كان الشارع هادئا رومانسيا وكانت البلابل و العصافير و الطيور المختلفة تصدح و تزغرد و تغني وتتحاور بإيقاعاتها و أنغامها العذبة المختلفة .

أعرف طيرا صغيرا أسود اللون إسمه أمزل يزغرد بأعذب الإيقاعات و الألحان .
وعندما قربت من شجرة كرز زاهية لتصوير أزهارها و أغصانها حط طير الأمزل على أعلى غصن فيها وبدأ يزغرد
و يغني بالحان شجية عذبة وكأنه يخاطب أنثاه و حبيبته التي كانت ترد عليه و يرجع صداها الجميل كلما غرد الطير .

كان حوار الطائرين جدا عذبا تمنيت لو كان عندي في تلك اللحظات جهاز تسجيل لأسجل ذلك الحوار الجميل و المتناغم .
كان طير الأمزل يناغي حبيبته بأنغام شجية متقطعة ساحرة . وكان رد أنثاه جدا شيقا و عذبا .

إستمتعت بالإصغاء إلى تغاريد و زغردة الطائرين لمدة خمس دقائق ثم باشرت بالتصوير و السير باتجاه نهاية الشارع .
لقد أحجبت السحب والغيوم تساقط أشعة الشمس على أزهار و أغصان أشجار الكرز لذا فإن لون بعض الصور أصبح غامقا .
و بعد ساعة غادرت شارع شتريسمان مودعا أزهار أشجار الكرز وقلت لها إلى اللقاء بإذن الله في الربيع القادم .

وصلت البيت في حدود الساعة الثانية عشر ظهرا .

إن كلمة الوداع تكون أحيانا قاسية و مؤلمة خاصة عند فقد أعز الناس من الأهل و الأحبة و الأقرباء ، لكنها في بعض

الأحوال تكون باعثة إلى التأمل والإنتظار إلى الفرحة باللقاء المجدد ، كما هو الحال بلقاء أزهار أشجار الكرز في ربيع العام القادم .

