مؤذن في
غيبوبة أكثر من تسع سنوات
كل ما دخل وقت أذآن يصحى يأذن ويرجع بغيبوبة
سعد مفرح آل مشاوي
يؤذن للصلاة ويقيم لها
في كل وقت من أوقاتها
هناك في أروقة مستشفى محافظة سراة عبيد في عسير
يقبع مسن فقد ذاكرته منذ ما يزيد عن ثمان سنوات
فتجد النساء اللاتي يتلقين العلاج بالجناح الأخر بالمستشفى
يذرفن الدموع بعد كل مرة يسمعن فيها الأذان من ذالك المسن
الذي إعتاد معظم سكان المحافظة على سماعه عند دخولهم المستشفى...
أحمد أبو دهمان
ما من شجر أو حجر أو طير في الجزيرة العربية إلا وسمع الأذان، وكنّا - قبل الأذان الكهربائي - نسمع صوت المؤذن قبل أن ينطلق. كان في كل منّا توقيت داخلي روحي، كان في داخل كل منا مؤذن، عشنا ذلك الصوت، ذلك النداء، منذ الطفولة. وربما منذ الولادة. كان في القرية رجل يؤذن في آذان المواليد. وكنّا نسمي الآذان مسامع. وهو تعبير جميل ولائق. ومفرده «مسمع» ولكن ما الذي قادني للحديث عن الأذان وأنا في باريس.
قادني ما نقله صديقي وقريبي العزيز محمد آل عطيف حيث نشر قبل أيام حالة مؤذن من سراة عبيدة دخل الغيبوبة منذ ثماني سنوات. في غيبوبته، يدعو للصلاة في مواقيتها الخمسة. ثم يفعل كذلك للإقامة بعد ربع ساعة. يقول محمد «تسمعه» أي العم سعد مفرح آل مشاوى يؤذن للصلاة ويقيم لها في كل وقت من أوقاتها، هناك في أروقة مستشفى محافظة سراة عبيدة في عسير يقبع مسنّ فقد ذاكرته منذ ما يزيد عن ثماني سنوات دأب على هذه العادة، فتجد النساء اللاتي يتلقين العلاج في الجناح (A) في المستشفى يذرفن الدموع بعد كل مرة يؤذن ذلك المسنّ الذي اعتاد معظم سكان المحافظة على سماعه لدى دخولهم المستشفى». ولكن ما الذي جاء بهذا المؤذن «الرجل» في قسم النساء؟ نعم إنه في غرفة رقم ٨ باطنية نساء. الجواب عظيم وكبير بحجم طبيعة إنسان الجزيرة العربية. قبل التشوهات الأخيرة. تقول ابنته «أشكر - إدارة مستشفى سراة عبيدة وأقدر لإدارة المستشفى مراعاة ظروفنا كنساء مرافقات فقد ساعدونا بوضع والدنا في غرفة داخل جناح النساء لا يملك الإنسان إلا أن يشكر الإدارة على هذا الصنيع الرائع. برغم ما قد يسببه لهم بعض أصحاب الفتاوى المجانية من إزعاج. إن صنيعهم هذا هو فتوانا جميعاً. أمام هذا الذي ما زال يؤذن ويقيم للصلاة وهو في غيبوبته. عله يوقظ البعض من غيبوبتهم. علّه يعيدهم معنا لسيرتنا الأولى. سيرة الثقة والإيمان البريء سيرة الأذان الأبدي.