عمر قوله"..
وتحدث عنه عبيد بن عتبة فقال:
" ما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عباس..
ولا رأيت أحدا، أعلم بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه..
ولا أفقه في رأي منه..
ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا تفسير للقرآن، ولا بحساب وفريضة منه..
ولقد كان يجلس يوما للفقه.. ويوما للتأويل.. يوما للمغازي.. ويوما للشعر.. ويوم لأيام العرب وأخبارها..
وما رأيت عالما جلس اليه الا خضع له، ولا سائلا الا وجد عنده علما"..!!
ووصفه مسلم من أهل البصرة، وكان ابن عباس قد عمل واليا عليها للامام عليّ ابن أبي طالب، فقال:
" انه آخذ بثلاث، تارك لثلاث..
آخذ بقلوب الرجال اذا حدّث..
وبحسن الاستماع اذا حدّث..
وبأيسر الأمرين اذا خولف..
وتارك المراء..
ومصادقة اللئام..
وما يعتذر منه"..!!
وكان تنوّع ثقافته، وشمول معرفته ما يبهر الألباب.. فهو الحبر الحاذق الفطن في كل علم.. في تفسير القرآن وتأويله وفي الفقه.. وفي التاريخ.. وفي لغة العرب وآدابهم، ومن ثمّ فقد كان مقصد الباحثين عن المعرفة، يأتيه الناس أفواجا من أقطار الاسلام، ليسمعوا منه، وليتفقهوا على يديه..
حدّث أحد أصحابه ومعاصريه فقال:
" لقد رأيت من ابن عباس مجلسا، لو أن جميع قريش فخرت به، لكان لها به الفخر..
رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر أن يجيء ولا أن يذهب..

فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال لي: ضع لي وضوءا، فتوضأ وجلس وقال: أخرج اليهم، فادع من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله..فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سالوا عن شيء الا اخبرهم وزاد..
ثم قال لهم: اخوانكم.. فخرجوا ليفسحوا لغيرهم.
ثم قال لي: أخرج فادع من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام..
فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوا عن شيء الا أخبرهم وزادهم..
ثم قال: اخوانكم.. فخرجوا..
ثم قال لي: ادع من يريد أن يسأل عن الفرائض، فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم..
ثم قال لي: ادع من يريد أن يسال عن العربية، والشعر..
فآذنتهم فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم"!!
وكان ابن عباس يمتلك الى جانب ذاكرته القوية، بل الخارقة، ذكاء نافذا، وفطنة بالغة..
كانت حجته كضوء الشمس ألقا، ووضوحا، وبهجة.. وهو في حواره ومنطقه، لا يترك خصمه مفعما بالاقتناع وحسب، بل ومفعما بالغبطة من روعة المنطق وفطنة الحوار..
ومع غزارة علمه، ونفاذ حجته، لم يكن يرى في الحوار والمناقشة معركة ذكاء، يزهو فيها بعلمه، ثم بانتصاره على خصمه.. بل كان يراها سبيلا قويما لرؤية الصواب ومعرفته..
ولطالما روّع الخوارج بمنطقه الصارم العادل..
بعث به الامام عليّ رضي الله عنه ذات يوم الى طائفة كبيرة منهم فدار بينه وبينهم حوار رائع وجّه فيه الحديث وساق الحجة بشكل يبهر الألباب..
ومن ذلك الحوار الطويل نكتفي بهذه الفقرة..
سألهم ابن عباس:
" ماذا تنقمون من عليّ..؟"
قالوا:
" ننتقم منه ثلاثا:
أولاهنّ: أنه حكّم الرجال في دين الله، والله يقول ان الحكم الا لله..
والثانية: أنه قاتل، ثم لم يأخذ من مقاتليه سبيا ولا غنائم، فلئن كانوا كفارا، فقد حلّت أموالهم، وان كانوا مؤمنين فقد حرّمت عليه دماؤهم..!!
والثالثة: رضي عند التحكيم أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، استجابة لأعدائه، فان لم يكن امير المؤمنين، فهو أمير الكافرين.."
وأخذ ابن عباس يفنّد أهواءهم فقال:
" أما قولكم: انه حكّم الرجال في دين الله، فأيّ بأس..؟
ان الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ، ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم..
فنبؤني بالله: أتحكيم الرجال في حقن دماء المسلمين أحق وأولى، أم تحكيمهم في أرنب ثمنها درهم..؟؟!!
وتلعثم زعماؤهم تحت وطأة هذا المنطق الساخر والحاسم.. واستأنف حبر الأمة حديثه:
" وأما قولكم: انه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فهل كنتم تريدون أن يأخذ عائشة زوج الرسول وأم المؤمنين سبيا، ويأخذ أسلابها غنائم..؟؟
وهنا كست وجوههم صفرة الخحل، وأخذوا يوارون وجوههم بأيديهم..
وانتقل ابن عباس الى الثالثة:
" وأما قولكم: انه رضي أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، حتى يتم التحكيم، فاسمعوا ما فعله الرسول يوم الحديبية، اذ راح يملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش، فقال للكاتب: اكتب. هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال مبعوث قريش: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك..
فاكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله.. فقال لهم الرسول: والله اني لرسول الله وان كذبتم.. ثم قال لكاتب الصحيفة: أكتب ما يشاءون: اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله"..!!
واستمرّ الحوار بين ابن عباس والخوارج على هذا النسق الباهر المعجز.. وما كاد ينتهي النقاش بينهم حتى نهض منهم عشرون ألفا، معلنين اقتناعهم، ومعلنين خروجهم من خصومة الامام عليّ..!!
ولم يكن ابن عباس يمتلك هذه الثروة الكبرى من العلم فحسب. بل كان يمتلك معها ثروة أكبر، من أخلاق العلم وأخلاق العلماء.
فهو في جوده وسخائه امام وعلم..
انه ليفيض على الناس من ماله.. بنفس السماح الذي يفيض به عليهم من علمه..!!
ولقد كان معاصروه يتحدثون فيقولون:
" ما رأينا بيتا أكثر طعاما، ولا شرابا، ولا فاكهة، ولا علما من بيت ابن عباس"..!!
وهو طاهر القلب، نقيّ النفس، لا يحمل لأحد ضغنا ولا غلا.
وهوايته التي لا يشبع منها، هي تمنّيه الخير لكل من يعرف ومن لا يعرف من الناس..
يقول عن نفسه:
" اني لآتي على الآية من كتاب الله فأود لو أن الناس جميعا علموا مثل الذي أعلم..
واني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يقضي بالعدل، ويحكم بالقسط، فأفرح به وأدعو له.. ومالي عنده قضيّة..!!
واني لأسمع بالغيث يصيب للمسلمين أرضا فأفرح به، ومالي بتلك الأرض سائمة..!!"
وهو عابد قانت أوّاب.. يقوم من الليل، ويصوم من الأيام، ولا تخطئ العين مجرى الدموع تحت خديّه، اذ كان كثير البكاء كلما صلى.. وكلما قرأ القرآن..

