إستِيطَانْ وما يعلقُ فيْ الذاكِرَة~
إستِيطَانْ وما يعلقُ فيْ الذاكِرَة~
إلى أصدقائيْ في النكبَة
يعرِفُكم "الموتْ"!
ولا تعرِفكُم الحياة ..
[ أنا ~ من بعيدْ !
{..
أيها المارون بينَ الكلماتِ العابرة
كدّسوا أوهامَكُمْ في حُفرَةٍ مهجورَةٍ
وانصَرِفوا
.. فلنا ما ليسَ يرضيكُم هُنا فانصرِفوا
ولنا ما ليسَ فيكُم وطنٌ ينزفُ شعباً \ينزفُ وطناً
يصلُح للنسيانْ أو للذاكِرة !
.. واخرجوا من مُفرداتِ الذاكِرة !
..} محمود درويش
. مرَّ الربيعُ من هُنا .. كأنّهُ مرّ وكأنّهُ لمْ يمُرْ ،وما تبّقى في الذاكِرة أشياءَ صغيرةٍ
عالقةً كما تعلَقُ حباتُ الكرَزِ فيْ الأغصان وتأبَى القطف!
وأميْ مرّت عليها سنواتُ القصفِ.. وسنواتُ العصفِ ..وسنواتُ النكبَةِ الأولى ..
وهيّ عالقةٌ بينَ حبلِ الغَسيلْ تلتقِطُ ثياباً ابتلعتها الشمسُ
وأخرَى لا زالَ الماءُ الداكِنُ يشفطها ، وهيّ تُرتِلُ أغانيْ الملحمَةِ الأولى
وآيةٌ واحدةٌ تحفظُها من بينِ كتابِ الله ؛حينَ يشتدُ القصفُ على خيامِنا التائهةُ
وسطَ مستوطناتِهِمْ !
ولا تنسَى أن تلعنَهُم .. تلعنُ مستوطناتِهمْ ,,وتلعنُ ساعةً أخرجونا فيها من وطنِنَا
الصغيرْ !
وتمرُّ سنواتُ القصفْ وسنواتُ الحصاد ، حصادِ الزيتونْ ..
والعامُ هذا لم يعد هنالِكَ حصادْ !
فلا زيتونَ ولا أغصانْ ، ولمْ تنسى أمي إخبارِيْ أننا سنرحلُ قريباً إذا لم يعُد هنالكَ
مالٌ من حصادِ الزيتون..!
إلتهمتُها بـنظرةٍ لا تُفسّر ، وأنا عالقٌ في داخِلي عن وطنٍ جديدٍ يكتبُنا أبناءه ، ترمقُني
أمي وتهدهِدُ ذاتَ الأغنيةِ التي حفظتُها منذُ عامي السادسْ / تهدهدها لي وأننا سيحلّقُ بنا
طائرُ الحسونْ إلى وطنٍ لن يلحقنا فيهِ اليهودْ !
تهدهدُ لي .. وأنا أستمِع
أنا أستمِع .. وهيّ تهدهِدُ لي !
وتمرُّ سنواتُ الجوعْ .. ونحنُ عالقونَ في وطَنٍ مُستولَى ، أعرفهُ أكثرُ من أن يعرفُنِيْ ،
وأعرِفُ الجشَعَ الذي ينبُتُ من بينِ المستوطناتِ في حيِنا / أو حيهم!
والمدرسَةُ التي لا تفتقدُني كما أفعلْ ، وألعابٌ كثيرةٌ لا تعرفُني كما أعرفها /
لا تسألُ عني كلما سألتُ عنها !~
وتمرُ سنواتُ الجوع .. وإغاثَةٌ تتلوها إغاثَة ، كأنما متسولٌ يطرُقُ أبوابَ أوطانِ
المترفينْ ، يعطونَهُ ما تبقّى من عشاءِ الليلَة الأخيرة .. وقطعةُ قُماشٍ حديثَةٍ يفرَحُ بها
للعيدْ !
وكـأنما هُنا لا نعرِفُ الليل ، لا نعرٍفُ النوم ولا حتى الصباح ..كيفَ تطلعُ الشمس والنورُ
لا يختفِيْ من المخيمات / مخيماتُ اللاجئيِنْ !
نورٌ فيسفوريّ .. يعرٍفُ أجسادنا الضئيلة ، يقصدنا من بينِ المستوطناتِ اليهوديّة
ويترقبنا ..ليستولي على أرواحِنا وتبكي علينا أمهاتِنا كلما اختفى أحدُ صبيتِها من
حضنِها !
وتمرُّ سنواتُ الإغاثة .. ونحنُ نيامْ أو على وشَكِ أن ننامْ على مقبرَةِ الوطنْ ! وقبورُنا
الوحيدةُ التي تعرفُنا وتعرِفُ كيفَ تعرِفنا .. وتذكرنا منذُ ميلادِنا الأول ْ.. تسألُ عنّا من
بينِ حشودِ المأبنينَ للشهداء ، وزوجاتِهِم الغارقاتُ في الصياح وأمهاتِهم العالقات في
إلقاء الزهور على طريقِهم للجنّة .. يسأل عنّا مقبرَةُ الوطن كلما مرّ الحشودْ !
تسألُ عنّا جميعاً / اسماً .. اسماً !~
يعرفنا الموت أكثر من أن يعرفنا وطننا ،وتعرفنا بندقياتنا وأغانٍ رتلها علينا أباؤنا منذ
أن خلقنا .. في أعوام النكبة الأولى !
وأنا هائمٌ في الترقب ..
وصيحة ُرفيقي أن قادمونَ على دباباتهم !
تسرِقُني الحجارة .. وأركبَهم بها ..
أشتمهم كما علمتني أمي منذُ سنواتي الأولى ..وأرمي ..ألعنهم .. وأصيح بهم!
ولا أنسى أن أهربْ.. كلما تقدموا ..!
رؤيآ ~
|
seems that the day ! im waiting never come |
التعديل الأخير تم بواسطة رؤيــا ; 08-08-2009 الساعة 06:14 PM.
|
العرض العادي