تذكرت قصيدة الشاعر الشعبي العراقي المرحوم زامل سعيد الفتاح بعنوان : الوداع
التي غناها المطرب العراقي الشهير : ياس خضر
الــْوِدَاعْ
غـنـاء : يـاس خـضـر
كـلـمـات : زامـل سـعـيـد الـفـتَّـاح
مِـشـَـيْـتِ وْيــَاهْ لـِـلـْـمْــكــَـيَّـر أَوَدْعَـنَّـهْ ( 2 )
مِـشـَـيْـتِ وْ كـِـلْ كِـتِـرْ مِــنِّـي انـْـهِــدَم بِـالـْـحَـسْـرَهْ وِالـْـوَنَّـهْ ( 2 )
اوْ عـلَـى الـرَّمْـلـَـهْ الـرَّمْـلـَـهْ الـرَّمْـلـَـهْ
بـْـضُـوَهْ الـْـكــَـمْـرَهْ الــْــكــَـمْـرَهْ الــْــكــَـمْـرَهْ
يِـنَـاشِــدْنـِـي وْ أَنِـشـْـدَنَّـهْ
بِــجَــهْ وِدْمُـوعِـي لاكــَـنَّـهْ بَـعَـدْ وِاعْـضـَايْ زَتَّــنَّـهْ ( 2 )
أَكــِـلـَّـهْ تـْرُوحْ وِكــْـلـَـيْــبِـي بَـعَـدْ بِـيــمَـنْ أَهَـيْـدَنَّـهْ ( 2 )
[ تِـهِـتْ وِضْـلـُـوعِـي شـِـبــجَــنَّـهْ بِـجَـهْ وِجْــلايْ زَتَّــنَّـه ]
اوْ صـَاحِ الـرَّيـْـلْ وآنَـهْ وْيـَاهْ يِـعِـتْ بِــيَّــهْ وْ أَعِــتَّـــنَّـهْ ( 2 )
[ يِـجُـرْنـِي بْـحَـيْــلـَـهْ وِيْـصَـوْفِـرْ وَ رِدِّ عْـلـَـيْـهْ وَ جُـرَّنـَّـهْ ]
[ جـزَانـِي بْــجَـرْ فَـرَاكـِــيْـنَـهْ ، جـفَـانـِي وْ أَيَّـسِــتْ مِــنَّـهْ ]
ذِمَّــهْ بـْـرُكــْـبِـتَـكْ خَـلــِّي فَـرِدْ مِـشـْـوَارْ أَشـُـوفَـنَّـهْ ( 2 )
فَـرِدْ مِـشـْـوَارْ أَشـُـوفَـنَّـهْ
وِلـَـكْ يَـارَيـْـلْ لا تِـبْـعِـدْ ، وِلـْـفِـي وَارِدَّنـَّـهْ
[ وِلـَـكْ يَـارَيـْـلْ لا تِـبْـعِـد ، أَوْجــبْ خـلْـنِـي أَشِــمَّــنَّـهْ ]
[ وَحُـطْ إِذْنـِـي عَـلـَى الـسِّـــجَّــةْ بَـلـْـجَــتْ زَيْـنْ أَسِـــمْــعَــنَّــهْ ]
[ وْعَـلَـى الــدَّلاَّلْ مُـوشْ الـسِّــجَّــةْ مَـشـْـيِـي الـرَّيـْـلْ أَهَــيْــسَــنَّـهْ ]
[ وَأَظِـلْ مْـنَـاطِـرِ الـسِّـــجَّــةْ وَ أعِـدِّ مْـحَـاطْ لـِلـْـبَـصْـرَةْ ]
[ هَـا تَـلِّ الـلَّــحَـمْ وِصْـلـَوا ، جِـزَهْ وْ نَـامِ وْ هِـدَلْ شـَــعْـرَهْ ]
وْجـزانِـي يـْـجِـرْ فَـرَاكـِــيــنَـهْ اوْ مـَامِـشْ حَـيْـلْ أَرِدَّنـَّـهْ ( 2 )
وأَعِـدْ مْـحَـاطْ لـِـلـْـبَـصْـرَهْ وْجِـزَهْ وْ نَـامِ وْ هِـدَلْ شـَـعْـرَهْ
وأَعِـدْ مْـحَـاطْ مْـحَـاطْ لـِلـْـبَـصْـرَهْ وْجِـزَهْ وْ نَـامِ وْ هِـدَلْ شـَـعْـرَهْ
وِلـَـكْ يَـارَيـْـلْ لا تِـصْـرَخْ أَخَـافْ إِتـْـفَـزِّزْ إِلـسَّــمْـرَهْ
وِلـَـكْ يَـارَيـْـلْ لا تِــكــْـعَـرْ أَخَـافْ إِتـْـفَـزِّزْ إِلـسَّــمْـرَهْ
وَ رِدْ لـِـلـنَّـاصِــرِيـَّـهْ ارْدُودْ مَــخْـنُـوكِ بْــأَلـِـفْ عَـبْـرَهْ ( 2 )
[ وَ أَمُـرْ عَـالـشـَّـاطـِي الــنَّــعْـسـَـانْ أسـيـل مـروضـة الـخـضـرَة ]
يِـرَاوِيــنـِـي الــنَّـخَـلْ مـوكــَافْ حُـبْــنَـهْ وْ طِــيــبَـةِ الـعِـشـْـرَهْ
يِـرَاوِيــنـِـي الــنَّـخَـلْ مـوكــَافْ حُـبْــنَـهْ وْ دِيـرَةِ الـعِـشـْـرَهْ
يِـكـِـلـِّـي اصْـبِـرْ شـَـهَـرْ وِيـْـعُـودْ آهْ وِيـْـعُـودْ ( 2 )
وِالـْمَـفْـطُـومْ شِــيـصَـبْـرَهْ وِالـْمَـفْـطُـومْ شِـــيـصَـبْـرَهْ ( 2 )
وِالـْمَـفْـطُـومْ شِـــيـصَـبْـرَهْ
مِـشـَـيْـتِ وْ كـِـلْ كِـتِـرْ مِــنِّـي انـْـهِــدَم بِـالـْـحَـسْـرَهْ وِالـْـوَنَّـهْ ( 2 )
اوْ عـلَـى الـرَّمْـلـَـهْ الـرَّمْـلـَـهْ الـرَّمْـلـَـهْ
بـْـضُـوَهْ الـْـكــَـمْـرَهْ الــْــكــَـمْـرَهْ الــْــكــَـمْـرَهْ
يِـنَـاشِــدْنـِـي وْ أَنِـشـْـدَنَّـهْ
( راجع كتابي : نبض الوجدان أغاني عراقية لأشهر المطربين و المطربات
إعداد : د . عدنان جواد الطعمة ، طبعة ألمانيا 1997 ، صفحة 118 – 119 ،
وكتابي : إنت قلبي لو قلبهم – الشعر الشعبي العراقي –
إعداد : د . عدنان جواد الطعمة / ماتربورغ-ألمانيا ، 1995 ، صفحة 89 – 90 )
شرح معاني بعض مفردات القصيدة
للمگيّر أودعنّه = إلى منطقة المگيّر أودعه
الونّة = الأنين
بضوه الگمرة = بضياء القمر أو الليلة القمرية
وگليبی = و قليبي ( تصغير قلبي )
بعد بيمن أهيدنّه = بمن أسلمه ليهدأ
تهت و ضلوعي شبچنه = ضعت ، و شبكته و احتضنته أضلاعي
بچه = بكى
و چلاي = أحشائي
زتّـنّه = سحيته ، جرته
الرّيل = القطار
يعت بيه و أعتنّه = يهزني و أهزه ( مثل ما تهز الأم مهد وليدها )
جزاني = إبتعد عني
بجر فراگينه = بسحب عرباته ( عربات القطار )
ذمّـة برگبتك = ذمة برقبتك
خلني وِلَكْ مشوار أشوفنـّه = دعني أراه لحظة
وِلَكْ يا ريل لا تِبْـعِدْ = أيها القطار لا تبتعد
أوچبْ خلني أشِمّـنّـه = قف ودعني أشمّه
وحط أذني على السِـچّه = و أضع أذني على سكة القطار
بـلـچـت زين أسِمْـعـنـّه = لعلـّي أسمعه جيدا
و على الدلاّل موش الـسچـةْ = و على القلب و ليس على السكة
مشـيي الرّيل أهيـسـنّـه = أحس بسير القطار
و أظل مناطر السـچة = وأبقى مراقبا السكة
و أعد محاط للبصْرةْ = و أعد المحطات التي يمر بها القطار إلى البصرة
لا تِـگعر = لا تصيح و تصوفر
أخاف اتفزز السّـمْـره = أخشى أن توقظ السمراء
وارد للناصريّة اردود = و أعود إلى الناصرية عودة ثانية
مخنوگ بألف عبره = مخنوق بألف عبرة
يراويني النخل موگاف = يريني أشجار النخيل الواقفة المصطفة
يـگـلـّي إصبر شهر = يقول لي إصبر شهر
و المفطوم شيصبره = وكيف يستطيع الطفل المفطوم عن الرضاعة أن يصبر
و ختاما أرجو أن تنال منكم هذه المقالة والصور حسن الرضا والقبول
تقبلوا مني خالص ودي و تقديري
د . عدنان
ألمانيا في 3 مايس 2010
.