فاذا بلغ في قراءته بعض آيات الزجر والوعيد، وذكر الموت، والبعث علا نشيجه ونحيبه.
وهو الى جانب هذا شجاع، أمين، حصيف.. ولقد كان له في الخلاف بين عليّ ومعاوية آراء تدلّ على امتداد فطنته، وسعة حيلته.
وهو يؤثر السلام على الحرب.. والرفق على العنف.. والمنطق على القسر..
عندما همّ الحسين رضي الله عنه بالخروج الى العراق ليقاتل زيادا، ويزيد، تعلق ابن عباس به واستمات في محاولة منعه.. فلما بلغه فيما بعد نبأ استشهاده، أقضّه الحزن عليه، ولزم داره.
وفي كل خلاف ينشب بين مسلم ومسلم، لم تكن تجد ابن عباس الا حاملا راية السلم، والتفاهم واللين..
صحيح أنه خاض المعركة مع الامام عليّ ضد معاوية. ولكنه فعل ذلك لأن المعركة في بدايتها كانت تمثل ردعا لازما لحركة انشقاق رهيبة، تهدد وحدة الدين ووحدة المسلمين.
وعاش ابن عباس يملأ دنياه علما وحكمة، وينشر بين الناس عبيره وتقواه..
وفي عامه الحادي والسبعين، دعي للقاء ربه العظيم وشهدت مدينة الطائف مشهدا حافلا لمؤمن يزف الى الجنان.
وبينما كان جثمانه يأخذ مستقره الآمن في قبره، كانت جنبات الأفق تهتز بأصداء وعد الله الحق:
( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #25
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ أبو موسى الأشعري - الاخلاص.. وليكن ما يكون }

