قصير ونحيف ويرتدي النظارة الطبية
قصير ونحيف ويرتدي النظارة الطبية كما هم (الطلاب المتفوقون) ولكنه شيطان صغير ولكن لا تعلمون !!
يبدو طيباً ، مؤدباً كالملاك الصغير لكنه يجلس دائماً في الصف الأخير حتى يدبر المقالب ويحدث الهرج والمرج بين هؤلاء الطلاب الفقراء الذين أتوا من مشارق الأرض ومغاربها للحصول على العلم والمعرفة في هذه الدولة الغنية !!
أعتقد أن صاحبنا قد تخرج هو والشيطان من المدرسة الابتدائية معاَ ولذلك يزوره الشيطان في كل وقت وحين .. كيف لا ؟!؟ وهو صديق الطفولة وحبيب القلب ونور العيون !!
إن أجمل لحظة يزوره فيها الشيطان تكون في محاضرة هذا المدرس الآسيوي الذي أتى من آخر نقطة في الكرة الأرضية ليدرس في هذه الجامعة التي أصبحت تستقدم أمثال هؤلاء (الهنود) ليدرسوا طلابها وكأن هناك علاقة حب عظيمة تربط بين أبناء الخليج مع الشعب الهندي ولذلك أصبح الطالب الخليجي يشاهد الهنود في البيت والبقالة والمسجد والشارع وتحت المخدة وفي الدرج وفي المقلمة وعلبة النظارة وحتى في الجامعة وقاعات الدراسة !!
نعود إلى صاحبنا الذي أقسم على نفسه قسماً وهو أن لا يجعل هندياً واحداً في هذه الجامعة ولذلك قرر القضاء عليهم بأية طريقة متاحة أمام يديه ولكنه وضع خطة معينة للقضاء على هذه النوعية من الدكاترة الهنود والبداية طبعاً ستكون مع هذا الأستاذ الذي دعت له أمه بالموت والعذاب والقتل والتنكيـــل !!
الخطط التي أعددها صاحبنا للقضاء على الأستاذ الهندي :
الخطة الأولى : استمالة كل الطلاب للثورة والشغب في المحاضرة حتى يضيق الدكتور الهندي (المسكين) ويقرر الرحيل بسلام ولكن للأسف فشلت هذه الخطة فشلاً ذريعاً لأن الدكتور طويـــــــــل البال وخاصة مع هذه النوعية من المشاغبين !!
الخطة الثانية : أخذ توقيعات من طلاب القسم والذهاب المستمر مع (الشلة) إلى (الرأس الكبيرة) في القسم للشكوى والاعتراض وتسجيل وجهات النظر المعادية لهذا الأستاذ الهندي وقد لاقت هذه الخطة أيضاَ فشلاَ كبيراً نظراً لقلة الأساتذة في القسم ولذلك وعدهم المسؤول خيراً وأعطاهم عهداً بكفالة هندي آخر ليحل مكان الهندي المخلوع !!
لن أحكي لكم عن باقي الخطط لأن صاحبنا قرر القضاء عليه قبل أن يرتفع الضغط وتتقطع الأحشاء إلى رحيل الأستاذ من هذا البلد ..
القتل !!
كان الأستاذ يقف على الرصيف بانتظار التاكسي الذي سيأخذه إلى سكنه حيث تنتظره زوجته وأبنائه الصغار وكان الجو ماطراَ والريح الشديدة تكاد تقتلع الأشجار المزروعة على جانبي الطريق وعندها مــر صاحبنا محمد (وهذا اسمه) على الأستاذ وهو يقف فأشار له الأستاذ بالوقوف ليقف له محمد معتقداً الأستاذ أن محمد سيساعده ويوصله إلى البيت حيث تنتظره زوجته التي يكاد قلبها أن يتمزق خوفاً عليه فهو لم يعتد على التأخير عن البيت حتى هذه الساعة من الليل !!
