السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
 
كيف الحال جميعاً ؟
 
السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين 
و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين 
و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين 
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد 
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟ 
سلمى ... بماذا تحلمين ؟ 
 
..................... أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟ 
..................... أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟ 
..................... أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟ 
..................... أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما 
..................... أظلالها في ناظريك 
..................... تنمّ ، يا سلمى ، عليك 
..................... إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق 
..................... يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق 
..................... يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق 
..................... بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام 
..................... لا يستطيع الانتصار 
..................... و لا يطيق الانكسار
 
..................................... هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك 
..................................... فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك 
..................................... لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك 
..................................... و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب 
..................................... مثل اكتئاب العاشقين 
..................................... سلمى ... بماذا تفكّرين ؟ 
 
............................................... بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟ 
............................................... أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟ 
............................................... أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟ 
............................................... أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى 
............................................... و الكوخ كالقصر المكين 
............................................... و الشّوك مثل الياسمين 
 
..................................................  ....... لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع 
..................................................  ....... يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع 
..................................................  ....... إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع 
..................................................  ....... لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى 
..................................................  ....... أحلامه و رغائبه 
..................................................  ....... و سماؤه و كواكبه ؟ 
 
............................................... إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها 
............................................... لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
............................................... كلا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها 
............................................... ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها 
............................................... و العندليب صداحه 
............................................... لا ظفره و جناحه 
 
..................................... فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح 
..................................... واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح 
..................................... و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح 
..................................... من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان 
..................................... لا تبصرين به الغدير 
..................................... و لا يلذّ لك الخرير 
 
..................... لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا 
..................... و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى 
..................... مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى 
..................... ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته 
..................... أزهاره لا تذبل 
..................... و نجومه لا تأفل
 
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات 
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة 
فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاه 
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا 
فيه البشاشة و البهاء 
ليكن كذلك في المساء
الشاعر \ إيليا أبو ماضي