عندما بعثه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى البصرة، ليكون أميرها وواليها، جمع أهلها وقام فيهم خطيبا فقال:
" ان أمير المؤمنين عمر بعثني اليكم، أعلمكم كتار بكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم"..!!
وغشي الانس من الدهش والعجب ما غشيهم، فانهم ليفهمون كيف يكون تثقيف الناس وتفقيههم في دينهم من واجبات الحاكم والأمير، أما أن يكون من واجباته تنظيف طرقاتهم، فذاك شيء جديد عليهم بل مثير وعجيب..
فمن هذا الوالي الذي قال عنه الحسن رضي الله عنه:
" ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه"..؟
انه عبدالله بن قيس المكنّى بـ أبي موسى الأشعري..
غادر اليمن بلده ووطنه الى مكة فور سماعه برسول ظهر هناك يهتف بالتوحيد ويدعو الى الله على بصيرة، ويأمر بمكارم الأخلاق..
وفي مكة، جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقى منه الهدى واليقين..
وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله ، ثم رجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثر فراغه من فتح خيبر..
ووافق قدومه قدوم جعفر بن أبي طالب مقبلا مع أصحابه من الحبشة فأسهم الرسول لهم جميعا..
وفي هذه المرّة لم يأت أبو موسى الأشعري وحده، بل جاء معه بضعة وخمسون رجلا من أهل اليمن الذين لقنهم الاسلام، وأخوان شقيقان له، هم، أبو رهم، وأبو بردة..
وسمّى الرسول هذا الوفد.. بل سمّى قومهم جميعا بالأشعريين..
ونعتهم الرسول بأنهم أرق الناس أفئدة..
وكثيرا ما كان يضرب المثل الأعلى لأصحابه، فيقول فيهم وعنهم:
" ان الأشعريين اذا أرملوا في غزو، أو قلّ في أيديهم الطعام، جمعوا ما عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموا بالسويّة.
" فهم مني.. وانا منهم"..!!
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه الدائم والعالي بين المسلمين والمؤمنين، الذين قدّر لهم أن يكونوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلامذته، وأن يكونوا حملة الاسلام الى الدنيا في كل عصورها ودهورها..
أبو موسى مزيج عجيب من صفات عظيمة..
فهو مقاتل جسور، ومناضل صلب اذا اضطر لقتال..
وهو مسالم طيب، وديع الى أقصى غايات الطيبة والوداعة..!!
وهو فقيه، حصيف، ذكي يجيد تصويب فهمه الى مغاليق الأمور، ويتألق في الافتاء والقضاء، حتى قيل:
" قضاة هذه الأمة أربعة:
" عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت"..!!
ثم هو مع هذا، صاحب فطرة بريئة، من خدعه في الله، انخدع له..!!
وهو عظيم الولاء والمسؤولية..
وكبير الثقة بالناس..
لو أردنا أن نختار من واقع حياته شعارا، لكانت هذه العبارة:
" الاخلاص وليكن ما يكون"..
في مواطن الجهاد، كان الأشعري يحمل مسؤولياته في استبسال مجيد مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنه:
" سيّد الفوارس، أبو موسى"..!!
وانه ليرينا صورة من حياته كمقاتل فيقول:
" خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقّبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق"..!!
وما كانت طيبته وسلامة طويته ليغريا به عدوّا في قتال..
فهو في موطن كهذا يرى الأمور في وضوح كامل، ويحسمها في عزم أكيد..
ولقد حدث والمسلمون يفتحون بلاد فارس أن هبط الأشعري يجيشه على أهل أصبهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم..
بيد أنهم في صلحهم ذاك لم يكونوا صادقين.. انما ارادوا أن يهيئوا لأنفسهم الاعداد لضربة غادرة..
ولكن فطنة أبي موسى التي لا تغيب في مواطن الحاجة اليها كانت تستشف أمر أولئك وما يبيّتون.. فلما همّوا بضربتهم لم يؤخذ القائد على غرّة، وهنالك بارزهم القتال فلم ينتصف النهار حتى كان قد انتصر انتصارا باهرا..!!
وفي المعارك التي خاضها المسلمون ضدّ امبراطورية الفرس، كان لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه، بلاؤه العظيم وجهاده الكريم..
وفي موقعة تستر بالذات، حيث انسحب الهرزمان بجيشه اليها وتحصّن بها، وجمع فيها جيوشا هائلة، كان أبو موسى بطل هذه الموقعة..
ولقد أمدّه أمير المؤمنين عمر يومئذ بأعداد هائلة من المسلمين، على رأسهم عمار بن ياسر، والبراء بن مالك، وأنس بن مالك، ومجزأة البكري وسلمة بن رجاء..
واتقى الجيشان..
جيش المسلمين بقيادة أبو موسى.. وجيش الفرس بقيادة الهرزمان في معركة من أشد المعارك ضراوة وبأسا..
وانسحب الفرس الى داخل مدينة تستر المحصنة..
وحاصرها المسلمون أياما طويلة، حتى أعمل أبو موسى عقله وحيلته..
وأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي، أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، أمام الطليعة التي اختارها لهذه المهمة.
ولم تكد الأبواب تفتح، وجنود الطليعة يقتحمون الحصن حتى انقض أبو موسى بجيشه انقضاضا مدمدما.
واستولى على المعقل الخطير في ساعات. واستسلم قادة الفرس، حيث بعث بهم أبو موسى الى المدينة ليرى أمير المؤمنين فيهم رأيه..
على أن هذا المقاتل ذا المراس الشديد، لم يكن يغادر أرض المعركة حتى يتحوّل الى أوّاب، بكّاء وديع كالعصفور...
يقرأ القرآن بصوت يهز أعماق من سمعه.. حتى لقد قال عنه الرسول:
" لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود"..!