تقدم الأستاذ أمام السيارة ليركب ومشى من أمامها ليركب من الباب الخلفي وعندها يلتفت محمد إلى اليمين واليسار فلا يرى أحداً وبسرعة يدوس محمد على البترول ليدعس الأستاذ تحت إطارات سيارته الكبيرة (تشبه الشاحنة) ويجري بسرعة ليعود مرة أخرى ويدعس عليه من جديد ليتأكد من أنه مات تماماً ويهـــــرب دون أن يكلف نفسه بالنظر إليه !!
مات الأستاذ في وسط الشارع واختلطت دمائه مع قطرات المطر لتعطي ذلك اللون الأحمر القاني الفظيع لتقف سيارة أجرة أمام الجثة لتنزل منها زوجة الأستاذ التي جاء للبحث عنه فترى الجثة وتصرخ بقوة في ذلك الجو العاصف طالبة النجدة فلا ينجدها أحد لتسقط على جثته وتحتضنه وتقبله وتبكي وتبكي وكأنه فيلم هندي لتكون هذه النهاية الحزينة للأسرة التي جاءت من الهند وهي لا تعلم المصير المحتوم الذي ينتظر عائلها في هذه المنطقة التي يسكنها الشياطين الأوغاد أشباه صاحبنا محمد !!
في تلك الليلة وقبل أن ينام صاحبنا محمد أحس بتأنيب الضمير فقام من فراشه وصلى ركعتين ودعا لأستاذه بالرحمة وبكى بكاءاَ حاراَ وقرر تطليق الشيطان بالثلاثة وقرر التوبة والرجوع إلى الله .. حقاً ما أجمل الرجوع إلى الله !!
ملاحظة : أصبح محمد الآن إماماً في مسجد بمنطقة (..........) في مدينة (..........) ولذلك يدعو في كل صلاة بالرحمة والمغفرة لأستاذه الذي مات مقتولاً تحت المطر .. وكانت النهاية لهذه القصة التي تذاع لأول مرة !!
________________________________________
عندما طرد بلال
ربما كانت هي اللحظة الأسوأ في حياته .. ربما تمنى صاحبنا بلال الموت ساعتها على أن يحدث ما حدث .. ربما كانت أمنية حياته في تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبلعه على أن يقضي تلك المحاضرة خارج القاعة الدراسية .. المكان الذي يقدسه بلال ويعتبره أجمل وأروع مكان في هذه الدنيا ..
بلال شاب مجتهد ونشيط .. يحضر إلى الجامعة في كل يوم حتى في يوم الجمعة الذي اعتاد الجميع على قضائه بين جدران البيت يأتي هو ليقضيه في المتنفس الوحيد له .. جامعة (............) !!
إنه يعشقها ويهيم في حبها .. إنها جامعته .. أمـــه ، وطنه ، عيونه ، قلبه وكـــل شيء في حياته .. كم يتمنى بلال لو يقضي ما بقي من أيام حياته في هذه البقعة الطاهرة من الدنيا جامعة (.................) !!
الآن بلال على وشك التخرج من الجامعة وبمعدل يفوق الحد المتوقع من أي طالب دخل الجامعة من قبل (فوق الأربعة بقليل) ولذلك يحسده الجميع ولكنه متوكل على ربه ومهتم بدروسه وعاشق لأساتذته ومعلميه فهو يسير كما هو الملك قوياً ، واثقاً ولا يخشى أحداً ...
نعود مرة أخرى ونقول أن بلال عاش أسوأ لحظات حياته .. هي تلك اللحظة اللعينة التي طرده فيها الأستاذ من الصف .. ولذنب لا يعرفه بلال حتى هذه الساعة !!
عندما طرد بلال بكى وبكى وذرف الدموع الساخنة وأطلق الآهات الحزينة .. كانت أول مرة في حياته يخرج فيها من الصف أو يتغيب فيها عن محاضرة .. جلس بلال تحت الشجرة ليبكي حتى فاضت روحه إلى بارئها .. وكانت بالفعل أسوأ نهاية يتوقعها أحدنا لذلك الفتى الذي كان يسرق الأنظار بحبه الذي لا ينتهي للعلم والدراسة والكتب !!
عندما مات بلال كتب أحدهم جملة رائعة قال فيها : يموت الشجر واقفاً !!
 |
|