كان عمر رضي الله عنه كلما رآه دعاه ليتلو عليه من كتاب الله.. قائلا له:
" شوّقنا الى ربنا يا أبا موسى"..
كذلك لم يكن يشترك في قتال الا أن يكون ضد جيوش مشركة، جيوش تقاوم الدين وتريد أن تطفئ نور الله..
أما حين يكون القتال بين مسلم ومسلم، فانه يهرب منه ولا يكون له دور أبدا.
ولقد كان موقفه هذا واضحا في نزاع عليّ ومعاوية، وفي الحرب التي استعر بين المسلمين يومئذ أوراها.
ولعل هذه النقطة من الحديث تصلنا بأكثر مواقف حياته شهرة، وهو موقفه من التحكيم بين الامام علي ومعاوية.
هذا الموقف الذي كثيرا ما يؤخذ آية وشاهدا على افراط أبي موسى في الطيبة الى حد يسهل خداعه.
بيد أن الموقف كما سنراه، وبرغم ما عسى أن يكون فيه تسرّع أو خطأ، انما يكشف عن عطمة هذا الصحابي الجليل، عظمة نفسه، وعظمة ايمانه بالحق، وبالناس، ان راي أبي موسى في قضية التحكيم يتلخص في أنه وقد رأى المسلمين يقتل بعضهم بعضا، كل فريق يتعصب لامام وحاكم.. كما رأى الموقف بين المقاتلين قد بلغ في تأزمه واستحالة تصفيته المدى الذي يضع مصير الأمة المسلمة كلها على حافة الهاوية.
نقول: ان رأيه وقد بلغت الحال من السوء هذا المبلغ، كان يتلخص في تغيير الموقف كله والبدء من جديد.
ان الحرب الأهلية القائمة يوم ذاك انما تدور بين طائفتين من المسلمين تتنازعان حول شخص الحاكم، فليتنازل الامام علي عن الخلافة مؤقتا، وليتنازل عنها معاوية، على أن يرد الأمر كله من جديد الى المسلمين يختارون بطريق الشورى الخليفة الذي يريدون.
هكذا ناقش أبو موسى القضية، وهكذا كان حله.
صحيح أن عليّا بويع بالخلافة بيعة صحيحة.
وصحيح أن كل تمرد غير مشروع لا ينبغي أن يمكّن من غرضه في اسقاط الحق المشروع. بيد أن الأمور في النزاع بين الامام ومعاوية وبين أهل العراق وأهل الشام، في رأي أبي موسى، قد بلغت المدى الذي يفرض نوعا جديدا من التفكير والحلول.. فعصيان معاوية، لم يعد مجرّد عصيان.. وتمرّد أهل الشام لم يعد مجرد تمرد.. والخلاف كله يعود مجرد خلاف في الرأي ولا في الاختيار..
بل ان ذلك كله تطوّر الى حرب أهلية ضارية ذهب ضحيتها آلاف القتلى من الفريقين.. ولا تزال تهدد الاسلام والمسلمين بأسوأ العواقب.
فازاحة أسباب النزاع والحرب، وتنحية أطرافه، مثّلا في تفكير أبي موسى نقطة البدء في طريق الخلاص..
ولقد كان من رأي الامام علي حينما قبل مبدأ التحكيم، أن يمثل جبهته في التحكيم عبدالله بن عباس، أو غيره من الصحابة. لكن فريقا كبيرا من ذوي البأس في جماعته وجيشه فرضا عليه أبا موسى الأشعري فرضا.

وكانت حجتهم في اختيار أبا موسى أنه لم يشترك قط في النزاع بين علي ومعاوية، بل اعتزل كلا الفريقين بعد أن يئس من حملهما على التفاهم والصلح ونبذ القتال. فهو بهذه المثابة أحق الناس بالتحكيم..

ولم يكن في دين أبي موسى، ولا في اخلاصه وصدقه ما يريب الامام.. لكنه كان يدرك نوايا الجانب الآخر ويعرف مدى اعتمادهم على المناورة والخدعة. وأبو موسى برغم فقهه وعلمه يكره الخداع والمناورة، ويحب أن يتعامل مع الناس بصدقه لا بذكائه. ومن ثم خشي الامام علي أن ينخدع أبو موسى للآخرين، ويتحول التحكيم الى مناورة من جانب واحد، تزيد الأمور سوءا...
بدأ التحيكم بين الفريقين..
أبو موسى الأشعري يمثل جبهة الامام علي..
وعمرو بن العاص، يمثل جانب معاوية.
والحق أن عمرو بن العاص اعتمد على ذكائه الحاد وحيلته الواسعة في أخذ الراية لمعاوية.
ولقد بدأ الاجتماع بين الرجلين، الأشعري، وعمرو باقتراح طرحه أبو موسى وهو أن يتفق الحكمان على ترشيح عبدالله بن عمر بل وعلى اعلانه خليفة للمسلمين، وذلك لما كان ينعم به عبدالله بن عمر من اجماع رائع على حبه وتوقيره واجلاله.
ورأى عمرو بن العاص في هذا الاتجاه من أبي موسى فرصة هائلة فانتهزها..
ان مغزى اقتراح أبي موسى، أنه لم يعد مرتبطا بالطرف الذي يمثله وهو الامام علي..
ومعناه أيضا أنه مستعد لاسناد الخلافة الى آخرين من أصحاب الرسول بدليل أنه اقترح عبدالله بن عمر..
وهكذا عثر عمرو بدهائه على مدخل فسيح الى غايته، فراح يقترح معاوية.. ثم اقترح ابنه عبدالله بن عمرو وكان ذا مكانة عظيمة بين أصحاب رسول الله.
ولم يغب ذكاء أبي موسى أمام دهاء عمرو.. فانه لم يكد يرى عمرا يتخذ مبدأ الترشيح قاعدة الترشيح للحديث والتحكيم حتى لوى الزمام الى وجهة أسلم، فأجابه عمرا بأن اختيار الخليفة حق للمسلمين جميعا، وقد جعل الله أمرهم شورى بينهم، فيجب أن يترك الأمر لهم وحدهم وجميعهم لهم الحق في هذا الاختيار..
وسوف نرى كيف استغل عمرو هذا المبدأ الجليا لصالح معاوية..
ولكن قبل ذلك لنقرأ نص الحوار التاريخي الذي دار بين أبي موسى وعمرو بن العاص في بدء اجتماعهما:
أبو موسى: يا عمرو، هل لك في صلاح الأمة ورضا الله..؟
عمرو: وما هو..؟
أبو موسى: نولي عبدالله بن عمر، فانه لم يدخل نفسه في شيء من هذه الحرب.
عمرو: وأين أنت من معاوية..؟
أبو موسى: ما معاوية بموضع لها ولا يستحقها.
عمرو: ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما..؟
أبو موسى: بلى..
عمرو: فان معاوية وليّ دم عثمان، وبيته في قريش ما قد علمت. فان قال الناس لم أولي الأمر ولست سابقة؟ فان لك في ذلك عذرا. تقول: اني وجدته ولي عثمان، والله تعالى يقول: ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا).. وهو مع هذا، اخو أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد أصحابه..
أبو موسى: اتق الله يا عمرو..
أمّا ما ذكرت من شرف معاوية، فلو كانت الخلافة تستحق بالشرف لكان أحق الناس بها أبرهة بن الصبّاح فانه من أبناء ملوك اليمن التباعية الذين ملكوا شرق الأرض ومغربها.. ثم أي شرف لمعاوية مع علي بن أبي طالب..؟؟
وأما قولك: ان معاوية ولي عثمان، فأولى منه عمرو بن عثمان..
ولكن ان طاوعتني أحيينا سنة عمر بن الخطاب وذكره، بتوليتنا ابنه عبدالله الحبر..
عمرو: فما يمنعك من ابني عبدالله مع فضله وصلاحه وقديم هجرته وصحبته..؟
أبو موسى: ان ابنك رجل صدق، ولكنك قد غمسته في هذه الحروب غمسا، فهلم نجعلها للطيّب بن الطيّب.. عبدالله بن عمر..
عمرو: يا أبا موسى، انه لا يصلح لهذا الأمر الا رجل له ضرسان يأكل بأحدهما، ويطعم بالآخر..!!
أبو موسى: ويحك يا عمرو.. ان المسلمين قد أسندوا الينا الأمر بعد أن تقارعوا السيوف، وتشاكوا بالرماح، فلا نردهم في فتنة.
عمرو: فماذا ترى..؟أبو موسى: أرى أن نخلع الرجلين، عليّا ومعاوية، ثم نجعلها شورى بين المسلمين، يختارون لأنفسهم من يحبوا..
عمرو: رضيت بهذا الرأي فان صلاح النفوس فيه..
ان هذا الحوار يغير تماما وجه الصورة التي تعوّدنا أن نرى بها أبا موسى الأشعري كلما ذكرنا واقعة التحكيم هذه..
ان أبا موسى كان أبعد ما يكون عن الغفلة..
بل انه في حواره هذا كان ذكاؤه أكثر حركة من ذكاء عمرو بن العاص المشهور بالذكاء والدهاء..
فعندما أراد عمرو أن يجرّع أبا موسى خلافة معاوية بحجة حسبه في قريش، وولايته لدم عثمان، جاء رد أبي موسى حاسما لامعا كحد السيف..
اذا كانت الخلافة بالشرف، فأبرهة بن الصباح سليل الملوك أولى بها من معاوية..
واذا كانت بدم عثمان والدفاع عن حقه، فابن عثمان رضي الله عنه، اولى بهذه الولاية من معاوية..
لقد سارت قضية التحيكم بعد هذا الحوار في طريق يتحمّل مسؤليتها عمرو بن العاص وحده..
فقد أبرأ أبو موسى ذمته بردّ الأمر الى الأمة، تقول كلمتها وتخنار خليفتها..
ووافق عمرو والتزم بهذا الرأي..
ولم يكن يخطر ببال أبي موسى أن عمرو في هذا الموقف الذي يهدد الاسلام والمسلمين بشر بكارثة، سيلجأ الى المناورة، همه يكن اقتناعه بمعاوية..
ولقد حذره ابن عباس حين رجع اليهم يخبرهم بما تم الاتفاق عليه..
حذره من مناورات عمرو وقال له:
" أخشى والله أن يكون عمرو قد خدعك، فان كنتما قد اتفقتما على شيء فقدمه قبلك ليتكلم، ثم تكلم أنت بعده"..!
لكن أبا موسى كان يرى الموقف أكبر وأجل من أن يناور فيه عمرو، ومن ثم لم يخالجه أي ريب أوشك في التزام عمرو بما اتفقنا عليه..
واجتمعا في اليوم التالي.. أبو موسى ممثلا لجبهة الامام علي، وعمرو بن العاص ممثلا لجبهة معاوية..
ودعا أبو موسى عمرا ليتحدث.. فأبى عمرو وقال له:
" ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا.. وأقدم هجرة.. وأكبر سنا"..!!
وتقدم أبو موسى واستقبل الحشود الرابضة من كلا الفريقين.
وقال:
" أيها الناس.. انا قد نظن فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة، ويصلح أمرها، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين علي ومعاوية، وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها..
واني قد خلعت عليا ومعاوية..
فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم"...
وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية، كما خلع أبو موسى عليا، تنفيذا للاتفاق المبرم بالأمس...
وصعد عمرو المنبر، وقال:
" أيها الناس، ان أبا موسى قد قال كما سمعتم وخلع صاحبه،
ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه.."!!
ولم يحتمل أبو موسى وقع المفاجأة، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة..
وعاد من جديد الى عزلته، وأغذّ خطاه الى مكة.. الى جوار البيت الحرام، يقضي هناك ما بقي له من عمر وأيام..
كان أبو موسى رضي الله عنه موضع ثقة الرسول وحبه، وموضع ثقة خلفائه واصحابه وحبهم...
ففي حياته عليه الصلاة والسلام ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن..
وبعد وفاة الرسول عاد الى المدينة ليحمل مسؤولياته في الجهاد الكبير الذي خاضته جيوش الاسلام ضد فارس والروم..
وفي عهد عمر ولاه أمير المؤمنين البصرة..
وولاه الخليفة عثمان الكوفة..
وكان من أهل القرآن، حفظا، وفقها، وعملا..
ومن كلماته المضيئة عن القرآن:
" اتبعوا القرآن..
ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن"..!!
وكان من اهل العبادة المثابرين..
وفي الأيام القائظة التي يكاد حرّها يزهق الأنفاس، كنت تجد أبا موسى يلقاها لقاء مشتاق ليصومها ويقول:
" لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة"..
وذات يوم رطيب جاءه أجله..
وكست محيّاه اشراقة من يرجو رحمة الله وحسن ثوابه.
والكلمات التي كان يرددها دائما طوال حياته المؤمنة، راح لسانه الآن وهو في لحظات الرحيل يرددها.
تلك هي:
" اللهم أنت السلام..ومنك السلام"...

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 

 
قديم 22-03-2010   #26
مراقبة الأبراج التربوية
 
الصورة الرمزية ملاك الشرق







مؤهلاتك بالحصن
  عدد نقاط تميزك بالحصن : 26790
  المستوى : ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
ملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصفملاك الشرق عبقريتك فاقت الوصف
  
عدد زياراتك للحصن:
عدد المرفقات :
  الحالة :ملاك الشرق غير متصل
 

 

!.. رسائلي ..!
 




 

من مواضيعي

الاوسمة

افتراضي

 

{ سالم مولى أبي حذيفة - بل نعم حامل القرآن }

أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوما، فقال:
" خذوا القرآن من أربعة:
عبدالله بن مسعود..
وسالم مولى أبي حذيفة..
وأبيّ بن كعب..
ومعاذ بن جبل.."
ولقد التقينا من قبل بابن مسعود، وأبيّ،ومعاذ..
فمن هذا الصحابي الرابع الذي جعله الرسول حجّة في تعليم القرآن ومرجعا..؟؟
انه سالم ، مولى أبي حذيفة..
كان عبدا رقيقا، رفع الاسلام من شأنه حتى جعل منه ابنا لواحد من كبار المسلمين كان قبل اسلامه شريفا من أشراف قريش، وزعيما من زعمائها..
ولما أبطل الاسلام عادة التبني، صار أخا ورفيقا، ومولى للذي كان يتبناه وهو الصحابي الجليل: أبو حذيفة بن عتبة..
وبفضل من الله ونعمة على سالم بلغ بين المسلمين شأوا رفيعا وعاليا، أهّلته له فضائل روحه، وسلوكه وتقواه.. وعرف الصحابي الجليل بهذه التسمية: سالم مولى أبي حذيفة.
ذلك أنه كان رقيقا وأعتق..
وآمن بالله ايمانا مبكرا..
وأخذ مكانه بين السابقين الأولين..
وكان حذيفة بن عتبة، قد باكر هو الآخر وسارع الى الاسلام تاركا أباه عتبة بن ربيعة يجتر مغايظه وهموهه التي عكّرت صفو حياته، بسبب اسلام ابنه الذي كان وجيها في قومه، وكان أبوه يعدّه للزعامة في قريش..
وتبنى أبو حذيفة سالما بعد عتقه، وصار يدعى بسالم بن أبي حذيفة..
وراح الاثنان يعبدان ربهما في اخبات، وخشوع.. ويصبران أعظم الصبر على أذى قريش وكيدها..
وذات يوم نزلت آية القرآن التي تبطل عادة التبني..
وعاد كل متبني ليحمل اسم أبيه الحقيقي الذي ولده وأنجبه..
فـزيد بن حارثة مثل، الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام قد تبناه، وعرف بين المسلمين بزيد بن محمد، عاد يحمل اسم أبيه حارثة فصار زيد بن جارثة ولكنّ سالما لم يكن يعرف له أب، فوالى أبا حذيفة، وصار يدعى سالم مولى أبي حذيفة..
ولعل الاسلام حين أبطل عادة التبني، انما أراد أن يقول للمسلمين لا تلتمسوا رحما، ولا قربى، ولا صلة تؤكدون بها اخاءكم، أكبر ولا أقوى من الاسلام نفسه.. والعقيدة التي يجعلكم بها اخوانا..!!
ولقد فهم المسلمون الأوائل هذا جيدا..
فلم يكن شيء أحب الى أحدهم بعد الله ورسوله، من اخوانهم في الله وفي الاسلام..
ولقد رأينا كيف استقبل الأنصار اخوانهم المهاجرين، فشاطروهم أموالهم، ومساكنهم، وكل ما يملكون..!!
وهذا هو الذي رأينا يحدث بين أبي حذيفة الشريف في قريش، مع سالم الذي كان عبدا رقيقا، لا يعرف أبوه..
لقد ظلا الى آخر لحظة من حياتهما أكثر من اخوين شقيقين حتى عند الموت ماتا معا.. الروح مع الروح.. والجسد الى جوار الجسد..!!
تلك عظمة الاسلام الفريدة..
بل تلك واحدة من عظائمه ومزاياه..!!
لقد آمن سالم ايمان الصادقين..
وسلك طريقه الى الله سلوك الأبرار المتقين..
فلم يعد لحسبه، ولا لموضعه من المجتمع أي اعتبار..
لقد ارتفع بتقواه واخلاصه الى أعلى مراتب المجتمع الجديد الذي جاء الاسلام يقيمه وينهضه على أساس جديد عادل عظيم...
أساس تلخصه الآية الجليلة:
" ان أكرمكم عند الله أتقاكم"..!!
والحديث الشريف:
" ليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى"..
و" ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل الا بالتقوى"..
في هذا المجتمع الجديد الراشد، وجد أبو حذيفة شرفا لنفسه أن يوالي من كان بالأمس عبدا..
بل ووجد شرفا لأسرته، أن يزوج سالما ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بنت عتبة..!!
وفي هذا المجتمع الجديد، والرشيد، الذي هدّم الطبقية الظالمة، وأبطل التمايز الكاذب، وجد سالم بسبب صدقه، وايمانه، وبلائه، وجد نفسه في الصف الأول دائما..!!
أجل.. لقد كان امام للمهاجرين من مكة الى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء..
وكان حجة في كتاب الله، حتى أمر النبي المسلمين أن يتعلموا منه..!!
وكان معه من الخير والتفوق ما جعل الرسول عليه السلام يقول له:
" الحمد لله، الذي جعل في أمتي مثلك"..!!
وحتى كان اخوانه المؤمنين يسمونه:
" سالم من الصالحين"..!!
ان قصة سالم كقصة بلال وكقصة عشرات العبيد، والفقراء الذين نفض عنهم عوادي الرق والضعف، وجعلهم في مجتمع الهدى والرشاد أئمة، وزعماء وقادة..
كان سالم ملتقى لكل فضائل الاسلام الرشيد..
كانت الفضائل تزدحم فيه وحوله.. وكان ايمانه العميق الصادق ينسقها أجمل تنسيق.
وكان من أبرز مزاياه الجهر بما يراه حقا..
انه لا يعرف الصمت تجاه كلمة يرى من واجبه أن يقولها..
ولا يخون الحياة بالسكوت عن خطأ يؤدها..
بعد أن فتحت مكة للمسلمين، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض السرايا الى ما حول مكة من قرى وقبائل، وأخبرهم أنه عليه السلام، انما يبعث بهم دعاة لا مقاتلين..
وكان على رأس احدى هذه السرايا خالد بن الوليد..
وحين بلغ خالد وجهته، حدث ما جعله يستعمل السيوف، ويرق الدماء..
هذه الواقعة التي عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم نبأها، اعتذر الى ربه طويلا، وهو يقول:
" اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد"..!!
والتي ظل أمير المؤمنين عمر يذكرها له ويأخذها عليه، ويقول:
" ان في سيف خالد رهقا"..
وكان يصحب خالد في هذه السرية سالم مولى أبي حذيفة مع غيره من الأصحاب..
ولم يكد سالم يرى صنيع خالد حتى واجهه بمناقشة حامية، وراح يعدّد له الأخطاء التي ارتكبت..
وخالد البطل القائد، والبطل الصنديد في الجاهلية، والاسلام، ينصت مرة ويدافع عن نفسه مرة ثانية ويشتد في القول مرة ثالثة وسالم مستمسك برأيه يعلنه في غير تهيّب أو مداراة..
لم يكن سالم آنئذ ينظر الى خالد كشريف من أشراف مكة.. بينما هو من كان بالأمس القريب رقيقا.
لا.. فقد سوّى الاسلام بينهما..!!
ولم يكن ينظر اليه كقائد تقدّس أخطاؤه.. بل كشريك في المسؤولية والواجب..
ولم يكن يصدر في معارضته خالدا عن غرض، أو سهوه، بل هي النصيحة التي قدّس الاسلام حقها، والتي طالما سمع نبيه عليه الصلاة والسلام يجعلها قوام الدين كله حين يقول:
" الدين النصيحة..
الدين النصيحة..
الدين النصيحة".
ولقد سأل الرسول عليه السلام، عندما بلغه صنيع خالد بن الوليد..
سأل عليه السلام قائلا:
" هل أنكر عليه أحد"..؟؟
ما أجله سؤالا، وما أروعه..؟؟!!
وسكن غضبه عليه السلام حين قالوا له:
" نعم.. راجعه سالم وعارضه"..
وعاش سالم مع رسوله والمؤمنين..
لا يتخلف عن غزوة ولا يقعد عن عبادة..
وكان اخاؤه مع أبي حذيفة يزداد مع الأيام تفانيا وتماسكا..
وانتقل الرسول الى الرفيق الأعلى..
وواجهت خلافة أبي كبر رضي الله عنه مؤامرات المرتدّين..
وجاء يوم اليمامة..
وكانت حربا رهبة، لم يبتل الاسلام بمثلها..
وخرج المسلمون للقتال..
وخرج سالم وأخوه في الله أبو حذيفة..
وفي بدء المعركة لم يصمد المسلمون للهجوم.. وأحسّ كل مؤمن أن المعركة معركته، والمسؤولية مسؤوليته..
وجمعهم خالد بن الوليد من جديد..
وأعاد تنسيق الجيش بعبقرية مذهلة..
وتعانق الأخوان أبو حذيفة وسالم وتعاهدا على الشهادة في سبيل الدين الحق الذي وهبهما سعادة الدنيا والآخرة..
وقذفا نفسيهما في الخضمّ الرّهيب..!!
كان أبو حذيفة ينادي:
" يا أهل القرآن..
زينوا القرآن بأعمالكم".
وسيفه يضرب كالعاصفة في جيش مسيلمة الكذاب.
وكان سالم يصيح:
" بئس حامل القرآن أنا..
لو هوجم المسلمون من قبلي"..!!
حاشاك يا سالم.. بل نعم حامل القرآن أنت..!!
وكان سيفه صوّال جوّال في أعناق المرتدين، الذين هبوا ليعيدوا جاهلية قريش.. ويطفؤا نور الاسلام..
وهوى سيف من سيوف الردة على يمناه فبترها.. وكان يحمل بها راية المهاجرين بعد أن سقط حاملها زيد بن الخطاب...
ولما رأى يمناه تبتر، التقط الراية بيسراه وراح يلوّح بها الى أعلى وهو يصيح تاليا الآية الكريمة:
( وكأيّ من نبي قاتل معه ربيّون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)...
ألا أعظم به من شعار.. ذلك الذي اختاره يوم الموت شعارا له..!!
وأحاطت به غاشية من المرتدين فسقط البطل.. ولكن روحه ظلت تتردد في جسده الطاهر، حتى انتهت المعركة بقتل مسيلمة الكذاب واندحار جيش مسيلمة وانتصار المسلمين..
وبينما المسلمون يتفقدون ضحاياهم وشهداءهم وجدوا سالما في النزع الأخير..
وسألهم:
ما فعل أبو حذيفة..؟؟
قالوا: استشهد..
قال: فأضجعوني الى جواره..
قالوا: انه الى جوارك يا سالم.. لقد استشهد في نفس المكان..!!
وابتسم ابتسامته الأخيرة..
ولم يعد يتكلم..!!
لقد أدرك هو وصاحبه ما كانا يرجوان..!!
معا أسلما..
ومعا عاشا..
ومعا استشهدا..
يا لروعة الحظوظ، وجمال المقادير..!!
وذهب الى الله، المؤمن الكبير الذي قال عنه عمر بن الخطاب وهو يموت:
" لو كان سالم حيّا، لوليته الأمر من بعدي"..!!
*******

وهكذا
عشنا مع عبق السيرة العطرة
لأصحاب خير الأنام النبي الرسول محمد
صلى الله عليه وسلم وكيف كان ولاؤهم وثباتهم
وإخلاصهم لله ولرسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام
ورضي الله على صحابته أجمعين 0 أرجو اني قد وفقت في إعداد هذا الجهد
المتواضع الذي أسأل الله عز وجل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم
كما لايفوتني أن أشكر كل من شارك بتعقيب أو رد من إخواني أعضاء المنتدى
وأخص بالذكر الأخ الكريم الأدهم الذي أسعدني حقا بمشاركاته وردوده الطيبة الجميلة
فله جزيل الشكر والتقدير والإمتنان وكذلك الأخ الكريم خربوط النت و الأخ
الكريم أبو تركي فلهم جميعا كل الشكر والتقدير
والشكر موصول إلى كل زائر وزائرة لهذا الموضوع الذي أتمنى أن حقق الفائدة المرجوة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

ملاك الشرق


&&&لا مستحيل عند أهل العزيمة&&&
ملاك الشرق غير متصل  
 
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علامات الساعة الكبرى COMANDER التربية الإسلامية 0 21-02-2009 06:09 PM
100خصله انفرد بها النبي صلي الله عليه وسلم؟ حساسة بكيفي البرج الإسلامي 14 24-11-2008 10:28 AM
صفات الرسول عليه الصلاه والسلام المجاهد2020 البرج الإسلامي 5 27-07-2008 03:23 PM
لماذا بكى الرسول صلى الله عليه و سلم بو حمود البرج الإسلامي 2 03-06-2008 12:00 PM
-قصص من القران الكريم - COMANDER البرج الإسلامي 3 20-11-2007 08:46 PM


الساعة الآن 11:03 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
لا تتحمل منتديات حصن عمان ولا إدارتها أية مسؤولية عن أي موضوع يطرح فيها

a.d - i.s.s.w